التنظيم والإدارة: 59901 متقدم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    محافظ القاهرة يؤدي صلاة الجمعة بمسجد السيدة زينب    إنفوجراف| أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الجمعة 17 مايو    تيسير إجراءات استيراد المكونات الإلكترونية للشركات الناشئة بمجال التصميم الإلكتروني    اتحاد الغرف العربية: 36% نسبة الفقر في المنطقة.. والسلام مفتاح تحقيق التنمية    من بوابة «طلاب الجامعات».. بايدن يسعى لأصوات الأمريكيين الأفارقة بانتخابات 2024    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    سقوط المتهمة بالنصب على المواطنين ب «شهادات تمريض مزورة» في الغربية    جمارك الطرود البريدية بقرية البضائع تضبط 3995 قرص ترامادول داخل كمبروسر    متحف تل بسطا بالزقازيق يفتح أبوابه مجاناً للجمهور غدا    منهم يسرا وعدوية.. مواقف إنسانية لا تنسى للزعيم عادل إمام يكشفها النجوم    «الصحة» توجه نصائح لحماية المواطنين من مضاعفات موجة الطقس الحارة    لأطفالك.. طريقة عمل ميني الكرواسون بالشوكولاتة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    قتلى وجرحى.. كتائب القسام تعلن استهداف ناقلة جند إسرائيلية في جباليا    أنشطة وفعاليات متنوعة.. معهد إعداد القادة يرسم ملامح جيل واعٍ ومبدع    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    البيئة: بعثة البنك الدولي تواصل مناقشة نتائج تقييم ممارسات إدارة مخلفات الرعاية الصحية بالمستشفيات الجامعية    "بعد 4 أشهر من وفاة والدته".. حفيظ دراجي ينعى أحمد نوير مراسل بي إن سبورتس    خمسة معارض ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    تجديد تكليف مى فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    سموتريتش: السيطرة على غزة ستضمن أمن إسرائيل    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    كوريا الجنوبية: بيونج يانج أطلقت صاروخًا باليستيًا تجاه البحر الشرقي    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    رئيس جهاز أكتوبر الجديدة يتابع مشروعات الإسكان والمرافق    توريد 192 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    أستاذ تمويل يكشف توقعاته بشأن ارتفاع سعري الذهب والفائدة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى حديث خاص عمره 35عامًا..السادات يفسر ما يدور حول مصر
نشر في أكتوبر يوم 06 - 10 - 2013

لماذا؟ بعد 35 عامًا من هذا الحوار الذى أجراه الأستاذ أنيس منصور مع الرئيس السادات فى 12 مارس 1978 حول الأوضاع فى المنطقة العربية ورؤيته لمستقبل مصر ومستقبل الوطن العربى، وعقب الأحداث التى تشهدها المنطقة بعد ثورات الربيع العربى وجدنا أن حديث الرئيس السادات يشخص ما يحدث حاليًا وكأنه مازال بيننا.
ليس أسهل من أن ترسم لوحة فنية قبيحة.. وليس أسهل من أن تنظم قصيدة مكسورة الوزن مضطربة القافية.. وليس أيسر من أن تنظر إلى خريطة الشرق الأوسط وتقول.. لغز ملفوف فى فزورة ملفوفة فى طلسم!
ولكن المطلوب أن نفهم، لكى نشرح للآخرين.. وأن نشخص الداء معا، لنعالجه معا أيضًا.
وكان لابد أن يشيع الرئيس السادات الضوء والوضوح فى معميات السياسة العربية والتحليل السياسى لما يمشى بيننا، ويجرى حولنا.. وقد اهتدى الرئيس السادات إلى دلالات بارزة تكونت منها رؤية جديدة الحاضر ورؤية مشرقة للمستقبل.. ولكن بشرط أن نستغل كنوزا دفينة تحت جلودها: إنها طاقاتنا البشرية فى نهضة مصر وأمنها وبنائها بالعمل والأمل ومزيد من العمل..
* سيادة الرئيس.. الصورة التى أمامنا فى العالم العربى غير واضحة.. وقد وصفها أحد المحللين السياسيين بأنها لوحة سيريالية.. وأنها مجموعة من البقع السوداء والحمراء وأنها متداخلة غامضة.. وقال محلل آخر: إن ما يجرى فى الشرق الأوسط أقرب إلى الحفلات التنكرية.. فالأقزام يرتدون ملابس العمالقة وهم لذلك يتعثرون فيها.. أما العمالقة فيمشون وصدورهم عارية.. وبقية الأوصاف لا تخرج عن معنى واحد: أن الضباب يلف الشرق الأوسط وأن الضياع نهاية مؤكدة.. فكيف ترى ذلك؟
** من الممكن أن يقال ذلك، ولكن عيب هذه الصور أنها تبسيط شديد ومخل أيضا، وهذا التبسيط فادح الثمن. لأن الثمن على حساب الحقيقة أو خصمًا منها.. ومن الممكن أن تكون مثل هذه التعبيرات: كالضباب والضياع كلاما نضعه تحت هذه اللوحة.. ولكنه لا يفيد ولا يريح أحدًا من المتفرجين أو القراء.. أما تصحيح هذا الموقف فهو أن نسأل انفسنا قبل أن نسأل الذين جعلونا متفرجين على بلادنا وعلى مصيرنا: ما معنى هذه اللوحة؟ وما مدى انطباقها على الواقع؟ وما الذى شعرنا به ونحن نتفرج عليها.. وهل هذا هو دور الرسام والمحلل السياسى.. هل دوره أن يضيف الضياع إلى الضباب ويقدم الاثنين معا فى لوحة واحدة؟ فإذا فعل ذلك فما الذى أضافه إلى الحقيقة.. أو ما الذى كشفه لنا من الحقيقة.. لأننا سوف نطالبه بعد ذلك بالعلاج.
* هل من الممكن أن يكون هناك علاج بلا تشخيص؟ ومن الذى يشخص الداء ومن الذى يعالجه؟
** إن هناك غلطة يقع فيها المحللون السياسيون.. وهى أنهم يستعيرون أقلام الكتاب الأجانب وعيونهم أيضًا وينظرون إلى واقعنا العربى.. ثم بعد ذلك وبسبب ذلك يحدثوننا عن شىء لا وجود له.
وكصحفى قديم أقول لك: إن هناك نوعين من الكتابة السياسية: التحرير السياسى والتحليل السياسى.. فالتحرير السياسى.. هو أن يلتقط الإنسان خبرا ثم يعلق عليه بسرعة.. وهذا مطلوب. ولكن عيبه أن يكون الكاتب عبدا لوكالات الأنباء والإذاعات. لأنها هى التى تهزه وتثيره وتحرك قلمه ويده.
أما التحليل السياسى فهو أن يتلقى الكاتب أخبارا ومقالات ومعلومات ويحللها ويرتبها ويدرسها ويفرز الصحيح بعيدًا عن الكاذب ثم يرى الأرضية التاريخية وبعد ذلك يكتب على مهل وبمنتهى العقل. والتحليل السياسى ليس تشخيصًا فقط.. وإنما هو تشخيص وعلاج أيضًا.
فإذا كان المحرر السياسى كالنملة تكدس احتياجاتها. فإن المحلل السياسى كالنحلة تتنقل بين المصادر وتجمع من كل مكان ما تقدر عليه ثم تفرز شرابا سائغا مقبولا..
ولا أقول إننا ضحايا أخطاء مهنية - أى أننا لا نفرق بين التحرير السياسى والتحليل السياسى. ولكننا ضحايا ما يكتبه الأجانب، بحسن نية، أو بسوء نية..
فالمحللون السياسيون الأجانب.. ربما كانوا على درجة أكبر من البراعة والشمول.. ولكن عيبهم أنهم أجانب عنا. وأنهم يرون من بعيد وأنهم لا يخلون من غرض.. وأن الذى يفعلونه ليس تحليلا سياسيا وإنما هو «تشهير سياسى» أى تحليل شرير عنيف. لأن الأمر لا يعنيهم فى الدرجة الأولى. ولكنه يعنينا فى المقام الأول.
ولذلك استعرنا أساليبهم فى الكتابة، واستعرنا نظراتهم إلى أنفسنا.. ونسينا أننا نحن أيضًا يجب أن نرى وأن نحلل ولكن مع الاحترام العظيم لأنفسنا، ومع الأمل الكبير فى مستقبلنا.. فتلك أمانة قلم. وضرورة حياة، وواجب قومى أيضًا.
* سيادة الرئيس.. ولكن هل ترى أنه إذا قيل مثلا إن الأمة العربية ممزقة. وأنه لا توجد شقيقتان متجاورتان متفقتان على خطة أو هدف. هل ترى أن هذه الصورة الواضحة جدا غامضة أيضًا وأننا نقلناها عن الغرب وأننا بذلك نتجنى على الحقيقة؟ فلا اتفاق بين سوريا والعراق، بل إنهما أشد عداوة من روسيا والصين. ولا اتفاق بين ليبيا والجزائر أو بينهما وتونس إلى آخر الدول العربية؟
** حتى هذا لا أراه جديدا.. فهناك فارق بين أن تقول إن العالم العربى ممزق، وبين أن يقال إنه ازداد تمزقا.. والذين يقولون ذلك يجب أن نسألهم: ومتى كان العالم العربى موحدا أو متحدا اتحادا فيدراليا أو كونفيدراليا؟. إنه لم يكن قط، وإن كنت لا أستبعد أن يكون متحدا بشكل أقوى فى المستقبل..
فالعالم العربى كان ممزقا قبل المبادرة. بل كان ممزقا قبل حرب أكتوبر وأثناءها وبعدها..
ولننظر إلى الدول التى تسمى نفسها دول الرفض.. ليبيا مثلا: عارضت فيه حرب أكتوبر، قبل قيامها وبعد قيامها وبعد انتصارنا ولاتزال. ولم تكتف بمجرد رفض حرب أكتوبر.
وإنما اتخذت موقفا إيجابيا - صحيح أنه موقف تافه لا قيمة له. ولكنه كان موقفا رفضت فيه الدعم ورفضت أى عمل حربى موحد. وشوهت أى إنجاز حقيقى. ورغم حماس القذافى الهائل لاستخدام البترول سلاحا فى الحرب لم يشترك فى حظر البترول..
وربما كان العراق أشرف من ليبيا، لأن العراق قد أعلن بصراحة أنه لن يشترك فى حظر البترول، موقف العراق لا يختلف عن موقف ليبيا إلا فى درجة الصراحة.. فليبيا أدارت وجهها وقالت: لا .. والعراق حملق فى وجوهنا وقال: لا!
والعراق لم يشترك فى الدعم إلا بمائة مليون. ولا أعرف يقينا إن كان قد سدد هذا المبلغ حتى الآن أم لا!
والذين يستعيرون أسلوب الأجانب فى التفكير يقولون لك: إن ليبيا تملك من عائدات البترول تسعة مليارات دولار. وهذه قوة هائلة.
صحيح إنها قوة هائلة، ولكن كم منها يعود على المعركة أو يبذل فى الدعم؟ لا شىء .. فهى بفلوسها وبغيرها ليست قوة وإنما هى انعدام قوة وانعدام وزن أيضًا.
والجزائر تقع على مدى أربعة آلاف كيلومتر من خط المواجهة، وقد كان للرئيس بومدين دور أشدت به أثناء المعركة، وهى محاولة منه ليكون له دور زعامى عربى، فى الشرق أو الغرب، ولكن المشكلة بالنسبة لبومدين أنه لا يستطيع أن يؤثر فى الموقف العربى فهذا طموح غير معقول وهو دور أكبر منه بكثير.
أما سوريا فقد دخلت الحرب وخرجت بعد أيام..
وكانت سوريا لا تريد أن تدخل الحرب، فقد طلبت وقف إطلاق النار، قبل إطلاق النار بيومين، هذه حقيقة مؤكدة، وقد أشرت إلى ذلك كثيرا، وإن كنت حاولت تخفيفها ولكن سوريا طلبت وقف إطلاق النار ثلاث مرات ولم أصدق ذلك، وجاء رد من حافظ الأسد يؤكد أن الروس يكذبون.
ولكن عندما ذهب وزير خارجيتنا إلى موسكو استقبله برجنيف وسأله: لماذا يغضب السادات منا؟ لماذا تصور أننا نخدعه؟
ثم مد يده وأعطى وزير الخارجية المصرى: نص الطلبات الثلاثة التى بعث بها الرئيس الأسد لوقف إطلاق النار.
ثم ادعى حزب البعث أننى أنا الذى أوقفت إطلاق النار، واعترض على فك الاشتباك الأول ثم باركه، واعترض على فك الاشتباك الثانى ثم هلل له: أى أنه اعترض على كل ما تقوم به مصر ورفضه.. وأخيرا أيده وارتمى عليه.
فلم يتغير شىء.. فالذين وقفوا مع مصر ما يزالون معها، والذين عارضوها واعترضوا عليها، مايزالون كذلك.
وسوف تظل هذه القاعدة التاريخية النفسية صحيحة أبدا: كلما كانت الدول صغيرة، كانت عقدها كبيرة!
* شكرا على هذا التوضيح.. فأنت تؤكد وجود هذا التمزق، وبذلك ترد على الذين توهموا أنهم اكتشفوه، ففرحوا بهذا الاكتشاف وردده من ورائهم ببغاوات التحليل السياسى.. ولكن لو عدنا إلى القول معهم: إن بين الدول العربية دولا تقدمية ودولا رجعية، وأنها اتخذت موقفها من حرب أكتوبر ومن المبادرة استنادا إلى معتقداتها السياسية، فهل نحن نخاطر مرة أخرى بكلمات التقدمية والرجعية.. كما خاطرنا قبل ذلك عندما استخدمنا التمزق والضياع والضباب؟
** لابد من التوضيح والتصحيح.. فكل كاتب أو مفكر حر فى أن يستخرج من القاموس ما يعجبه من الكلمات.. بشرط أن يكون واضحا.. وأن نتفق معا على مدلولات الألفاظ.. أو على نوع العملة التى نتداولها.. وهذا مطلب معقول ومقبول فىكل حوار، بل إنه شرط أساسى لإجراء الحوار. بقصد الوصول إلى معنى عام.
لنسأل أنفسا أيضا: هل ليبيا والجزائر وسوريا والعراق دول تقدمية؟ هل استطاعت دولة واحدة من هؤلاء أن تفعل ما تفعله مصر؟ كأن تطلق حرية الكلمة وأن تهدم المعتقلات وأن تجعل القانون سيدا على الجميع. وأن تجعل الدولة قائمة على المؤسسات وأن تسمح بقيام الأحزاب؟
هل التقدمية معناها أن نقف ضد الدولة التى تريد أن تحرر إرادتها من أى سلطان أجنبى؟ هل التقدمية إلغاء الدعم أو وقفه؟ هل التقدمية هى الإرهاب وخطف الطائرات واغتيال الحمامى فى لندن ويوسف السباعى فى نيقوسيا؟.
هل التقدمية أن يقوم الاتحاد السوفيتى بحظر السلاح على مصر. كبرى الدول العربية وأقدرها على التأثير فى مسار الأحداث وفى صنعها كانت وسوف تبقى كذلك ولو كره الكافرون بعظمة مصر!
إن الغلطة التى نقف أمامها، ومن الضرورى أن نقف طويلا، هى غلطة عقلية. غلطة أطال الكسل عمرها. فهناك «مسلمات» خاطئة قد تمسكنا بها سهوا أوعمدا.
من ضمن هذه المسلمات الخاطئة أن قيل لنا يوما إن مصر دولة زراعية.. أى يجب أن تبقى كذلك بينما أصبحت مصر دولة صناعية وزراعية أيضا.
وقيل لنا: إن مصر هبة النيل. أى أن النيل وحده هو الذى يرويها ويوسع رقعتها الزراعية، ولكننا استطعنا بعد ذلك أن نجعل النيل هبة مصر وأهل مصر . فأقمنا عليه السدود وتصرفنا فى مائه بالعقل وولدنا منه الطاقة وسوف نوسع الأرض الزراعية.
وقيل: إن الجندى الإسرائيلى لايقهر، وقهرناه، وقيل: إن قناة السويس أكبر عائق مالى. لايمكن أن تتخطاه وتخطيناه وهدمنا عائقا مسلحا هو خط يارليف.
وقيل لنا: دول رجعية ودول تقدمية.. وقد رأينا مافعله أدعياء التقدمية. أما الذين وصموهم بالرجعية كالسعودية وإمارات الخليج فهى التى وقفت معنا قبل الحرب وأثناءها وبعدها. وهى التى دعمت المعركة ولاتزال وهى التى استخدمت سلاح البترول. فهل هؤلاء رجعيون لأنهم يساندون كفاحنا من أجل تحرير أرضنا وارادتنا؟
وقبل ذلك كنا نقول إن اسرائيل دولة «مزعومة» وتعاطينا هذا التعبير ثلاثين عاما وصدقناه حتى استرخينا عسكريا وسياسيا. وفى أثناء هذا الاسترخاء جاءت اسرائيل وسحبت من تحت أقدامنا فلسطين والجولان والضفة الغربية وغزة وسيناء..
إننا ضحايا إدمان الشعارات الكاذبة والتعبيرات المخدرة باختيارنا. أو دون أن ندرى فكل ذلك موجود فى الصحف والإذاعات العربية واذا كان أحد يريد أن يفتك بالأمة العربية بهزمها على أرضها وسلاحها. فهم هؤلاء المضللون المأجورون أصحاب الأقلام المستعارة!
وهذه الدول التى يتهمونها بالرجعية هى التى أقامت الهيئة العربية للتصنيع». إن هذه الهيئة فى اجتماعها الأخير الذى رأسه الأمير سلطان. ولم يتمكن الفريق الجمسى من حضوره لانشغاله بأحداث قبرص. كانت قمة القومية العربية... فقد قررت هذه الهيئة استراتيجية على أعلى المستويات.. وهى بذلك تحقق أغلى آمال الأمة العربية كلها. دون ضوضاء أو ادعاء. ودون شعارات خرافية.
* هناك اجتهادات كثيرة فى تفسير مبادرة السلام. مقدماتها وطبيعتها ونتائجها.. من بين هذه الاجتهادات أن المبادرة تتفق تماما مع طبيعتك حتى يمكن أن يقال إنها بدأت مع حياتك السياسية فأنت ضد العنف كأسلوب وحيد فى حل المشاكل.. وأنت مع القانون ومع الحرية ومع العدل.. وكلها أشجار زيتون على جانبى طريق السلام.. فهل السؤال عن بداية الطريق الحقيقى لمبادرتك بالسلام يكون سؤالا متأخرا بعض الشىء.. لأن المفروض أن نسألك عن نتائج المبادرة وليس عن مقدماتها؟
** هناك اجتهادات كثيرة سببها طبيعة المبادرة وضخامة حجمها واتساع انعكاساتها وتجددها المستمر الذى يفوق كل ما تصورت.. وكثير من هذه الاجتهادات سمعتها شخصيا. وأحرجتنى جدا فقد ألبستنى أثوابا ضافية أكثر وأكبر مما أستحق.
ولكن استطيع أن أؤكد، وهذا معروف، أنى فى 4 فبراير سنة 1971 أى بعد 22 سنة على بداية الصراع الإسرائيلى العربى. أعلنت استعدادى لاتفاق سلام. واشترطت أن تنسحب إسرائيل على مراحل وناديت بأن يجىء يارنج مبعوث الأمم المتحدة يكمل هذا الانسحاب بين العرب وإسرائيل فى ستة شهور. أعلنت ذلك بمنتهى الوضوح ولكن هذه الدعوة ذهبت مع الريح، لم ينتبه لها أحد.. أو ظنوها كلاما فى الهواء أو عبارة طائشة. أو أحلام يقظة..
وكانت دعوتى معناها.. أن نواجة الواقع. أن نفهم بوضوح أن إسرائيل ليست دولة مزعومة. أن أحدا لن يرميها فى البحر. لا استطعنا فى الماضى. ولا نسطيع فى الحاضر. وأن إسرائيل تقف وراءها أم غنية قوية ترضعها بالصواريخ والذهب وتحميها إلى غير حد هذه حقيقة. وطالبت بأن نذهب إلى أبعد من تقرير الواقع. وذلك بتحريكه وأن يكون تحريكه من أجل السلام.
وعندما طردت الخبراء السوفيت أنما حررت إرادتى وضربت بذلك مثلا لغيرى، وفى نفس الوقت أكدت فلسفتى السياسية فروسيا دولة استعمارية لها أهداف ومطامع فى المنطقة.. إنها نفس اهداف روسيا القيصرية ولكن مع خلاف فى أسلوب العصر. وروسيا القيصرية رورسيا السوفيتية كلتاهما تبحث عن المياه الدافئة فى البحر الأبيض أو الأحمر.
وأمام ما يحدث فى القرن الأفريقى تتكرر نفس عيوبنا العقلية فنحن نغرق أنفسنا فى المسلمات الخاطئة.. فالذين يأخذون الجانب السوفيتى يقولون: حركة تحررية.
والذين يأخذون الجانب الأمريكى يقولون: إن الدولتين تقتسمان القرن الأفريقى وإفريقيا والكرة الأرضية والكواكب الأخرى.
ليكن هذا هو موقف الدولتين العظمتين. فما موقفنا نحن؟ لماذا لانحرر أقلامنا وعقولنا قبل ذلك من تعبيرات وشعارات مسمومة.. شعارات تحذر عقولنا فتتساقط أقلامنا فوق منشورات كتبت وطبعت فى بلاد أخرى غير بلادنا!
وإذا أخطأت أمريكا فى موقفها من القرن الإفريقى. فإن خطأ السوفيت أفظع وأبشع!
* هل لو كررت السؤال عن المبادرة يكون سؤالى واقعيا؟ أى هل من طبيعة المبادرة فى مرحلتها هذه أن تكون لها أخبار مثيرة. أم أن الجانب المثير فيها قد انطوى... أو إذا كان لى أن استخدام تعبيرا حديثا فأقول إن المبادرة مثل سفن الفضاء تحتاج إلى قوة دفع هائلة يصاحبها نار ودخان ودوى. حتى إذا أخذت مدارها حول الأرض هدأت النيران وسكن الدوى... ثم وأن روادها يحتاجون إلى وقت لكى يضبطوا عدساتهم استعدادا لتصوير الأرض والشمس والنجوم على مهل.. هل ترى أن هذه المعانى ينطبق مدلولها على ديناميكية المبادرة الآن.
** تماما.. وإذا كانت حرب أكتوبر زلزالا فى إسرائيل. فإن المبادرة زلزال فى العالم كله... وقد ارتفع مع الزلزال غبار وسالت حمم ملتهبة وانعقدت سحب وهطلت أمطار ولابد من مرور بعض الوقت لتستقر الأرض ويسكن الغبار وتصفو السماء وتظهر الشمس.
وقد أعلنت فى أمريكا أن أمريكا نفسها لا يمكن أن تكون مجرد «شاهد» على عقد يتم بين مصر وإسرائيل ولا مجرد ضامن لمؤتمرات هى طرف.هذه حقيقة.. إلا فكيف نفسر إحياءها وانعاشها وحمايتها لإسرائيل وإلى غير حد، إنها طرف وسوف تبقى كذلك.
وهذا يجرنى مرة أخرى إلى تصحيح التعبيرات الخاطئة التى كانت مصايد منصوبة لأقلامنا عندما قلنا: إن أمريكا مع إسرائيل عدلا وظلما، وأنها ليست على استعداد لعمل شىء. وإذا استعدت فإنها لا تريد، وإذا أرادت فإنها لا تضغط وإذا ضغطت فلكى تعانق إسرائيل أو تقبلها.. إلى آخر ما يقال ويبعث على اليأس.
بينما الواقع يكذب هذا كله، فأمريكا قد أخذت دورا وهى جادة فى التقريب بين الأطراف.
وكنت قد دعوت الاتحاد السوفيتى لحضور مؤتمر القاهرة، فلم يحضر، فلست أنا الذى منعته من المجىء، ولكن الاتحاد السوفيتى هو الذى نحى نفسه عن المشاركة فى التحضير للسلام.
ولا أنا أمريكى ولا كنت روسيا، وإنما مصرى وإرادتى مصرية، وسوف أبقى كذلك، وسوف تبقى مصر كذلك ماحييت.
وبمنتهى الوضوح ودون حرج أقول: إننى أقدمت على هذه المبادرة لأن أحدا قبلى لم يجرؤ عليها، ولن يجرؤ أحد من بعدى.
والمبادرة هى قمة انتصارات أكتوبر.. بل إن المبادرة تاج على رأس أكتوبر لا يعرفه إلا الذين انتكسوا فى حرب 1976.
سيادة الرئيس
* استأذنك فى أن استخدم تعبيرا أجنبيًا شائعا فى وصف ما يدور فى المنطقة العربية، وصفوه بأنه إناء يغلى.. ولأنه يغلى ففيه الأشياء تنقلب تعلو وتهبط وتطفو وترسب وكل شىء فى حركة دائبة. وفى تدفق حيوى مستمر.. فهل ترى هذا الوصف صحيحا؟
** هذا التعبير أو هذا الوصف صحيح إلى حد ما ولكنه ليس دقيقا، فالذى يحدث أخطر وأعمق من أن الإناء تتقلب فيه الأشياء، إن هذه الحركة مغلقة محدودة.. أو إنها على الأصح تتحرك فى دائرة ضيقة مفرغة، وهى لذلك حركة عقيمة، ولكن الذى أراه الآن أروع وأعظم.
فإذا كانت لتاريخ قوانين حتمية، فأول هذه القوانين: ديناميكية التاريخ.. أى حركته إلى الأمام، لأن التاريخ لا يعرف النكوص أو الانتكاس، وإنما هو يتقدم دائمًا.
والذى حدث فى مصر لا رجعة فيه.. لا رجعة فى الحريات.. لا رجعة فى سيادة القانون.. لا رجعة فى الديمقراطية.
لا رجعة فى نتائج انتصارات أكتوبر النفسية والاجتماعية والعسكرية المصرية والقومية.. ومبادرة السلام لا رجعة فيها.. لقد اتخذت مدارها عاليًا..واختارت أسلوبها.. وهى ماضية إلى الأمام بسرعة أو ببطء، ولكنها فى حركة نشطة.. ولن ترجع إلى الوراء.
ولكى نكمل هذه الحيوية الدافقة فى مصر فنحن نتجه الآن إلى إكمال البناء وإكمال تحرير الإنسان من القهر والظلم والفقر والمرض والجهل والخوف.. أى إلى الأمن العام والشعور بالأمان المطلق.. ولم يبق أمامنا إلى تأمين الإنسان من الجوع.. ولهذا سوف نتجه إلى الصحراء.. ننقب فيها ونزرعها ونضيف مساحة خضراء إلى أرض مصر.. لتكون الأرض الجديدة هبة المصريين إلى أمهم العزيزة مصر.
ويجب أن ننفض عن رؤوسنا وهما آخر.. هو أن الشعب عبء على بلده.. وأن الأربعين مليونا يجب اختصارهم بالهجرة أو التهجير أو بالحرب أو بالمرض أو بالقهر.. إن الشعب عبء إذا كان كسولًا بليدًا جاهلًا متراخيًا إن الله قد أودع تحت جلدنا كل حكمته وعظمته.. فالشعب أو الطاقة الإنسانية هى أعظم مناجم مصر، وأعمق ينابيعها.
إن هذه الطاقة الإنسانية تصبح «مادة خام» إذا لم نستغلها.. إذا لم نصقلها.. إذا لم نضعها فى نار العمل وبرد الأمل.. إن الذهب والفضة والبترول فى الأرض «مادة خام» إلى أن يتم تصنيعها وتحليلها.. أى إلى أن يتم استغلالها وبيعها.
إن بلادا كثيرة بلا موارد طبيعية.. ولكن عندها موارد بشرية.. اليابان مثلا بلا مناجم فحم أو حديد.. ولكنها تستورد المادة الخام وتصقلها بقدرتها الإبداعية.. أى باستغلال طاقتها البشرية.. إن الفرق بين المادة الخام الصماء الخرساء العمياء.. وبين الطاقة الموجهة المستنيرة.. كالفرق بين البخار يخرج من ماء على نار.. وبين البخار الذى يدفع القاطرة على عجلات ووراءها عشرات العربات.. إن بخار الإناء أعمى تلقائى.. ولكن بخار القاطرة قوة واعية لها قواعد وأصول.
والشاعر العربى القديم يقول:
والعود فى أرضه نوع من الحطب
أى أن «عود البخور: حطب فى الأرض ولكن إذا دخل النار كانت له هذه الرائحة الزكية!
والذى نفعله الآن هو إكمال لمستقبل مصر الذى يجب أن يعتمد على سواعد أبناءها.. نبنى المدن ونرصف الطرق ونشق القنوات ونعمق التربة.
فى كلمة واحدة: إن مصر فى حالة مخاض.. أى أنها فىالحالة التى تسبق الولادة الصحيحة المؤكدة. وكل الأطباء يؤكدون أن مصر أمنا فى صحة جيدة، وأن مولدها سليم صحيح معافى بإذن الله.
إننا فى الريف نعرف معنى أن نمخض اللبن.. أى أن نهزه حتى تتكون الزبدة.
ونعرف المخاض أى تلك الآلام التى تسبق الولادة. والتى يصر الأطباء على أنها ضرورية وعلى أن الأم يجب أن تصرخ لأن الصراخ والتنفس العميق يساعد على الولادة نفسها.. فهى سابقة على الولادة وشرط لسلامة الوالدة والمولود.. ولذلك فليست المبادرة هى أخطر ما حققته مصر.
ولكن هذه العوامل معا هى أعظم وأروع ما استطاع شعب مصر أن ينجزه. وليس غريبا ولا عجيبًا على أبناء مصر أن يحلموا بمستقبل أروع فى الثمانينات عندما نضاعف عائدات القناة وثروتنا البترولية مع وفرة الطعام لكل فم والسلام لكل أم.. ودول الرفض أخوف ما تخافه هو هذا المخاض الذى فى مصر، لأن دول الرفض لم تحقق شيئا.. إنها تخاف أن تمشى وراء مصر.. إن أحدا من حكامها المستميتين على مقاعدهم بأى ثمن لا يجرؤ على إطلاق الحريات ولا أن يجعل القانون سيد الجميع, ولا أن يدع الزهور من كل نوع تتفتح - كما قال ماتوسى تونج.. فالذى تحقق فى مصر هو أعظم ما يفزع هؤلاء الذين يحكمون شعوبهم بالإرهاب.
وإذا كان الأطباء يقولون إن المرض يعدى فإن المؤرخين يرون أن الصحة تعدى أيضًا.. ولذلك فلا مفر من أن تنتقل عدوى الصحة والتصحيح إلى كل اتجاه.
وإذا نظرنا إلى المبادرة وجردناها من كل مزاياها وكنا قساة على أنفسنا فإن أقل ما نرضى به هوان المبادرة قد أرتنا أنفسنا فى سنة 1997 أى بعد عشرين عاما من إعلانها.. وما دمنا قد اختصرنا هذه السنوات العشرين من عمرنا السياسى.
وأضفناها إلى أعمارنا وأعمار أجيال من بعدنا. فعلينا أن نمضى فى دفعها ورعايتها. ومن المؤكد أننا لم نخسر شيئا، ولن نخسر شيئا.
وقرار المبادرة لم أتخذه كرئيس لدولة أو زعيم لحزب أو فليسوف لمذهب. وإنما اتخذته كرئيس لعائلة مصرية كريمة شريفة. يسعدنى أنها اختارتنى, وكان اختيارها شرفا.. وإذا كان هناك بعض الصغار بين أفراد العائلة، فلكى يتأكد لدينا دائما أنها عائلة طبيعية.. وأنها ليست عائلة حزبية مصطنعة أو مزورة.. لكن فى النهاية لا يصح. ولم يصح، ولن يصح. إلا الصحيح.
وما كان أسهل على نفسى أن أتوقف عند انتصارات أكتوبر وتخطيط الدولة حتى نهاية القرن.. ثم أجىء عند نهاية ولايتى فى سنة 1982 إن كان لى عمر.. وأترك كل شىء للرئيس الذى بعدى.. فاترك له بلدا متطورا وجيشا عظيما منتصرا.. بدلا من أن أترك له ميراثا ثقيلا أسوء من ذلك.. غير أن نفسى لم تطاوعنى لأتوق لحظة واحدة عن القيام بما أراه واجبا أخلاقيًا ووطنيًا وقوميًا إنى حريص على أن تكمل مصر معالم «عملقتها فى الداخل والخارج، مصريا وعربيا وعالميا.
* فى حديث سابق قلت وأنت تتحدث عن قادة الكرملين، إن برجنيف أفضلهم لأنه أكثرهم حكمة سياسية.. قلت إنه إذا عادت العلاقة بين مصر والاتحاد السوفيتى فسوف يكون الفضل فى ذلك لهذا الرجل.. وقد فسرها السياسيون والدبلوماسيون الأجانب على أنها إشارة إلى احتمال عودة العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى أو مقدمة لذلك.. فهل هناك تقارب بين مصر والسوفيت أو بين السوفيت ومصر.
** إننا لم نقطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتى، رغم كل ماحدث.. وإنما نحن سحبنا السفير المصرى فقط.
وإن كنا قد فعلنا شيئا آخر مع دول الرفض. فقد اضطررنا آسفين إلى قطع العلاقات معها.. لأن رؤساء هذه الدول قد تجاوزوا حدود الأدب.. وعمدوا إلى إهانة مصر وشعبها والتنكر لدورها التاريخى.. ولذلك لم نجد العلاقات معها وإنما قطعناها نهائيا. لننظر ما الذى يمكن أن تفعله هذه الدول بأحجامها الحقيقية دون سند من مصر.
ولكن إذا أراد الاتحاد السوفيتى أن يستأنف علاقاته معنا على أساس من الاحترام المتبادل.. فليس عندى مانع مطلقا.
وحتى بالنسبة لدول الرفض ليس عندنا أى مانع.
ولكنهم - كما هو واضح - لم يؤثروا فى المعركة.. لا قبل وقوعها ولا أثنائها ولا بعدها.. وعليهم من الآن أن يواجهوا - أرادوا أو لم يريدوا - آلام المخاض والمخاض والولادة فيما يعد.. وهذه حتمية التاريخ.
* فإذا لم تستجب الحكومة الإسرائيلية فى الشهور القادمة لروح المبادرة فما الذى يعقب ذلك؟
** إن هذا لا يعنى أن مبادرة السلام قد توقفت فى أو حتى تعثرت ولكن يعنى أنها فى حاجة إلى وقت.. وأن «الطبخة» ما تزال فى حاجة إلى نار هادئة.. ثم أن العلاقة بين مصر وإسرائيل ما تزال قائمة حتى أكتوبر المقبل.. ففى ها الشهر تنتهى اتفاقية فض الاشتباك الثانى ووجود قوات الطوارىء الدولية بين مصر وإسرائيل فلننتظر لنرى ما سوف يحدث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.