لم أقصد أن يكون العنوان مبهمًا أو غامضًا لكنها قصة عايشتها منذ زمن طويل. فقد حدث أن ظهرت شخصية نقابية أخذت على عاتقها الترشح فى كل الانتخابات ليس فقط فى انتخابات النقابة التابع لها، إنما فى كل الانتخابات التى يحق له الترشح فيها. وقد نال هذا الشخص شهرة لا بأس بها، رغم أنه لم ينجح فى أية معركة انتخابية خاضها .. أما موضوع الشهرة التى حققها صاحبنا هذا، فهى ببساطة شديدة أنه كان يطعن بالتزوير فى كل صندوق انتخابى، لم يحصل فيه على اصوات ، وكان له مندوب دائم موكل عنه لمراقبة لجان الانتخاب يدعى جاد وعندما يتصل صاحبنا المرشح يسأل جاد عن عدد الاصوات التى حصل عليها فى أول صناديق الفرز فيقول له: صوت واحد فيرد المرشح: اطعن فى الصندوق يا جاد. ومع استمرار فرز الصناديق وفى كل مرة لا يحصل صاحبنا المرشح على اصوات ترضيه يقول « اطعن فى الصندوق يا جاد» .. حتى اصبحت نكتة « يتندر بها كل من عرف هذه القصة و اصبحت مقولة يتهكم بها كل من رأى أنه لم يحظ بعدد كاف أو مرضٍ من الاصوات « اطعن فى الصندوق يا جاد». هذه القصة يعرفها عدد كبير من الصحفيين وقد كتب عنها الكاتب الكبير الأستاذ محمود السعدنى - رحمه الله - وقد وصف هذا المرشح بأنه مريض بمرض الطعن فى صناديق الانتخاب .. ويبدو أن هذا المرض قد اصاب بعضاً من مرشحى الرئاسة مبكرًا جدًا وحتى قبل أن تبدأ العملية الانتخابية. فقد رأينا وسمعنا من قدم طعوناً على صناديق انتخابات المصريين فى الخارج، مما دعا اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات إلى تأجيل إعلان النتيجة لبحث طلبات الطعون وفحص مبرراتها وهو حق قانونى لا ننكره على كل من يريد الطعن، سواء بالتزوير أو بالمخالفة القانونية أو عدم تطابق الاجراءات التى نصت عليها لوائح وتعليمات اللجنة العليا للانتخابات.. إلا أن بعض طلبات الطعون، لم يكن الهدف منها رصد أو ضبط وقائع تزوير حقيقية أو مخالفات قانونية. وإنما هناك اسباب أخرى منها تعطيل أو محاولة ارباك عمل اللجنة العليا للانتخابات، خاصة أن الدستور والقانون قد حصّن قرارات اللجنة من الطعن عليها أمام أية محكمة بجميع درجات التقاضى وهو امر معمول به فى معظم دول العالم، حتى يتم قطع الطريق على محترفى الطعون وتقديم الادعاءات التى فى معظم الاحيان تكون ادعاءات واهية لا غرض لها إلا التعطيل والإرباك كما قلت سابقًا. qqq أيها السادة.. إن هناك طرقاً كثيرة يعرف دروبها محترف التشكيك والإثارة وهم يستخدمون الحق القانونى فى محاولة لتبرير الإخفاق السياسى. فهؤلاء أصبحوا مكشوفين أمام الرأى العام بعد سقوط الأقنعة وافتضاح تدابير الخداع والتضليل ومحاولة حفظ ماء الوجه ولو بإساءة استخدام الحق القانونى، بعد أن اصبحت مبرراتهم واهية مكشوفة تلطخها اكاذيب العار تلك الادعاءات والأباطيل احتفظ بها بعض مرشحى الرئاسة لتصبح خط دفاع واهياً أمام اخفاقهم السياسى وتدنى شعبيتهم فى الشارع المصرى. وللأسف الشديد فإن البعض قام بالترويج لأكاذيب وأباطيل فى محاولة للانتقام، بعد الشعور بأن الهزيمة أصبحت وشيكة وأن الشعب أصبح على بينة من امره ولا يصلح أن يبيع بعض هؤلاء المرشحين الوهم للمواطن، الذى أصبح على وعى ودراية كبيرة بحقيقة ما يسعى إليه هؤلاء. فقد أصبحوا عرايا وقد ظهرت عوراتهم السياسية، حتى قبل أن تبدأ الانتخابات ولم يعد يفيد هؤلاء ما يروجونه من شعارات بالية ووعود كاذبة.. وبعد أن عزّ عليهم انكشاف خبايا ما يضمرونه من خداع والتفاف حول الحقائق وبعد أن فشلوا فى أن يغيروا رأى الشعب فيهم، بعد أن وثق فيهم أول مرة.. «الشعب المصرى المؤمن لا يلدغ من صندوق الانتخاب مرتين». إن محاولات خطف أصوات الناخبين من قبل هؤلاء بوسائلهم العتيقة والتى نعلمها جميعًا قد عفَّى عليها الزمن وأصبحت «روبابيكيا» لا مكان لها إلا مخازن الخردة أو مقالب القمامة.. أما الغريب والعجيب والمحزن فى نفس الوقت أن أحد المرشحين وهو رجل كنا نظن فيه المروءة والفروسية لكنه ويا لا العار أصبح اداة وألعوبة فى يد بعض القوى السياسية الموتورة والموكوسة، حتى سقط فى فخ الكراهية والحقد فتخلى عن النزاهة والحيادية، تلك الصفات التى من المفترض أنها التصقت به منذ عمل فى أشرف مهنة على وجه الأرض وهى القضاء.. كيف لرجل ارتضى العدل مهنة له أن يسوق الاتهامات جزافًا وبدون أية ادلة أو براهين ويشكك فى نزاهة زملائه ويتكلم فى وسائل الإعلام المختلفة عن تزوير الانتخابات ويختلق وقائع وهمية ويتخيل مؤامرات عدائية ودسائس انقلابية على طريقة حادث «مناخير البلكيمى الشهيرة» . لقد ادعى هذا المرشح أن ما يحدث من مؤامرات تحاك ضده هدفها تدمير التجربة الديمقراطية - هذا على حد قوله - وكأنه بترشيح نفسه لرئاسة مصر قدم جميلاً وعرفانًا للشعب وأن اى اختيارات لغير شخصه الكريم سيكون الطامة الكبرى ولن تقوم الديمقراطية من بعده أبدًا . أما المضحك والمبكى فهو ما ادعاه هذا المرشح من أن هناك مؤامرة وتهديد نسبه زورًا وبهتانًا إلى جهات وطنية شريفة.. وعندما ادرك أن قصته الوهمية لم تعد تنطلى على أحد تراجع فى اقواله امام اجهزة الإعلام ليدعى أن الاتصالات والتهديدات التى تلقاها ربما تكون من اطراف معادية له أو من بعض منافسيه على حد قوله .. qqq ولنترك ما قاله هذا المرشح ونعتبر أن القصص التى اختلقها هى من ضمن مبررات الخداع فى المعارك الانتخابية، رغم أن مثل هذه الاساليب غير مقبولة ومستهجنة وتضر بصاحبها أكثر مما تفيده. أما المرشح الآخر والذى عطّل إعلان نتيجة الانتخابات فى الخارج باستخدام حقه القانونى فى الطعن، فإننا نحاول تحليل وفهم التحول الذى طرأ على شخصية هذا الرجل الذى بدا هادئًا وقورًا منذ بداية حملته الانتخابية، حتى بدأت الانتخابات للمصريين المقيمين فى الخارج وبعد أن ادرك مدى الاخفاق الذى ربما سيلحق به، خاصة أن اطياف المصريين الموجودين فى الخارج تمثل بدقة اطياف المصريين الموجودين فى الداخل وأن نتيجة التصويت إذا تم إعلانها قبل انتهاء الانتخابات فى الداخل ربما تكون بمثابة المؤشر الحقيقى على قدرة كل مرشح من مرشحى الرئاسة ولذلك تخلى هذا المرشح عن وقاره الذى اوهمنا به منذ بداية حملته الانتخابية وأصبح يردد عبارات تؤكد على شخصيته الحقيقية، وعندما ادركه الفشل ظهرت التركيبة الحقيقية لمكوناته السياسية وتوجهاته العقائدية فاتجه إلى الاحتماء بجماعته التى كان قد انقلب عليها ربما ليحصل على بعض من الغطاء السياسى حتى لا ينكشف أمام مريديه وأتباعه والقائمين على حملته الانتخابية والذين اصابهم الاحباط بعد ظهور بعض النتائج الأولية لانتخابات المصريين فى الخارج. لقد وقع بعض المرشحين فى احضان الفتنة والزور والبهتان، خاصة منهم ذلك الذى يشكك منذ حملته الانتخابية وحتى الآن فى نزاهة اللجنة العليا للانتخابات ليس هذا فحسب، بل أنه وبكل فظاظة وصلف يتهم وبصورة مباشرة رئيس اللجنة وهو رجل قضاء شريف .. يتهمه هذا الموتور بأنه – حاشا لله – أن يكون من رجالات العهد البائد.. ويذهب هذا المرشح إلى ابعد من ذلك من اتهامات وتشهير باللجنة ورئيسها إلى حد يضعه تحت طائلة القانون وذلك عندما اتهم بعض قضاة اللجنة بأنهم مارسوا التزوير قبل ذلك لصالح نظام مبارك المخلوع . أيها السادة لا يبقى إلا أن اقول: إن فى مصر قضاء عظيماً وقضاة نفخر بهم أمام العالم كله ولا يعنينا تلك السهام المسمومة التى يطلقها بعض الموتورين للنيل من نزاهة وعدل قضائنا العظيم .