شهدت الجلسات التى عقدت الأسبوع الماضى لمحاكمة القرن مفاجآت من العيار الثقيل فى مرافعة النيابة العامة التى قربت الرئيس السابق وأعوانه ونجليه من حبل المشنقة بعد أن قدممت العديد من أدلة الثبوت فى القضية المتعلقة بوقائع قتل المتظاهرين خلال 25 يناير. كما استعرضت النيابة العديد من الأوراق والمستندات الدالة على فساد مبارك وحاشيته وتكريسه على مدى ثلاثين عاما قضاها فى حكم مصر من أجل تحقيق مصالحه الشخصية ساعياً إلى توريث نجله، مطلقاً العنان لمعاونيه ووزير داخليته حبيب العدلى ليعيث فى الأرض فساداً باستخدامه للعنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين من أبناء الشعب المصرى فضلاً عن أساليب القمع الوحشية التى اعتاد على استخدامها لكبت الحريات ووأد أية محاولات للتصدى للفساد. وكانت النيابة العامة قد قالت فى مرافعة اليوم الأول - الثلاثاء - الماضى إن فترة حكم مبارك شهدت فساداً كبيراً، وأنه منح الفرصة لحاشيته من أجل استغلال مناصبهم والتربح بطرق غير مشروعة، كما أن سعى إلى توريث نجله الحكم، بالإضافة إلى أنه أطلق العنان لوزير داخليته حبيب العادلى من أجل البطش والعنف بالمواطنين واستخدام كل أساليب القمع. وفى وقائع الجلسة الثانية الأربعاء الماضى والتى غيرت مسار القضية قال المستشار مصصطفى سليمان المحامى العام وومثل النيابة، إن الداخلية والأمن القومى قصرا فى تقديم الدعم والمعلومات للنيابة فى القضية، وقال إن النيابة العامة مارست دورين فى هذه القضية لأول مرة معا، حيث قامت بالاستدلال وعمل التحريات وجمع المعلومات والتحقيق فى القضية معا. وقال إن النيابة بدأت مباشرة الدعوى فى 16 فبراير الماضى، فى ظل الانفلات الأمنى وغياب المعلومات وخاطبت وزارة الداخلية للوصول لبعض المعلومات حول القضية، إلا أن الوزارة كانت الخصم والحكم فى نفس الوقت، فامتنع عدد من المسئولين فيها عن إمدادنا بالمعلومات اللازمة، فلم يكن أمامنا سوى اللجوء إلى هيئة الأمن القومى للحصول التحريات والمعلومات اللازمة، فخاطبنا الجهاز ورد علينا بعدها بأكثر من أسبوع، وقال إنه ليس لديه أية معلومات أو تحريات حول القضية، وذلك مثبت فى أورواق رسمية بيم يدى المحكمة. وفى الجلسة الثانية الخميس الماضى قال المستشار مصطفى سليمان المحامى العام: أولاً بالأمس قمنا باستعراض الأحداث والتى انتهت بالشروع فى قتل متظاهرين سلميين عن طريق ضرب النار ودهسهم بسيارات والذى قام بذلك رجال الشرطة أنهم أدوا هذه الأفعال بصفتهم الوظيفية. فالمظاهرة العشوئية لها نظام أما فى واقعتنا التى عمت اثنتى عشر محافظة فى مصر بدأت من 25/1/2011 إلى 31/1/2011 حدثت خلال هذه الأيام وقائع قتل فى الميادين وتوصلنا بحكم القانون أنه لا يتصور أن تكون المظاهرات اعتراضنا على النظام الحاكم الذى يعتليه المتهم مبارك دون تدخل والمنطق يقول هناك اتفاق بين رئيس الجمهورية السابق ووزير الداخلية لإنقاذ الموقف وحمايته كرسيه. وأضاف رئيس لجمهورية وفقا للدستور له صلاحيات كبيرة فى إدارة شئون البلاد وأنه لم يتخذ أى موقف اتجاه ما يحدث فى الميادين فإذا كان الرئيس ثار وغضب عام 1996 بعد حادث الأقصر وعزل وزير الداخلية لماذا لم يغضب الرئيس على قتل شعبه وتدخل لوقف نزيف الدماء لأن هذه المظاهرات ما قامت إلا لإبعاده عن نظام الحكم هو ونظامه. وتساءل مبارك قال طلبت من القوات المسلحة ضبط الشارع المصرى وعندما شعرت بعدم تحرك أو نتيجة قررت أن أتنحى فماذا كان يريد الرئيس السابق من القوات المسلحة لضبط الشارع نريد أن نعرف كيفية الضبط، المتهم الخامس العادلى لما سئل فى التحقيقات قال إننى أخطرت رئيس الجمهورية وتم عقد عدة اجتماعات انتهت بتعليمات بعدم التعامل بالعنف فى جميع الميادين ودليل ذلك أن هناك أوامر وتعليمات واحدة لاستخدام العنف ضد جميع الميادين وزير الداخلية هو الممسئول الأول بإعطاء أوامر بضرب النار وثبتت بالتحقيقات بأن هناك اجتماعا مع وزير الداخلية ومساعديه وأصدروا قرارات بالتعامل مع المتظاهرين كلهم تقول إصدار أوامر للتعامل بالعنف مع المتظاهرين والواقع غير ذلك فكيف يخالف قيادات الداخلية من صغار الضباط أوامر قيادتهم وإذا تم ذلك لماذا لم يقدموا إلى المحاكمة بتهمة التقاعس فى تنفيذ أوامر عسكرية ومن الذى أعطى الأوامر للجندود والضباط بضرب النار. وأضاف: المتهم حسن عبد الرحمن تولى جهاز أمن الدولة السابق وسمح له وزير الداخلية أن يدمر البلاد وكأنها دولة بوليسية قمعية وأصبح الجهاز يحمى أمن النظام وليس أمن الدولة الداخلى كما نص القانون. كما أن الذى كان يملك تصحيح مسار هذا الجهاز هو رئيس الجمهورية ووزير الداخلية هذا المتهم حضر الاجتماعات وتم الإتفاق الذى أدى إلى الاعتداء على المتظاهرين. وِأشار البعض فى التحقيقات إلى أن ميدان التحرير فيه أجانب ومجموعة من البلطجية سرقوا أسلحة ميرى وهذا الكلام ليس أساس له من الصحة. وإذا فرضنا ذلك لماذا لم تضبط وزارة الداخلية هذه العناصر وإذا افترضنا ذلك فى التحرير فهل هناك أشخاص ذهبوا فى جميع محافظات مصر، كل هذه القرائن وتقدير النيابة العامة تقطع بمسئولية المتهمين تقبل المتظاهرين فى ثورة 25 يناير. ياسر أبو طامع عضو هيئة الدفاع عن الضحايا والمدعين بالحق المدنى قال إن مرافعة النيابة العامة قد غيرت مسار القضية بالكامل خاصة وأن النيابة أقرت بما لايدع مجالا للشك أن اللقطات المصورة التى عرضتها فى الجلسة الثانية تبين كيف كانت الشرطة متعمدة فى قتل المتظاهرين كما أنها قطعت الطريق على دفاع المتهمين الذين كانوا بصدد الاستدلال على سرقة سيارات وأسلحة من جهاز الشرطة وقتل وسحل المتظاهرين بها، إلا أن النيابة ركزت فى اللقطات التى عرضتها على وجوه رجال الشرطة الذين استخدموا الأسلحة الآلية عن تعمد مدرعات الشرطة دهس المتظاهرين. من جانبه قال الدكتور محمد الجندى محامى المتهم الخامس إن النيابة لم تقدم حتى الآن دلائل قاطعة تدين المتهمين كما أن اللقطات التى عرضتها الجلسة الثانية من وقائع المرافعات قد استخدمت النيابة - عن عمد - بعض الأحداث التى وقعت مؤخرا فى ميدان التحرير كما أدخلت موقعة الجمل ضمن أدلة الاتهام بينما هذه التوقعات لها قضية منفصلة. وبعد انتهاء مرافعات النيابة العامة قررت محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة تأجيل محاكمة مبارك وابنيه علاء وجمال وحبيب العادلى ومساعديه الستة، إلى جلستى الاثنين والثلاثاء المقبل لسماع مرافعة المدعين بالحق المدنى.