انشغل الإعلام المصرى خلال الأسبوع الماضى بأزمة العلاقات المصرية القطرية، وهى كانت مرشحة دائما لمزيد من التوتر والتصعيد، فدولة قطر تريد اثبات وجودها الإقليمى والدولى دائما وهذا حق لا ننكره على أحد. وقد نفخر به خاصة وأن دولة عربية يكون لها هذا التواجد الدولى السياسى والاقتصادى والإعلامى. ولكن استطيع أن اقول إن السياسة القطرية تجاه مصر جانبها الصواب وأصبحت عديمة الرؤية وتفتقر إلى خط استراتيجى يتماشى مع الخط الاستراتيجى لدول مجلس التعاون الخليجى التى ترى ضرورة استراتجية فى دعم مصر حتى تكون عمقا استراتجيا قويا لهذه الدول. سياسة قطر المتفردة منذ فترة من الوقت وخروجها عن سرب دول مجلس التعاون الخليجى تجعلها دائما موضع استنفار واستنكار وتساؤل دائم من جميع الدول العربية ماذا عن موقف قطر، ويبدو أن هذا يسعد القائمين على التخطيط الاستراتيجى لهذه الدولة. لن ادخل فى موضوع القواعد العسكرية الأمريكية هناك، أو علاقات السعودية القطرية، لأن ما يهمنى فى هذا الصدد الموقف القطرى فى مصر الذى يرجع إلى ما قبل 25 يناير 2011 لكن تعقد الموقف القطرى مؤخرا، حيث أصبح يمس الأمن القومى، ويرسل إشارات استعلائية غريبة لا تمت إلى العرف والدبلوماسية أو العلاقات العربية العربية ويهدد النظام العربى الذى نحاول لملمته بأى طريقة، بعد أن عانى الكثير من ثورات الربيع العربى، إذا تجاوزنا النظام العربى تأمين النظام الإقليمى وأقصد منظومة مجلس التعاون الخليجى التى أثبت نجاحا خلال الأعوام الماضية، باستثناء الخروج القطرى عن العباءة الخليجية. أعتقد أن الدبلوماسية المصرية تقوم بواجبها فى هذا الشأن وتتعامل برصانة تليق بمصر وتاريخها ووزنها، وأن التصعيد المحسوب مع قطر يسير بشكل مدروس وحكيم. واستدعاء السفير المصرى من الدوحة أمر ضرورى ولكن لا يجب أن ننتظر حتى انتهاء الاستفتاء على الدستور، فالجميع يعلم أن السفارات تستطيع أن تؤدى واجبها فى غياب السفير، وأن مثل هذه القرارات يجب أن تنفذ فورا حتى تؤتى ثمارها وتحقق الهدف منها. كنت قد توقعت منذ إعلان مصر أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية وهذا الأمر لا يحتاج إلى اثبات، أن قطر لن تتراجع عن موقفها، بالرغم من اشارات كانت تصل منهم منذ فترة رغبة فى تحسين العلاقات ولكن يبدو أن هذه الاشارات كانت فى إطار المناورة وعدم غلق الأبواب فقط. إذًا من الضرورى خلق ضغوط دبلوماسية على دولة قطر ونستعمل فى هذا العلاقات المصرية الجيدة مع باقى دول مجلس التعاون. واذا استمرت الأمور على حالها ولم تقُم قطر بأى خطوات لإعادة الثقة فى سياستها، وهذه الخطوات قد تتمثل فى تسليم المطلوبين للعدالة فى مصر (وهى لن تفعل ذلك) أو إعادة النظر فى التوجه الإعلامى لقناة الجزيرة (ولن يحدث هذا)، فيجب أن تتوقع أن العلاقات المصرية القطرية ستكون مرشحة لمزيد من التدهور والخطوة التالية هى تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال. وقد تليها مستويات أخرى لا أتمنى أن تحدث بين مصر وأى دول عربية شقيقة. يتحدث البعض عن ضرورة اجراء اتصالات مع المعارضة القطرية، ولكننى أرى أننا يجب أن نتعامل مع قطر بمنطق الدولة الكبرى ولا نهبط إلى مثل هذه الأمور. كنا فى عهد نظام محمد مرسى قد اصبنا بالوهن والضعف، وكانت الفرصة سانحة لأن يستغل هذا، لكن الآن مصر تتقدم نحو الاستقرار السياسى، وما سينتج عنه من استقرار وتقدم اقتصادى كل هذا سيدفع مثل هذه السياسات من بعض الدول أن تتراجع ويعاد صياغتها لتتعامل مع مصر الجديدة المتعافية بمنطق جديد، يبعد تماما عن فكرة اننا فريسة سهلة يمكن الهيمنة عليها. لازلت اتوقع أن دولة قطر ستعيد تقييم سياستها نحو مصر، و لازالت اتوقع دورا لدول مجلس التعاون الخليجى ودورا للنظام العربى المتمثل فى جامعة الدول العربية، التى تتعرض لأزمة مصداقية عليها معالجتها فى القريب العاجل. أتذكر الآن الجالية المصرية فى قطر، و اتمنى أن تكون متماسكة وتؤدى دورها المهم فى الاستفتاء على الدستور، وألا تتأثر بتوجه جماعة الإخوان، ولا تنقسم على نفسها.