أم كلثوم.. لور دكاش.. نادرة.. ملك.. ليلى نظمى، نماذج لمطربات خضن مجال التلحين لأنفسهن.. وبالرغم من أن ألحانهن تقف فى إبداعها وعظمتها على قدم المساواة مع ألحان أقرانهن من الرجال فإنهن لم يستمرون بالتلحين..مما يطرح تساؤلًا مهما حول أسباب عدم استمرار المرأة فى مجال التلحين. وهو ما أجابت عنه ندوة نظمها متحف أم كلثوم بمناسبة اليوم العالمى للمرأة. فى إطار الاحتفال باليوم العالمى للمرأة نظم متحف أم كلثوم التابع لصندوق التنمية الثقافية العديد من الفعاليات من ورش عمل وندوات ومنها الندوة التى حضرتها د.أمل جمال الدين الأستاذ بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان قسم الموسيقى العربية وعازفة القانون والحاصلة على المركز الأول فى العزف فى المسابقة الدولية للعازفات على الآلات العربية بالمهرجان الدولى للموسيقى العربية الذى أقيم بدار الأوبرا المصرية عن المرأة ودورها فى تلحين الموسيقى المصرية. تطرقت د. أمل فى البداية إلى دور المرأة فى مجال الموسيقى منذ عهد الفراعنة حتى الآن وقالت أن فى العصر الفرعونى كان يفضل لكل سيدة أن تتعلم العزف على آلة موسيقية حتى لو كانت من بنات الشعب الفقيرة، كما أن هناك بعض الآلات الموسيقية التى لا تعزف عليها إلا المرأة مثل السيستروم التى تشبه الشخاليل وآلة "الدف" التى بالرغم من ثقلها إلا أن المرأة عزفت عليها بشكل مبهر. أشارت إلى أنه فى الجاهلية كانت النظرة للمرأة سيئة حيث كانت من وجهة نظرهم تجلب العار والشؤم على أهلها، وعندما جاء الإسلام لم يكن هناك اهتمام بالموسيقى نظرًا للانشغال بالفتوحات. مشيرة إلى أنه مع استقرار الدولة الإسلامية والفتوحات ازدهرت الموسيقى وظهرت الجوقات الفرق الموسيقية والتى كانت تسمى باسم أكبر جارية وقد كنّ محظيات للملوك يقمنّ بنظم الشعر والتلحين والعزف على بعض الآلات الموسيقية والغناء والرقص وذلك من أجل امتاع الأمراء والملوك وعندما كان يتهادى بهنّ الملوك كانت تقدر بأنها كنز ثمين. وقالت د. أمل جمال الدين إنه مع نهاية القرن ال 19 وبداية القرن 20 بدأت المرأة فى احتراف الغناء فتعلمت التواشيح وتجويد القرآن الكريم والاستماع للملحنين القدامى وتعلم العزف على الآلات الموسيقية ومنها العود. وأضافت: أم كلثوم تعلمته على يد الشيخ أبو العلا محمد وهناك صورة للمطربة لوردكاش وهى تعزف على العود وكذلك المطربة ملك، وقد قامت القليلات من المطربات بالتلحين لأنفسهن منهن من استمر وهناك من توقفن.. والأسباب كما تقول د. أمل متعددة منها الأسباب الاجتماعية والمتمثلة فى انشغال المرأة بدورها كأم وربة منزل وزوجة مما يشكل عائقًا لعملية الإبداع والتلحين، وهناك أسباب اقتصادية تتمثل فى ضعف الامكانيات المادية لديها والتى لا تمكنها من الإنفاق على العازفين والموسيقيين واستئجار الاستوديو، وهناك أيضًا الأسباب السيكولوجية فالتلحين يفرض على المرأة الاختلاط بمؤلف الكلمات والموزع والموسيقيين والمطرب وعمل البروفات ومن الممكن أن يتواصل العمل ليلًا ونهارًا وهذا يخالف طبيعة المرأة الرقيقة. ذكرت جمال الدين أن أمثلة المطربات اللاتى خضن مجال التلحين سيدة الغناء العربى أم كلثوم والتى لحنت لنفسها أغنيتين من كلمات أحمد رامى وهما يا نسيم الفجر ريان الندى وطقطوقة على عينى الهجر ده منى، مشيرة إلى أن أم كلثوم كانت من الذكاء أنها عندما بدأت احتراف الغناء سايرت نوعية الأغانى التى كانت موجودة فى ذلك الوقت حتى تجذب الجمهور إليها ثم تقدم له أفضل مالديها من الكلمات والألحان، ومع ظهور عبد الحليم حافظ والمطربين الشباب والتفاف الجمهور حولهم بدأت فى الاستعانة بالملحنين الشباب مثل بليغ حمدى والشيخ سيد مكاوى وكمال الطويل حتى تكون أغانيها صالحة لكل زمان. وعن المطربة ملك قالت إنها قدمت لنا ما يقرب من 5 ألحان منها لامونى الناس كلمات حسين حلمى المانسترلى و بى مثل ما بك كلمات أمير الشعراء أحمد شوقى وأوبريت مايسة والمطربة ملك من مواليد عام 1901 م وقد تعلمت العود على يد محمد القصبجى وارتبط اسمها بفن الأوبريت وأطلق على المسرح الذى كانت تغنى عليه أوبرا ملك والذى تحول إلى ساحة تخزين بعد وفاتها فى 28 أغسطس 1983م. وأضافت: أما المطربة "نادرة" فقد تركت لنا خمس ألحان منها قصائد مثل هيئ لنا من أمرنا رشدا لعمر بن الفارض وطقطوقة غنى معايا يا موج النيل ل عبد العزيز سلام وموشح غضى جفونك، ولدت عام 1906م فى بيروت من أب مصرى وأم لبنانية وقامت ببطولة فيلم أنشودة الفؤاد عام 1932 أمام جورج أبيض وهو أول فيلم غنائى فى تاريخ السينما. تابعت: تعتبر لور دكاش من أكثر المطربات تلحينًا، حيث تركت لنا ما يقرب من 40 لحنا منها ليل الأشواق ل إيليا أبو ماضى و عينيك الخضر آه منها لصالح جودت وبينى وبينك رسول ليوسف بدروس، كما أن هناك بعض الأغانى التى كتبت كلماتها إلى جانب تلحينها مثل يا ناسية الحب و مادام الساعة بايدك وألو ألو، واسمها بالكامل لور جورج دكاش ولدت عام 1917م لأسرة لبنانية وقد أطلق عليها محمد عبد الوهاب لقب ملكة التواشيح فى الإذاعة وقدمت 90 أغنية كما أنها غنت لأكبر الشعراء مثل الشاعر محمد مصطفى والذى غنت له أمنت بالله وقد منحها د.عاطف صدقى رئيس الوزراء الأسبق شهادة معاش استثنائى فانضمت لنقابة الموسيقيين. وقالت جمال الدين أن الفنانة ليلى نظمى من ضمن المطربات اللاتى قمن بالتلحين لأنفسهن مثل أبو لاسة نايلون و حماتى يا نينة دلوعة عليا لعبد السلام أمين و كلنا بنحب مصر لمحمد قاسم و ما اشربش الشاى وقد ولدت عام 1945م فى الإسكندرية ودرست فى المعهد العالى للموسيقى العربية، أما المطربة عايدة الأيوبى وهى من مواليد عام 1967 بألمانيا من أب مصرى الأصل وأم ألمانية وتعلمت العود على يد د. حسين صابر وصدر لها ثلاثة ألبومات قبل أن تتوقف لفترة وهى على بالى 1990م و من زمان 1992م و "رفيق عمرى 1993م ومن الأغانى التى قامت بتلحينها على بالى و صدفة و عشقت الفن و مصبرنى والبوردة للإمام البوصيرى. أشارت أستاذ الموسيقى إلى أنه فى مجال الأغنية التربوية ظهر الكثير من الملحنات والأكاديميات من كليات التربية الموسيقية ومعهد الكونسرفتوار ومعهد الموسيقى العربية، ويهدف هذا النوع من الغناء إلى تعليم الطفل قواعد الموسيقى أو قيمًا معينة مثل أركان الإسلام وحب الوطن وحب الأم وكيفية الوضوء ومن هؤلاء الملحنات عائشة صبرى أول خريجة فى معهد الموسيقى تتولى منصب العميد وأول عميد مصرى لكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان وفتحية فايد وأميرة فرج وإحسان شفيق وحورية عزمى وبهيجة رشيد وعطيات عبد الخالق التى قدمت أغانى متميزة وهادفة للأطفال فى برنامج بابا شارو مثل النهاردة الضهرية وقولولى براوه براوه ويا عسكرىيا ابو بندقية، ومثلما برعت المرأة فى مجال التلحين فإنها برعت كعازفة على مختلف الآلات الموسيقية ومنهن مارسيل متىّ عازفة البيانو و بسمة عبد الرحيم عازفة الكمان و منال محيى الدين عازفة الهارب و د. إيناس عبد الدايم عازفة الفلوت ورئيس دار الأوبرا المصرية و نسمة عبد العزيز عازفة الماريمبا، كما أن المرأة برعت فى قيادة الكورال والأوركسترا والتأليف الموسيقى والهارمونى والتوزيع الأوركسترالى مثل السيدة منار أبوهيف الحاصلة على شهادة من الأكاديمية الملكية بلندن فى التأليف الهارمونى والعزف وقيادة الكورال.