أكد د.عمرو هاشم ربيع رئيس وحدة الدراسات المصرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن مسألة إجراء الانتخابات البرلمانية من عدمه هو قرار من يتولون الحكم حاليا وأن الأرجح أن من مصلحتهم إجراءها فى الوقت الراهن حتى يشغلوا الناس بها، كما أنهم يرون أن جبهة الإنقاذ ضعيفة الآن على عكس حالها إبان استفتاء الدستور، وقال فى حواره مع «أكتوبر» أنه لايتوقع فى حال إجراء الانتخابات ان يتم تشكيل ائتلاف يضم كل الأحزاب الإسلامية لدخول هذا السباق، مشيرا إلى حزب صلاح أبو إسماعيل وحلفائه مرشح لأن يكون الحصان الأسود فى هذه الانتخابات فى ظل تراجع شعبية حزب النور السلفى. فى الوقت نفسه أوضح أن جبهة الإنقاذ خسرت كثيرا خلال الفترة الأخيرة حيث نجح الإخوان فى تحميلها المسئولية عن أحداث العنف التى اجتاحت الشارع، وان مقاطعتها للانتخابات القادمة سيكلفها كثيرا فى الشارع حيث سيتم اتهامها بالضعف والخوف من المنافسة، مشيرا إلى ضرورة أن تركز الجبهة على التواجد بالشارع والعمل من أجل كسب أرضية جماهيرية تفيدها فى حال دخولها الانتخابات المقبلة. من جانب آخر وفيما يتعلق بحالة العنف التى يشهدها المجتمع حاليا، أشار د.عمرو هاشم إلى أن هناك أطرافا داخلية وخارجية لاتريد لمصر أن تستقر وهى المسئولة عن تزايد هذا العنف فى الشارع، والى نص الحوار: * هل تتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها الذى حدده الدستور الجديد أم أن تزايد العنف والاستقطاب فى المجتمع قد يدفع بتأجيلها؟ **?الكرة فى ملعب من يتولون الحكم، والأرجح أن من مصلحتهم إجراء الانتخابات فى الوقت الراهن، فهم يريدون شغل الناس بالانتخابات، كما أنهم يرون أن جبهة الإنقاذ ضعيفة الآن على عكس حالها إبان استفتاء الدستور، وهم يريدون تشكيل البرلمان لاستيفاء استحقاقات دولية كالقرض الدولى، كما أنهم يرغبون فى عودة مجلس النواب لسن عدد من التشريعات الواجبة بحكم الدستور الجديد، وهم يدركون أن النقد على خروجها من قبل الشورى سيكون كبيرًا. لكن ربما تؤجل الانتخابات عدة أسابيع إذا ما زادت أحداث العنف، لا سيما ونحن مقبلون على إصدار أحكام قضية بورسعيد فى 9 مارس القادم، وربما يعود الشارع إلى الغليان. * هل يقف قانون الانتخابات الجديد عائقا أمام إجراء الانتخابات بسبب الاعتراضات الكثيرة عليه من المعارضة؟ ** لا أتصور ذلك، مجرد قبول الدستورية به، أو تعديل ما أمرت به فلن يكون هناك عائق أمام إجراء الانتخابات سوى نبض الشارع. * ترى جبهة الإنقاذ أن الوضع الحالى ليس مناسبًا لإجراء الانتخابات وتهدد بمقاطعتها فى حال إجرائها فهل توافقها على ذلك؟ ** بالطبع لا، فالانسحاب من المعركة الآن سيفسر على أنه ضعف، لكنها بشكل عام عليها أن تغير من تكتيكاتها على الأرض، لأنها يبدو لى أنها خسرت فى الأيام التى توافقت مع الاحتفال بالعيد الثانى للثورة بعض الأرضية. المؤكد أن عليها النزول إلى الشارع، والتعلم من تجارب الماضى. هنا نذكر أن التشرذم والخلافات البينية هو مايستثمره الطرف الثانى فى المنازلات السياسية مع الإنقاذ. التسابق على الفضائيات، والرغبة فى الأضواء والظهور، والاستحواذ على القيادة، وشخصنة الخلافات، والتباينات الإيديولوجية، كلها مثالب للتيار المدنى، هنا يبقى السؤال: هل يتعظ هذا التيار ويتعلم الدرس، ويفيق من غفوته، ويعلم أن نجاح الطرف الدينى راجع لخيبته أكثر مما هو راجع لكياسة وشطارة الطرف الدينى. * إذا حدث وقررت جبهة الإنقاذ المشاركة فى الانتخابات فما هى فرصتها فى المنافسة وخاصة أن هناك من يرى أن شعبيتها تراجعت فى الفترة الماضية؟ ** الصراع الذى دار بين الجبهة وبين الحكم فى نوفمبر وديسمبر 2012، كان حول معركتين: المعركة الأولى كانت بشأن الإعلان الدستورى المكبل للحياة العامة، والمعركة الثانية كانت حول الدستور المسيس بامتياز من قبل زمرة من غلاة الصقور من الإخوان وقيادات حزب الوسط، إضافة إلى المدافعين عن الإخوان داخل بعض التيارات السلفية. المعركة الأولى سددت فيها الجبهة إلى الحكم ضربة موجعة انتصرت فيها نصرًا ميدانيا وسياسيًا مؤزرًا. وقد تمثل ذلك فى افتضاح أمر الحكم حول الإعلان الدستورى، ما اضطره إلى إلغائه فى نهاية الأمر.وعلى العكس سدد الحكم فى المعركة الثانية، التى حملت اسم استفتاء الدستور ضربة عسكرية موجعة لجبهة الإنقاذ، من خلال تمرير الدستور. لكن تلك المعركة حملت فى طياتها انتصارًا سياسيًا منقطع النظير لجبهة الإنقاذ. وقد تمثل الانتصار فى التعاطف الشعبى الجارف مع الجبهة، بزيادة من أيدها عن أكثر من ثلث المقترعين،ومقاطعة ثلثى الهيئة الناخبة للاستفتاء. لكن ماذا حدث فى معركة الذكرى الثانية لثورة 25 يناير؟ النصر من زاوية ميدانية كان حليف الجبهة، لكن سياسيًا أو شعبيًا ربح الإخوان بشكل أكبر بكثير. فبعد أن ألقوا كرة العنف فى ملعب الجبهة، لم تستطع الجبهة أن تعيد الكرة لوسط الملعب، بإعلان تبرئتها من موجة العنف إلا على استحياء وبعد فترة من اندلاع الأحداث. كل هذه الأمور جعلت الشارع يوسم الجبهة بأنها وراء أحداث العنف، رغم أن ذلك غير صحيح. خلاصة القول، خسرت الجبهة المعركة وربحها الإخوان. لقد كان حريًا بالجبهة أن تندد بكل حدث من أحداث العنف فى الأيام الماضية حتى لو ظهر أن الإخوان وراءه، وذلك لتبرئة ساحتها، لكنها بسذاجة شديدة فضلت استرضاء غير المتظاهرين السلميين، وذلك كله على حساب رضاء الشعب، الذى حازت على دعمه فى معركتى الدستور والإعلان الدستورى. كنا نفضل أن تستثمر الجبهة إنجازها فى معركتى الإعلان الدستورى والدستور كرصيد لها تزيد عليه فى الانتخابات البرلمانية القادمة، لكن وقع المحظور، وألبس الإخوان الجبهة فى حائط رخامى..فهل تفيق الجبهة من الدرس بسرعة أم تستمر فى إرضاء عصابة من الفوضويين على حساب الشعب الذى وقف بجانبها ضد حكم الإخوان. * هناك دعوات لتكوين ائتلاف انتخابى إسلامى يخوض الانتخابات البرلمانية القادمة فما هى إمكانية القيام بذلك ؟ ** لا لن تفلح تلك الدعوات، الخريطة الحالية كما يلى:هناك قوتان رئيسيتان، الأولى القوى المدنية والثانية قوى الإسلام السياسى. وعلى الرغم من أن الكثيرين لا يرغبون أن يصنفوا تلك القوى المتنافسة وفق هذا التصنيف، إلا أنه لا زال التصنيف المعبر حتى الآن عن حقيقة الصراع السياسى. فالقوى الأولى هى التى تؤمن بالدولة العلمانية. وعلى الجانب المقابل، هناك قوى التيار الدينى التى تسعى لخلط الدعوى بالسياسى. ويتنافس فى هذا الطرف الحرية والعدالة التى لن تقبل هذه المرة تشكيل أى تكتل بينها وبين آخرين، بنفس القدر الذى لن يقبل به الآخرون تأليف تكتل معهم بعد أن احترقت أصابع القوى المدنية وشاهدت القوى الدينية الآخرى كيف يتعامل الإخوان مع حلفائهم، وكيف استغلوهم لحصد عدد أكبر من الأصوات. وعلى العكس الأرجح أن يشارك حزب الأمة المصرية الذى يتزعمه حازم صلاح أبو إسماعيل مع الوطن المنشق عن النور بزعامة عماد عبد الغفور، وأحزاب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية وحزب العمل الإسلامى بزعامة مجدى أحمد حسين، وحزب السلام والتنمية الذارع السياسية للسلفية الجهادية مع بعضهم البعض. فى مواجهة كل هؤلاء يشارك الوسط ذو المرجعية الإسلامية فى تحالف حزبى من أكثر من 8 أحزاب أخرى ليست بالضرورة كلها إسلامية. تحالفات انتخابية * هل يمكن أن يشارك حزب النور فى مثل هذه الائتلافات أم أن لعنة مبادرته مع جبهة الإنقاذ ستجعله يخوض الانتخابات وحيدا؟ وهل سيواصل حصد المقاعد فى الانتخابات القادمة أم أن مواقفه الأخيرة ربما تضر بشعبيته؟ ** مثل حزب الحرية والعدالة، لن يشارك النور على الأقل كما تتضح الصورة الآن فى أية تحالفات انتخابية، لأن البناء والتنمية له موقف سلبى من التحالف معه فى الانتخابات الماضية. وأعتقد أن الحصان الأسود فى هذا السباق الانتخابى بين الأحزاب الدينية هو جماعة أبو إسماعيل وحلفائها، والأقل منهم النور الذى خسر كثيرًا بخروج مؤسسى الوطن من عباءتهم، وسيرهم فى ركاب الإخوان فى العديد من المنازلات، لذلك تراه الآن يسعى إلى إصلاح ما خسره، من خلال اللقاءات التى جمعت بينه وبين الإنقاذ. * كان لكبار العلماء والمشايخ دور ملموس فى دفع قطاع كبير من الناخبين لانتخاب تيار بعينه فهل مازال لهم نفس التأثير؟ ** لا أعتقد ذلك، فإذا كنت تقصد هنا جماعة الإخوان، أذكرك هنا بأن الاستفتاء على الدستور الأخير، لم ترفع فيه إلا راية الاستقرار،بمعنى آخر أخفى الإخوان وشيوخهم من الدعاية لنعم أية مقولة دينية، لإدراكهم أن الناخب بدأ يدرك زيف الدعاية الدينية. أما إذا كنت تقصد التيار السلفى، فهنا يبقى لنا كلام، فالتيار السلفى المسيس أحد أهم ما أفرزته ثورة 25 يناير،وكان هؤلاء يرفضون البتة التدخل فى العمل السياسى، حتى جماعة الإخوان المسلمين بذلت جهدًا كبيرًا فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى كى تقنع هؤلاء بالذهاب لصناديق الانتخاب أولا، ثم لكى ينتخبوها ثانيًا، انغمس هؤلاء فى العمليات الدعوية، وبعضهم انغمس مع السلطة فى مشاريع عمالة حقيقية لنظام مبارك، ونبذوا العمل بالسياسة ولو من قبيل المشاركة بالاقتراع، ظهر هؤلاء كما ظهر غيرهم، وركبوا موجة الثورة مع انطلاقها بعد جمعة الغضب، وبعد النجاح المبهر الذى حققه الشباب أثناء وعقب يوم 28 يناير 2011.انتخابات مجلس الشعب أسفرت عن نجاح هذا التيار بنسبة 20% تقريبًا. وفى انتخابات الرئاسة لم تحن الفرصة لأحد ممثلى هذا التيار بالترشح،بعد أزمة جنسية والدة أبو إسماعيل، ومن ثم فالقيام بجس نبض شعبية هذا التيار فى انتخابات مايو الماضى الرئاسية صعب، لاسيما بعد مواكبة تجربة هؤلاء فى مجلس الشعب (البلكيمى- وونيس- ....إلخ)، ولأن الأصوات التى حصدها مرسى فى الجولة الثانية كان أكثر من ثلثها أصوات عقابية لشفيق، ولم تكن حبًا فى الإخوان أو السلفيين، بل إن السلفيين أنفسم راهنوا على شفيق، وذهبوا إليه كما قال د. ياسر برهامى نفسه، لكن رغم ذلك فإن وجود هذا التيار ما زال مقلقًا، ليس فى وجوده فى حد ذاته،لكن المقولات التى يحملها بعض من هؤلاء ربما تؤدى إلى نسف روح الوحدة والوئام بين فئات المجتمع، وهو ما يخسر بعضهم على الأرض كثيرًا، وقد استوعبت القيادات الحزبية السلفية الدرس الآن، لكن قيادات الدعوة السلفية من المشايخ وغيرهم لم يعوا الدرس بعد. * من الواضح أن الإخوان يعملون على الأرض لحصد نسبة كبيرة من المقاعد فى هذه الانتخابات فهل سيحصلون على ذلك أم أن إخفاقهم على مستوى الحكم خلال الفترة الماضية سيعمل ضدهم؟ ** عندما نشأت جماعة الإخوان المسلمين على يد الإمام الشهيد حسن البنا فى 1928، برزت كحركة قيمية ذات توجه إسلامى رفيع، لها من المحامد ما لا يمكن إحصاؤه، لذلك يجد الكثيرون أنفسهم فى حالة من الدهشة عما يحدث داخل وخارج هذه المؤسسة الضخمة، من تعمد تخسير هذا الكيان لذاته ولمجتمعه، حتى إنه لو كان هناك من يتربص بالجماعة لتشويه صورتها، ما نجح مثلما نجحت الجماعة فى تحقيق ذلك بنفسها وهم نجحوا كثيرا كمعارضة، ونجحوا فى التعامل مع الفقراء، لكن عندما فوجئوا أن عليهم التعامل مع كل الشعب المصرى فشلوا. فقد فشلوا فى أول اختبار عملى أمام الكافة، والسؤال ماذا فعلت الجماعة لتسقط نفسها بنفسها، هناك أربعة مسالك هى: أولا، رفع شعار المشاركة لا المغالبة، وإذ بالتنفيذ يفضى إلى اللعب بكافة الأوراق بأسلوب بهلوانى، رغبة فى الاستئثار بكافة الأشياء، خذ مثلا الاستئثار بمرشحى الشعب والشورى، ثم مقاعد المجلسين، فالجمعية التأسيسية لوضع الدستور، فالرئاسة،...إلخ. ثانيا، اللعب على وتر الدين باستثناء الاستفتاء الأخير، لكسب المزيد من الشعبية، استغلالا لعواطف الناس، وشحذًا لمشاعرهم، هنا يلعب المسجد كمؤسسة دورًا فى إدارة الدعاية، وهنا تستخدم عبارات رنانة من قبيل تشبيه الحكم الحالى بحكم بعض الأنبياء. ثالثا، إيهام الناس أن هناك فرقا بين الجماعة والحزب، وأن الأولى للدعوة والثانى للعمل السياسي، وإذ بالأوضاع تنقلب، فقيادات الحزب معينة من الجماعة، وأعضاء مكتب إرشادها أعضاء بتأسيسية الدستور، ومرشح الرئاسة نائب المرشد، وهو شخص يستقيل من منصبه لتعمية الناخب، ثم يعود بعد يومين من قرار لجنة الرئاسة باستبعاده...وهكذا، على أن الأخطر هو التنكيل بقيادات الجماعة وشبابها، بدعوة عدم السمع والطاعة، ومن ثم رفض الرأى والرأى الآخر. هنا يشار للكثيرين من المقالين من قيادات وشباب الجماعة، وتهديد قيادات حالية متميزة بالإبعاد والفصل، بعد كل ذلك نسأل هل يمكن للجماعة أن تعود مرة أخرى إلى صفوف الجماهير، بالطبع ممكن، لكن كما يقول أهل الطب «بداية العلاج الاعتراف بالمرض». الصندوق هو الحل * ما هو مستقبل العنف فى مصر؟ وإلى أين يقودنا؟ ** هناك حالة من الخوف الشديد بدأت تنتاب المصريين بعد اغتيال المعارض التونسى بلعيد، وقد وقع المحظور فى مصر وبدأت الثورة المصرية تشهد منذ بضعة أسابيع سيلا من العنف المتكرر والمخيف. أطراف العنف أصبحت الآن كثيرة، لا يمكن تبرئة أنصار النظام السابق من العنف، فأصابع الغدر والرغبة فى العودة إلى الماضى ما فتأت تلعب مستغلة مناخ الحرية الذى أتت به الثورة، خاصة حرية التظاهر، والمؤكد أن الغلاة من أبناء الثورة من الطرفين المدنى والدينى أصبحوا من المشجعين على العنف، بل من ممارسيه. ولعل الغريب أن العنف القائم حاليًا والمتواتر يوميًا قد جاء بسبب اتهام طرف بأنه ابتلع الثورة، فالثورة قام بها أناس وحصد ثمارها آخرون، وهؤلاء الآخرون مستمرون فى النكث بالوعود والحنث بالإيمان بعد توكيدها، دون أية دراية بأن ألف باء ثورة أن يحكم القائمون بها وليس اللاحقون بها، وإلا سيسود عدم الاستقرار لمدى غير منظور، حتى لو كانت الحجة أن الحكم هو صناديق الانتخابات. والطرف الآخر أيضًا متورط فى العنف باستعجال نتائج الثورة والرغبة فى حرق مراحلها، دون دراية أن هناك أعداء من الداخل من أنصار النظام البائد يريدون العودة بها للوراء، ويتحالف معهم أطراف دولية عربية وإسرائيلية عديدة تأبى الخير للمحروسة. أحد أكثر الأسباب لحال الفوضى المناخ الذى خلفته الثورة والناتج عن ترجمة الحرية بأنها الغوغاء واللغط، هذا الأمر هو نتاج طبيعى لحالة التجريف فى الحياة السياسية التى نتجت عن عقود ثلاثة من الاستعباد والقهر. كل ما سبق هو المسئول عن تغول التعبير عن العنف وشموله لقطاعات لم يكن أحد أن يتصور أن يشملها، والمقصود هنا المنشآت العامة كقصر الاتحادية وهو ملك للشعب، وقطع خطوط المواصلات من المندسين والبلطجية، وسط صمت من بعض أبناء الثورة، بل ومحاولات إذكاء نار الحمية بالدعوة لقتل الثوار، ومن من؟ من أناس الكل يعلم أنهم ليسوا دعاة عنف، ويشهد العهد البائد على خنوعهم واستكانتهم، هنا لا مجال إلا التهدئة، فالعنف لن يحصد منه المجتمع سوى الذلة والندم والعض على الأصابع. هنا ربما يكون الاستعداد للاحتكام لصناديق الانتخاب إحدى وسائل الخلاص من حال الحكم القائم حاليًا. * مارأيك فى قانون التظاهر الذى يسعى الحكم لإصداره؟ ** لعل إحدى المشكلات الرئيسية فى التخوف من إصدار هذا القانون أمرين. الأمر الأول، هو أن الكثير من المواطنين بعد الثورة أصبح يترجم حال الفوضى القائمة على أنها الحرية بعينها، وبناء عليه أصبح البعض يستبيح قطع الطرق وخطوط المواصلات وغيرها. أما الأمر الثانى، فهو حال الانفلات الأمنى الواضح، وأهم مظاهره مظهران متطرفان، الأول، تردد الشرطة فى الدفاع عن المنشآت العامة، والثانى، تغولها فى كبت حرية التظاهر، فى هذه الأجواء لن تتمكن السلطة على ما يعتقد من تمرير أى قانون للتظاهر دون صخب وربما انتهاك لبنود تشريع لن ينفذ على الأرض. أما الحل فهو بسيط وهو أن نأتى بقانون التظاهر الأمريكى أو الانجليزى أو الفرنسى أو الإيطالى أو الألمانى ونقوم بترجمته بشكل حرفى، حتى لا يدعى أى طرف أن القانون المسطور يحابى طرف على طرف.