يعطى الإسلام للرجل وحده حق إنهاء العلاقة الزوجية فهو وحده صاحب قرار الطلاق ولكن الحقيقة غير ذلك بعد أن أقرت دار الإفتاء المصرية أن التشريع الإسلامى أعطى المرأة حق إنهاء الزواج كالرجل مامًا فى حال أن تشترط على زوجها أن تكون العصمة فى يدها بمعنى أن تطلق نفسها وقتما تريد وتستحق جميع حقوقها ولها كذلك طلب التفريق بينها وبين زوجها للضرر إذا لحقها منه ضرر بالغ فيفرق بينهما القاضى ولها كذلك أن ترفع قضية خلع على زوجها لكنها ستتنازل عن حقوقها لعدم وجود سبب لإنهاء العلاقة الزوجية. وفى الأونة الأخيرة ارتفع عدد النساء اللاتى يمتلكن الحق فى تطليق أنفسهن من أزواجهن وقتما شئن ويطلق عليهن اسم صاحبة العصمة. وصاحبة العصمة معناها الزوجة التى لها الحق فى تطليق نفسها فى الوقت الذى تريده، ولكن ما الذى يدفع المرأة إلى أن تطلب أن تكون العصمة فى يده ؟ وما هى نظرة المجتمع لها وهل فقدت المرأة الثقة فى الرجل مما دفعها إلى طلب هذا الشرط قبل إتمام الزواج ؟ بداية يوضح إبراهيم محمود مستشار قانونى أنه فى كلتا الحالتين: العصمة فى يد الزوجة أو فى يد الزوج فإن كل حقوق المرأة تأخذها كاملة من نفقة متعة ومؤخر صداق وغيرها من الحقوق بمعنى أن حقها فى تطليق نفسها لا يسقط أى حق من حقوقها المشروعة لها.. وأضاف أن عقد الزواج مثله مثل أى عقد تجارى أو مدنى حيث يستطيع الزوج وكذلك الزوجة أن يضعا أية شروط فيه بشرط أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وشرط الزوجة فى أن تكون العصمة بيدها هو تفويض الزوج للزوجة فى تطليق نفسها منه. أما من الناحية الدينية فترى د. آمنة نصير أن وجود العصمة فى يد الزوجة ليس أمرًا مجمعا عليه من الفقهاء بل هو مثار خلاف بينهم فمنهم من قال: «إن الزوج له حق الرجوع وفسخ ما جعله لها، وعندئذ يرجع حق التطليق إليه وحده»، وفقهاء آخرون قالوا نفس المعنى بشكل آخر وهو أنه لا يجوز للزوج أن يفوض زوجته فى تطليق نفسها، لأن الله تعالى جعل الطلاق للرجال لا للنساء. فى حين أكد آخرون أنه ليس من حقه لعموم قول الرسول ?: «المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا»، وكذلك الأمر الإلهى فى الوفاء بالعقود والعهود فى العديد من الآيات القرآنية. ولذلك فإن الأغلبية منهم يرون أن الزوجة إذا اشترطت على زوجها شرطا فى العقد فيجب النظر فى هذا الشرط إذا كان لايخل بمقتضى عقد الزواج وكان برضا الطرفين فيجب الوفاء به. وأشارت د. آمنة إلى أن العصمة بيد الزوجة لا تعنى انتقاص الزوج حقا من حقوقه الشرعية من الطاعة والمعاشرة كما لا تسقط حقه ولا تمنعه من استعماله متى شاء، حيث من حقه التطليق أيضاً مع حقها فى تطليق نفسها. ولكن كان للدكتور السيد الدسوقى أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة رأى آخر حيث أكد أن شرط العصمة فى يد الزوجة لا يجوز ولا يحق لأى زوج إعطاؤه للزوجة لأن الطلاق يدخل ضمن قوامة الرجل كما أنه لا يجوز للمرأة أن تطلق نفسها، مشيرًا إلى أن عقد الزواج ليس كالعقد المدنى أو التجارى ولكى يضع الزوجان شروطًا فى عقد الزواج فإن لهذا ضوابط شرعية أساسها الرضا بين الطرفين والشهود والإشهار. وأوضح الدسوقى أن القانون أباح أن تكون العصمة فى يد الزوجة ولكن هذا مخالف للشريعة الإسلامية التى أقرت بقوامة الرجل على المرأة وفى حالة كون العصمة فى يدها فسيكون الزوج لعبة فى يدها وهذا ما لا ترضاه الشريعة.. أما عن نظرة المجتمع إلى وجود العصمة فى يد الزوجة يقول الدكتور أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع إن طبيعة مجتمعنا المصرى الإسلامى المحافظ والعادات والتقاليد لا يتقبل بسهولة وجود العصمة بيد الزوجة، وينظر للسيدة التى تطلب العصمة على أنها «مسترجلة» محذرًا أن الرجل فى هذه الحالة يفقد قوامته ورجولته أمام زوجته وأمام المجتمع . وأضاف نظرة المجتمع للرجل تأثيرها أصعب وأعمق من نظرة المجتمع لصاحبة العصمة حيث سيتم النظر إلى هذا الزوج على أنه تنازل عن رجولته التى تعطيه القوامة والقيادة فى الأسرة، وبالتالى توجه له الاتهامات بأنه ناقص الرجولة. وأوضح أحمد أن هناك تغيرات اقتصادية واجتماعية شهدها مجتمعنا نتج عنها مفاهيم جديدة فى حياتنا منها زواج العصمة هذا الزواج الذى يعكس عدم ثقة الزوجة فى الزوج ويصبح هذا الزواج قائمًا على المصلحة مؤكدًا أن هذا النوع من الزواج معرض للانهيار فى أى وقت وأوضح أن أغلب تلك الحالات تكون الزوجة ثرية ولديها سطوة لفرض آرائها على الزوج ومع أبسط نزاع بينهما ينهار الزواج ويحدث الطلاق. ويقول الدكتور محمد البسيونى أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس إنه من المدافعين عن حق المرأة فى ان تكون صاحبة العصمة خاصة وأن المرأة تحترم الأسرة وتحافظ عليها أكثر من الرجل مشيرًا إلى أنه لو صح أن تكون المرأة صاحبة العصمة من الناحية الدينية والقانونية فيا حبذا لو تنال هذا الحق لأنه سيعفى المرأة من اللجوء إلى الخلع كما أنه سيؤدى إلى استمرار العلاقة لأنه سيرسخ مفهوم العدل والاحترام بين الطرفين. وبعد عرض كافة الآراء سألنا لجنة الفتوى فى وزارة الأوقاف هل يجوز للمرأة أن تشترط على المتقدم للزواج بها أن تكون العصمة فى يدها ؟ فكان الجواب أنه يجوز للزوجة أن تشترط هذا الشرط وتكون العصمة فى يدها ويجوز للزوج أن يفوض زوجته ان تكون عصمتها فى يدها وذلك بالوكالة عنه وإذا طلقت نفسها وقع الطلاق وتستحق كل ما قرره لها الشرع من مستحقاتها كاملة. ولكن يظل الباب مفتوحًا للبحث عن الأسباب التى تدفع المرأة لتضع هذا الشرط فى عقد زواجها.. ولماذا انتشرت هذه الظاهرة بين المصريات؟