منذ وعى إلى الدنيا ولم ير إلا الأسمنت والجبس والسيراميك.. لم يتعلم منذ نعومة أظفاره سواهما.. تعلم كيفية استخدامها.. فأسرته الفقيرة ككل أمثالها من الأسر تحتاج إلى مجهود كل واحد فيها.. فالجميع يخرج إلى العمل ليجد لقمة العيش الحلال.. «مبلط أرضيات» كانت مهنته التى أحبها وأخلص فيها حتى استطاع أن يدخر القليل الذى ساعده على أن يبنى أسرة، ولكن من سترضى به وهو على هذه الحالة من الضنك؟ ولكنها وحدها ابنة الجيران التى رأت فيه الشاب المكافح الذى يكسب لقمته الحلال.. ارتبطت به وسرعان ما تزوجها.. عاش معها فى نفس شقة أبيه وأمه الصغيرة.. كانت مسرورة وزادت سعادتها عندما رزقها الله بالأولاد وبسبب تدبيرها للحال استطاع أن يوفر لها شقة.. نعم كانت صغيرة إلا أنها كانت الجنة ونعيمها.. كان حرصه وحرصها على تربية الأبناء وتعليمهم، ثم تركهم يعيشون الحياة بحلوها ومرها.. زادت احتياجاتهم بمرور الأيام والسنين.. كان يبذل أقصى جهده ليوفر لهم الحياة السعيدة.. يخرج فى الصباح الباكر لعمله ويظل فيه إلى منتصف الليل.. فهو يعلم جيدًا أنه إن لم يفعل ذلك فلن تجد أسرته لقمة العيش كان يلبى طلبات جميع الأبناء.. لم يكن يعود إلى المنزل إلا محملًا بالطلبات والاحتياجات.. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. كان يتمنى أن يكبر الأطفال ويواصلوا تعليمهم.. وأن يسعد زوجته وأسرته، ولكن كان ذلك بعيد المنال.. الآلام تزحف على جسده بهدوء.. يشعر بها ولكنه يتجاهلها.. يوهم نفسه بأنها سرعان ما تزول.. ولكنها بدأت تتزايد.. لم يخبر زوجته حتى لا تنزعج ومع ذلك كانت تشعر أنه يخفى عنها شيئا.. وبدأت الآلام تظهر كوضوح الشمس.. أصبح غير قادر على أن يستيقظ للذهاب للعمل.. يتوجع بينه وبين نفسه، ولكن الزوجة كانت تسمعه بالرغم من حرصه على ألا يسمع.. تورم بالساقين.. ارتفاع بدرجة الحرارة.. ثم إصابته بنوبة من القىء جعلته مضطرا إلى أن يفصح عن آلامه.. حاولت أن تخفف عنه ولكن هيهات، فقد نهش المرض جسده وكان عليه أن يذهب إلى الطبيب وكانت بداية رحلة المرض والألم.. وكان أول شىء طلبه منه الطبيب هو إجراء تحاليل سريعة.. وعندما أطلع عليها حوله إلى المستشفى فهو مصاب بفشل كلوى ويحتاج إلى تحاليل وأشعة ليبدأ العلاج.. كان عليه الذهاب إلى المستشفى وبالتحديد إلى وحدة الغسيل الكلوى التى قرر الأطباء بها حاجته لثلاث مرات غسيل دموى أسبوعيًا.. كان يخرج من جلسة الغسيل الدموى وهو غير قادر على الحركة، بل يحتاج إلى الراحة.. وهكذا أصبح غير قادر على العمل فهو يذهب يوما للمستشفى وينام الثانى بالبيت فى انتظار جلسة الغسيل التالية.. أصبح لا حول له ولا قوة.. ينظر إلى أولاده ويرى الحزن فى عيونهم.. حزنهم عليه وعلى حالهم فقد أصبحت المعيشة صعبة جدًا على الأسرة التى نام عائلها وهو غير قادر على توفير مطلب من متطلبات الحياة اليومية.. ذهب إلى وزارة التضامن وهناك تم ربط معاش عجز كلى 450 جنيها وبسبب غلاء الأسعار ومرض الأب أصبح المبلغ يطير كالعصافير فى أيامه الأولى.. الدموع أصبحت سلواه والحزن صديقه.. هزمه المرض بالرغم من جهاده المستميت.. ولكن ماذا يفعل وليس لديه مورد رزق آخر يعينه وأسرته على الحياة والعيش بكرامة.. فهل يجد من يساعده؟ من يرغب فليتصل بصفحة (ربنا كريم).