ماذا بعد؟ سؤال أطلقه الناخبون البريطانيون لرئيس وزرائهم ديفيد كاميرون وزعيم حزب المحافظين، والذى أعاد حزبه للمنافسة للمرة الثانية وبأغلبية برلمانية ساحقة ولمدة 5 سنوات أخرى، مخالفا كافة التوقعات والاستفتاءات التى تنبأت بفوز حزب كاميرون بفارق ضئيل أمام حزب العمال المنافس وحصول باقى الأحزاب على نسب متفاوتة، وقد حسمت مؤقتا حالة الانقسام التى سادت المشهد السياسى البريطانى والتى وصفها بعض المراقبين بأنها كانت الأشرس والأكثر تنافسية منذ السبعينيات.. فكاميرون البالغ من العمر 49 عاما، وكان أصغر من شغل هذا المنصب الوزارى فى القرن ال 21، قد استطاع أن يفاجئ منافسيه، وكذا معارضيه بأداء جسدى معبر وتظاهر بقبوله لكافة التوقعات، وفى حديث لمجلة «الإيكوميست» رفض كافة الاتهامات التى وجهت لأدائه خلال الحملة وظهوره هادئاً لدرجة البرود وارتكابه لبعض الهفوات التى أزعجت مؤيديه وكذا سفره لإمضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته وأبنائه وتفويض غيره بمهام إدارة حملته، قائلا إن ذلك دليل على ثقته فى الناخب البريطانى. وفى خطابه أمام عتبة «10 داوننج استريت»، المقر الأشهر لرئاسة الوزراء، تعهد كاميرون بقيادة حزبه لبريطانيا ك «وطن واحد» وبدون تحيز. ويقول إيان بيخ الباحث ب «المعهد الملكى للشئون الدولية»، إن مشكلتى الاقتصاد والصحة كانتا حاسمتين فى فوز حزب المحافظين وإعادة انتخاب كاميرون لمدة ثانية فلا زال معظم الناخبين يلومون حزب العمال على تداعيات الأزمة الاقتصادية التى حدثت فترة السبعينيات والأزمة المالية العالمية عام 2008 وأدت الأولى لاندلاع احتجاجات عمالية أطاحت بحكومة كالاهان العمالية آنذاك أما الثانية فقد رجحت كفة حزب المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون لاستكمال السياسة الإصلاحية للاقتصاد والرعاية الصحية، أما فيما يتعلق بقضية استمرار بريطانيا ضمن التحالف الأوروبى والاستفتاء الذى تعهد كاميرون بإجرائه أوائل عام 2017 حال فوزه فى الانتخابات البرلمانية، يقول «بيخ» إنه ينطوى على مغامرة قد تهدد مستقبله السياسى، وهنا تقول سارة هوبولت أستاذة فى جامعة لندن إن قضية استمرار بريطانيا كعضو فى الاتحاد أم لا ستحتاج من بقية الأعضاء تسويتها وليس كاميرون وحده. وعن تقييم أدائه بعد نهاية ولايته الأولى، يقول الخبراء إن كاميرون قد نجح فى رفع معدل النمو الاقتصادى وخفض معدل البطالة، كما نجح أيضا فى إجازة عدة قوانين، منها قانون إصلاح التعليم وقانون الرعاية الصحية وإجراء تعديلات فى قانون الهجرة. وعن مشواره السياسى، يقال عن كاميرون إنه سياسى جاد بدأ مشواره عام 1988 كباحث فى وحدة دراسات تابعة لحزب المحافظين، وعمل مستشارًا فى وزارة الخزانة ثم مستشارا لوزارة الداخلية، وفى عام 2001 تم انتخابه كنائب عن مدينة ويتنى فى منطقة أكسفوردشير، ثم فاز برئاسة حزب المحافظين، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء، توفى أحدهم فى سن العاشرة.