دعوة النائب العام التى وجهها للمواطنين بالمشاركة فى ضبط الخارجين على القانون والمستهدفين لأمن الوطن ومنشآته لاتعنى على الإطلاق منح المواطنين الضبطية القضائية، فهذالا يجوز قانونًا ولا عقلًا ولا يستقيم فى الواقع. فقط هو التصيد بين الخصوم السياسيين الذى حول القضية على هذا النحو إضافة إلى ما أشيع من أنها محاولة للتيار الإسلامى ليسمح لمناصريه بتكوين شرطة بديلة للسيطرة من خلالها على الشارع.. عمومًا وفى كل الأحوال نحن نناقش القضية على النحو الذى طرحت عليه بكل أبعادها متجاوزين طرحنا السابق من أن كلام النائب العام تم تأويله على وجه خاطئ إلى مناقشة المسألة على أنها محاولة لمنح المواطنين الضبطية القضائية. من وجهة النظر الأخيرة نبدأ.. وهى وجهة النظر المعارضة لقرار النائب العام حيث يقول نجيب جبرائيل الناشط الحقوقى: إنه تقدم ببلاغ لمجلس القضاء الأعلى ضد النائب العام لقراره المفاجئ بالضبطية القضائية للمواطن العادى والذى ينتهك الدستور ويعرض حياة المواطنين للخطر - على حد قوله - مشيرًا إلى أن القرار سيجعل كل فصيل يكيل الاتهامات للآخر حسب وجهة نظره. وأضاف: سنجد الإسلاميين يتهمون الليبراليين واليساريين والعلمانيين والناصريين بأنهم ضد شرعية الرئيس ويريدون إسقاطه، وإذا خرج أحد للتظاهر ضده يكون خائنًا للشرعية وبذلك فإنه متهم من وجهة نظرهم، وأيضًا العكس صحيح فسوف يتهم الليبراليون واليساريون منافسيهم من الإسلاميين، ومن وجهة نظرى كان هناك طرق أخرى غير الضبطية القضائية للسيطرة على الشارع وللحد من خطورة البلطجية منها: أن يقوم وزير الداخلية بعقد اجتماع موسع لضباط وأفراد الشرطة على مستوى الجمهورية لمناقشة المشاكل التى تواجههم فى أثناء عمليات التأمين وتسليحهم بالذخيرة الحية لمواجهة هؤلاء البلطجية بعد أن يوجه نداء للثوار الحقيقيين بالابتعاد عن مسرح الأحداث، وبذلك سيكون من يصر على التواجد رغم التحذيرات متهمًا وفقًا للقانون ولا يعتبر من الثوار ويدرج ضمن البلطجية ويقدم للمحاكمة. ليس من صلاحياته أما سامح عاشور نقيب المحامين فيشير إلى أن المستشار طلعت عبد الله النائب العام ليس من صلاحياته إصدار هذا القانون، وأكد أن قانون الإجراءات الجنائية لعام 1950 فى المادة 37 لا يعطى للمواطن صفة الضبطية القضائية كما أشيع ولكنه يعطى للمواطن صفة الإمساك بالمتهم حال تلبسه بالجريمة سواء كانت مخدرات أو سلاحًا أو سرقة أو قتلًا دون الضبط لأن كلمة الضبطية القضائية تعنى أن فى إمكان أى فرد التوجه لمنزل فرد آخر من وجهة نظره يكون متجاوزًا أو متهما لضبطه وهو داخل منزله فهو بذلك يقوم بعمل الشرطة كجهة تنفيذية والنيابة العامة وهو مخالف للدستور. التراجع وطالب عاشور النائب العام بالتراجع عن قراره لمخالفته قانون الإجراءات الجنائية لأن الدستور الذى تم وضعه والذى لا نعترف به - على حد قوله - يؤكد حرية المواطن، لافتًا إلى أن المادة 34 من قانون الإجراءات القضائية تحدثت عن سلطة الضبط لمأمورى الضبط القضائى كضابط الشرطة والنيابة العامة ولم تتحدث عن الضبط القضائى للمواطنين. وخاطب عاشور النائب العام قائلًا: هل ترون صدور تصريح فى هذا التوقيت وبتلك الصيغة الملتبسة التى تنطوى على خلط واضح ومخاطبة رجل الشارع بها من خلال المداخلات التليفونية فى برامج «التوك شو» يمكن أن تصب فى مصلحة الوطن، مضيفًا أن الضبطية القضائية حق لسلطات التحقيق فقط. قرار خاطئ وأكد ناصر أمين مدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة أن قرار النائب العام خاطئ فى حق القانون والدستور والمواطن ويخدم جماعة الإخوان والإسلاميين، خاصة بعد تصريح المهندس عاصم عبد الماجد المتحدث باسم الجماعة الإسلامية بأنهم سوف يشكلون لجانًا شعبية لحماية المنشآت والقبض على المجرمين، وتساءل: من هم المجرمون من وجهة نظرهم؟ هل هى المعارضة الحقيقية التى تنادى بالحرية؟ هل هم الذين يعرضون أنفسهم للمخاطر من أجل مصر وحريتها الحقيقية، لا بد من قرارات فاعلة حاسمة حتى يعود لمصر استقرارها وأمنها المعهود. من جانبه قال أمير سالم الناشط الحقوقى أن هذا القرار خطير وسوف يهدد أمن مصر، خاصة أن البلاد تمر بظروف انقسام صعبة فهناك أطراف عديدة تحاول العبث باستقرارها، مضيفًا: شاهدنا الهجوم المنظم على الشرطة وحرق المنشآت الحيوية وهذا القرار سوف يزيد من احتقان الشارع ويحول مصر إلى ميليشيات منها الإسلامية والليبرالية والقبطية وهذا ما يريده الغرب من تقسيم وتمزيق الصف المصرى. وأوضح أن الضبطية القضائية لا تمنح إلا بقانون ولا يجوز منحها بقرار فردى فهذا مخالف للدستور، مضيفًا أن هناك غموضًا فى مخطط القوى الإسلامية حول رغبتهم فى تفكيك وزارة الداخلية، وذلك من خلال إعادة السيطرة عليها من خلال مشروعات لخلق أمن مواز فى صورة شركات ولجان شعبية وهو ما أقرته الجماعات الإسلامية التى أيدت القرار والنزول إلى الشارع لحفظ الأمن وهذا البيان يساعد على خلق فوضى عارمة فى البلاد ويفتح الطريق لحرب أهلية. المؤيدون فى المقابل، هناك وجهة نظر مؤيدة لقرار الضبطية القضائية أغلبها من التيار الإسلامى الذين رفضوا اعتبار القرار تمهيدًا لعودة الأفكار التى كانت تتبناها الجماعات الإسلامية فى التصفية الجسدية للسياسيين. حيث أكد عاصم عبد الماجد المتحدث باسم الجماعات الإسلامية أن جماعته سوف تساهم فى حفظ الأمن، مشيرًا إلى أن الضبطية القضائية أسهمت فى إعطاء الجانب القانونىلهذا العمل الخيرى التطوعى لحماية المنشآت العامة والحيوية، خاصة بعد تخاذل بعض رجال الشرطة عن مهامهم فى الدفاع عن أمن وحماية المواطن وظهرت هذه المؤامرة من الداخلية فى الآونة الأخيرة عندما أغلقت أقسام الشرطة بالجنازير وأضرب الضباط عن العمل دون سبب قوى لهذا التخاذل الواضح، خاصة فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد. تأخر كثيرًا كما أكد طارق الزمر القيادى بحزب البناء والتنمية أن قرار الضبطية القضائية تأخر كثيرًا الأمر الذى أدى إلى انتشار الفوضى والعنف وكثرة أعداد البلطجية وتهريب المخدرات والسلاح وزيادة جرائم قطع الطرق، وتعطيل القطارات ومترو الأنفاق، وكل هذه السلبيات كان يقابلها موقف سلبى من الشرطة فى القيام بمواجهة فاعلة لبؤر البلطجة رغم أنهم يعرفون جيدًا هؤلاء البلطجية بوصفهم مسجلين فى كشوف السجل الجنائى لكل مديرية أمن، وبإمكان رجال الشرطة القبض عليهم إذا أرادوا ولكنهم لا يريدون استقرارًا لمصر فى عهد د. مرسى، حيث صرح كثير منهم بأنهم سوف يرجعونه إلى مكانه الطبيعى وهو السجن، فهناك تخاذل واضح وممنهج مع البلطجية المأجورين من أتباع النظام السابق الذين قضى على آمالهم السياسية عقب إقرار «العزل السياسى» فى الدستور الجديد. ونحن ضد هذه المؤامرات ولن نقف مكتوفى الأيدى، بل سوف نقضى على هذه البؤر وقادرون على ذلك كجماعة إسلامية ونقوم بهذا العمل حبًا لمصر وشعبها الأصيل الذى تحمل أعباء كثيرة بعد الثورة. الإعلام فسر خطأ من جهته، قال ناصر الحافى المحامى وعضو جماعة الإخوان المسلمين إن قرار المستشار طلعت عبد الله بإعطاء صفة الضبطية القضائية للمواطنين فسره الإعلاميون بأنه قرار خاطئ لأن ليس من حق المواطن ضبط مواطن آخر إلا من خلال الجهات المنوط بها ذلك وهى الشرطة والنيابة العامة وكان مقصد النائب العام عند صدور هذا القرار هو الإمساك بالمجرم والمتهم لتسليمه للشرطة أو الجيش متلبسًا بفعلته سواء كان يعتدى على المنشآت العامة للدولة أو يهاجم رجال الشرطة دون وجه حق لوقف الفوضى والقلق وقطع الطرق وتعطيل المصالح الحكومية. وأضاف الحافى: النائب العام يريد تفعيل المادة 37 فى القانون لسنة 1950 وتم تفعيلها بهذا القرار فلماذا كل هذه الضجة؟ وجاء قرار النائب العام بعد شعور المواطن بعدم تواجد رجال الشرطة بالشكل الذى يؤمن حياتهم وممتلكاتهم، وأكد ذلك إضراب كثير من ضباط وأفراد الشرطة فى الفترة الأخيرة ووصل إلى حد إغلاق أبواب أقسام الشرطة بالسلاسل الأمر الذى ينذر بخطورة بالغة على منشآت الدولة وحياة المواطن المصرى فكان هذا القرار لكى يقوم المواطنون الشرفاء بتشكيل لجان شعبية لحماية المنشآت العامة والخاصة. إيجابى وانتهى الحافى إلى أن هذا القرار إيجابى فى مضمونه وسيساعد الشرطة ويرفع العبء الثقيل من على أكتاف رجال الشرطة الذين يتحملون الكثير بعد الثورة وحتى الآن لأننا فى ثورة ويجب على جميع القوى والسلطات والشعب أن يتكاتفوا لحل جميع المشاكل التى تواجه مصر، ومن أهمها القضاء على البلطجة وبث الأمن فى نفوس المصريين، لأن الاقتصاد المصرى يعتمد عليه بشكل كبير من أجل التوسع فى إنشاء العديد من المصانع وجلب الاستثمارات الخارجية.