هجمة شرسة ومستمرة لا تنقطع من الغرب تجاه المسلمين منذ سقوط دولة الأندلس عام 1492 والتى دامت ثمانية قرون.. وهذه الهجمة تتشكل وتتلون تحت أى مسمى ولها أكثر من مبرر مثل إسلاموفوبيا أى العداء للإسلام والمسلمين الذى صورهم الغرب كإرهابيين.. وكثير من المسلمين غافلين عما يحاك لهم من مؤامرات.. والعالم كله يشاهد ولا يحرك ساكنا أمام اضطهاد المسلمين فى ميانمار.. فالبوذيون يقومون بأعمال بربرية يوميا ضد النساء والأطفال والرجال.. وأخيرا حرقوا 13 طفلا مسلما داخل المدرسة.. وفى سويسرا النساء المحجبات منعن من العمل فى أى قطاع حكومى أو خاص وحرم على المسلمين بناء المآذن والمساجد.. وفى فلسطين يمارس الانتهاك اليومى للمقدسات الإسلامية وداخل المسجد الأقصى. ونعود إلى أكبر كارثة فى التاريخ الإسلامى وهى سقوط مملكة غرناطة آخر معاقل دولة الأندلس.. وتحتفل إسبانيا فى 2 يناير من أول كل عام بما يسمى بيوم غرناطة ذلك اليوم الذى غدر فيه الإسبان بمعاهدة ملك غرناطة.. وفى هذا اليوم بدأت محاكم التفتيش وتم سحل وقتل المسلمين وقطع أوصالهم واستحيوا نسائهم ولم يرحموا صغيرهم وأشعلوا النيران فى أجسادهم وقاموا بأفظع جرائم الإبادة الجماعية.. حتى كانوا يأتون بالتابوت ويضعون فيها عروسة من النحاس أو البرونز يخرج منها الخناجر ثم يلقون عليها المسلم فتمزق الخناجر أمعائه.. وهذه البقعة دخل الإسلام فيها على يد طارق بن زياد فى عهد الدولة الأموية وعبر البحار بنشيد الله أكبر ومعه موسى بن نصير عام 93 هجرية وفى خلال ثلاث سنوات فقط انتشر الإسلام لما عُرف من سماحة ووسطية وبدأ يتوسع ويقوى على يد «عبدالرحمن الداخل» الذى عندما قدم إليه الخمر رفض وقال: «إننى أحتاج إلى ما يزيد عقلى ولا ينقصه» حتى صارت مملكة إسلامية يشار لها بالبنان وعظمة علمائها أمثال بن خلدون وبن حزم وبن رشد.. وصارت حضارة إسلامية لم يسبق لها مثيل داخل معاقل أوروبا.. حتى أطلق على مدينة قرطبة «جوهرة العالم» .. وانتشرت بها المكتبات وأصبح فى كل جامع مكتبة تضم جميع علوم المعرفة ويقصدها الطلاب المسلمون والمسيحيون ويتوافد عليها أبناء أوروبا.. ولم تقتصر روعة الحضارة الإسلامية على قرطبة بل امتدت إلى جميع مدن الأندلس مثل طليطلة وبلنسية وأشبيلية. ودامت تلك الحضارة قوية حتى أصابها الوهن بأيدى أبنائها.. وأعداؤها يتربصون بها ويزرعون الفتن حتى تتاح الفرصة للانقضاض على الدولة.. ووصل بهم الأمر إلى إرسال عدد من الجواسيس فى كل وقت ليتحققوا من مدى قوة أو ضعف مسلمى الأندلس.. فعندما دخلوا أول مرة وجدوا شباب المسلمين يتشاجرون فيما بينهم ليثبت للآخر أنه يحفظ البخارى أو أنه يجيد المعادلة الكيميائية فعادوا إلى جيوشهم وقالوا: لا تدخلوا الآن فشبابهم يتنافسون على أهم سلاح وهو العلم.. ومرة ثانية دخلوا يتحسسون فوجدوا شباب المسلمين يتفاخرون ويتنافسون على من منهم الفارس الشجاع والأقوى والأسرع فرجعوا إلى جيوشهم وقالوا لاتدخلوا الآن فشبابهم أقوياء.. وفى الثالثة وجدوا شابا يبكى فسألوه لماذا تبكى؟ فقال صديقتى هجرتنى فسارعوا إلى جيوشهم وقالوا: أدخلوا الآن. فكان بداية ضعف هذه المملكة وتحللها بإنحراف المسلمين عن منهج الإسلام ثم ثورتهم على الخلافة لدولة واحدة حتى بدأ عهد الطوائف ثم ذاع الخلاف بين هذه الممالك الإسلامية حتى وصل الأمر إلى أن الأخ يتخاصم ضد أخيه أمام ملك الفرنجة.. وصدق الله العظيم (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) ومن النماذج المخزية فى هذا الشأن قيام السلطان عبد الحق بالبطش بمن ينافسونه وطرد وزراءه وأبناء عمه وجميع المسلمين فى إدارة بلاده واستبدلهم باليهود. ولم يستمعوا لقول الله تعالى (لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) ومن الأسباب الخطيرة لسقوط الأندلس إنشغال علمائها بأمورهم الخاصة وبالخلافات الفرعية مثل «هل يجوز زواج الشافعى بالحنيفية» أو هل يجوز أن تحلق المرأة لحيتها إذا نبت لها شعر. *** وعلى الطرف المقابل تتحد دول الفرنجة وتعد العدة للغزو حتى تم توقيع اتحاد بين فرناندو الخامس ملك قشتالة مع إيزابيلا ملكة أراجون وتزوجا وغزى جيشها آخر معاقل دولة الأندلس وسحقوا المسلمين حتى الهاربين منهم وسقطت الأندلس فى خلال ثلاثين عاما فقط بعد حكم إسلامى دام ثمانية قرون.. وذلك بسبب الانحراف عن العقيدة والتحالف مع اليهود والفرنجة والانشغال باللهو والتحول إلى الانقسام والتشرذم وتخلى العلماء عن واجبهم المقدس.. وتقديم المصلحة الشخصية وعلو الأنا على المصلحة العامة.. وإذا نظرنا فى أنفسنا اليوم نجد كل هذه الأسباب تجسدت فى الأمة الإسلامية بل شراسة.. فهل لنا عبرة وقراءة ثاقبة فى تاريخنا.