وما زلنا ننهل من خزائن الله التى لا تنفد.. وقد انسلت أيام من شهر الجود والخير.. شهر رمضان.. ففى نهاره بركة الصوم، وفى ليله بركات من إفطار بعد إحجام عن ملذات الدنيا.. وصلاة التراويح التى تروَّح عن النفوس وهى إحدى الجوائز التى يتسابق فى الحصول عليها الصائمون.. وهناك أيضًا صلاة التهجد فى العشر الأواخر التى تعقب التروايح ووقت صلاتها جوف الليل وما أدراك ما جوف الليل والناس نيام.. وهى امتحان إلهى نتمنى النجاح فيه. وقد منحنا الله عهدًا كتبت حروفه بمداد من نور.. وبنوده ثلاث كلمات: أوله.أوسطه.آخره وهنا نسمع معنويًا صوت الحق يعلن بشراه للصائمين أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. فمن صامه إيمانًا واحتسابًا تكتب له فى أوله رحمة من الله وما أدراك ما رحمة الله إن ربنا يجنِّب عبده الوقوع فى دائرة الظلم وفى أوسطه المغفرة.. أى غفران الله.. غفران ذنوب ماضية وحالية.. مالم يعد الصائم لذنوبه فى لهفة حتى إن الملائكة تأخذ من كفة أخطائه لتزيد فى كفة حسناته. ونأتى إلى قدس الأقدس فى عهد الله وآخر قطار يصل به الإنسان حين يغادر الدنيا دار الحق والفناء إلى الآخرة دار المستقر والبقاء.. وعندها لم يعد لنا من مكان. إما أن نزف إلى الجنة. وإما أن نساق إلى النار. وهنا يعدنا الحق تبارك وتعالى فى قرآنه بقوله "ومن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًا" والورود فى اللغة.. تعنى الوصول إلى المكان دون الدخول فيه.. ولكن دخولك وعدم دخولك النار متوقف عليك. وصلنا إلى الكلمة الثالثة: آخره وهى بشرى لمن صام وأخلص النية ومات على صيامه نسمع ياعبادى هنيئًا لكم عتقًا من النار وما أدراك ما العتق .. فإبراهيم عليه السلام قال الله فى حقه مخاطبًا النار "يانار كونى بردًا وسلامًا على إبراهيم" والصائم لن تمسه النار فيمنعك من دخولها ويمنعها أن تصل إليك. أما تستحى يا عبد الله من أن الله يعمل من أجلك؟!