فى الأعراف الطبية.. دقيقة واحدة قد تنقذ حياة مريض؛ ولكن فى مستشفياتنا الحكومية قد يستغرق أهالى المريض ساعات طويلة فى الانتقال به من مستشفى إلى آخر أملا فى الحصول على سرير فى العناية المركزة لإنقاذه من الموت. الغريب أن عددا كبيرا من المستشفيات إذا توافرت لديه أسَّرة لاستقبال الحالات الطارئة التى تحتاج لعناية مركزة تشترط الحصول على مبالغ مالية قبل دخول المريض، وتفرض رسوما يومية باهظة لايطيقها أغلبية المواطنين. «أكتوبر» فتحت هذا الملف الصحى الخطير والتقت بعدد من مديرى المستشفيات الحكومية للوقوف على حقيقة الأزمة التى تهدد حياة آلاف المصريين بصورة يومية.فى البداية يقول الدكتور محمود الشناوى مدير مستشفى الهلال: إن المستشفى الذى تأسس سنة 1937 م كمركز متخصص فى جراحات العظام والطوارئ وجراحات المفاصل يوجد به262 سريرا منها17سريرا للرعاية المركزة و 4 عناية متوسطة و5 لرعاية قلب مؤكدا أن هذا العدد من الأسرة غير كاف وتجب زيادته للتمكن من علاج جميع المرضى المحتاجين لهذه الأسرَّةوايضا للقضاء على مشكلة دوران أهالى المرضى على المستشفيات لإيجاد سرير خالً مشيرا الى زيادة الضغط على المستشفى واستمرار إشغال هذه الاسَّرة طوال الوقت بالاضافة الى تحويل بعض المستشفيات مرضى العناية المركزة علينا وخاصة مرضى الحوادث لاننا المستشفى الوحيد على مستوى الجمهورية المتخصص فى جراحات العظام. ويشير مدير مستشفى الهلال الى أن إجمالى عدد المترددين على المستشفى شهريا يبلغ 14 ألف مريض منهم12 ألفا للعلاج الداخلى و2000 مريض للطوارئ و800 علاج مجانى وتبلغ نسب الاشغال بالمستشفي80% فى الوقت الذى يعمل بالمستشفى 383 طبيبا منهم 145 استشاريا. أزمة مستشفى المنيرة وأوضح الدكتور محمد شوقى مدير مستشفى المنيرة العام أن المستشفى مكون من 312 سريرا منهم 12 سريرا فقط عناية مركزة مما يدل على وجود أزمة ليست فى مستشفى المنيرة فقط ولكن فى جميع المستشفيات الحكومية والجامعية مؤكدا على وجود مكان بالمستشفى يسع 20 سريرا للعناية المركزة ولكن المشكلة فى ارتفاع تكلفة السرير الواحد. وأكد على ان المستشفى يقوم بعلاج جميع المترددين عليه مجانا، ولهذا فإن الضغط عليه كبير فى حين تحصل باقى المستشفيات على 1500 جنيه من المريض عن اليوم الواحد. أما عن الأطباء فأكد مدير مستشفى المنيرة عدم وجود مشكلة فى الأطباء بالاضافة الى وجود حلول فى حالة وجود عجز فى الاطباء من خلال إعادة توزيع الأطباء على الأقسام والتنسيق بين الأطباء ويقول د. محمد شوقى: يتردد على العيادات الخارجية لمستشفى المنيرة 40 الف مريض شهريا بمعدل نصف مليون مريض سنويا بالاضافة الى إجراء 700 عملية جراحية شهريا ويستقبل المستشفى 800 حالة طوارئ يوميا. وأشار الى أن وزارة الصحة أرسلت 4 ملايين جنيه للمستشفى مخصصة للإنفاق على العمليات الجراحية فقط بالإضافة إلى 3 ملايين جنيه فى شهر أكتوبر الماضى لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية مما أدى إلى تحسين الخدمة الطبية المقدمة للمرضى للقضاء على أغلبية مشاكل العلاج المجانى لتوفير كافة الامكانات والاحتياجات. نقص الكوادر من جانبه أكد الدكتور سيد غزلة مدير مستشفى بولاق الدكرور العام على وجود أزمة كبيرة على مستوى جميع المستشفيات الحكومية فى أسَّرة العناية المركزة بالإضافة إلى النقص الشديد فى القوى البشرية المتعاملة مع هذا التخصص الحرج سواء من أطباء أو تمريض. وأشار إلى وجود 9 أسَّرة عناية مركزة فى المستشفى، مشيرًا إلى ضرورة زيادة هذا العدد إلى 30 سريرًا بكل أجهزته كأجهزة التنفس الصناعى والمونيتور وغيرها من الأجهزة المصاحبة لأسَّرة العناية المركزة وبالتالى النقص ليس فى الأسرة فقط ولكن أيضًا فى الأجهزة والأطباء والتمريض، وتوفير جانب دون الآخر يعنى استمرار الأزمة لذلك يجب حل الأزمة بجميع جوانبها. وأشار غزلة إلى استقبال المستشفى 2500 حالة يوميا بالإضافة إلى إجراء أكثر من 1000 عملية جراحية شهريا لافتا إلى أن المستشفى يخدم منطقة قوتها تفوق المليون ونصف المليون مواطن بالإضافة إلى مشاركة المستشفى فى علاج عدد كبير من المصابين فى الأحداث التى شهدتها البلاد. وتطرق إلى أن ميزانية المستشفى خمسة ملايين جنيه فقط نحتاج مضاعفتها للقدرة على علاج المرضى غير القادرين وشراء بعض الأجهزة الطبية كالأجهزة الخاصة بغرف العناية المركزة والتى يوجد بها نقص كبير فى المستشفى إلا أن الوزارة أرسلت 3 ملايين جنيه مؤخرا الماضى للمستشفى لدعم العلاج المجانى. سرير لألف مواطن ويؤكد الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة على أن عدد الأسرَّة فى المستشفيات الحكومية أقل من النسب العالمية بمعدل سرير لكل ألف مواطن وهذا بسبب ضعف الميزانية وضعف المرتبات ونقص المستلزمات الطبية مما يؤثر على التزام الأطباء بالعمل فى المستشفيات الحكومية مما أدى إلى انخفاض نسب الإشغال إلى 30% فى المستشفيات المملوكة لوزارة الصحة مضيفا: أن هذا أدى إلى وجود ضغط شديد على مستشفيات المعاهد التعليمية نتج عنه نقص فى أسرة العناية المركزة لعدم القدرة على تغطية جميع المرضى خاصة بعد انخفاض ميزانيتها 25%. وقال إن هناك نقصاً فادحاً فى أسَّرة العناية المركزة يصل إلى 75% مما يهدد حياة الكثير من المرضى , لافتا الى زيادة الاحتياج لأسَّرة العناية المركزة فى فصل الشتاء لزيادة الاصابة بالجلطات الرئوية والقلبية. وعن الحل الأمثل لهذه الأزمة أكد على ضرورة زيادة عدد الأسَّرة ليصل إلى 5 أسرَّة لكل ألف مواطن و زيادة عدد أسرة العناية المركزة ليمثل 15 % من عدد الأسرة فى المستشفيات لنتساوى مع الدول النامية وليست المتقدمة بالإضافة إلى زيادة ميزانية الصحة لتصل إلى 15% لافتا إلى أن حجم الانفاق الحالى على الصحة لا يتجاوز 5% وبالتالى نحن أقل بكثير مما يجب أن نكون. من جانبه اعترف الدكتور عادل العدوى مساعد وزير الصحة لشئون الطب العلاجى بوجود نقص فى أسرَّة العناية المركزة وحضانات الأطفال حديثى الولادة بالمستشفيات الحكومية بشكل عام بالإضافة إلى نقص فى خدمات أقسام الطوارئ والحوادث والاستقبال وهو ما يجب النظر إليه والقضاء عليه خلال الفترة المقبلة.