وصف بالجنرال العبقرى والقائد العسكرى العظيم.. استطاع هزيمة أقوى جيوش العالم.. إنه فونجوين جياب بطل استقلال فيتنام الذى رحل الأسبوع الماضى عن عمر يناهز 102 عام لتنتهى رحلة أحد أعظم القادة العسكريين فى العالم، والأب المؤسس لجيش الشعب الفيتنامى. وقد ذكرت صحيفة «الدايلى تليجراف» البريطانية فى سياق تقريرها عن البطل الفيتنامى أن جياب الذى رحل عن عمر تجاوز المائة عام كان قائدا عسكريا فذا، وخبيرا متميزا فى الخطط الحربية، كسر أنف جيوش فرنسا وأمريكا واليابان وأخرجها من بلاده، وأضافت الصحيفة أن جياب عُرف بأسلوب حرب العصابات الذى تميز به، وجعله يتفوق على الجيوش الكلاسيكية، وقد حقق نجاحه بهذا الأسلوب، وإن كانت تكلفته عالية من حيث الخسائر البشرية، أما ستانلى كارنو الصحفى والمؤلف الأمريكى فكتب أن عبقرية جياب كاستراتيجى عسكرى تضعه فى نفس المرتبة مع عظام القادة العسكريين مثل الدوق ويلنجتون والجنرال ماكارثر وغيرهم. ولد جياب فى 25 أغسطس عام 1911 لأب مزارع، ودرس الاقتصاد السياسى، قبل أن يعمل مدرسا للتاريخ والأدب فى إحدى الكليات، انضم لحزب الهند الصينية الشيوعى، ثم فر إلى الصين عام 1939 حيث التحلق ب «هوشى منه» القائد الفيتنامى الذى كان يخطط للقيام بثورة فى بلاده ضد الاستعمار الفرنسى، فى تلك الأثناء حدثت مأساة لجياب أشعلت غضبه ضد الاستعمار الفرنسى، حيث توفيت زوجته التى بقيت فى فيتنام مع ابنها الصغير فى سجن فرنسى. عاد جياب مع هوشى منه إلى غابات فيتنام الشمالية عام 1941 ليدرب جيشا من الجنود الفلاحين الثوريين، حيث اتبع تكتيكات حرب الميليشيات بإلهام من الزعيم الصينى «ماو تسى تونج»، وركزت تلك التكتيكات على ضرورة الحصول على الدعم الشعبى، وأهمية الكر والفر، وتوافر العزيمة لخوض حرب طويلة، حتى استطاع عام 1954 إلحاق هزيمة فادحة بالقوات الفرنسية الاستعمارية فى معركة «ديان بيان فو». لم يؤد الانتصار على الفرنسيين إلى استقلال فيتنام، بل اشتغلت العداءات والنزاع بين الشمال الشيوعى والجنوب المدعوم من قبل الولاياتالمتحدة، فقام جياب بقيادة قواته ضد أمريكا وحلفائهم فى جنوب فيتنام حوالى عشرين عاما حتى أسقطهم فى معركة سايجون عام 1975، وأدت الحرب لمقتل 58 ألف أمريكى و3 ملايين فيتنامى على الأقل، وقد أدى انتصار جياب على الأمريكيين إلى إضفاء هالة اسطورية عليه فى العالم كاستراتيجى عسكرى محنك، ما ألهم العديد من الحركات التحررية فى العالم. على الرغم من نجاحاته العسكرية العظيمة، إلا أن الحزب الشيوعى الذى تولى السيطرة على فيتنام الموحدة حاول إبعاده عن الحياة السياسية والعسكرية، فتم إبعاده عن قيادة الجيش، ثم طرده من المكتب السياسى للحزب الشيوعى عام 1982، وفى عام 1991 أقيل من اللجنة المركزية للحزب. ورغم ابتعاده عن العمل السياسى وكبر سنه، إلا أنه كان ينتقد باستمرار تجاوزات النظام وفساده، وقد عاش سنواته الثلاثة الأخيرة فى المستشفى العسكرى. ومن المعروف عن جياب أيضا أنه كان صديقا تاريخيا للزعيم الفلسطينى ياسر عرفات، وكان داعما كبيرا للقضية الفلسطينية، كما كان داعما لحركات التحرر فى العالم الثالث.