من النادر أن تتناول وسائل الإعلام الأمريكية القضايا التى تنال من سمعة حليفتها إسرائيل، لكن وعلى غير العادة اهتمت شبكة «فوكس نيوز» بشكوك المحققين الفيدراليين فى قضية الجواسيس الإسرائيليين، ودورهم فى هجمات الحادى عشر من سبتمبر على برجى مركز التجارة العالمى، ومعرفة المخابرات الإسرائيلية المسبقة بها وعدم إبلاغ حليفتها الكبرى الولاياتالمتحدة. «فوكس نيوز» وحدها من بين جميع وسائل الإعلام الأمريكية، اهتمت بالقضية، وبثت قصتها فى أربعة أجزاء ووضعت محتوى الحلقات على شبكة الإنترنت، لكن ولأسباب غامضة، وبدون تفسير قامت بإزالتها من على شبكة المعلومات الدولية. وقال مراسل الشبكة كارل كاميرون «إن مائتى إسرائيلى كانوا على علم مسبق بالهجمات قبل وقوعها، وتم اعتقالهم ضمن حملة اعتقالات سرية، واسعة النطاق عن عمليات تجسس إسرائيلية فى الولاياتالمتحدة، وأن وثائق الحكومة الأمريكية تثبت أن غالبية الإسرائيليين الذين تم التحقيق معهم قالوا إنهم خدموا فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، وفى وحدة عمليات اعتراض ومراقبة الاتصالات الإلكترونية، أو عملوا فى وحدات خاصة بالتفجيرات وأنهم فشلوا فى اختبارات أجهزة كشف الكذب. وركزت الحلقة الأولى على الدور الذى تلعبه شركة «أمدوكس» التى تمتلك عقودا مع أكبر خمسة وعشرين شركة هاتف أمريكية، حيث تتولى مسئولية متابعة خدمات الدليل الهاتفى، وتدوين سجل المكالمات، وتنظيم الفواتير وهذا الأمر يوفر ل «أمدوكس» إمكانية الاطلاع على جميع المعلومات الخاصة بأية مكالمة هاتفية تجرى فى أمريكا، وقام مكتب التحقيقات الفيدرالى، وجهات قضائية أخرى، أكثر من مرة بإجراء تحريات حول الشركة لوجود شكوك حول علاقتها المشبوهة بعصابات المافيا الإسرائيلية، وعمليات تجسس. وأحداث قضية المافيا الإسرائيلية ترجع لعام 1997، حيث قامت المباحث الفيدرالية، والشرطة المحلية فى لوس انجلوس بإجراء عملية تحرى كبرى حول شبكة جريمة منظمة مرتبطة بإسرائيل تقوم بتهريب الكوكايين وحبوب أكستاسى المخدرة فى كاليفورينا، وميامى وكندا،وإسرائيل، ومصر وزعيم تلك العصابة هو الإسرائيلى «جاكوب أو جراد» وكان من الأمور المميزة لرجال المباحث هو انكشاف محاولاتهم المتواصلة لاختراق الشبكة، كلما تم وضع هواتف أعضاء الشبكة تحت المراقبة. وتبين للمباحث الفيدرالية أن أفراد الشبكة أنفسهم كانوا يراقبون هواتف الشرطة الثابتة والمحمولة، وأجهزة استقبال المكالمات، وحتى هواتفهم المنزلية. وقد دفع ذلك المحققين إلى الاعتقاد بأن أفراد المافيا كانوا يحصلون على معلومات حساسة وسرية حول نشاطات مكتب المباحث والشرطة، وأن الهواتف تتم مراقبتها وحتى تفاصيل الحوارات الهاتفية بين رجال الأمن والشرطة المكلفين أصلا بالتحريات، وقد أوصلت التحريات الخاصة بعمليات تسريب المعلومات هذه إلى الشك بدور ما لشركتى اتصالات إسرائيلية هما «أمدوكس» و «كوميفرس إنفوسيس» وربطت الحلقة الثالثة بين عمليات التجسس الإسرائيلية وأحداث الحادى عشر من سبتمبر، وقال مراسل الشبكة «كارل كاميرون» إن المحققين الأمريكيين أصبحت لديهم شكوك قوية حول المشتبه بهم الإسرائيليين، وبأنهم حصلوا على معلومات مسبقة عن الهجوم على برجى مركز التجارة العالمى من شركة «أمدوكس». الجزء الأخير من الحلقات تناول دور شركة تقنيات اتصالات أخرى وهى «كومفيرس إنفوسيس»، والتى توفر أجهزة التنصت والتجسس الإلكترونية للجهات القضائية الأمريكية، وحكومات أخرى حول العالم. وتدعم الحكومة الإسرائيلية جزءا كبيرا من بحوث قسم الأبحاث والتطوير لهذه الشركة. وحسب قانون أمريكى صادر فى عام 1994 يتعين على جميع شركات الاتصالات والكمبيوتر الخاصة، فتح شبكات محولات الاتصالات فيها أمام عمليات التنصت التى تقوم بها الجهات القضائية. ويعتقد بعض المحققين أن أجهزة الاعتراض الإلكترونى التى تصنعها شركة «كومفيرس» بها وصلة خاصة يمكن من خلالها اعتراض الاتصالات التى يتم مراقبتها وتسجيلها وتحويلها إلى جهات غير مرخص لها، وأن الشكوك تتجه لجهات وأجهزة مخابرات إسرائيلية. وفى بدايات العام الماضى أصدر مركز الدراسات الأمريكى press pakalert دراسة بعنوان « إسرائيل هى التى نفذت هجمات الحادى عشر من سبتمبر. وتوجه الاتهام لأربع شبكات تجسس إسرائيلية فى أمريكا. الأولى شركة «أوديجو» لنقل الرسائل الفورية للهواتف الخلوية، وهى إسرائيلية، مقرها الرئيسى فى نيويورك على مسافة مبنيين من برجى مركز التجارة العالمى ولديها فرع بضاحية بإسرائيل. تلقى اثنان من موظفيها تحذيرا منها قبل ساعتين من اصطدام الطائرة الأولى بأحد البرجين وهذا التحذير وصل إلى أربعمائة إسرائيلى تغيبوا عن أعمالهم فى البرجين فى حين قتل خمسة إسرائيليين فقط ثبت من التحقيقات الفيدرالية أن التحذير لم يصل إليهم. الشبكة الثانية كشفتها تحقيقات فى الأحداث التى وقعت فى مقبرة « جوميل» قبل عشرة أشهر من تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر. تذكر الدراسة أن ضابطا متقاعدا فى الجيش الإسرائيلى كان يزرع النباتات فى المقابر اليهودية بولاية نيوجرسى استدعى سمع شخصين يتحدثان العبرية، واستعدى ذلك انتباهه، فاختبأ وراء جدار وبدأ يستمع لحوارهما. وبعد وقت قصير وصلت سيارة إلى قربهما، ونزل رجل كان جالسا على المقعد الخلفى وبعد تبادل التحية قال الرجل، سوف يعرف الأمريكيون معنى الحياة مع إرهابيين، بعد أن تصطدم الطائرات بالبرجين فى سبتمبر. وسارع الرجل الذى استمع إلى هذا الحوار لإبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالى مرات عدة لكنه كان يواجه دائما بالتجاهل. ولم يتم القيام بأى عمل ولم يجر أى تحقيق. الشبكة الثالثة شركة «زيم» الإسرائيلية للشحن البحرى، قامت بإخلاء مكاتبها فى البرج الشمالى ومساحتها عشرة آلاف قدم مربعة قبل أسبوع من وقوع الهجمات. ألغت عقد إيجار الشركة التى تمتلك الحكومة الإسرائيلية 49 % من أسهمها. وكان عقد الإيجار ساريا حتى نهاية العام 2001. وخسرت الشركة مبلغ خمسين ألف دولار بسبب إلغاء العقد. وأفادت التحقيقات الفيدرالية بأن الإسرائيليين نقلوا المتفجرات التى دمرت المبنى إلى مقر الشركة بعد إلغاء عقد الإيجار. الرابعة بقيادة رجل الأعمال اليهودى الأمريكى «لارى سليفرستين» حصل على عقد إيجار لمدة تسعة وتسعين عاما لكامل مجمع مركز التجارة العالمى فى 24 يوليو عام 2000. وكان مستخدما فى العزل الحرارى والأرضيات والأسقف ماك الإسبستوس المسببة للسرطان، وكان لابد من إزالة هذه المواد بتكلفة باهظة توازى تكلفة الإيجار تقريبا. وكان لارى معتادا على تناول إفطاره يوميا فى مطعم بالبرج الشمالى فى الطابق السابع بعد المائة. لكنه غير عادته صباح يوم 11 سبتمبر وقرر مع ولديه اللذين كان يعملا فىالمبنى أيضا عدم الحضور إلى مراكز عملهما فى ذلك الصباح. وتشير الدراسة إلى أن ذلك ربما يرجع بمعرفة عائلة سيلفر ستون المسبقة بما يحدث. والنتيجة أن «لارى» حصل على مبلغ يزيد على أربعة مليارات دولار ونصف من شركة التأمين نتيجة لتدمير البرجين. ورغم كل ذلك فإن جميع التحقيقات الفيدرالية بعمليات تجسس إسرائيلية غالبا ما تغلق فجأة، وتتوقف التسريبات بشأنها للصحافة بإدعاء أنها بالغة السرية.