قامت الدنيا ولم تقعد فى إسرائيل على الأديب الألمانى الحاصل على جائزة نوبل جينتر جراس (85 عاما)، وأعلن وزير الداخلية إيلى يشاى أن جراس أصبح (بيرسونا نون جراتا) أى شخصية غير مرغوب فيها فى إسرائيل، ولم تكن هذه المرة هى الأولى التى تعلن فيها إسرائيل أن صحفيا أو أديبا معروفا أصبح شخصا غير مرغوب فيه على أراضيها. والأديب الألمانى الذى يقرض الشعر أيضاً كل جريمته أنه كتب قصيدة من تسعة أبيات بعنوان (ما يجب أن يقال) ونشرها فى 3 صحف عالمية هى النيويورك تايمز الأمريكية وذى دويتشه تسايتونج الألمانية ولوريباوبليكا الإيطالية، يقول فيها إن إسرائيل لديها قوة نووية تعرص السلام العالمى للخطر، وأنها تحتفظ بهذه القوة سرا بعيدا عن الرقابة الدولية، كما اتهم ألمانيا أيضا بأنها تساعد إسرائيل فى تسليحها النووى، وذلك بإمدادها بالغواصات التى تقوم إسرائيل بتسليحها نوويا، ولذلك - على حد قوله - فإن ألمانيا هى الأخرى تشارك فى الجريمة. ودعا أديب نوبل المولود عام 1927 فى دنتسيج (تقع فى بولندا الآن) والمقيم فى مدينة ليبك الألمانية، قراءه إلى كسر حاجز الصمت فيما يتعلق بهذا الموضوع، وبرر صمته حتى الآن بخوفه من أن يتهم بالعداء للسامية. ووصف جراس الذى اشتهر عالميا عام 1959 بروايته (أصوات الصفيح) وحصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1999، وصف الغرب بأنه «متلون» فى تعامله مع إيران، وأن الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد ما هو إلا (فم كبير) على حد قوله، ولم يثبت إطلاقا أن إيران تمتلك قنبلة نووبة، وحذر جراس أيضاً من توجيه ضربة مسبقة إلى إيران يمكن أن تمسح الشعب الإيرانى من فوق الكرة الأرضية. وكان الأديب قد كشف قبل 6 سنوات عن أنه خدم فى صفوف النازى خلال الحرب العالمية الثانية، وقال فى مقابلة أجراها معه المؤرخ والكاتب الإسرائيلى «توم سيجف» ونشرتها صحيفة هآرتس العام الماضى (شعرت بالخجل.. كنت فتى صغيرا أحمق، وبعد الحرب أدركت ذلك وخجلت منه). وعلى الرغم من أن ما قاله جراس ليس جديدا وأنه حتى الأدباء الإسرائيليين أنفسهم مثل «دافيد جروسمان» قالوه ويقولونه فى كل يوم، فإنه أثار الكثيرين ومنهم رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» الذى هاجم جراس على صفحة الفيس بوك الخاصة به وكتب يقول (إن المقارنة المخجلة التى عقدها بين إسرائيل وإيران، النظام الذى ينكر الكارثة النازية ويدعو إلى تدمير إسرائيل، تقول القليل جدا عن إسرائيل والكثير عن السيد جراس.. فعلى امتداد ستين عاما أخفى السيد جراس ماضيه كعضو فى ال (فابين إس . إس) النازى، ولذلك لم أفاجأ عندما وصف الدولة اليهودية الوحيدة بأنها أكبر تهديد للعالم ويعارض تسليحها بالمعدات الدفاعية)! والمؤرخ والكاتب الإسرائيلى توم سيجف دعاه هو الآخر إلى الابتعاد عن السياسة والتفرغ للأدب وقال (على حد قولك فإنك كتبت قصيدتك بقطرات الحبر الأخيرة التى بقيت لك، وآمل أن يتبقى بعض الحبر لديك لكتابة رواية أخرى رائعة). أما الكاتب الصحفى «جدعون ليفى» فقد كتب مقالا بعنوان (أن نغضب من جراس ونستمع) قال فيه إن لإسرائيل أصدقاء كثيرين فى ألمانيا أكثر من غالبية الدول الأوروبية.. بعضهم يؤيد إسرائيل بصورة عمياء والبعض ينتباه الشعور بالذنب والبعض الآخر أصدقاء لكن لهم انتقاداتهم، لكن الوضع الذى يتهم فيه كل ألمانى يتجرأ على انتقاد إسرائيل بمعاداة السامية هو وضع لا يحتمل، ففى أعقاب مقال انتقادى نشرته قبل سنوات فى صحيفة (دى فيلت) الألمانى، قال لى رئيس التحرير (لا يمكن لأى صحفى من صحفيينا أن يكتب مثل هذا المقال)! وبطبيعة الحال توقفوا عن دعوتى للكتابة فى الصحيفة، وبمرور الوقت تمت مطالبة كل صحفى ينضم إلى شبكة الصحف العملاقة (إكسل شبرينجر) بالتوقيع على التزام بعدم الكتابة فى أمور تشكك فى حق إسرائيل فى الوجود، وهو وضع غير صحى أفرز فى النهاية انتقادات مبالغ فيها مثل انتقادات جراس.