عناوين كثيرة تحملها المرحلة الجديدة فى تونس أبرزها انقاذ الدولة قبل الثورة والعودة إلى الأب الروحى لتونس – الحبيب بورقيبة من خلال الالتفاف حول الباجى قايد السبسى وحركة نداء التى تستدعى استعادة هيبة الدولة بكامل مؤسساتها والاهتمام بملفات البطالة والوضع الاقتصادى والصحة والتعليم، وهو ما كشف عنه انطلاق حملة السبسى لحملته الانتخابية من أمام ضريح بورقيبة وكذلك المؤشرات التى تطلق حاليا فى الشارع التونسى بان الانتخابات البرلمانية حسمت نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح حركة نداء التى تسيطر على المزاج التونسى لتحقيق التوازن بعيدا عن الاستقطاب الدينى والحزبى وصولا إلى ما يسمى بصيغة التعايش والتوافق والاحتكام للحوار والدستور بدلا من الصدام والعنف. وفى هذا السياق، توقع مراقبون أن تشهد الانتخابات الرئاسية التونسية المقررة فى 23 نوفمبر الجارى منافسة شرسة بين ممثل حزب حركة نداء تونس الباجى قايد السبسى والرئيس المؤقت الحالى المنصف المرزوقى . وعلى الورق يتمتع السياسى المخضرم الباجى قايد السبسى 87 عاما بدفعة معنوية اثر فوز حزبه بالأغلبية فى الانتخابات التشريعية متقدما على منافسه الأول حزب حركة النهضة الإسلامية الذى حصل على 39.17 بالمائة من أصوات الناخبين مقابل31.79 بالمائة للنهضة. ويقدم الباجى نفسه على انه نصير للدولة والمؤسسات والنموذج المجتمعى الذى أرساه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة لتونس منذ بناء دولة الاستقلال فى خمسينيات القرن الماضى، ولهذا يحمل اختيار «نداء تونس» لساحة روضة لآل بورقيبة بمدينة المنستير موطن الرئيس الأول لتونس، موضعا لانطلاق حملته الانتخابية الأحد إشارة رمزية للآلاف من أنصاره. وتعد حركة نداء امتدادا للنهج الاصلاحى ومقومات دولة الاستقلال وانجازاتها التى أرساها بورقيبة فى قطاعات التعليم والصحة وتحرير المرأة»، وتؤكد الحركة على أن المسعى فى تونس اليوم هو انقاذ الدولة وتطوير انجازات دولة الاستقلال بالتركيز على استحقاقات الثورة فى الحرية والتنمية». أما القايد السبسى فقد شغل مناصب لوزارات سيادية – الدفاع والداخلية – الخارجية ويؤمن بأن تونس لكل التونسيين ويمتلك كاريزما وعزيمة لاستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها. من جهة أخرى، بدأ المرزوقى 69 عاما حملته الانتخابية من قاعة سينما الكوليزى بالعاصمة بحضور أكثر من 1000 من أنصاره ويرى البعض انه يراهن على دعم حزب النهضة له من خلال تحالف مع حزبه – المؤتمر من اجل الجمهورية – لكن هذا الرهان لايحمل فى طياته الكثير لان نتائج الانتخابات البرلمانية تؤشر للفوز الساحق لحركة نداء وهذه الرؤية تستند إلى تصويت التوانسة فى كل المدن حيث وصل نداء إلى الصدارة بينما تراجعت كل الأحزاب الأخرى بشكل ملحوظ. وتفيد المصادر بأن حزب النهضة عقد اجتماعًا لمجلس الشورى الخارجى به كى يبحث مرشحه للرئاسة فى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية اى خلال الإعادة وانه لن يدفع بمرشح له فى الجولة الأولى. تشكيل الحكومة أما بالنسبة لتشكل الحكومة فأنها ستكون بعد الانتخابات الرئاسية وفق الدستور حيث يكلف رئيس الدولة المنتخب رئيس الوزراء الحاصل حزبه على أغلبية بذلك وان الحكومة فى الغالب سوف تتشكل وفق برنامج يتوافق حوله جميع الأحزاب ولن يكون على أساس أفراد وان تحظى أن هذه الحكومة بالتوافق والتعايش وان تكون نفس الكلمة منسحبة على الوضع داخل البرلمان حتى لا يتحالف حزب النهضة مع أحزاب أخرى صغيرة لعرقلة إصدار مشاريع قوانين والعمل على إثارة المشاكل ومن ثم يدور فى الأوساط السياسية التونسية مسألة التعايش والاهتمام بمؤسسات الدولة والوضع الاقتصادى. وهناك قراءات مختلفة لشكل الحكومة التى ستدير دفة السلطة فى البلاد خلال السنوات الخمس القادمة. حيث يرى البعض أنه من المستبعد أن تكون حركة النهضة شريكا لنداء تونس، فى الحكومة القادمة بحكم رفض قطاع واسع فى كلا الحزبين للتحالف مع الطرف الآخر. فالذين انتخبوا حزب نداء تونس، انتخبوه لأنه ضد مشروع حزب حركة النهضة. وبعيدًا عن استدعاء جراحات الماضى، والأختلاف بين الحزبين، يدعو كثيرون ومن بينهم أكاديميون إلى التسامح والقبول بالآخر. وقد بدأ ذلك واضحا من خلال تهنئة الأحزاب الخاسرة للأحزاب الفائزة فى الانتخابات، رغم أن الشعب لم يعط الأغلبية المطلقة لأحد وفى ذلك رسالة مهمة للجميع بأن يتعاونوا على خدمة تونس وفى مقدمة ذلك حزب النهضة إن حركة نداء ظهرت منذ عامن فقط من الثورة التونسية ولكن التونسية ولكن من الواضح أن رصيدها فى الشارع التونسى ورسائله لكل القوى السياسية أن تونس لكل التونسين ولن يقدر عليها حزب بعينه. وتتوقع المصادر السياسية أن ترتفع نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية إلى أكثر من 60 % وأن يشارك الشباب بقوة بعد عزوفهم فى الانتخابات البرلمانية، كما أكدوا أيضا أن الوضع الامنى أصبح أفضل بكثير من ذى قبل حيث يتعاون أهل تونس مع الحكومة لإنهاء هذه المشكلة رغم البيئة المتوترة المحيطة بتونس وفى بعض العواصم العربية التى تعانى من موضوع الحرب على الإرهاب إلا أن تونس تتعامل بحذر مع كل هذه الملفات بما فى ذلك مسألة العائدين من سوريا ومعروف أن نسبة كبيرة من شباب تونس المغرر بهم انخرطوا فى القتال مع تنظيم داعش ومن ثم فان عودته تشكل خطرا على الملف المنى إلا أن الدولة التونسية تتعامل مع هذه المجموعات قبل التسبب فى مشاكل أمنية.