كانت حلقات الذكر شكلا أساسيًا فى احتفالاتنا الدينية الشعبية، فهى تعبير حركى عن موسيقى فولكلورية تهدف لتوليد قوة روحية من القوة الحركية تساعد الذاكر على التجلى والوجد للتقرب إلى الله. وقد نقلها الأوروبيون فى محاولة منهم للعودة إلى الله والنجاة من شر الحياة المادية التى غرقت فيها حضارتهم فدرسوا تاريخ التعبير الحركى وما وراء الفنون الشعبية والفولكلورية المتحركة عند الشعوب. كان التعبير الحركى عند قدماء المصريين مرتبطا بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكانت الرقصات الرياضية هى أشهر أنواع الرقص وانتشر فى الدولة الحديثة واستعان الأمريكان مؤخرًا بهذه الرقصات للتعبير عن المواقف الدرامية والرمز عن أشياء مجردة مثل الريح والحيوان والنصر والهزيمة..إلخ. وعلينا أن نفرَّق دائمًا بين الرقص كتعبير حركى فولكلورى عن العادات والتقاليد المختلفة، والتعبير المهذب عن موضوعات مجتمعية إنسانية، وعن الرقص الشرقى أو رقص البطن كما يسميه الغربيون أو هز البطن كما نطلق عليه فى بلادنا. كانت أهم وظيفة للرقص زمان هى تسلية الملك أو تقديم القرابين للمعبود بالإضافة إلى الرقص الجنائزى، وكل هذه المواقف قريبة من الهدف الذى تقام من أجله حلقات الذكر والتى استغلها الأوروبيون كفن روحانى بينما يرى البعض هنا أنها لا تزيد على كونها لونا من الدروشة. أما الرقص المصاحب للغناء فقد بدأ فى بلادنا فى مسارح روض الفرج، ثم الأفلام الاستعراضية فالأغانى التليفزيونية أما الفيديو كليب فإن الرقص عنصر أساسى فى تكوينه. زمان كانت عندنا أغنيات تسمع ولا ترى، ثم ظهرت أغنيات تسمع وقد ترى والآن تملأ الشاشات الصغيرة أغنيات ترى ولا تسمع فهى زخرفية هدفها الإبهار البصرى وربما لا تحتوى على أى أثر للإبهار السمعى. وهى كما يفعل الرسام عندما يطلق العنان لريشته لترسم خطوطا لألوان مختلطة يرى أنها تسهم فى عمل تكوين فنى مبهر يمتع الأعين معتمدا فى ذلك على حاسته الفنية وذوقه الخاص، وفهمه لعلاقة الألوان ببعضها البعض. ومدى أثر ذلك على النفوس على اختلاف ثقافاتها وبيئاتها. وكثيرًا ما تعتمد كليبات الفيديو على جمال المطربة أو نيولوك المطرب، فيكون الغناء بالعين والحاجب وليس بالأحبال الصوتية. والغناء فن سمعى لا بصرى، فإذا أردنا أن نتماشى مع العصر ونجاريه فى ضمان الإبهار البصرى للأغنية. فعلينا أن نضمن له أساسا علميا فيدرس المطرب التعبير الحركى والرقصات الجماعية المنضبطة بنفس الدرجة التى يسعى بها لدراسة فن الغناء. لقد أثرت الموسيقى الإليكترونية على الغناء العربى وأصبح معظمه غناء زخرفيا من أجل الرقص فتستقبله العيون قبل الآذان، فالموسيقى الناتجة عن آلات إليكترونية تكون قوية عادة وعنيفة أحيانا فتجبر سامعها على التحرك والتمايل معها لتختفى السلطنة التقليدية والألحان الشجية، وتسهل مهنة الغناء، فلا يحتاج لموهبة كبيرة كى يحترف، وكذلك فإن هذه النوعية من الموسيقى يمكن أن تعطى ألحانا جاهزة فأزرارها ملحن ماهر للموسيقى الإليكترونية وبذلك تصبح بلادنا غنية بعدد الملحنين والمطربين وفيها مطرب وملحن لكل مواطن. فكثرت الألحان الركيكة التى لا طعم لها ولا لون. وليس كل الغناء الزخرفى مزعجا فالاستعراضات محببة للمشاهد، والفوازير أصبحت من تراثنا المرئى بفضل رائد الفوازير التليفزيونية فهمى عبد الحميد والفلوكلور المصرى الذى أبدعه الشعب كثير منه ينتمى إلى فصيل فن الاستعراض ونرى الصبية والصغار وأحيانا الكبار يرددونه مصاحبا بحركات معبرة أو برقصات جماعية محترمه أو فردية مدروسة. الاستعراضات والفوازير والفولكلور والكليبات غناء زخرفى تسمعه العين قبل الأذن أحيانا فإذا اتفقت الأذن مع العين على متابعته دل ذلك على أنه فن جميل له نجومه ومحبوه.