يبدو أن مشهد عزوف الناخبين عن التوجه للتصويت فى جولة إعادة المرحلة الاولى من انتخابات برلمان 2011 لن يتكرر ، خاصة أن السبب الأكبر فى عدم توجه الناخبين للتصويت هى شائعات الغاء غرامة التصويت والمقرر فرضها على المتخلفين عن التصويت بمبلغ 500جنيه، وبعد أن تحولت الشائعات الى حقيقة صدقها غالبية الناخبين، خرجت اللجنة العليا للانتخابات لتكذب ذلك حيث كشفت عن انتهائها من حصر أسماء المتخلفين عن التصويت تمهيدا لإرسالها للنيابة العامه لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك. وبحسب التقديرات الأولية فإن أعداد الذين تقع عليهم غرامة التصويت فى المرحلة الأولى تتخطى ال 6 ملايين ناخب، حيث ان عدد الناخبين فى هذه المرحلة يبلغ 13مليونا و614 ألفاً و 525 ناخبا، صوت منهم فقط 53% (7 ملايين و449 ألفا و115). بينما تتضمن كشوف الغرامة جميع زوجات وزراء حكومة الدكتور احمد نظيف المحبوسين حاليا على ذمة قضايا فساد، كما تدخل سوزان مبارك وخديجة الجمال زوجة جمال مبارك وهايدى راسخ زوجة علاء مبارك ضمن المقرر احالتهم للنيابة لتحصيل الغرامة المقررة. وعلى الرغم من تخلف غالبية الناخبين عن التصويت فى مرحلة الاعادة فإن اصرار اللجنة العليا للانتخابات على تحصيل الغرامة أدى الى خروج دعوات اطلقها بعض السياسيين بضرورة الغاء الغرامة المقررة على الناخبين نظرا لمخالفتها للقواعد الدستورية، فضلا عن مخالفتها لقواعد حرية ابداء الراى والحق فى الامتناع عنه. المادة (40) من جانبه، قال المستشار عبدالمعز ابراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات إن الإصرارعلى دفع الغرامة جاء وفقا للمرسوم بالقانون الصادر عن المجلس الاعلى للقوات المسلحة برقم 124 بتعديل بعض أحكام القانون 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وبالتبعية جاء فى المادة (40)من القانون انه « يعاقب بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته فى الانتخاب أو الاستفتاء. واضاف ابرهيم ان غرامة ال500 جنيه سوف يتم تحصيلها وفقا للتعليمات القانونية الصادرة عن المرسوم ومن ثم فقد «أصدرت تعليمات إلى رؤساء اللجان الفرعية بإعداد كشوف بأسماء الناخبين الذين تخلفوا عن التصويت خلال المرحلة الأولى من الانتخابات، والإعادة لها، بعد التخلف عن اداء الواجب الدستورى، وارسال الكشوف إلى النيابة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتطبيق القانون بشأن الغرامة المالية». وعن دستورية الغرامة أوضح رئيس اللجنة العليا أن ذلك يتعلق بالمحكمة الدستورية العليا فاذا أصدرت حكما مخالفا لذلك فانه سيتم الالتزام بما تقرره , وذلك فى حال اذا رفعت دعاوى بشأن مدى دستورية تلك الغرامة. فى المقابل قال جورج اسحاق المنسق العام السابق لحركة كفاية ان غرامة التصويت يجب الغاؤها لعدم اجبار المواطنين على الادلاء بآرائهم بطريقة عكسية اما ان يصوتوا بدون النظر لمن يصوتون او يذهبون فقط لإبطال اصواتهم وفى الحالتين فإن التصويت لن يكون فى صالح المرشحين. وطالب إسحاق المجلس العسكرى بإلغاء الغرامة المالية، لأنها جاءت بنتيجة عكسية على المرشحين والناخبين فى المرحلة الاولى، خاصة ان الناخبين ذهبوا لصناديق الاقتراع دون أن يعرفوا لمن سيصوتون، وبالتالى تم توجيههم بشكل غير لائق. وعن تحصيل الغرامة خاصة من بعض رموز النظام السابق الذين امتنعوا عن التصويت قال سعد عبود، عضو مجلس الشعب السابق والقيادى بحزب الكرامة إن غياب زوجات الوزراء والمسئولين السابقين، وعلى رأسهنسوزان مبارك، عن انتخابات مجلس الشعب الحالية جاء تجنبا للتعليقات الساخرة من قبل الجماهير بعد سقوط أعمدة النظام السابق، مشيرا إلى أن الوحيدة التى ذهبت للإدلاء بصوتها هى شاهيناز النجار وهذا يعود إلى براءة ذمتها المالية من التهم التى وجهت إليها، إذ لم يثبت استفادتها من زوجها السابق أحمد عز وهو ما شجعها على الظهور المعلن. فيما قال المستشار بهاء أبو شقة نائب رئيس حزب الوفد انه عندما كان يتصدر رموز النظام السابق وزوجاتهم المشهد الانتخابى على شاشات التليفزيون، كانوا على علم مسبق بتزوير الانتخابات، إلا أن الأمر حاليا اختلف مع تطبيق إرادة المصريين مشيرا إلى أن امتناع زوجات النظام السابق عن التصويت مثل سوزان وزوجات المسئولين، ياتى خوفا من مواجهة المصريين لرفضهم أساليب أزواجهم التى «أوحلت» مصر فى فساد دام لعقود طويلة. وأوضح أبو شقة أن الغرامة الانتخابية فى حال تطبيقها، ستكون مفعلة على جميع المصريين، لأن النص القانونى عام ومجرد ويسرى على الجميع دون استثناء ولا يتم ذلك إلا بنص قانونى وهذا أمر مستحيل، بما يعنى أن السلطات ستطالب سوزان وزوجات المسئولين السابقين بدفع الغرامة كغيرهن من المصريين. اختراع مصرى ومن جانبه قال يسرى الغرباوى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الغرامة التى يفرضها قانون الانتخابات على من سيتخلف عن الإدلاء بصوته فى الانتخابات البرلمانية هى اختراع مصرى لا يوجد له نظير فى قوانين الانتخاب بالعالم. واستدرك الغرباوى قائلا « لكن الغرامة فى حد ذاتها والتى تقدر ب500جنيه ليست «بدعة» فى القوانين المصرية، لان قانون الانتخاب ينص عليها منذ الثمانينيات وقد سعى مشرع القوانين إلى فرض هذه الغرامة بهدف رفع نسبة المشاركة فى الانتخابات وقدرها القانون حينئذ ب100 جنيه إلا أنها لم تكن تطبق» . واستبعد الغرباوى الذى يعد احد الخبراء المتخصصين فى شئون الانتخابات, تطبيق هذه الغرامة هذه المرة ، موضحا أنه لا يوجد آلية لإمكانية تطبيقها. ولفت الغرباوى إلى أن هذه الغرامة لم ترفع نسبة المشاركة فى أى انتخابات تشريعية سابقة، موضحا أن السبيل الوحيد لرفع نسبة المشاركة يكمن فى إحساس المواطن بقيمة صوته وأن مشاركته ستغير فى نتيجة الانتخابات، وتوقع الغرباوى أن يشارك فى جميع مراحل الانتخابات التشريعية حولى 40 % ممن لهم الحق فى التصويت، وتلك النسبة متدنية للغاية، نظرا للحالة الثورية التى تعيشها مصر.