تنسيق الجامعات 2024.. تخصصات توفر فرص عمل بكليات الحاسبات والذكاء الاصطناعي    ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي ل41.057 مليار دولار في نهاية أبريل    وزير المالية: صفقة مشروع رأس الحكمة أضافت إيرادات ب177 مليار جنيه    الولايات المتحدة تعلن إعادة 11 من رعاياها في أكبر عملية «ترحيل فردية» من سوريا    المصري ليلا كورة: تم إيقافنا 3 فترات قيد بسبب محترف لم يلعب بصفوفنا    قرار جديد من النيابة بشأن مجدى شطة    حلقة صاحبة السعادة مع ياسمين عبدالعزيز تريند منصات التواصل بمشاهدات مليونية    وزير الصحة يشهد تدريب العاملين بالوزارة على توحيد مفاهيم الجودة    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية معصرة حجاج بمركز بني مزار ضمن مبادرة حياة كريمة    على طريقة الشيف عظيمة.. حضري بسكويت اليانسون في المنزل    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    قبل بدء فصل الصيف.. موعد انخفاض أسعار الاجهزة الكهربائية وتوقعات السوق (الشعبة توضح)    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    رئيس النيابة الإدارية ومحافظ الإسكندرية يضعان حجر الأساس لنادي الهيئة البحري بالمحافظة (صور)    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    وزير العمل يلتقي مُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    الأوقاف: أسماء المرشحين للكشف الطبي للتعاقد على وظيفة إمام وخطيب ب إعلان 2023    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    المجلس الأعلى للطرق الصوفية يدين الهجمات الوحشية للقوات الإسرائيلية على رفح    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    بأمريكا.. وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلاً غنائيًا    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    سعر الأرز اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في الأسواق    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    تحرير 182 محضرًا للمخالفين لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ظل تراجع الموارد وزيادة المطالب الفئوية وتوقف الإنتاج... شبح الإفلاس يخيم على اقتصاد مصر
نشر في أكتوبر يوم 11 - 12 - 2011

عندما خرج شباب مصر الواعد المثقف؛ ليقف فى وجه السياسات الظالمة، التى اهدرت كرامة المصريين وضيعت حقوق الضعفاء ووفرت الحماية لعصابة من المجرمين اتفقوا فيما بينهم على نهب مصر، وبالفعل نجح هؤلاء الشباب فى تغيير الواقع بثورتهم على الظلم، وذلك عندما تمسكوا بمطلب «اسقاط النظام».. فسقط النظام، لكن يبدو أن هذا السقوط لن يمر مرور الكرام، بل اعقب هذا السقوط حالة من عدم الاستقرار، التى انعكست سريعا على حالة الاقتصاد، الذى تكبد خسائر فادحة نتيجة هذه الثورة.
ففى الشهور الأولى لثورة 25 يناير، جاءت الخسائر ملموسة فى جانب البورصة لما تتسم به من حساسية، وتجاوزت خسائر قطاع السياحة ال12 مليار دولار، وتهاوت تحويلات العاملين بالخارج بشكل ملحوظ بالتزامن مع خروج نسبة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية فى مصر، وهذا كله ترتب عليه ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى 21%، نتيجة لإغلاق أكثر من 3500 مصنع فى المناطق الصناعية وعودة العاملين فى ليبيا، بل زاد الطين بلة أنه أمام كل هذه الخسائر زادت وطأة ضغط المطالب الفئوية، التى اضطرت الحكومة للاستجابة لها مما ترتب عليه زيادة فى عجز الموازنة لن يقل عن 140 مليار جنيه، واستنفاد 44% من الاحتياطى النقدى خلال 10 شهور؛ ليتهاوى من 36 مليار دولار إلى 20.15 مليار دولار.
هذا كله، دعا البعض للقول بأن السكوت على هذا الوضع المتردى للغاية أمر فى منتهى الخطورة قد يترتب عليه خلال شهور قليلة انهيار قدرة الاقتصاد على الوفاء بالتزامات الدولة الرئيسية من سلع أو أقساط الديون المستحقة محلية كانت أم خارجية وهذا ما يصطلح عليه «الإفلاس».. فهل تعلن مصر إفلاسها خلال شهور أم أن الأمانى ما تزال ممكنة؟ وكيف يكون الخلاص من هذه الورطة؟
«إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد المصرى» يمثل البداية الحقيقية للخروج من هذه الأزمة كما قال د.محمود عبد الحى مدير معهد التخطيط القومى الأسبق، مؤكدا أنه من الضرورى أن تسارع الحكومة بكل ما تمتلك من قدرات لإقرار الآليات التى تحقق سيادة القانون بما يوفر الحماية للمستثمرين وأصحاب الأعمال ضد البلطجة وأعمال الشغب، التى تجبرهم فى حالات كثيرة على غلق مشروعاتهم لأن رأس المال جبان بطبعه، وأنه لا يمكن أن يتخذ المستثمر قرارًا بالاستمرار أو البدء فى استثمارات جديدة فى ظل غياب الأمن وانتشار الفوضى والبلطجة فى الشارع.
وعاد د. عبدالحى ليشدد على أن الاقتصاد المصرى ما يزال بعيد عن الإفلاس، لأن أصوله الإنتاجية موجودة، وبالتالى من السهل العودة إلى ما كان بأقل جهد وتكلفة، فأحداث الثورة ارغمت البعض على وقف العمل بالمشروعات لكنها لم تدمر البنية الأساسية لهذه المشروعات، مشيرا إلى أن إعادة تشغيل هذه المشروعات يحتاج فقط إلى عودة الأمن والهدوء إلى الشارع وبعدها يكون من اليسير استئناف العمل على أن يتم الابتعاد -خلال الفترة الحالية- عن المطالب الفئوية لبعض الوقت على الأقل وعدم الاتلاف والحرق والتكسير لبعض مقدرات الوطن.
وأوضح أن الاقتصاد ما يزال قادرا على الوفاء بالتزاماته سواء كانت أقساط ديون أو غير ذلك، وبالتالى فإن القول بإفلاس الاقتصاد المصرى هو تخويف غير محمود، لكن يمكن القول إن الإفلاس قد أصاب بعض العاملين الذين استغلوا فرصة ضعف قبضة الأمن وقاموا بالانتقام من اصحاب المشروعات التى يعملون بها وذلك بتخريبها وتحريض زلائهم على التوقف عن العمل، مؤكدا أنه فى ظل هذه الظروف القاسية التى تمر بها مصر لابد أن تتكاتف الجهود لزيادة الإنتاج وتأجيل المطالب الفئوية، لأن تدبير التمويل اللازم لتلبية هذه المطالب يأتى من الإنتاج والمجهود، الذى توقف.
وأشار مدير معهد التخطيط إلى أن مقدرات الاقتصاد الحالية لن تمكنها من الإيفاء بطموحات وآمال المصريين المتزايدة، وهذا بدوره يزيد الوضع سوءا، فالاقتصاد فى أزمة لم تشهدها مصر من قبل وفى حال استمرار الوضع على هذه الشاكلة لعدة شهور أخرى ستكون الكارثة بدون تزييف أو تجميل، مطالبا بضرورة زيادة الإنتاجية بالاعتماد على القدرات المحلية المتوافرة بما يسمح بالتوظيف الرشيد، فإنه لا مجال فى ظل هذه الظروف المتأزمة للبحث عن سبل تمويل تقليدية كالاستدانة من الخارج أو الحصول على الدعم، بل الأمر يستوجب خطة استثمارية يتم تمويلها من خلال توفير الانفاق العام واعتماد سياسة تقشفية.
ونصح د. عبدالحى بضرورة تأمين الأكل والشرب لكل المصريين، وأنه لا داعى للاهتمام المبالغ فيه بالتصدير الذى يخصص له دعم بالمليارات فى الموازنة العامة رغم قلة جدواه الاقتصادية، على أن تخصص هذه المليارات لاستصلاح الأراضى فى الصحراء لزراعتها بالقمح لتقليل الاعتماد على الخارج فى تأمين هذه السلعة الاستراتيجية، لافتا إلى أن هيكل الصادرات والواردات يعانى خللًا واضحا. فالمصدرون يحصدون المليارات المخصصة فى الموازنة لدعمهم والمستوردون يكسبون بشكل مبالغ فيه، مما يترتب عليه زيادات هائلة فى أسعار سلع التصدير مثل الأرز والمستوردة مثل القمح.
وخلص إلى أنه يمكن للدولة فى ظل أزمة السيولة أن تطبع (بنكنوت) لتشغيل الاقتصاد، إلا أن ذلك يتطلب تغيير النظام الضريبي، الذى حدد نسبة 20% على الأرباح، ويمكن أن تصل إلى 50%، ولكن بشرائح تتصاعد الضريبة فيها بتصاعد وزيادة الأرباح، مشيرا إلى أن طرح البنكنوت يغذى التضخم، لكنه ضرورة الآن فيما تتدخل الدولة لامتصاص عائد التضخم وإعادة طرحه مرة أخرى فى الاقتصاد على شكل مشروعات انتاجية توفر المزيد من فرص العمل وتساهم فى زيادة الإنتاج.
زيادة الادخار/U/
فيما قال د. إسماعيل صيام الخبير الاقتصادى أنه ليس من الحكمة أن تراهن الحكومة فى ظل هذه الأوضاع الاستثنائية على الاستثمارات والمعونات الأجنبية، بل لا بديل عن توظيف القدرات المحلية المتوافرة لدى الدولة كحكومة ومؤسسات ومواطنين، لأن الاستثمار هو قرار خاص له ضوابط معينة، وأنه لا يكون القرار إلا فى وجود ضوابط توفر كل مقومات الأمان لهذا الاستثمار، لكى يبدأ استثماره بدون التخوف من تغييرات المستقبل التى قد تنسف آماله، وبالتالى لابد أن تركز الحكومة جهودها لتوفير المناسب للاستثمار، وذلك بمحاصرة منابع الفوضى والاضطراب لإعادة الاستقرار إلى السوق.
وأضاف أنه من الضرورى أن تعود الدولة مرة أخرى إلى دورها التقليدى المتمثل فى توفير السلع الرئيسية للمواطن سواء كان ذلك عن طريق الإنتاج أو الاستيراد، وتوزيعها عبر برامج الدعم كبطاقات التموين أو مخابز العيش البلدى أو المجمعات الاستهلاكية التعاونية أو غير ذلك، موضحا أن التعامل مع المطالب الفئوية المتعلقة بتحسين الأجور يجب أن تقوم على أساس الربط بين الأجر والإنتاجية، لما يتحقق على هذه الربط من زيادة الإنتاج، وإن كان تحقيق نجاح فى هذا الصدد يستوجب القيام بعمل دراسة جادة للوضع الحالى واقتراح تواصيات بحلول تلتزم الحكومة بتنفيذها بما يحقق مصالح العمال ولا يضر بمنظومة الاقتصاد.
وطالب د.صيام بأن تهتم هذه الدراسة بكافة مشكلات سوق العمل كغياب المظلة التأمينية عن نسبة كبيرة من العمال وتدنى مستويات الأجور وغياب العادلة فى علاقة العامل وصاحب العمل وتدنى الإنتاجية، لتكون توصيات الدراسة بداية لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة لإدارتها بأسس علمية لتحقيق دور أكثر فاعلية، مشددا على أهمية وجود رؤية متكاملة للنهوض بالاقتصاد المصري، الذى يعانى منذ عقود عديدة غياب هذه الرؤية الشاملة والافتقاد إلى أجندة اقتصادية وطنية محددة الأهداف والآليات، وهذا ما جعل من المجتمع المصرى أحد أكثر شعوب العالم استهلاكا وسلبية على العكس مما كان معروفا عنه تاريخيا من كونه شعب إيجابى منتج.
وألمح إلى أن المناخ المصرى مهيأ الآن لتطبيق سياسات اقتصادية غير تقليدية للخروج من عنق الزجاجة لأن المتعارف عليه أن إيجابية المصريين لا تطفو على السطح إلا فى أوقات الأزمات، ولذا فإن الحكومة مطالبة بتوظيف كافة قدراتها لاستنهاض همم المصريين للسعى الجاد لزيادة الإنتاج بالاعتماد على الذات بعيدا عن كل صور الاستدانة أو الدعم، وذلك بإعادة توظيف كافة طاقات المجتمع المعطلة، فلا يوجد ما يمنع زيادة الاعتماد على القدرات المتوافرة فى المؤسسات التقليدية التى عم فيها الفساد فى ظل النظام السابق أو بتعظيم دور مؤسسات المجتمع المدني.
وانتهى د. صيام إلى أن الجمعيات الأهلية لديها القدرة على تحقيق نهضة تنموية شاملة بالاعتماد على ما يتوفر لديها من قدرات فى كافة المجالات، فهى الأجدر على استنهاض الجماهير لقربها منهم فضلا عن توافر القدرات الفنية والمالية لديها لتحقيق التنمية، لذا فإنه على الحكومة أن تعيد توظيف دور هذه المؤسسات الأهلية خاصة التنموية منها والتى يربو عددها على 30 ألف جمعية ومؤسسة، ناصحا بأنه لتحقيق الطموح المأمول لابد من ترتيب الأولويات لأنه لا يمكن تحقيق كل طموحاتنا فى وقت واحد، وليكن السعى للبدء من زيادة الدولة لاستثماراتها ثم تفعيل آليات الرقابة لضبط الأسواق ثم إعادة دور المجمعات الاستهلاكية التعاونية للحياة لتأمين السلع الاستراتيجية للمواطنين.
توافق مجتمعى/U/
د. صفوت قابل أستاذ الاقتصاد عميد كلية التجارة الأسبق بجامعة المنوفية أرجع استنزاف الاحتياطى النقدى إلى عدم قدرة أو عدم رغبة الحكومة فى وضع السياسات، التى توقف هذا الخفض للاحتياطى الأجنبى، خاصة أن الحديث عن علاقة هذا الاحتياطى بتغطية الواردات لمدة شهور فيه مغالطة فما هى الواردات، التى يجب تغطية استيرادها، هل كل الواردات أم أنه فى مثل حالتنا علينا الاستغناء عن بعض الواردات، ثم لماذا لا نربط حجم الاحتياطى المطلوب لتغطية هذه الواردات بالفرق بين حجم المصادر المضمون الحصول منها على العملات الأجنبية ومنها حصيلة المرور بقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، وهى فى تزايد وبين قيمة الواردات لفترة محددة.
وأكد أن الأزمة التى يمر بها الاقتصاد أشبه بالأزمات المفتعلة لأن أسبابها معروفة وعلى الرغم من ذلك لا تتحرك الحكومة لعلاج أسبابها، فإنه لا يليق بالحكومة أن تستمر فى تصريحاتها حول استنزاف الاحتياط النقدى لتراجع عوائد السياحة، وهى فى ذات الوقت لا تتحرك لاستعادة السياحة وهى مصدر من الأربعة مصادر الأساسية للعملات الأجنبية، وذلك باتخاذ ما يتطلب من إجراءات حكومية لاستعادة الأمن.
وأوضح د. قابل أنه من المغالطات القول بأن أحداث التحرير ستؤثر على ثقة المستثمرين فى دخول السوق المصرية، بينما الواقع أن المستثمرين يخرجون من السوق، والسبب ليس الثورة التى قد تكون دافعا لمزيد من الاستثمارات فى ظل تراجع الفساد والاهتمام بمشروعات التنمية، ولكن السبب فى تراجع الاستثمارات هو الإدارة السيئة للاقتصاد والانفلات الأمنى وعدم القدرة على وضع الحلول لمشاكل التفاوت فى الأجور وهى كلها صناعة حكومية.
وأشار إلى أن الخروج من هذه الأزمة يستوجب من الحكومة إجراءات جادة للمواجهة، علما بأن فاعلية هذه الإجراءات المطلوبة مرتبطة بمدى شفافيتها فى التعاطى مع الأمور، فالقول مثلا بأن استنزاف الاحتياطى فى جانب كبير منه يرجع إلى خروج قدر كبير من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من مصر، والتى كانت مستثمرة بالأساس فى البورصة، ويقال إن ما تم تحويله فى حدود 10 مليارات دولار، ومن ثم فإن خرج هو الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات سيترتب عليه قلة الطلب على العملات الأجنبية لتحويلها إلى الخارج خلال الفترة القادمة.
وقال د. قايد إنه فى غالب الأمور أنه من أسباب تناقص الاحتياطى النقدى هو دخول الأجانب فى مزايدات وزارة المالية لأذون وسندات الخزانة لتمويل عجز الميزانية، حيث أصبحت هذه الأذون مربحة للأجانب لارتفاع العائد عليها، والذى وصل إلى 14% ومع انقضاء مدة هذه الأذون وهى بالطبع قصيرة الأجل يقومون بتحويل هذه الاستثمارات وأرباحها إلى الخارج، وهو ما يثير التساؤل لماذا لا تقوم وزارة المالية بطرح سندات طويلة الأجل للمودعين المصريين وبنفس سعر الفائدة المرتفع الذى تدفعه فى أذون الخزانة وتكون هى الرابحة فى تحويل هذه القروض قصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل لعشر سنوات مثلا، وهو ما ثبت صحته عند زيادة الفائدة بمقدار 2 % للشهادات الثلاثية التى يصدرها كل من بنكى مصر والأهلى لصالح الحكومة، وبالتالى تقل تحويلات الأجانب للخارج.
وأضاف أنه من الواضح جليا أن جزءًا من هذا الاستنزاف للاحتياطى يرجع إلى طرح البنك المركزى لكميات من العملات الأجنبية فى السوق المحلى لمحاولة منع تدهور سعر الصرف، وهو ما يتطلب دراسة عن مدى صواب هذا الإجراء، مؤكدا ضرورة إعادة العمل بقرار إلزام المصدرين بإعادة قيمة صادراتهم وخاصة فى هذه الظروف خوفا من قيامهم بوضعها فى حساباتهم بالخارج، مما يحرم الاقتصاد من هذه العملات، فضلا عن إمكانية فرض قيود على الواردات الكمالية وزيادة الرسوم الجمركية على بعضها مما يقلل الطلب على العملات الأجنبية، ويزيد من حصيلة الجمارك للخزانة المصرية، اعادة النظر فى الإنفاق الحكومى بالخارج.
ومن جانبه يرى أحمد السيد النجار رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية أن هناك العديد من الأسباب التى أدت إلى تدهور الاقتصاد المصرى بعد الثورة وعلى رأسها استنزاف أكثر من 8 مليارات دولار من احتياطى مصر من العملات الحرة، وذلك لتغطية عجز الميزان التجارى وميزان الحساب الجارى ولتوفير النقد الأجنبى ووضعه فى السوق للحفاظ على سعر الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى والعملات الحرة الأخرى، موضحا أن الأسباب التى تم استنزاف الاحتياطى من خلالهما يرتبطان بأوضاع سابقة على الثورة وانتقد النجار سياسات البنك المركزى المصرى فى استنزاف الاحتياطى الرسمى من العملات الحرة، مؤكدا أنها سياسات قديمة ومتجمدة لأن تجربة استنزاف الاحتياطى فى الدفاع عن العملة أثبتت فشلها لأنه من المهم انهاء أسباب ضعف العملة سواء بالعجز فى الموازنة الخارجية من خلال ترشيد الواردات وتطوير الصادات وتبنى سياسة واقيعة فى سعر الصرف يمكن أن تسمح بارتفاع أو انخفاض العملة فى حدود 5% على أقصى تقدير فى الوقت الراهن دون استخدام الاحتياطى حتى لو افترض الأمر تطبيق نظام سعر الصرف التحكمى المتغير كل ثلاثة أشهر بناء على التغيرات فى المؤشرات الاقتصادية فى مصر على أن يتزامن مع ذلك عملية ضبط الأسعار وحماية المستهلك من جشع التجار.
وطالب النجار بسرعة وضع الأزمة الاقتصادية لاتخاذ الإجراءات اللازمة للخروج من هذه الورطة لافتا إلى أنه هناك عدة أمور يجب أن توضع موضع التنفيذ وعلى رأسها مراجعة عقود الأراضى التى منحها النظام السابق لرجال الأعمال وعلى رأسها الأراضى التى منحها الرئيس السابق مبارك للوليد بن طلال والتى انفقت الحكومة على الفدان فيها ما يقرب من 11 ألف جنيه، بينما حصل هو على الفدان ب50 جنيها وهو ما يعد إهدارا للمال العام خاصة أن التسوية التى قامت بها الحكومة بعد الثورة والتى قضت بتنازل الوليد عن 75 ألف فدان وتمليكه 10 آلاف فدان وحصوله على 15 ألف فدان بنظام حق الانتفاع لمدة 3 سنوات يتم تمليكها إذا زرعها.
كما اعتبر النجار أن نظام الأجور الموروث من عهد مبارك بأنه متدن، حيث يصل الأمر الأساسى للموظف إلى نحو 118 جنيها فى حين تصل رواتب بعض موظفى العموم من رؤساء الفصول الحكومية ورؤساء بعض الشركات إلى مئات الآلاف من الجنيهات شهريا وتزيد بعضها على راتب رئيس أمريكا الذى يبلغ ما يوزاى 190 ألف جنيه شهريا، لذلك يجب ألا يقل الحد الأدنى للراتب عن 900 جنيه لمن يعمل 6 ساعات فى اليوم و1200 جنيه لمن يعمل ثمانى ساعات وهى حدود أقل مما أقرته وزارة المالية مؤخرا.
وقال النجار إن السعى لزيادة نسبة الاستثمار من الناتج المحلى الإجمالى يمكن أن يكون آلية للخروج من الأزمة وخاصة بعد أن تضاءلت هذه النسبة تدريجيا خلال السنوات الماضية لتصل إلى 15.4% فى العام الماضى مقابل 18.7% عام 2005/2006، وهذه معدلات متدنية جدا ولا تكفى لخلق فرص عمل أو وظائف وهى أقل من مثيلاتها فى باقى دول العالم، حيث تصل نسبة الاستثمار إلى 40% من الناتج الاقتصادى سريعة النمو فى دول شرق آسيا ونمو 40% فى الهند و44% فى الصين.
وأضاف النجار أن تغيير توجهات القطاع المصرفى أحد أهم الحلول فى حالة انحيازه للمشروعات الصغيرة ومتوسطى المقترضين، ويوجه للمشروعات الحيوية، مؤكدا أن هناك عددا من المشروعات التى يمكن إقامتها فى مصر مثل مشروع البلاستيك وتدوير القمامة لصناعة الأسمدة العضوية وأكياس القمامة، مشيرا إلى أنه ينبغى أيضا أن تعقد مصر اتفاقية مع جهات إقليمية ودولية لديها النية والعزم لمساندة مصر من أجل مكافحة البطالة مثل دول الاتحاد الأوروبى المعنية بإبقاء العمالة المصرية فى مصر ومنع تدفقها فى هجرة غير الشرعية إلى أوروبا مما يجعلها مستعدة لتقديم المساعدة للمشروعات الصغيرة التى تستوعب العاطلين، ونصح بضرورة السعى لاستعادة الاستثمارات الأجنبية التى اختفت فى الشهور الماضية نتيجة الانفلات الأمنى وتوجيهها إلى قطاعات الزراعة والصناعة والعمل على استفادة السياحة عن طريق الاستقرار الأمنى ودعم قطاع السياحة.
فيما أوضح الدكتور أحمد جلال مدير منتدى البحوث الاقتصادية أن الأزمة الاقتصادية المالية لم تكن مرتبطة بثورة 25 يناير فقط، وإنما ناتجة عن ارتفاع الدين العام والعجز المالى فى السنوات الماضية وكان للغياب الأمنى بعد الثورة تأثير كبير على الاقتصاد المصرى أدى إلى خروج أموال هائلة من رأس المال وكذلك خروج مليارات الدولارات فى صورة مبيعات للأجانب لسندات الخزانة، بالإضافة إلى انخفاض عائدات مصر من النقد الأجنبى الناتج عن الصادرات والسياحة وتمويلات المصرية من الخارج وتباطؤ الإنتاج المحلى.
وقال د. جلال أن هذا التدهور أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم لأكثر من 10% ووصول الدين العام الداخلى إلى 67% من الناتج المحلى،وبلغت قيمة الديون الخارجية لمصر 35 مليار دولار، ومن المتوقع أن تزداد الديون، لذلك يجب العمل على ضبط الواردات المصرية ودعم مصادر الإنتاج التصديرى وإلغاء نظام توكيل المستوردين من القطاع الخاص فى استيراد السلع الاستراتيجية وخصوصا القمح وإسناد هذه المهمة إلى هيئة السلع التموينية وإعادة هيكلة قطاع الزراعة والإنتاج الحيوانى من خلال إعادة النظر فى التركيب المحصولى لصالح التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية الأساسية وإعادة حصر وتصنيف أصول الدولة وإتباع برامج لإدارة هذه الأصول.
وشدد على أهمية تحسين شروط اقتسام العائد مع المستثمر الأجنبى فى المشروعات المشتركة فى مع التوسع فى المشروعات ذات العائد المستمر، فضلا عن ذلك لابد من وضع نظام عادل للأجور يقوم على عدة أسس منها وضع حد أدنى للأجور للعاملين بالقطاع الحكومى ووضع حد أقصى للأجور والدخول للعاملين بالقطاع الحكومى، وكذلك وضع حد أدنى وحد أقصى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص مع زيادة دورة الإنتاج وضبط الأسواق والتخلص من القطاع الاحتكارى وتعزيز التنافس فى مجال الإنتاج والتوزيع والتجارة وخلق بيئة تنافسية حقيقية تنعكس إيجابيا على مستوى معيشة ورفاهية الفرد وتغيير خريطة التوزيع الإقليمى لتجارتنا الخارجية وخاصة بين البلدان العربية لخلق فرص تكامل اقتصادى عربى.
أما الدكتور أحمد الغندور أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة فقد أكد أن مصر تمر بأزمة اقتصادية نتيجة أحداث ثورة 25 يناير، ولكن ذلك شىء طبيعى فكل التوراث تتبعها إضرابات نتيجة لما يحدث من انفلات أمنى أدى إلى هروب الكثير من الأموال وتأثير الكثير من القطاعات مثل قطاع السياحة وغيره من القطاعات الأخرى، لذلك يجب وضع خطة سريعة من قبل الحكومة للخروج من هذه الأزمة حتى لا ندخل فى نفق مظلم طالب بضرورة العمل على زيادة الإنتاج وتحسين وجودة المنتج والعمل على زيادة إنتاجية العامل، وربط الأجور بالإنتاجية والعمل على تحقيق التنمية العامة وزيادة الايردادات الضريبية وغيرها لتقليل العجز فى الموازنة العامة للدولة والمحافظة على معدل نمو مناسب، كما يجب العمل على زيادة الصادارت وخفض الواردات وفرض رقابة على سوق الأسعار وحل مشكلة الغلاء وحل مشكلة البطالة.
وأشار الغندور أنه من الضرورى عودة الاستثمارات الأجنبية التى انخفضت فى الشهور الأخيرة وتوجيهها إلى قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات الحقيقة، مؤكدا أنه يجب استعادة الأمن وتنشيط السياحة الداخلية لدعم الاقتصاد الوطنى، لذلك يجب إعطاء هؤلاء مزايا للسياح الأجانب إلى أن يتم الاستقرار وتعود السياحة الخارجية، لافتا إلى أن الاقتصاد المصرى يملك قدرات كبيرة نحتاج لإدارتها بصورة أكثر كفاءة ووطنية من خلال استثمارات خاصة وعامة، وكذلك النهوض بالمشروعات الصغيرة بالداخل لتحقيق نهوض قوى يضمن لمصر تخطى هذه المرحلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.