أقامت وزارة الآثار مؤخرا ثلاثة معارض مؤقتة بثلاثة متاحف مختلفة هى المتحف المصرى بالتحرير ومتحف السويس القومى ومتحف الإسماعيلية بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة لتحكى على مدى شهر بما تضمه من قطع أثرية تاريخ المنطقة وأهميتها العسكرية منذ أقدم العصور، كما تعرض الاكتشافات الأثرية لبعثات الآثار المصرية العاملة هناك والتى تظهر التاريخ المصرى العسكرى.وذكر الدكتور محمد عبد المقصود منسق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس والمشرف على أعمال البعثة المصرية العاملة بالمنطقة أن المعارض تتناول أهم الاكتشافات بمنطقة القناة، حيث تم الكشف عن قلاع عسكرية من عصر الدولة الحديثة وقصور ملكية من عصر الملك تحتمس الثالث ورمسيس الثانى، بالإضافة إلى الكشف عن معبد من عصر الأسرة 26 ومنطقة مخازن ومنطقة صناعية فى تل دفنة غرب قناة السويس وكذلك مبنى مهم من العصر الرومانى بمنطقة بلوزيوم فى الركن الشمالى الغربى من المدينة، بالإضافة إلى اكتشافات البعثة المصرية الفرنسية فى تل الحير شرق قناة السويس والبعثة المصرية السويسرية فى منطقة بلوزيوم وأعمال ترميم القلعة الموجودة هناك. وفى معرض المتحف المصرى قال الدكتور محمود الحلوجى مدير عام المتحف إن المعرض المقام تحت عنوان «اكتشافات أثرية على ضفاف قناة السويس» يحكى قصة القناة قديما وحديثا فهو يضم اكتشافات البعثات هناك كذلك يؤرخ لفكرة ربط النيل بالبحر الأحمر فى العصور القديمة وصولا إلى فكرة ربط البحر المتوسط بالأحمر، كما يعرض القطع التى تعود للملوك الذين ساهموا فى إنجاز هذه المشروعات وتأمين حدود مصر الشرقية. وأضاف أن المصرى القديم كان يسمى عصور النهضة «الوحيم ميسو» أى الولادة الجديدة وهو أفضل تسمية لما يحدث اليوم وكما قال الشاعر الكبير د. أحمد تيمور إن مصر تولد من جديد، أن مشروع قناة السويس الجديدة سوف ينقل مصر نقلة حضارية كبيرة فالمسألة ليست توسيع أو حفر مجرى مواز، إنما هو إقامة مشروع تنموى يعود بالخير على مصر خلال سنوات قليلة، مشيرا إلى أن ما يحدث اليوم فى قناة السويس الجديدة له سابقة فى تاريخ مصر الإسلامى، حيث أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عمرو بن العاص والى مصر بحفر قناة تربط النيل بالبحر الأحمر حتى يمكنه إرسال المؤن من مصر إلى بلاد الحجاز وذلك خلال فترة لا تزيد على عام. وتابع: أهم القطع الأثرية المعروضة لوحه من الحجر الجيرى تعود لعصر الأسرة الثامنة عشر منقوشا عليها الملك رمسيس الأول وهو يقدم القرابين للإله «ست» وقد عثر عليها بمنطقة ثارو والمعروفة حاليا بتل حبوه، أيضا كتلة حجرية من الحجر الجيرى تعود لعصرى الأسرتين الثامنة عشر والتاسعة عشر منقوشا عليها مناظر ورسوما ملكية على كلا الجانبين، فالأول نقش عليه الملك تحتمس الثانى أمام الإله «مونتو» إله الحرب. أما الثانى فعليه نقش للملك رمسيس الثانى مرتديا التاج الأبيض وممسكا بصولجان الحكم يقدم القرابين للإله «جب» إله الأرض وقد عثر عليها بمنطقة تل حبوة أثناء حفر قناة السويس الجديدة، كما يتم عرض لوحه من الحجر الرملى لأحد الملوك من عصر الأسرة السادسة والعشرين وقد عثر عليها بمنطقة تل دفنه تشير إلى أن الملك كان على رأس حملة عسكرية عبر سيناء، ويضم المعرض أيضا قطعًا من مقتنيات المتحف المصرى عثر عليها فى سيناء مثل رأس الملكة «تى» مرتدية الشعر المستعار وتاج الرأس المزين بالحيتين المجنحتين وقد عثر عليها فى معبد «حتحور» حامية جبل الفيروز فى منطقة سرابيت الخادم، والملكة «تى» هى زوجة الملك «أمنحوتب الثالث» وأم الملك «أمنحوتب الرابع» الذى عرف فيما بعد باسم «اخناتون». وأوضح الحلوجى أن فكرة حفر قناة السويس تعود لعصر الدولة الوسطى عندما شرع الملك «سنوسرت الثالث» فى حفر قناة تربط النيل بالبحر الأحمر سميت قناة «سيزوستريس» حتى تتمكن السفن المصرية من الوصول إلى السواحل الأفريقية والآسيوية بسهولة من أجل إحضار الأشجار والبخور والأحجار والزيوت وأيضا من أجل ضمان ولاء تلك المناطق لمصر وللأسف ليس لدينا أى وثائق تتحدث عن هذه القناة اللهم إلا ذكر بعض المؤرخين مثل «هيرودوت» و«إسترابون»، وفى عصر الأسرة السادسة والعشرين فى عهد الملك «نيكاو الثانى» أعيد استخدام قناة «سيزوستريس» مرة أخرى وفى العصر الفارسى فى عهد الملك «دارا» وفى العصر البطلمى فى عهد الملكين «تراجان» و«هدريان» تم إعادة استخدام هذه القناة القديمة التى كانت تسمى الفرع البيلوزى للنيل. وفى النهاية أكد أن شق قناة تربط النيل بالبحر لم يكن بداية اتصال مصر بالعالم الخارجى فاتصال مصر بالساحل الأفريقى والآسيوى لم يقتصر على الدولة الوسطى والحديثة، إنما يعود للدولة القديمة حيث أرسل الملك خوفو سفنًا إلى ساحل البحر المتوسط الشرقى، حيث الحضارة الفينيقية من أجل جلب أشجار الأرز، كما كان يتم الاتصال بالساحل الأفريقى والآسيوى من خلال البحر الأحمر وذلك بعد السير برا من منف حتى خليج السويس. من جانبه رأى الدكتور سيد مسعود الأثرى بالمتحف المصرى والمسئول عن المعرض أن معرض اكتشافات أثرية على ضفاف قناة السويس يضم قطعًا مهمة جدا تم اكتشافها حديثا فى عدة مناطق على محور قناة السويس وهى تل حبوه و تل دفنه وتل البرج وتل الأبيض وتل الحر وتل أبو صيفى وتل مخزن، كما يضم آثارًا تم اكتشافها من عشرات السنين وقد تم إحضارها من منطقة القناة لعرضها فى المعرض. وأضاف: من أهم القطع المعروضة القطعة المعروفة باسم مرسوم رفح والذى كتبه الكهنة بثلاث لغات مختلفة العامية القديمة والديموطيقية واليونانية بمناسبة انتصار الملك بطليموس الرابع فى معركة رفح حيث يشكرونه على ما بذله من مجهود فى تلك المعركة وتأمينه لحدود مصر الشرقية، وتمثال للإله حورس الذى كان يعد من أهم معبودات مصر القديمة وقد تم العثور عليه فى منطقة ثارو وهو يمثل المعبود المصرى القديم وهو يرتدى التاج ويمسك المفتاح الذى يرمز للحياة التى يمنحها للمصريين، كما يعرض أيضا عشر قطع عبارة عن أوراق شجر ذهبية وعقد من التمائم والخرز والذهب وثلاثة خواتم ذهبية ورأس الملك سنوسرت الثالث أول من فكر فى ربط النيل بالبحر. أما أمانى شعبان مدير عام متحف آثار الإسماعيلية فقالت إن المعرض المقام حاليا بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة يضم 12 قطعة من مقتنيات المتحف التى يصل عددها 3000 قطعة وقد تم عرضها فى حديقة المتحف وذلك بعد تطوير سيناريو العرض وقد تم اكتشافها خلال أعمال الحفر فى منطقة آثار الإسماعيلية وليس أثناء حفر قناة السويس الجديدة وهى تعود لعصر الملك رمسيس الثانى ومنها قطعتان على شكل أبو الهول وثلاث لوحات حجرية كبيرة وجزء من مسلة. أما فى متحف السويس القومى فيقام معرض بعنوان قناة السويس.. إبحار فى أعماق التاريخ وعنه تقول إلهام صلاح رئيس قطاع المتاحف إنه يتضمن عرضا مصورًا لتطور فكرة حفرقناةتربط ما بين البحرين ابتداء من عصر سنوسرت الثالث مرورا بقناة نيكاو الثانى وقناة داريوس وانتهاء بعهد البطالمة والفتح الإسلامى لمصر فيما عرف باسم خليج أمير المؤمنين، كما يضم لأول مرة عرض قطع أثرية تم استخراجها من حفائر تل القلزم خلال الفترة من عام 1930 حتى 1932 و التى تؤرخ لفترة العصر البطلمى، حيث استخدم الموقع كقلعة على مدخل القناة من بينها قطع تمثل المعتقدات الدينية ومحتويات المنزل فى مجتمع القلزم مع عرض خاص لتطور صناعة المسارج و أدوات الزينة والحلى.