«لم أتغير، لكنى تطورت» بهذه الكلمات المختصرة بدأ رجب طيب أردوغان الترويج لحملته الانتخابية لشغل منصب الرئاسة فى الانتخابات القادمة متجاوزاً منافسيه ويأتى فى مقدمتهم رفيق مشواره عبدالله جول الرئيس الحالى لتركيا. فقد نجح أردوغان زعيم « حزب العدالة و التنمية» الحاكم منذ عام 2002 أن يصبح أبرز شخصية سياسية جاءت بعد مؤسس تركيا الحديثة – العلمانية - مصطفى كمال أتاتورك ويجعل من الحلم التركى الإسلامى نموذجا وسطيا بين الإسلام و العلمانية والتى تسمى فى أدبيات السياسة التركية بالأردوغانية. أردوغان هو ابن لأسرة فقيرة، ولد فى أفقر الأحياء فى اسطنبول وتعلم فى إحدى المدارس الدينية اضطرته ظروفه لبيع السميط والبطيخ حتى يستكمل مشواره التعليمى ودرس الاقتصاد فى كلية التجارة. بدأ مشواره السياسى مبكراً، فقد انضم لحزب السلامة الوطنية الذى أسسه عام 1972 المعارض نجم الدين أربكان وبعد صدور قرار بحله تم تشكيل حزب الرفاه ثم الفضيلة وصدر قرار بحلهما تباعاً وحرص أردوغان على الانضمام لهذه الأحزاب وقد اختاره معلمه أربكان ليكون رئيساً لفرع حزب الرفاه فى اسطنبول. ورغم الإنجازات التى حققها فى منصبه فقد تعرض للسجن عام 1998 لاتهامه من أمن الدولة بازدراء الأديان وتم الإفراج عنه قبل انتهاء مدة العقوبة وقد تسببت هذه التهمة فى حرمانه من الترشح فى الانتخابات أو شغل المناصب السياسية وعقب خروجه من السجن انضم لصديقه عبد الله جول وقاما بتشكيل حزب التنمية والعدالة عام 2001 وتمكن من الاشتراك فى الانتخابات التشريعية عام 2002 محققاً فوزاً ساحقاً أهّل الحزب لتشكيل الحكومة بمفرده لأول مرة ولم يستطع أردوغان تولى رئاستها بسبب سجنه، وتولى رفيق مشواره عبد الله جول رئاسة الحكومة وبعد إلغاء السابقة الأولى أصبح أردوغان رئيس الحكومة واستمر فى شغل هذا المنصب منذ عام 2002 حتى الآن وقد حرص أردوغان على تنفيذ منهجه الوسطى الإسلامى متحدياً النفوذ السياسى العسكرى وفى عام 2005 بدأ مشروعه للانضمام للاتحاد الأوربى وشجعه على ذلك إنجازاته الاقتصادية غير المسبوقة فقد أصبح دخل الفرد فى تركيا 11 ألف دولار سنوياً بعد أن كان 3300 دولار كما سيتم فى شهر أبريل القادم تسديد بقية الديون المستحقة لصندوق النقد الدولى بعد أن كان الاقتصاد التركى يعتمد على القروض والتى بلغت قيمتها منذ عام 2008 أكثر من 24 مليار دولار وقد بدأ أردوغان فى تخفيض هذه الديون تدريجياً حتى بلغت 1,9 مليار دولار وفى نفس الوقت أعلن عن رغبة صندوق النقد فى الحصول على قرض 5 مليارات دولار من تركيا وهذا يشير لنجاح السياسة التى اتبعها حزب التنمية و العدالة الحاكم والتى ستدعم ترشح أردوغان لمنصب الرئاسة فى الانتخابات القادمة. وتبع هذه السياسة الرشيدة حرص الحزب على تحقيق وفاق اجتماعى بين كافة فئات الشعب التركى المتنافر عن طريق حرصه على الحيادية فى تطبيق القانون وفى نفس الوقت تبنى أردوغان سياسة حسن الجوار مع الدول المجاورة ليوفر مناخا آمنا للاستثمار والسياحة فى الداخل والخارج، وصاحب ذلك رؤية مستقبلية بتقديم الدعم المناسب لثورات الربيع العربى، بهدف توفير مناخ سياسى واقتصادى يسمح بتنامى النفوذ التركى فى الخارج، الأمر الذى يعتبر رغبة مشروعة حال عدم تدخلها فى شئون الجيران.