تأتى أغنية (ميال ميال) ضمن الأغنيات الأهم فى مشوار بداية عمرو دياب وتقريبًا هى الأغنية رقم واحد التى وضع بها عمرو دياب قدميه على سلم الشُهرة وبعدها توالت الأغنيات والألبومات التى بها احتفظ عمرو بوجوده على القمة حتى الآن.لم يكن عمرو دياب المطرب الوحيد فى تاريخ الغناء المصرى الحديث فى زمن ما بعد ظهور الإذاعة والتليفزيون، الذى ترفضه الإذاعة المصرية فى أول مرّة يتقدم فيها إلى امتحان اعتماده كمطرب بها. فقد سبقه إلى ذات تجربة الفشل مع الإذاعة المطرب محمد فوزى.. ذلك الصوت الزكى السابق عصره أيضًا رفضت لجنة قبول الأصوات الجديدة فى الإذاعة قبوله.. ونفس المصير لاقاه صوت ملك الموال الارتجالى المطرب الشعبى محمد طه.. وإذا كان المطرب محمد فوزى قد ظل غير معتمد فى الإذاعة كصوت غنائى حتى جاءت ثورة 23 يوليو 52 فاعتمدته بأغنياته للثورة.. فإن المطرب الشعبى محمد طه لجأ إلى لجنة التظلمات فأنصفته. أما عمرو دياب فقد واجه نفسه بواقعية وأدرك بحسه وذكائه الفنى أن السبب الذى لأجله رفضت لجنة اعتماد الأصوات الجديدة اعتماده بالإذاعة كان لكنته البورسعيدية التى كانت مسيطرة على كل مخارج حروف الأغنيات التى غناها. كما أنه غنى فى ذلك الامتحان الأول أغنيات تنتمى إلى الغناء الجديد الذى كان حديث الظهور فى تلك الفترة وهو غناء يخلو من الربع تون المميز للغناء الشرقى والموسيقى العربية وهكذا قرر عمرو دياب العودة مرّة أخرى إلى دخول امتحان الإذاعة وقد استوعب الدرس. وبالفعل حدث ما توقعه.. غنى عمرو دياب فى المرّة الثانية أغنيات دينية (أدعية) ونال اعتماده كصوت غنائى جديد فى الإذاعة المصرية. .. علاقة عمرو دياب بالغناء بدأت مبكرة جدًا، حيث كان فى بيته بيانو (على حسب قول عمرو دياب فى تصريحات صحفية) لم يكن أحد من أفراد الأسرة يجيد العزف عليه فقد كان ميراثا ورثته العائلة، والذى جعل عمرو يتجرأ ويلمس بأنامله أصابع هذا البيانو كان وجود بيانو مثله فى مدرسته الابتدائية (مدرسة الليسية فى بورسعيد). فى هذه المدرسة حقق عمرو دياب النجاح الأول فى حياته وسمع تصفيق الجمهور وهتافهم الذى عشقه بشدة عندما غنى فى إحدى حفلات المدرسة بثورة يوليو 52 أغنية بلادى بلادى.. كان صغير الحجم وقتها لدرجة أنهم أوقفوه فوق مقعد ليراه الحاضرون وهو يغنى، وكانت جائزة عمرو دياب الأولى عن الغناء أيضًا فى ذلك اليوم وعن هذه الأغنية (بلادى).. قلم حبر قدمه له محافظ بورسعيد الذى كان ضمن الحاضرين للحفل. عمرو دياب شرقاوى الأصل لكنه ولد وعاش طفولته وشبابه فى بورسعيد حيث كان يعمل أبوه مديرًا لشركة الإنشاءات البحرية هناك، فى سن ال 17 تقريبًا غادر عمرو دياب قادمًا إلى القاهرة بحثا عن المجد الفنى والشُهرة. لم تكن أيام عمرو دياب كلها فى القاهرة جميلة على العكس تمامًا. مرت السنوات الأربع الأولى سنوات صعبة جدًا جاء عمرو دياب إلى القاهرة بناء على نصيحة من الموسيقار هانى شنودة.. كان هانى شنودة فى زيارة لمدينة بورسعيد وكان لعمرو دياب (تلميذ المرحلة الثانوية) فرقة يغنى معها فى أفراح بورسعيد فذاع صيتها فغنت فى نوادى المدينة مقابل 10 جنيهات فى الحفل.. استمع هانى شنودة إلى عمرو فى حفلة من تلك الحفلات ودعاه للسفر إلى القاهرة. نجح عمرو دياب فى الثانوية العامة بمجموع (50%) وجاء إلى القاهرة ليلتحق بمعهد الموسيقى.. بالفعل دخل معهد الموسيقى فى قسم طلب هو إنشاءه ونال قبول مسئولى المعهد (قسم التأليف الموسيقى) وقد تكون من 4 طلاب فقط (عمرو ومعه ثلاثة) لكن عمرو لم يكمل الدراسة وترك المعهد وهو فى السنة الثالثة عندما قرر أن ينهى الأيام الصعبة التى عاشها بالقاهرة ووافق على الغناء فى كباريهات شارع الهرم. والقصة حول ذلك القرار بايجاز شديد كما حكاها عمرو دياب للكاتب الصحفى الراحل أحمد صالح هى سنوات كان يمضى فيها يومه راضيًا بقليله كان ممكن يقضى اليوم وفى جيبه ربع جنيه فقط. قال عمرو (كنت أعيش من 82 إلى 85 فى القاهرة أشبه بالمرتزقة وأبيت فى بيوت أصدقائى!. فى شارع الهرم خضع عمرو دياب لعقد احتكار كان من الممكن أن يقضى على مستقبله لولا اندلاع حوادث الأمن المركزى عام 86 والتى اعتبرت قانونا حدثا طارئا به ينفسخ عقد الاحتكار المذكور. الفشل فى حياة عمرو دياب الفنية الأولى لم يكن فقط فى الدخول للإذاعة كصوت من أول مرّة ولكنه فشل بعد ذلك مرات.. فشل له أول البوم. وكان عنوانه الطريق وفشل ثانى ألبوم (غنى من قلبك). وفشل لثالث مرة عندما غنى فى حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائى الذى كان فى فندق الماريوت. وصفوه بعدها ب (المطرب العجالى) لأنه كان سمين شوية ويرتدى بدلة استعارها من أحد أصدقائه لم تكن على مقاسه. وفشل عمرو دياب مرّة رابعة عندما خسر خطيبته.. الفتاة التى أحبها فى أول سن شبابه. وقررت أسرتها فسخ خطبتها منه لأن مستقبله غير واضح!!