أصبح الإسراف ظاهرة لا تخطؤها العين بل أصبح عادة ينشأ عليها الصغير، ولا يستغربها الكبير، وقد عم الإسراف كل نواحى الحياة فى المأكل والمشرب،فأصبح الناس يطهون أكثر من احتياجهم وبتبذير، والمبذر والمسرف أخو الشيطان: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً).والقصد هو الاعتدال فى حالتى الغنى والفقر، ففى الغنى الاعتدال فى انفاق المال بين الاسراف والتقتير، بين البذخ والحرص على المال، وملخصه (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً). والقصد فى الأكل كما أمرنا الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.وما قاله رسول اللهصلي الله عليه وسلم "بحسب بن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".القصد فى الشراء فهناك من الناس من يشترى أشياء غير ضرورية وليس لهم حاجة بها ولكن للمنظرة والتفاخر، وقد يبيع ما يحتاج إليه من القريب أو البعيد . وحقيقة القصد فى الغنى هو الانفاق فى سبيل الله عليه والاستعانة بالغنى على العبادة وهو أفضل من الحرص واليأس مع الفقر.أما القصد فى الفقر فهو الصبر والقناعة وشغل الفراغ بما يعود عليه بالنفع فى الدنيا والآخره وهو أفضل من الغنى مع الحرص والإمساك. فما أحوجنا إلى أن نتبع شريعتنا الغراء، وأن نتقى شرور أنفسنا وشهواتنا، وأن نهذب رغباتنا فى طلب ما لا ضرورة له.فنكون من المقسطين الأبرار.