اعلموا جيدا أيها العرب أن الغرب كله لا يريد لكم ديمقراطية.. فقد حرّموا على الشعوب العربية الحرية منذ أكثر من قرنين، لأن الاستعمار الغربى جثم على صدورنا بداية من الحملة الفرنسية فى 1798 وعشنا تحت فوهة السلاح حتى منتصف الستعينيات، ومن قبلها الحملات الصليبية وقدمت خلالها الشعوب الغالى والنفيس، وثارت على الاحتلال لتحيا حياة الحرية والكرامة، وعندما حان الوقت أن يحكمها أبناؤها وبدأت فى التقاط أنفاسها أعلن حكامها الخضوع والتبعية لأمريكا والغرب وسلطوا على شعوبهم أفواه البنادق ليحكموهم بالحديد والنار، ولكن هذه المرة بأيدى أبنائهم الخونة. والغريب أن تجد عددا من مفكرى الغرب ينحنون إجلالا وتقديرا لثورات الربيع العربى مثل «أفرام ناعوم تشومسكى» المفكر الأمريكى والناشط السياسى وأستاذ اللغويات، والمعروف عنه المعارضة للسياسة الخارجية الأمريكية.. ويقول إن مبارك فى مصر لا يختلف كثيرا عن الديكتاتور تشاوتشيسكو فى رومانيا، لأنه كان يتمتع بحماية وحب أمريكا وانجلترا حتى قبل سقوطه بقليل.. ويؤكد أن ما يحدث فى مصر وبقية دول الربيع العربى يظهر مستوى الشجاعة مما يجعلنا نرى صعوبة فى ايجاد حالة مشابهة.. فثورة مصر قامت ضد تركيز الثروة فى يد قلة وضد الفساد وتدنى الخدمات. ويشير ناعوم إلى تصاعد الكراهية فى الشارع العربى تجاه أمريكا وهو ما يقره استطلاع للرأى من قبل مؤسسات أمريكية يصفها بأنها محترمة مثل مؤسسة «بروكنج» وهذه يندر نشرها، لأنها توضح أن 80% إلى 90% من العرب يرى إسرائيل وأمريكا تشكلان أكبر تهديد لهم.. ويؤكد على أن أمريكا وأوروبا تخشيان قيام ديمقراطية حقيقية فى المنطقة، ولذلك تحاولان بشتى السبل الممكنة وغير الممكنة عرقلة نهضتها ولا ترغب فى حكومة عربية تعارض مصالحها أو تطالب بالحرية، ثم يقول إذا كان ولابد من التعاون، فمن خلال شروط محددة وخطوط لا تتجاوزها الحكومات الجديدة. ويستطرد قائلا: إن الأسد كان مرضيا عنه من وجهة نظر إسرائيل ولا يتمنون رحيله، ولكن إذا حدث ورحل فيتطلعون إلى نظام جديد يقبل التعاون معها ويغض الطرف عن سياساتها، ولكن إذا جاءت الأحداث بما لا تشتهى السفن فسيكون الوضع أكثر قلقا واضطرابا لها. أما المفكر الألمانى «يورجن توديهوفر» فيعلن صراحة أن الغرب ساعد ودعم الحكام العرب المستبدين بلا خجل على قمع شعوبهم كى يتبنوا سياساتهم الاستعمارية فى مقابل حصولهم على السلاح والمال وأنهم كانوا فى محاولات مستمرة حتى لا تسقط هذه الأنظمة ووأد الحريات فى المنطقة. ويتعجب من صبر وجلد الشعوب العربية العيش تحت ظل هذه الديكتاتوريات. ويقول لم أشاهد فى حياتى شعوبا تحملت مثل هذا الظلم والاستبداد لسنوات طويلة حتى تمكنت الحمى الثورية من الجماهير وسرعان ما انتشرت كالنار فى الهشيم، ثم ينقلنا إلى مشهد آخر فى تصوير إعلام الغرب المجموعات الإرهابية المتطرفة كالقاعدة أنها الخصم الخطير للحكام العرب حتى يبرر دعم هذه الأنظمة من خلال حملات إعلامية مستمرة وممنهجة. وها هى ذى النتيجة.. ثورة ضد الصورة المشوهة التى صنعها الغرب بعناية عن الإسلام «البعبع». *** ** سؤال محير يطرح نفسه بعد ثورة يناير.. لماذا هذه الكراهية من بعض الدول العربية والتى مازلنا نصفها بالشقيقة ونستنتجها فى ردود أفعالهم المتتالية تجاه مصر؟.. فمنذ أيام رفضوا تصدير السولار والبنزين والبوتاجاز إلا بعد الدفع فوريا ونقديا مع العلم بأن إيران يمكن الاستيراد منها بتسهيلات فى الدفع، إلا أن الحظر الدولى يمنع ذلك وهو ما صرح به هانى ضاحى الرئيس التنفيذى لهيئة البترول ونسمع أيضا عن حالة تعمد مع سبق الإصرار والترصد لمحاربتهم للاقتصاد المصرى.. والفرج قريب إن شاء الله ومصر لن ترد الصاع صاعين.