فى منتصف الخمسينيات سجلت أم كلثوم الأبريت الإذاعى «رابعة العدوية» وتحول فيما بعد إلى فيلم أخرجه نيازى مصطفى عام 1963. ورابعة هى إحدى العارفات بالله وقد علم المسلمون بأمرها من كتب التاريخ والسير الشعبية. وأعطتنا نموذجا مثاليا لامرأة اعتزلت الدنيا ومفاتنها كما أعلنتها بنفسها فى ذلك الحين. أما الفيلم فهو يحكى عن سيدة محسنة تتصدق على الفقراء ومن بينهم رابعة العدوية وقد طلب منها الحضور إلى مدينة البصرة بالعراق وفى الطريق فوجئت رابعة بهجوم اللصوص عليها وعلى المسافرين وقد أنقذها منهم فارس مقدام هو عصام الذى أخبرها أنه سوف يلحق بها إلى البصرة..قابلت رابعة الشيخ سومان الذى أخبرها أن المدينة ليس بها مكان لها لكن عصام وأسرته شجعوها لاستكمال رحلتها. فى البصرة قابلت صابر وأسرته واستضافوها وجعلها صابر ساقية فى المساء تجار البصرة ومنهم خليل الذى طمع وفكر فى شرائها، واشتعلت المنافسة عليها بينه وبين صابر الذى ظهر فى البصرة وفاز بها مقابل 20 ألف دينار مما أغضب خليل. فسعى لشراء ديون عصام واستوالى على ممتلكاته وطلب منه عصام تأجيل تنفيذ الحكم إلى أن تعود قافلته من السفر فوافق مقابل أن يحتفظ برابعة. وأغوى خليل اللصوص للهجوم على القافلة الخاصة بصابر والتى تحمل له ما يمكنه من سداد دينه ويسترد رابعة. فأصبحت رابعة وباقى أملاك صابر من ممتلكات خليل. وفى إحدى النزهات قابلت رابعة الشيخ سومان الذى نصحها بالتوبة ولما اقتنعت حبسها خليل وعذبها ثم أطلق سراحها لتعيش عند الشيخ سومان فى الغابة التى يعيش فيها وحاول اللصوص سرقتها إلا أن معجزة إلهية أنقذتها. ويتحدث الناس عن هذه المعجزة فيأتى خليل مع الناس ليستمعوا إلى كلمات رابعة الواعظة، وفى وفاتها جاءت الملائكة تحمل روحها إلى الجنة. قصة الفيلم مأخوذه عن كتاب لسفينة قراعة بعنوان عروس الزهد وكتبت الحوار وشاركت فى كتابة السيناريو مع الشاعر الصوفى عبد الفتاح مصطفى إتفقت سيرة «شهيدة العشق الإلهى عازفة الناى رابعة العدوية» مع أهداف أم كلثوم كما أعلنت بنفسها فى ذلك الحين فاشتركت بالغناء الصوفى فى البرنامج الإذاعى (الأوبريت) والفيلم السينمائى وغنت من أشعار طاهر أبو فاشا «ياصحبة الراح» «عرفت الهوى» «على عينى» من الحان رياض السنباطى و«حانة الأقدار» و«أوقدوا الشموع» ألحان عن الموجى و«لغيرك مامدت يدا» و«غريب على باب الرجاء أنوح» من ألحان كمال الطويل. وكان غناؤها السبب الأساسى فى نجاح العملية وخلودها كانت أم كلثوم متدينه وتتمتع بقوة روحانية عالية. وقد فكرت فى عام 1950 فى تسجيل القرآن الكريم بصوتها. وعادة الفكرة مرة ثانية عام 1958.وكانت سجلت فى فيلم «سلامة» الذى قامت ببطولته عام 1945 آيات من القرآن الكريم بصوتها ونجحت كل ما قدمته من غناء دينى لما اتسم بالصدق فى الإحساس وعمق التعبير وفهم المعانى، لذلك انتشرت أعمالها الدينية على ألسنة العامة قبل المثقفين وبين الأميين قبل المتعلمين. من أشعار أمير الشعراء أحمد شوقى.قدمت قصائد «إلى عرفات الله ياخير زائر عليك سلام الله من عرفات» «ونهج البردة» ريم على القاع بين البان والعلم، أجل سفك دمى فى الاشهر الحرم.وأسلو قلبى غداة سلا ونابا.. لعل على الجمال له عتابا «والهمزية النبوية» ولد الهدى فالكائنات ضياء. وفم الزمان تبسم وسناء. وقدمت قصيدة «حديث الروح» تأليف الشاعر والفيلسوف الباكستانى ونظمها بالعربية الصاوى شعلان، وفى أعقاب نكسة 1967 غنت الثلاثية المقدسة «تأليف صالح جودت وتتضمن الأشعار التى استقبل بها أهل المدينة الرسول الكريم وصحيه (طلع الفجر علينا من ثنيات الوداع) وينبض اللحن بأصوات الأذان وأجراس الكنائس. ومن أشعار عبد الفتاح مصطفى غنت « تأئب تجرى دموعى ندما. يالقلبى من دموع الندم» ومن تأليف بيرم التونسى غنت رائعة «القلب يعشق كل جميل وياما شفت جمال». واختارت أم كلثوم رياض السنباطى ليلحن لها كل ما غنته من اللون الدينى لمعرفتها أن جمله اللحنية لها طابع الروحانية والوقار ولم تكسر القاعدة إلا مرتين الأولى عندما اسندت إلى الموجى والطويل بعض ألحان حكاية رابعة العدوية والثانية عندما أعادت تقديم الموشح الدينى «مولاى كتبت رحمة الناس عليك فضالا وكرم» الذى سبق أن أداه ملحنه الشيخ زكريا أحمد مع بطانته ومع ذلك فهو لم يشارك فى الصيغة اللحنية لحكاية رابعة العدوية.