لأول مرة منذ 54 عاما رفع علم كوبا من جديد أمام مقر سفارة هافانا فى واشنطن وأضيف إلى أعلام الدول الأخرى المرفوعة خارج مبنى وزارة الخارجية الأمريكية. ورغم أن الإعلان لم يفاجئ المراقبين كونه نتيجة طبيعية لمفاوضات استمرت عدة أشهر إلا أنه اعتبر أهم خطوة فى عملية إذابة الجليد بين الولاياتالمتحدةوكوبا لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل رسمى بعد 50 عاما من القطيعة. وكان الرئيس الأمريكى باراك أوباما والرئيس الكوبى راؤول كاسترو قد فتحا الباب أمام إمكانية استعادة العلاقات الدبلوماسية فى ديسمبر قبل الماضى بتبادل الأسرى. وفى الخطاب التاريخى الذى ألقاه أوباما والذى تلى عملية تبادل السجناء بين كوباوالولاياتالمتحدة قال إن عزل كوبا لم يعط نتيجة، داعيا إلى اتباع نهج جديد، وقال سننهى مقاربة قديمة فشلت لعقود فى خدمة وتقدم مصالحنا، وسنبدأ عوضا عن ذلك فى تطبيع العلاقات بين البلدين وتخطى سياسة متصلبة متجذرة فى أحداث حصلت قبل أن يكون معظمنا قد ولد. وفى إطار إعادة العلاقات الاقتصادية والسياسية بينهما، تم اتخاذ عدة إجراءات منها إزالة كوبا من لائحة الدول الداعمة للإرهاب بعد 33 عاما من إدراجها عليها، والسماح للأفراد بتحويل مبالغ مالية إلى كوبا مع السماح للأمريكيين باستخدام بطاقة الائتمان فى كوبا، ورفع قيود السفر. وشكلت هذه الإجراءات تتويجا لمفاوضات سرية استمرت لأكثر من عام بين الطرفين وبمشاركة كندا والفاتيكان، واكتملت مسيرة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوكوبا بإعادة فتح سفارة كل من البلدين فى عاصمة البلد الآخر، حيث سيتم رفع العلم الأمريكى على السفارة الأمريكية فى هافانا فى 14 أغسطس المقبل، وذلك استكمالا لمسيرة إنهاء المقاطعة التى كرسها الإعلان التاريخى المشترك فى 17 ديسمبر 2014 بشأن تقارب البلدين. وجاء قرار أوباما بالتحرك نحو إعادة العلاقات كاملة مع كوبا بعد عقود من العداء المتبادل الذى أعقب فرار الديكتاتور فولجنسيو باتيستا المدعوم من الولاياتالمتحدة من الجزيرة فى الأول من يناير 1959 مع استيلاء فيدل كاسترو وزملائه الثوريين على السلطة حيث قطعت الولاياتالمتحدة العلاقات الدبلوماسية وفرضت حظرا تجاريا قالت كوبا إنه كان السبب فى العديد من مشاكلها الاقتصادية. وبلغت قمة المأساة فى العلاقات بين البلدين عام 1961 عندما فشلت عملية غزو خليج الخنازير التى حاولت إسقاط الحكومة الكوبية من خلال القوة التى دربتها الولاياتالمتحدة من المنفيين الكوبيين مع دعم عسكرى أمريكى وقد بدأت العملية فى إبريل عام 1961 ووقتها هزمت القوات الكوبية المسلحة المدربة من قبل الكتلة الشرقية قوات المنفيين فى ثلاثة أيام وكادت كوبا تسبب حربا نووية بين روسيا وأمريكا عندما نشرت صواريخ نووية فى جزيرة كوبا، وبعدها استمر التحدى من قبل نظام كاسترو للإمبريالية الأمريكية واستمر الوضع لعقود، حيث بدأت واشنطن فرض حصارها الاقتصادى والمالى على كوبا منذ 22 أكتوبر 1962 بهدف إزاحة حكومة الرئيس السابق فيدل كاسترو الاشتراكية والتى رأت فيها واشنطن تهديدا كبيرا لمصالحها فى المنطقة.