يأتى ثراء الأفكار التى يقدمها أنها كانت خلاصة تجربة حياتية مر خلالها بمحطات كثيرة ، فيها التشدد فى أقصى صوره فى مرحلة الشباب التى قادته إلى العنف ثم السجن ، وفيها الرجوع الى الحق والمراجعات والإعتراف بالخطأ والندم عليه ، وصولا للخروج إلى النور بعد تكوين رؤية إسلامية تقوم على السماحة والفهم الصحيح للدين وتوجيه الكثير من النصح والنقد للمتصدين للعمل الدعوى والسياسى من الإسلاميين ، وفى هذا الحوار رأى د.ناجح إبراهيم القيادى فى الجماعة الاسلامية أن كل الطرق تؤدى الى الرئيس التوافقى الذى سيكون من خارج التيار الاسلامى وله علاقات جيدة بالداخل والخارج ، كما رأى أن لجنة إعداد الدستور يجب ألا تقتصرعلى البرلمان وإنما لابد أن يشارك فيها كل أطياف المجتمع لأنه لو قام فصيل واحد بوضع الدستور فلن يكون له قيمة.وحول رأيه فى أداء البرلمان صاحب الأغلبية الإسلامية حتى الآن ، قال إن محصلة عمل البرلمان حتى الآن سيئة للغاية ، فالمشكلات تتزايد فى الشارع والنواب مشغولون بالمعارك المفتعلة. والى نص الحوار . * هناك كثير من الأسماء أعلنت عن خوضها سباق الرئاسة بعضها محسوب على التيار الإسلامى وأخرى من خارجه فما هو أقربها للفوز فى رأيك؟ ** بداية أنا لن أحدد شخصا بعينه على أساس أن ما نحتاج إليه فقط هو رئيس لنا خلال الفترة القادمة ولكننى سوف أضع بعض الشروط الواجب توافرها فى المرشح الذى سنختاره ومنها أن يكون له سابق خبرة عملية فى السياسة والعلاقات الدولية والفهم الصحيح للحريات العامة وللإسلام، على أن تكون هذه الخبرة العملية قبل الثورة وحتى لا تتكرر مأساة كالتى حدثت مع البشير فى السودان وأدت إلى تقسيمه، أو التى حدثت مع عبد الناصر وأدت إلى هزيمة 67 نتيجة عدم الخبرة السياسية.. إننا نريد مرشحا له سابق خبرة وليس واعظا وخطيبا فكلنا يحسن الوعظ والخطابة وكتابة البرامج.. نريد شخصا محنكا يحظى بالقبول من عوام المصريين والمسيحيين والحركة الإسلامية والليبراليين واليساريين وأن تكون له علاقات جيدة مع الجيش وكافة المؤسسات الحيوية فى الدولة وكذلك علاقات مع الدول العربية لأنه لن يعمل من فراغ ولابد أن يكون مدركا لحقيقة الوضع العربى والإقليمى الذى يعمل من خلاله فرئاسة مصر ليست بالأمر السهل. *هل هذا هو رأى الحركات الاسلامية بالنسبة للمرشح المطلوب لقيادة المرحلة القادمة؟ **الحركة الاسلامية منقسمة بالنسبة للمرشح الذى ستدعمه، فمثلا شيوخها الناضجون سيفكرون فى المرشح وفقا للشروط التى حددتها من قبل، أما شباب الحركة فهؤلاء سيسيرون وراء عواطفهم وسيجذبهم المرشح الخطيب الواعظ الذى يدغدغ مشاعرهم بالخطب الرنانة، وبعضهم سيختار وفقا لتوجهات الفصيل التابع له. فإذا رأى الإخوان ترشيح فلان فسيصوتون لهذ الفلان، وإذا رأى السلفيون أن علانا أحق فسيصوت أتباعهم له وهذا فى رأيى سلبية كبيرة، فالمفروض أن يترك لكل إنسان الحرية ليختار من يشاء من المرشحين، وأنا هنا أدعو شباب الحركة الإسلامية الى إدراك أن منصب الرئيس شىء والواعظ والخطيب شىء آخر، فنحن لدينا الكثير من الوعاظ الجيدين ولكن هناك قلة فقط التى تصلح للرئاسة. أزمة كبيرة *فى رأيك من هو الأقرب إلى قلب شباب السلفيين من المرشحين المحتملين للرئاسة؟ **شباب السلفيين سيختارون حازم صلاح أبو إسماعيل، أما فى حزب النور فلن يختاروه وهذا سيوقع الحزب فى أزمة كبيرة لأنهم عندما يعلنون عن دعم مرشح آخر غيره سيتساءل شباب السلفيين لماذا لم يساند الحزب المرشح الذى يدعو إلى تطبيق الشريعة، وأعتقد أن هذه الأزمة لن يحلها إلا ترشح رئيس الحزب د. عماد عبد الغفور على منصب الرئاسة. *وماذا عن شباب الإخوان؟ **المسألة أسهل كثيرا عند شباب الإخوان فهم سيسيرون وراء قياداتهم لأنهم تربوا على مبدأ السمع والطاعة وعندهم ثقة كبيرة فى حسن اختيار هذه القيادات للمرشح الرئاسى، ولكن قد تحدث مشكلة إذا رغب البعض من هؤلاء الشباب فى دعم عبد المنعم أبو الفتوح الذى ترفضه الجماعة وأن كنت أرى إن هذه المشكلة وإن حدثت فلن تستمر وقتا طويلا. *فى الفترة الأخيرة ظهرت على السطح فكرة المرشح الثنائى مثل حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح بحيث يكون أحدهما رئيسا والثانى نائبا له فما جدوى هذا الطرح من وجهة نظرك؟ **هذا الطرح يحل أزمة، فهو سيفيد الاثنين من حيث تجميع أكبر عدد من الأصوات لهذا الثنائى سواء كان حمدين وأبو الفتوح، أو سليم العوا وأبو الفتوح، ولكن هذا لاينفى أنه ستظل هناك مشكلة بالنسبة لأبو الفتوح أن الإخوان والسلفيين والمسيحيين لن يعطوه أصواتهم، أما العوا فهو لن يأخذ صوتا من السلفيين فهم يتهمونه بالموالاة للمذهب الشيعى وكذلك الأمر مع الإخوان والمسيحيين. فى حين لن يأخذ عمرو موسى أصواتا من الإسلاميين إلا اذا أبرم اتفاقا محددا مع الإخوان، ولكنه سيحصل على أصوات من المسيحيين والليبراليين، وأخيرا وبالنسبة لشفيق فلن يعطيه الليبراليون والإسلاميون والثوريون أصواتهم. *هل يعنى ذلك أن الرئيس التوافقى ربما يكون هو الحل؟ **غالبا سيأتى رئيس يتوافق عليه الإخوان والمجلس العسكرى والمسيحيون والوفد وبعض الأحزاب الليبرالية. وقد يدخل فى هذه الصفقة بعض الأحزاب الاسلامية وهو مايمكن أن نطلق عليه الرئيس التوافقى، وبحيث يكون لكل المشاركين فى الصفقة نصيب من الوزارات الحكومية على أن تترك الوزارات السيادية الداخلية والدفاع والخارجية للمجلس العسكرى، أى نستطيع القول بأن كل الطرق تؤدى إلى الرئيس التوافقى الذى يحترم الهوية الاسلامية ولكنه لن يكون من التيار الاسلامى وسيكون مقبولا من الداخل ومن الدول العربية والكبار فى العالم. فرق شاسع *ننتقل الى التجربة البرلمانية الحالية فما هو رأيك فى أداء النواب سواء من الاسلاميين أوالليبراليين حتى الآن؟ **معظم الذين فازوا فى هذه الانتخابات من الحركات الإسلامية كانوا دعاة وقادة فى محافظاتهم لهذه الحركات الإسلامية وكانت مهمتهم الأساسية هى الدعوة إلى الله. أما اليوم فهم رجال دولة وهناك فرق شاسع بين فقه الدعوة وفقه الدولة وحاجات الدعوة ومتطلبات الدولة وخطاب الدعوة وخطاب الدولة وإذا لم يدرك هؤلاء هذا الفرق العميق وقعوا فى أخطاء قاتلة، الأمر الآخر هو أن غالبية الأحزاب مازالت فى بداياتها وخطؤها الكبير هو اعتمادها على أهل الثقة والولاء دون الكفاءات وهؤلاء يفتقرون إلى خبرات سياسية سابقة، ويكفى أن البرلمان به الكثير من الأعضاء حاملى الشهادات المتوسطة، ومن هنا كانت الخناقات والاعتداءات وافتعال الأزمات التى لاتفيد، فى الوقت الذى استمرت فيه مشاكل نقص البوتاجاز ورغيف الخبز والمواصلات صارت أسوأ مما كانت عليه وزادت تعريفة الركوب ومخالفات المبانى والاعتداء على الأراضى الزراعية فى كل أنحاء مصر، أى أن محصلة عمل البرلمان حتى الآن لاشىء. *ما هو رأيك فى الإجراءات التى اتخذها حزب النور ضد نائبه البلكيمى بعد واقعة عملية التجميل؟ **الاعتراف بالخطأ والاعتذار أمر جيد للغاية، كما أن فصل هذا النائب كان مطلوبا وأعتقد أن تلك الواقعة ستعلّم حزب النور درساً لن ينساه وهو أنه لم يكن موفقا عندما ضم اناسا ليسوا مؤهلين للعمل العام والبرلمانى مثل البلكيمى، أما الدرس الآخر الذى تعلمه هذه الواقعة لعموم الناس فهو أن الحزب الاسلامى ليس هو الإسلام، فالحزب قد يكذب. أما الاسلام فلا يمكن أن يكذب، كما تعلم قيادات وشباب حزب النور أن النور كغيره من الاحزاب والجماعات قد يخطىء ويصيب ويصدق ويكذب وعليه أن يقبل النقد وأن نقده ليس نقدا للإسلام. *ألا ترى أن هذا هو ما تنادى به القوى المدنية من ضرورة فصل الدين عن السياسة؟ **ما قلته لا يعنى فصلا للدين عن السياسة، إنما فصلا لكل ماهو دعوى عما هو حزبى، لأنه لايستطيع أحد سواء كان حزبا أو جماعة أو شخصا ما أن يدّعى أنه الممثل الحصرى للإسلام. *فى تصورك ماهو الشكل الأمثل الذى يجب أن تكون عليه لجنة إعداد الدستور؟ **إعداد الدستور يجب ألا يختص به مجلس الشعب بمفرده لأن مواده ستكون للجميع، ولذلك يجب أن تشارك فيها كل الأطياف من أهل الكفاءة من البرلمان والحكماء من الشخصيات المشهود لها بالوطنية، ثم يصوغه الفنيون من أساتذة القانون الدستورى، فالتوافق المجتمعى على الدستور يجعل له قيمة، أما إذا وضعه الإسلاميون بمفردهم فلن يكون له قيمة، أى أن التوسع فى عملية تشكيل اللجنة سيفيد الإسلاميين أكثر من غيرهم من الطوائف الأخرى، وعموما فعظم القضايا المتعلقة بمواد الدستور عليها توافق وهناك مسودات معدة بالفعل للدستور. *توافق حتى على المادة الثانية القديمة الخاصة بالشريعة الاسلامية التى مثلت إشكالية كبيرة فى السابق؟ **الجميع بما فيهم الأقباط يقبلون بالمادة الثانية، وإذا أراد الأقباط أن يضيفوا إلى تلك المادة ما يفيد أن من حقهم الاحتكام الى شرائعهم فأنا لا أرى جديدا أو عيبا فى ذلك مادام هذا يطمئنهم، وخصوصا أنه يتفق مع الشريعة الإسلامية. *ننتقل الى نقطة أخرى تتعلق بالفجوة الكبيرة التى حدثت بين الثوار ورجال الدولة سواء المجلس العسكرى أو حكومات الثورة فما أسبابها من وجهة نظرك؟ **المشكلة الرئيسية من وجهة نظرى هى أن بعض الثوار لم يفكروا يوما أن يتبادلوا الكراسى مع الحكومة والمجلس، وأن يفرقوا بين الثائر الذى يريد هدم الفساد باستمرار وبين رجل الدولة الذى يريد البناء باستمرار، بين الثائر الذى يقدم الحماسة والاندفاع على العقل والحكمة، ورجل الدولة الذى يقدم الحسابات الدقيقة ولا يعرف لغة الحماسة والاندفاع على الإطلاق. الثائر يريد محاسبة جميع الذين ظلموا وأفسدوا فى العصر الماضى، ووضعهم كلهم فى السجون سواء أدانهم القضاء أو لم يدنهم، أما رجل الدولة فهو ملتزم بالقانون ويريد العدل وسيادة القانون مهما برأت ظالما، أو أخرجت فاسدا من السجن، ويعلم أن تبرئة مائة ظالم أفضل فى ميزان العدل والشريعة من اتهام مظلوم بغير حق، والثائر يريد محاكمة كل رجال الأعمال الذين أكلوا أموال الناس بالباطل، مهما كان دورهم فى الاقتصاد المصرى، ومهما كان حجم الأموال التى ضخوها فى هذا الاقتصاد بل يرى شنقهم، ورجل الدولة يرى أن محاكمة الجميع وسجنهم، ستكون رسالة شديدة اللهجة إلى كل مستثمر مصرى أو أجنبى يستثمر فى مصر، إن هذا مصير الجميع فى يوم من الأيام، ويستحضر رجل الدولة تجربة عبد الناصر فى التأميم، وكيف أدى ذلك إلى تطفيش كل رؤوس الأموال من مصر. فهذه فى رأيى هى المشكلة الحقيقية بين الثوار والمجلس العسكرى وحكومات الثورة ، إنها أزمة فكر بين جيلين. الهدم والبناء *هل يعنى ذلك من وجهة نظرك أن الثائر لايصلح للحكم؟ **دعنى أقل إن الثائر عادة فى عمر الشباب يريد التغيير السريع ولا يؤمن بسنة التدرج، كما أن بعض الثوار يرى أن جيله هم الأحق بالقيادة، والثائر يريد أن يهدم الكون ثم يعيد بناءه على طريقته الخاصة وقد ينجح فى الهدم ولكنه يفشل فى إعادة بنائه بطريقة أفضل. والثائر عادة لا يصبر حتى يحدث الزمن أثره فى تغيير المجتمع وقد يعمد إلى الشدة مع معارضيه، وينسى أنه الآن فى سدة الحكم وعليه أن يصبر ويصفح. والثائر قد يلجأ إلى الانتقام ممن ثار عليهم ويعتقد أن الانتقام السريع هو الحل الناجح للمشكلات. وإذا تأملنا التاريخ وجدنا أن القذافى كان ثائرا، فلما تولى الحكم قاد ليبيا بالجنون والسفه والسوط والسيف والقتل والسجون والمعتقلات، وصدام حسين كان ثائرا يضرب به المثل فى الجلد والعزم والحزم فلما تولى الحكم قصف شعبه بالغازات الحربية المحرمة فى الحروب، وعبد الناصر رغم حسناته العظيمة وعفة يده فإنه ألغى التعددية الحزبية والديمقراطية، وقد ثرنا فى شبابنا على السادات وأنهينا حكمه وبعد سنوات من اعتقالى وصلت إلى حقيقة مهمة مفادها أننا لم نكن مهيئين وقتها للحكم وأنه من رحمة الله بنا أننا لم نصل يومها إليه. *خلال الأيام الماضية كانت هناك تعديات كبيرة على المسجد الاقصى وكلما حدث هذا تتصاعد الدعوات التى تطالب بالتحرك الشعبى لتحرير القدس فما رأيك فى مثل هذه الدعوات وخاصة أن بعضها طالب من قبل بالزحف الشعبى إلى إسرائيل؟ **إننا لن نحرر الأقصى بمجرد العواطف أو المشاعر وبالكلام عن الزحف الشعبى ولكن بالبذل والجهد والعمل والبحث العلمى والتقدم التكنولوجى ومحاربة الفساد والسرقة والرشوة وعودة الأمن والأمان وأن نتحرر أولا من حالة الفوضى واللامبالاة التى نعانى منها، فلن يتحرر الأقصى إلا بعد أن تكون مصر قوية فى كل شىء كما حدث من قبل مع صلاح الدين والصليبيين وقطز والتتار، وعلينا أن نفرق بين عاطفتنا الصادقة لرؤية اليوم الذى يتحرر فيه الأقصى وبين أن نزج ببلادنا فى أتون حرب وهى مازالت تعانى من أعراض أمراض مزمنة عاشتها منذ 30 عاماً كاملة وهى لم تتعافَ منها بعد،علينا بتفعيل فقه الأولويات وفقه المصالح والمفاسد فى الأجيال المقبلة حتى نتفادى الحرائق والهزائم داخل مصر وخارجها. *ولكن ألا ترى أن هذا يتعارض مع الدعوة الى الجهاد التى هى من أهم الفرائض الاسلامية؟ **الجهاد وسيلة وليس غاية، وتحويل الوسيلة إلى غاية يضر بالوسيلة والغاية معا، والبعض فعل ذلك، فجعل الجهاد للجهاد والقتال للقتال، وليس إعزازا للدين وحماية لبلاد المسلمين، فقاتل فى المكان الخطأ وفى الزمان الخطأ وبالطريقة الخاطئة، فأضر المسلمين وبلادهم وحركاتهم وأضر بسمعة هذه الفريضة العظيمة بين المسلمين وغير المسلمين. *وأخيرا هل هناك رسالة معينة تحب أن توجهها للإسلاميين وخاصة بعد أن حققوا الأغلبية الإسلامية فى كل من مجلسى الشعب والشورى وفى طريقهم لتشكيل الحكومة وربما يكون الرئيس القادم من بين صفوفهم؟ **على الحركة الإسلامية ألا تظن أنها أتت إلى الحكم لتعلم الشعب المصرى الإسلام من جديد لأنها إذا فعلت ذلك فستقع فى خطأ كبير، فهناك من بين أبناء هذا الشعب من هم أعمق فهما للإسلام وأكثر تطبيقا لمبادئه من بعض الإسلاميين،لذا ينبغى على الإسلاميين أن يدركوا أنهم جاءوا إلى الحكم لخدمة الشعب المصرى وحل مشاكله وإزالة الفساد الذى تفشى فى مؤسسات الدولة وإقامة العدل بين القريب والبعيد، والمسلم والمسيحى، والإسلامى والليبرالى. فالعدل أهم ما يحتاج إليه المصريون اليوم من الإسلاميين وهم فى سدة الحكم. نريد أن نعيد للإنسان المصرى كرامته المفقودة، وأن نعطى للآخرين نموذجا للدولة الحديثة التى تجمع بين ثوابت الإسلام ومفاهيم الدولة العصرية الحديثة، وأن نقبل محاسبة ونقد الشعب لنا دون أن تأخذنا الحساسية الدينية أو أن نصف كل ناقد لنا بأنه يعادى الإسلام أو يحارب الحكم الإسلامى. فالإسلام يختلف عن الحركة الإسلامية، والإسلام يختلف عن الحكم الإسلامى، فالأول معصوم والثانى غير معصوم، وأن نعالج عشرات العلل المحلية والوافدة التى نخرت فى كيان المجتمع، وأن نعلم أننا لسنا أسيادا للناس، لأننا وصلنا للحكم، بل خدم للشعب المصرى العظيم، كما علينا أن نقاوم التكاسل والشللية والنفعية وتقديم الثقات، وكل هذه الامراض التى أصابت كل المجتمع بلا استثناء، ولم تصب مؤسسة الحكم فقط، وأن نقاوم التوريث الذى ضرب مجتمعنا فى مقتل فهو لم يصب مؤسسة الرئاسة فحسب. إنما نجده فى المصنع والقضاء والنيابة والتدريس فى الجامعات والبترول والكهرباء.