نؤكد فى البداية أن الظاهرة منتشرة أو زاد معدل انتشارها فى الشهور والسنوات الأخيرة.. ونعتذر عن استخدام وصف الشيخ على هؤلاء النصابين الذين يرصدهم هذا التحقيق وما أوردنا الوصف إلا لتوضيح أنهم يروجون ويسوقون أنفسهم به مستغلين عاطفة المصريين الدينية ولجوء بعض الضحايا للغيبيات حال فشلهم فى الشفاء بالطرق المعروفة وعند الأطباء المعترف بهم. ومن باب الموضة أيضًا إطلاق هؤلاء الدجالين على أنفسهم تسمية معالج روحانى.. يضعونها مسبوقة لكنية الشيخ من باب حبك «النصبة» وإدخالها على الزبون هذه بعض صفاتهم.. وتكشف السطور التالية طريقتهم فى النصب على ضحاياهم. ومن هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم كمعالجين روحانيين الشيخ أبو مهند، هكذا تقول الإعلانات عنه، أما هو فقال لنا إن ما يقدمه علاج خاص بالأمراض التى تسببها الأرواح الشريرة من الجان والشياطين وأيضا علاج الحسد والسحر وقال إن السحر يعتمد على تسليط نوع معين من الجن والشياطين لإيذاء شخص معين. وأضاف: وظيفتى هى أن أقوم بعلاج الشخص المصاب بالمرض الروحى فأقوم بالكشف عليه بطريقة روحانية بحتة وأتعرف عليه إذا كان مسحورا أم لا فإذا كان مسحورا يظهر لى علامات على المريض أعرف من خلالها نوع السحر والشخص الذى قام بعمل السحر وعدد الأرواح الشريرة التى بداخل المريض وإذا كان محسودا يظهر لى أيضا علامات على المريض واعرف الشخص الذى قام بحسده. وبعد ذلك أقوم بالعلاج عن طريق قراءة بعض الآيات القرآنية بطريقة معينة تؤدى إلى ظهور الروح التى بداخل المريض وحينها يقوم المريض بالتحرك حركات غير إرادية كالاهتزاز أو التشنج ثم أقوم بعد ذلك بقراءة آيات لإنطاق الروح الشريرة الساكنة داخل المريض، حيث إنه من الممكن أن ينطق بصوت مختلف عنه صوته تماما فمن الممكن أن ينطق بصوت أنثى أو رجل أمى ينطق أو يتحدث الانجليزية بطلاقة. فإذا خرجت الروح بسلام تركتها تذهب وشأنها وأن لم تخرج أقوم بتلاوة بعض الآيات القرآنية بطريقة معينة وهى آيات إحراق تؤدى إلى إحراق الروح الشريرة الساكنة داخل المريض. الغريب أن الشيخ مهند رفض آراء رجال الدين والعلوم الشرعية فى عمله، وكذا رفض عدم قانونية النشاط الذى يمارس ويجنى من وراءه الموال ودافع عن نفسه بشدة، فقال: هناك من يتهمنا بالنصب والدجل وهذا بسبب انتشار شيوخ النت والإعلانات الفضائية فهم يسيئون للمهنة و كل مقصدهم هو تحقيق الكسب المادى والأرباح وليس علاج المرضى. والأكثر غرابة هو ما كشفه لنا حين قال: أما أنا فتعتمد طريقة علاجى على القرآن والخواتم المسخرة والأساور المسكونة وهى طريقة ناجحة فى العلاج فمن أشهر الأساور التى أقوم ببيعها وعليها إقبال كبير من الزبائن هى أسورة جلب الرزق والغنى عن الناس وأسورة إبطال جميع أنواع السحر والتحصين منه نهائيا وأسورة جلب الخُطاب فورا التى يقبل عليها البنات كثيرًا وأسورة علاج الحسد نهائيا وهى مصنعة من الأحجار الكريمة بطريقة معينة ومقروء عليها. والخواتم هى أيضا من أفضل طرق العلاج والتحصين ويطلبها منى الرجال كثيرا والشباب فهى خواتم مسكونة بالجان الذى يقوم بحماية صاحب الخاتم من أى نوع من الحسد أو السوء أو النظر أو السحر. الأمراض وعن أنواع الأمراض التى يعالجها الشيخ أبو مهند ويأتى له عديد من المرضى المصابين بها، قال هى تأخر الزواج عند الإناث التى تصاب بسحر وقف الحال أو عقدة الزواج وينتشر هذا النوع من السحر فى المناطق الريفية وأقوم بعلاجه عن طريق قرائه بعض الآيات على المريض لفك هذا السحر الملعون. ويعالج الشيخ مهند أيضا جلب الحبيب أو المحبوبة، حيث يتوافد عليه العديد من الشباب الذين يطلبون منى تقريب من يحبون لهم ويكونون بمثابة الخاتم فى الإصبع وذلك بطريقة روحانية وهى أن يجلس الشاب بعد المغرب فى مكان معتزل الآخرين ويشعل عودا من البخور طيب الرائحة وبعدها ينطق بعض الكلمات الروحانية الغريبة مثل (دوح وخطف) عدة مرات ثم يخطف بيده اليمنى من الهواء ويضعه فى يده اليسرى وهكذا اليمنى وكأنه يقبض على قلب محبوبته ويقول خطفت قلبك يا فلانة بنت فلان بالحب السارق والتهيج الحارق وعلى محبتى وطاعتى فى الوقت والساعة. أما مشكلة رجوع الزوج لزوجته فقد أكد أبو مهند أنه يقوم بالكتابة على ورقة بيضاء بعضا من الطلاسم بماء الزعفران وماء الورد ويعلق على البيت فى حينها يرجع الزوج إلى زوجته حالا. وأيضًا يقوم بكشف الأمور المخفية مثل الغائب والسارق والمخفى ويحدد أماكن الأشياء المسروقة ومن سرقها وفى أى وقت ويعالج أمراض الظهر، بالإضافة إلى علاج وقف النزيف عند السيدات، حيث يقوم بالكتابة على رغيف خبز ثم يقوم بإطعام السيدة المصابة فيتوقف النزيف فى نفس الوقت تمامًا. وأشار أبو مهند أن هناك إقبالا كبيرا على المعالجين الروحانيين من مختلف طوائف المجتمع كبار السن حتى الأطفال عمر الشهور فالكل لديه أمراض روحانية يريدون علاجها. قاهر الجن ومن الشيخ مهند إلى الشيخ عزت الملقب بقاهر الجن وهو أحد المعالجين الروحانيين الذى قال لنا شارحًا فلسفة عمله إن الإنسان عبارة عن روح وجسد وأن هناك أمراضا تصيب الروح وأمراضا تصيب الجسد والأمراض التى تصيب الروح والتى يسمونها بالمرض النفسى أو الطب النفسى وفى الحقيقة لا يوجد شىء يسمى المرض النفسى وإنما هو مرض روحى وأنا أقوم بعلاج الأمراض التى تأتى للروح وهى الحسد والعين والنفس والمس والسحر وما ينتج عنها من أمراض عضوية، حيث إن هذه الأمراض الروحية قد تتحول إلى أمراض عضوية مثل الفشل الكلوى ويكون سبب هذا المرض إن تكلف روح شريرة بإيذاء شخص وتدمير كليته عن طريق احتباس البول فتترسب المياه فى الكلى. وأضاف عزت بلهجة تأكيد أن 90% من المرضى فى المستشفيات هم مرضى روحانيون مصابون بأمراض روحانية تحولت إلى أمراض عضويه مثل الحسد والعين والسحر. فعلى سبيل المثال تقوم سيدة بحسد سيدة أخرى لطول شعرها فيخرج شيطان من عينها يمنع وصول الغذاء إلى الشعر حتى يتلف ويدمر. الحقيقة وسوق العلاج بهذه الطريقة لا يقتصر على أبو مهند وعزت، فهناك المئات غيرهم الذين يعتمدون على جهل المرضى أو حاجتهم وحاجة ذويهم للشفاء، والسؤال: ما هو موقف الدين من مثل هذا وعلى ما إدعاه هؤلاء المعالجون الروحانيون ذكر د.محمود الرضوانى أستاذ العقيدة والأديان وعميد دار العقيدة المصرية للتعليم عن بعد أن من يدعون أنهم معالجون روحانيون نصابون ودجالون لأن هذه الروحانيات التى يتكلمون عنها هى روحانيات الشياطين والجن وأغلب هذا الكلام يأتى من كتب السحر والشعوذة مثل كتاب (خاتم سليمان) وهو من أشهر كتب السحر ومصدر هذا النوع من العلاج هو الشيعة ومأخوذ عن اليهود وهو منتشر فى العراق بشكل كبير. حيث يستخدم هؤلاء القرآن استهزاء به وليس للعلاج فيضعونه فى أختام وبعد ذلك تغمس هذه الأختام فى سوائل نجسة مثل المجارى، مشيرًا إلى أن هناك بعض الناس ممن ليس لديهم وعى بالدين يلجئون إلى مثل هؤلاء الدجالين فالمعالج الروحانى ساحر من ضمن السحرة حتى لو كان يستخدم القرآن. دجالون ومشعوذون والشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا يؤكد أنه لا يستطيع أحد معرفة الغيب لأنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى وأن من يدعون أنهم يعلمون الغيب ويجلبون الرزق ويعالجون المرضى هم دجالون ومشعوذون. وإلا لو اطلع الله أحد على علمه فكان أولى بذلك الملائكة والأنبياء ولكن الله قال للملائكة إنى أعلم ما لا تعلمون فكيف يعطى علمه لرجل لا يعلم أمن حلال آكل آمن حرام؟ وقال الأطرش لا مانع أن يأخذ الإنسان من القرآن ما يشاء حيث قال الله تعالى (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة). وعلى الإنسان أن يأخذ بالأسباب أما من يدعون أنهم يستطيعون جلب الرزق فالأرزاق بيد الله وحده ولا دخل لإنسان على وجه الأرض فى تحديد الرزق أو منعه لشخص آخر. وقال الأطرش إن استخدام الرقية الشرعية فى العلاج معترف بها حيث قام جبريل برقية سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وكان أيضا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يرقى بالفاتحة ولكن العبرة فيمن يقرأها. وعن الأحجبة التى يستخدمها الدجالون الروحانيون فقد ذكر الأطرش بأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال من علق تميمة فلا أتم الله له والقرآن لم ينزل حتى يعلق فى أحجبة وتمائم إنما نزل للتعبد والتفقه فيه ولم ينزل ليعلق على صدور الحيض والنفساء. مرضى نفسيون فى حين عرف د. تامر العمروسى أستاذ الطب النفسى جامعة عين شمس أن المعالجين الروحانيين هم من يدعون أن لديهم قدرة على علاج أمراض ومشاكل تعدت حدود البشرية ودخل فيها عالم الجن مع البشر وأن المعالج الروحانى الهدف الأساسى من عمله هو جنى الأموال فقط لا غير والاتجار بآلام الناس. مشيرًا إلى أن من يتجهون إلى المعالجين الروحانيين هم فى الحقيقة مرضى نفسيين ويلجئون لهذا النوع من العلاج هروبا من مرضهم معلقين خوفهم من المرض النفسى على شماعة أن لديهم أمراضا روحية خارجة عن إرادتهم. موضحا أن أمراض مثل الوسواس القهرى والصداع وغيرها من الأمراض النفسية فهى ناتجة عن تغيرات كيميائية بالمخ لا تعالج إلا بالأدوية ويمكن أن يعالجها الطب النفسى ولكنها قد تأخذ وقتا طويلًا وأن من يدعون أنهم يعالجون مثل هذه الأمراض فهم يستخدمون الإيحاء حيث يكون المريض مستعدا لتقبل أى شىء حتى يعالج. سوء الأحوال ومن جانبها قالت د. شاهيناز كاظم أستاذ علم النفس جامعة عين شمس أن الأحوال الاقتصادية والبطالة والمشاكل الاجتماعية ونقص التعليم والجهل هى من أهم أسباب لجوء الناس إلى مثل هؤلاء النصابين فهذا ليس علاج إنما هو دجل فالله سبحانه وتعالى هو الشافى وهو الذى يعطى الرزق. فهؤلاء النصابون يقومون بالإيحاء للناس فالشخص الذى يؤمن بهم يمكن أن يتأثر بهم ويصدق أنه شفى.. وكذب المنجمون ولو صدفوا (أى صادفهم النجاح).