حدثنى البابا شنودة الثالث قبل عدة سنوات عن طائفة شهود يهوه وغيرها من الطوائف التى تؤمن بالعقيدة الألفية وهى عقيدة صهيونية، ونفى عن هذه الطائفة صفة الوطنية، وقال بصريح العبارة «إن أصحاب هذه العقائد يخلطون الفكرة الصهيونية بالعقيدة المسيحية»، وأهدانى زميل فى العمل كتابين للبابا القبطى الراحل عن شهود يهوه والأدفندست «السبتيون» أى الذين يقدسون السبت مثل اليهود ويؤمنون مثل شهود يهوه أنه من الضرورى أن يجتمع يهود العالم فى فلسطين ويقيموا معبدهم مكان المسجد الأقصى ويعلنوا مملكتهم حتى يعود المسيح عيسى ابن مريم الحى فى السماء إلى الأرض!!.. هذه العقيدة التى اخترقت جسد الطائفة الإنجيلية الصهيونية فى الغرب.. ولم يحدثنى البابا شنودة عن العقيدة البهائية التى اكتشفت بعد لقائى معه بعدة سنوات أنها تسعى إلى اختراق المسيحية وتعمل على جذب أبنائها مثلما تفعل مع المسلمين، وأدلة ذلك ماورد فى الأوراق الرسمية للقضية رقم 2266 جنح قصر النيل التى دارت وقائعها فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن العشرين. (1) أما الذى استدعى إلى ذهنى مجددا تفاصيل هذه القضية فهو ما نبهنى إليه أحد الأصدقاء - شبه جازم – من أن معظم الذين سافروا إلى القدس خلال الأيام القليلة الماضية ليسوا من المسيحيين ولكنهم من البهائيين (مثبت فى خانة الديانة بهوياتهم أنهم مسيحيون).. وربطت ما قاله الأخير بإدراج زيارة المحفل البهائى الكائن فى حيفا على جدول المزارات فوجدت أن هناك اتساقا فى الأمر.. فما حاجة المسيحى إلى زيارة المحفل البهائى؟ وعدت إلى قراءة ما كتبته ونشرته فى كتاب حمل عنوان «أسرار واعترافات البهائيين» عن القضية التى حملت رقم 2266 جنح قصر النيل لسنة 1985، والمستأنفة بالقضية رقم 2961 استئناف جنوبالقاهرة لسنة 1987 وعنه أنقل لكم الملاحظات الآتية: - لم أرد التصريح بأسماء المتهمين كما وردت فى أوراق القضية الرسمية التى بين يدى، وإذا كنت قد تحدثت عن بيكار الرسام والصحفى (فى فصل سابق من الكتاب وكان من المتهمين الرئيسيين فى هذه القضية) فقد ذكرت اسمه صراحة، لأن بيكار نفسه هو الذى لم يرد إخفاء اسمه أو مساعدة الناس على نسيانه بجرأته فى إذاعة الأمر ومراسلة ومكاتبة الصحف والرد على من كتبوا عنه أو كتبوا عن القضية، وبدا فى هذا أنه يريد أن يستغل هذه الضجة، ليس فى الدفاع عن نفسه، ولكن فى النشر والترويج للبهائية، بينما التزم الآخرون الذين شملتهم نفس القضية الصمت خارج غرف التحقيقات وقاعات المحاكم.. ولهذه الأسباب لم أرد أن أعيد تذكيرالناس بهم، من باب الستر أو افتراض أن منهم من تاب وأناب وعاد إلى جادة الصواب. - فى كل الأحوال نحن لا نحاكم أشخاصهم، وهم أحرار فى معتقدهم، ولا نحاكم ضمائرهم أو نفتش فيها، ولكن نكتب من منطلق رفضنا لنشر الكفر فى مجتمع ارتضت فيه الأغلبية أن تُعلى عقيدة الإيمان، ومن منطلق التنبيه إلى خطورة هذه العقائد على أمن الوطن والمجتمع وجر البلاد والعباد إلى الأفكار التى تخدّم على العقيدة الصهيونية. - ومن بين 13 رجلا وامرأة شملتهم أوراق القضية 2266، هناك على الأقل أربعة كانت ديانتهم الأصلية المسيحية قبل أن يتحولوا إلى البهائية، وهذا واضح جدا من أسمائهم التى طالعتها فى أوراق القضية وأكدتها أقوالهم وهناك اسم خامس لامرأة التبس علىّ أمرها، وما قصدت أن أقوله من الملحوظة السابقة هو: أن البهائية تجتذب نسبيا عددا كبيرا من المسيحيين وذلك بسبب معتقدها فى التجسد وتقديم البهاء على أنه دورة أو عودة للمسيح على الأرض. (2) المتهم الثانى فى القضية رقم 2266 والحروف الأولى من اسمه: (م.ب.ع) قرر أنه يعتنق البهائية - قبل مثوله أمام جهتى التحقيق والقضاء - خمسة عشر عاما والشىء الغريب هو أن زوجته وابنته لا تعلمان شيئا عن ذلك، وأغرب منه أنه عندما سئل عن أنه تلقى التعاليم البهائية عن طريق المتهم الأول (ع . ع . ج) قرر أن هذا الشخص كان مسلما قبل أن يعتنق البهائية أما هو فكان مسيحيا، ومن مبادئ المسيحية أنها تنفى أى دين يأتى بعدها ولا تصدق مسلما، لكنه آمن بالدين الإسلامى بعد إيمانه بالبهائية (!!). (3) أقوال المتهمين فى القضية فيها إقرار واضح من أكثرهم أنهم غير متعمقين فيما يدينون به، وأوضح من ذلك لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد هذا الخلط الكبير بين العقيدة الدينية والأفكار السياسية، على سبيل المثال ما جاء فى أقوال المتهمة الثالثة (أ. ح. ر) من أن الديانة البهائية تقوم على مجموعة من المبادئ كوحدة الأديان والعالم الإنسانى وإيجاد لغة عالمية، وسبقها إلى هذا ما أقر به المتهم الأول (ع. ع. ح) أمام منصة القضاء حين قال إن من أهداف البهائية المناداة بنزع السلاح على أن تقوم هيئة الأمم بهذه المهمة مع تكوين جيش عالمى يتبع الأممالمتحدة ليحل مشاكل العالم (!!).. ولم يدرك هؤلاء المتهمون أن ما يقولونه هو من قبيل السياسة، وقالوا ادعاء إنهم مأمورون يإطاعة الحكومات واحترام القوانين الوطنية إلى آخره، والسؤال: كيف تحترمون السيادات والدولة الوطنية وأنتم تؤمنون بحكومة عالمية وجيش عالمى تابع لهذه الحكومة؟ هذا الأمر الذى تجلى لأعيننا الآن مثل الكابوس فى الأممالمتحدة وحلف الناتو أو الجيش الأممى التابع مباشرة للأمم المتحدة وهناك فى أمريكا الآن وقبل الآن من يدعو إلى دعم جيش الأممالمتحدة أكثر من دعم جيش الولاياتالمتحدة نفسه. (4) إسقاط الحكومات الوطنية والارتباط بكيانات عولمية فى الخارج والولاء لها وعدم احترام الرموز الوطنية مثل علم الدولة ونشيدها الوطنى، وإلقاء السلاح ورفض الخدمة فى الجيوش الوطنية بدعوى نشر السلام العالمى.. هذه هى العقائد الأساسية المستترة خلف شعار العقيدة البهائية، وسوف تجد مثلها فى القديانية، والطائفتان (البهائية والقديانية) خارجتان من المعسكر الإسلامى لذا يتصور البعض أنهما يركزان عملهما على المسلمين بينما تركز طائفتا شهود يهوه والأدفندست على المسيحيين وهذا خطأ. فالصياد يلقى بشباكه ليصطاد فريسته دون تمييز، وتندهش ممن يأتى الآن ليطلب حقوقا لهؤلاء فى الدستور بدعوى حرية العقيدة! (5) وإذا كان هؤلاء يجهلون العلاقة التاريخية بين البهائية والصهاينة فى فلسطين حتى قبل إعلان الكيان الصهيونى، نقول لهم إنه ثابت تاريخيا أن المحفل الرئيسى للبهائية فى عكا أقيم بأموال تبرع بها اليهود، وإن عباس إفندى (عبد البهاء) ابن مبتدع تلك الطائفة والوريث فى الحكم كان يستقبل زعماء الحركة الصهيونية فى مقره بجبل الكرمل قبل قيام إسرائيل بسنوات، وإن البهائيين قاموا بدور تبشيرى لصالح الصهيونية فى العالم العربى بل قاموا باقتفاء أثر الصهيونية فى دعوتها للخلاص بالعودة إلى أرض الميعاد (فلسطين)، وبهذا الخصوص كتبت لجنة تقصى الحقائق التابعة للأمم المتحدة وقبل قيام دولة إسرائيل الآتى «إن علاقة البهائيين باليهود فى فلسطين هى أعمق من علاقة المسلمين بفلسطين، وأن البهائيين يدعمون تشكيل دولة صهيونية». وفى أحد كتب عبد البهاء جاء: «أنت تلاحظ وترى أن طوائف اليهود يأتون إلى الأرض المقدسة من أطراف العالم، ويمتلكون القرى والأراضى ويسكنون ويزدادون يوما بعد يوم حتى تصبح جميع أراضى فلسطين سكنا لهؤلاء». وكان عباس إفندى يرى فى ذلك النجاح الذى بدأ اليهود يحققونه فى فلسطين على عهده دليلا على عظمة سلفه البهاء وعظمة دورته الإلهية! وفى 30 يونيو 1948 عقب إعلان الدولة اليهودية بعث حفيد البهاء والرئيس الثالث للطائفة ويدعى شوجى إفندى برسالة إلى بن جوريون - أول رئيس لدولة إسرائيل - يعبر فيها عن أطيب تمنياته من أجل رفاهية الدولة الجديدة، مشيرا إلى أهمية أن يتجمّع اليهود فى مهد عقيدتهم . ولن تستطيع الآلة البهائية الدعائية أن تنكر مثل هذه العلاقات حتى ولو قالت إن البهائيين دخلوا فلسطين قبل قيام دولة إسرائيل بسنوات طويلة، فالأيام دارت والعلاقات قامت وتوطدت تفضحها الأخبار الصادرة عن المجتمع والنظام البهائى نفسه.