جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    «متحرش بفتاة وأصدقاؤه زقوا عربيتي في النيل».. اعترافات سائق «ميكروباص» معدية أبوغالب (خاص)    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    إبداعات| «سقانى الغرام».... قصة ل «نور الهدى فؤاد»    تعرض الفنانة تيسير فهمي لحادث سير    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    لعيش حياة صحية.. 10 طرق للتخلص من عادة تناول الوجبات السريعة    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    بلينكن: طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية يعقد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    شارك صحافة من وإلى المواطن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    ضد الزوج ولا حماية للزوجة؟ جدل حول وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق ب"كلمة أخيرة"    كاميرات مطار القاهرة تكذب أجنبي ادعى استبدال أمواله    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 22-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زعابيب» الثورات المضادة تهدد الربيع العربى
نشر في أكتوبر يوم 13 - 11 - 2011

حالة من القلق تسيطر على دول الربيع العربى التى انتفضت بعد سبات عميق وأسقطت النظم الديكتاتورية التى ظلت تعيث فى الأرض فسادًا على مدار عشرات السنوات، إذ أن ما تشهده مصر وتونس وليبيا من اضطرابات، بالإضافة إلى غرق سوريا واليمن فى بحور من الدماء، دفع بعض المراقبين إلى التشاؤم بشأن مستقبل الثورات العربية خصوصًا بعد تنامى «الثورات المضادة» التى تسعى لاستعادة الدور المفقود لفلول الأنظمة التى أصبحت فى ذمة التاريخ.
«أكتوبر» تستطلع آراء نخبة من خبراء السياسة فى الوطن العربى حول هذا الموضوع الذى يشغل كل مواطن عربى.
بداية تؤكد دراسة «الثورة العربية المضادة»التى أعدها حسين أغا الباحث بكلية سانت انتونى، جامعة أوكسفورد، بالاشتراك مع روبرت مالى مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجموعة الأزمات الدولية فى واشنطن، أن الحادى عشر من فبراير الماضى وهو يوم تنحى الرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك كان «نهاية الربيع العربى الذى كان قد بدأ فى تونس ومصر»، وأضافت: أما ما رأيناه منذ 12 فبراير فهو «ثورة مضادة» فبعد أن كانت الثورات العربية تتميز بطابعها السلمى الشعبى التلقائى وبالاتحاد بين جموع المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع، تحولت المظاهرات إلى العنف فى اليمن والبحرين وليبيا وسوريا. وتدخلت دول أجنبية فى كل من هذه الصراعات. وبدأ يتصدر المشهد الانقسامات العرقية والقبلية والطائفية، إضافة إلى تنازع الأحزاب القديمة وكذلك النخبة السياسية والاقتصادية على السلطة. ونتيجة للغياب الأمنى بدأ الخوف يسيطر على المواطنين وتنامى بينهم الشعور بالقلق بشأن المستقبل، وذلك بعد أن صدمهم الثمن الفعلى للتغيير الذى كانوا يتطلعون إليه لتحسين أوضاعهم. كما ظهرت الأحاديث عن تلقى بعض منظمات المجتمع المدنى للتمويل الخارجى وحصول أفرادها على تدريبات فى الخارج قبل اندلاع الثورات.
وترى الدراسة أن الصحوة العربية تتضمن الآن ثلاثة صراعات: الأول بين نظم الحكم والثوار التلقائيين الذين يفتقدون إلى الخبرة السياسية والتنظيم والقيادة وليس لديهم هدف استراتيجى واضح بل تحركهم مشاعر ضبابية، حيث يتملكهم الإحساس بالضجر من المعاملة المهينة وتقييد الحريات الأساسية. والمشكلة، كما تقول الدراسة، أنه لا يمكن التعامل معهم بأى من الآليات التى يستخدمها الحكام للسيطرة على الأوضاع - ومن بينها القمع - لأنها ستزيد من غضبهم. أما الصراع الثانى فيدور بين المجموعات السياسية الأكثر تنظيما والتى يرتبط بعضها بالنظام القديم مثل المؤسسة العسكرية والنخبة الاجتماعية والاقتصادية وزعماء القبائل، بينما تتضمن مجموعات أخرى حركات المعارضة - المقيدة أو المحظورة سابقا - وأهمها الجماعات الإسلامية. وعلى المستوى الإقليمى والدولى، يأتى الصراع الثالث على النفوذ بين القوى اللإقليمية مثل المملكة العربية السعودية وإيران، وتركيا وقطر، إضافة إلى القوى الغربية التى تهدف لإعادة رسم دورها فى ظل انكماش الدور الأمريكى الإمبريالى. وهكذا تدخل الناتو فى ليبيا، وبدا التنافس واضحا بين إيران والسعودية فى اليمن والبحرين وسوريا، وتأمل قطر فى تقوية نفوذها من خلال دفع المعارضة الليبية والسورية إلى الحكم، وترى تركيا الفرصة سانحة أمامها فى سوريا للوقوف مع الأغلبية السنية، إلا أنها تخشى فى الوقت نفسه رد الفعل المحتمل من قبل دمشق وطهران، فمن الممكن أن تشجعان الحركة الانفصالية الكردية. وتحذر الدراسة من إمكانية اندلاع حرب إقليمية نتيجة للانقسامات العرقية والطائفية والقبلية التى قد تتسبب فيها الثورات.
وعلى المستوى الداخلى، تتوقع الدراسة أن تؤدى الثورات إلى فترة طويلة من الفوضى وعدم الاستقرار والمصاعب الاقتصادية. وتؤكد أن نتيجة الثورات العربية لن يحددها الشباب الذى أطلقها، ولكن قوى أخرى أكثر تنظيما، على رأسها الجيش الذى شكلت مواقفه إلى حد كبير مجرى الأحداث. ففى اليمن، انشق الجيش بين النظام الحاكم والثوار، مما ساهم فى المأزق الحالى. وفى سوريا، يقف الجيش حتى وقتنا هذا فى صف النظام الحاكم، وإذا تغير ذلك سيختلف الوضع كثيرا. أما فى مصر فقد انحاز الجيش للثوار. وبالإضافة إلى الجيش، تزعم الدراسة أن الجماعات الإسلامية تعد أكبر القوى السياسية وأفضلها تنظيما. وتتميز كذلك بأنها القوة السياسية الوحيدة التى تمتلك رؤية وبرنامجاً محددين، إضافة إلى أن خطابها الدينى وقانونها الأخلاقى يلقيان صدى كبيراً لدى أجزاء واسعة من الشعب. ولكن نتيجة لمعرفتهم بالمخاوف التى يثيرونها بالداخل والخارج، تتوقع الدراسة أن يميل الإسلاميون إلى الابتعاد عن الصفوف الأمامية. وتستدل على ذلك بأن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر أكدت أنها لن تتقدم بمرشح للرئاسة. ولكنهم، حسبما تشير الدراسة، سيقودون من الخلف وسيعملون على تقوية مكانتهم من خلال التأكيد على الديمقراطية والحكم الجيد ومحاربة الفساد والتعددية السياسية ومساندة اقتصاد السوق بحيث سيكون النموذج الذى سيقدمونه أقرب إلى تركيا بقيادة أردوغان منه إلى إيران تحت حكم آيات الله أو أفغانستان تحت حكم طالبان. ووفقا للدراسة، فإن المنافسة فى مصر وسوريا واليمن وليبيا لن تكون بين الإسلاميين والقوى العلمانية، ولكن بين الإسلاميين والسلفيين، حيث إن السلفيين فى مصر، على سبيل المثال، استطاعوا تكوين عدد من الأحزاب السياسية والمنافسة فى الانتخابات البرلمانية.
وتخلص الدراسة إلى أن المستقبل القريب فى العالم العربى سيشكله الصراع بين الجيش وفلول النظم السابقة والإسلاميين، وأن هناك نتائج محتملة كثيرة، ولكن ليس من بينها ما كان يتمناه الكثيرون وهو انتصار الثوار الأصليين.
حالة ارتباك/U/
أما د. مروان المعشر وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء الأردنى السابق والعضو فى مؤسسة «كارنيجى للسلام الدولى» فيبدو متفائلا إزاء نجاح ثورات الربيع العربى، ففى مقال له نشر على الموقع الإلكترونى للمؤسسة يغالط المعشر المتشائمين الذين يشيرون إلى الاضطرابات فى المنطقة باعتبارها مؤشراً على أن الأمل فى الربيع العربى سيضيع قريبا، وذلك بالرغم من اعترافه بأن الثورات العربية دخلت بالفعل مرحلة صعبة حيث تسيطر على الجانبين - الثوار والقادة على حد سواء - حالة من الارتباك بشأن السبل التى يجب اتخاذها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة. فالثوار، من ناحية، يفتقدون حتى اليوم إلى القيادة ولا يزال يتوجب عليهم ترجمة تظاهراتهم إلى برنامج إصلاحى سياسى واقتصادى ملموس. ويضيف المعشر أنه بالرغم من نجاح الثوار من تحقيق الأهداف الأولية فى مصر وتونس - الإطاحة بالدكتاتوريين اللذين حكما لسنوات - فإنهم لم يستطيعوا الانتقال إلى المرحلة التالية وهى بناء نظام حكم بديل. وبالتالى بدأت رسالتهم تضعف لأن المواطنين العاديين الذين فرحوا بزوال مبارك وزين العابدين بن على يريدون رؤية دولتهم تتحرك إلى مرحلة ما بعد مظاهرات الشوارع التى بدأت تزيد أوضاعهم الاقتصادية صعوبة، وبالإضافة إلى ذلك فإن مشكلة أخرى تواجه الثورات العربية - كما يشير المعشر - ألا وهى عدم وجود قادة أو نظم بديلة كثيرة لأن المؤسسات الحاكمة فى العالم العربى طالما عملت على قمع أو حظر الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى. وفى مثل هذا المناخ، فإن الأحزاب المنظمة، مثل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، ستعمل بالتأكيد على استخدام مهاراتها فى التنظيم والتعبئة لكسب التمثيل السياسى الذى سيزيد قوتها الشعبية. ويرى المعشر أنه يجب على الثوار البدء فى تنظيم أنفسهم فى أحزاب سياسية، وتطوير برامج حزبية، وحشد الناخبين، وإلا لن يتمكنوا من الاحتفاظ بالتأييد الشعبى. ومع ذلك يقول المعشر إنه من الخطأ الاعتقاد بأن ثورات الربيع العربى سوف تفشل أو تخمد بسبب هذه الصعوبات. فما حدث فى العالم العربى هو بداية عملية حقيقة ودائمة للتغيير، وسوف تخسر المؤسسات الحاكمة إذا لم تدرك الواقع الجديد وتقود عملية إصلاح جادة تعيد توزيع السلطة بين الفروع التنفيذية والتشريعية والقضائية، إلا أنه يؤكد على أن عملية التغيير عملية طويلة المدى ستحتاج لعشرات السنين حتى يظهر أثرها.
ومن جهته يؤكد السفير هانى خلاف، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية سابقا، أن الثورات العربية تتعرض لمؤثرات خارجية ومعطيات داخلية منها مواقف القوى الدولية من اتجاهات التغيير الجارية فى الدول العربية وتحرك الأطراف الإقليمية الموجودة فى المنطقة العربية فضلا عن تباين الأجندات السياسية والعقائدية والخلفيات الاجتماعية للقوى المطالبة بالتغيير والناشطة فى الشارع العربى وأخيرا الصعوبات التى يمكن أن تواجه تلك القوى فى علاقاتها مع النظم التقليدية التى تظل بمنأى عن التغيير الديمقراطى فى العالم العربى. وفيما يتعلق بكيفية مواجهة تلك التحديات يطالب السفير خلاف بضرورة العمل على أولا: تطوير البنية الأساسية للنظام العربى وثانيا: تطوير فاعلية مؤسسات العمل العربى المشترك من خلال اتخاذ منظور جديد ونقاط توازن جديدة وثالثا: الاقتناع بشمولية الأخطار التى تهدد الأمن القومى العربى من داخل البلدان العربية وخارجها الأمر الذى يستلزم تحديث الآليات وإدراج مفهوم آليات المعالجة الاستباقية وأخيرا نقل العمل العربى المشترك إلى مستويات وظيفية جديدة يشعر بها المواطنون العرب فى جميع المواقع حيث إن العمل العربى المشترك يعتبر نقطة التوازن بين اتجاهات الفكر القومى والوحدوى المتنامى لدى عديد من القوى السياسية والشعبية فى أرجاء العالم العربى.
ومن جانبه يؤكد د. محمد شفيق زكى، رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أن المنطقة العربية تشهد حراكا سياسيا كبيرا غير مسبوق وتطورات داخلية غيرت خريطة النظم السياسية، غابت معها قيادات ونظم سادت لسنوات طويلة، بل ولعدة عقود وفرضت مفاهيمها على المنطقة وعلى استراتيجيات العمل العربى المشترك. ويضيف أن غياب هذه الاستراتيجيات وما صاحبها من دخول قوى سياسية واجتماعية جديدة فى دوائر صنع القرار فى تلك الدول سوف يترك تداعياته ويفرض تأثيراته ليس على دول المنطقة فحسب، إنما على طبيعة النظام السياسى فى كل دولة، غير أنه يرجح أن يعاد رسم خريطة المنطقة بعد تغير التحالفات التى سادتها لسنوات طويلة. ويلفت إلى أن العالم العربى عانى كثيرا من عوامل التجزئة والتفتيت ومن سياسات القوى الدولية، وبعض الدوائر الإقليمية، للحيلولة دون تبلور كيان عربى جماعى مؤثر، أو مواقف عربية متماسكة، مؤكدا أن تلك القوى ساهمت وما تزال فى ضرب منظومة الأمن القومى العربى وإضعاف مؤسسات العمل المشترك، مشدداً على أنه آن الأوان لأن تواجه الدول العربية كل هذه التحركات ضدها، لكى يستعيد العمل العربى عافيته ويسترد قوته، معتبرا أن التطورات التى تشهدها المنطقة من خلال الثورات العربية فى بعض الدول، وكذا الحراك السياسى الذى شهدته دول أخرى أفرز الكثير من الإيجابيات، وخاصة توسيع المشاركة السياسية والتعددية، ودعم حقوق الإنسان، والتمسك بحق المواطنة بها، وهو ما يجعلنا نأمل بأن تنقلنا هذه التطورات إلى عالم عربى جديد أكثر تقدما وتنمية وسلاماً تسوده قيم الحرية والعدالة والمساواة، وينعم بكل أسباب التقدم والأمن والاستقرار والرفاهية والازدهار لشعوبه.
ويلفت إلى أن التاريخ العربى يؤكد أن العرب كانوا دائما يحترمون التنوع العرقى والدينى والمذهبى، وأنهم مطالبون اليوم ونحن نتطلع إلى عالم عربى جديد أن نؤكد ذات القيم ونتمسك بها، وهى ضرورة احترام هذا التنوع على قاعدة المواطنة والشراكة بالأوطان حتى نحافظ على تماسك هذه المجتمعات وتحصينها من كل محاولات التدخل والاختراق وغرس الفرقة والانقسامات لشغل الدول العربية وشعوبها بقضايا فرعية تحد من دورها فى المنظومة الإقليمية والدولية.
مخططات التقسيم/U/
كما يشدد على أننا نأمل ونحن نتطلع إلى هذا العالم العربى الجديد أن يقف العرب بقوة وحزم لا هوادة فيهما أمام كل محاولات ودعاوى تفتيت أمتهم وضد أى مخططات خبيثة تحاول تقسيم هذه الأمة، مؤكدا أن العالم العربى الجديد الذى نتطلع إليه يحتاج إلى تعاون اقتصادى جاد، وإلى استراتيجيات مشتركة للتنمية المستدامة ترسى قواعد العدالة الاجتماعية وتدفع نحو تكامل حقيقى، وتسهم فى زيادة دخل المواطن العربى وتحفظ له كرامته.
وأضاف: ما نتطلع إليه أيضا فى عالمنا الجديد هو العمل على تضييق مظاهر الخلاف، وأن يسوده التسامح وسد المنافذ أمام التدخل الخارجى فى شئونه، وأن تتزايد فيه فرص التعاون الثنائى والجماعى العربى على غيره وما دونه مع الخارج، وإلا يبقى هذا الأمر رهين الأمنيات مثلما جرى خلال عقود طويلة مضت.
وفى السياق ذاته يحذر د. طارق فهمى رئيس وحدة الشئون الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط من أهم المخاطر التى تتعرض لها المنطقة العربية فى الوقت الراهن و تتمثل فى الدور الإسرائيلى الذى يسعى لإثارة الفتن الطائفية والعرقية والعداوات داخل مصر وبقية الدول العربية لمزيد من تفتت المنطقة، موضحا أن تل أبيب لن تقف مكتوفة الأيدى وهى ترى التغيرات والتحولات الاستراتيجية من حولها، مما يهدد أمنها وصورتها كقوة كبرى فى المنطقة.
ويوضح أن التغييرات التى تشهدها المنطقة العربية إذا ما استمرت فى إطارها الصحيح فإنها ستشكل اختراقا فى معادلة الصراع الذى قد يتطور ليمس المشروع الصهيونى ذاته، حيث إن التحديات التى تواجه «الصهيونية العالمية» تتلخص فى تصاعد القوى والتيارات الإسلامية فى داخل فلسطين، وتعطيل مسار التسوية وعدم قدرة إسرائيل على فرض شروطها على الفلسطينيين، بجانب تدهور وسقوط الأنظمة التى كانت تعمل لصالح الصهاينة وتصاعد قوة جديدة مما يشكل بيئة معادية لإسرائيل.
بينما يحذر د. محمد عبد السلام، رئيس تحريرمجلة السياسة الدولية بالأهرام وأستاذ التاريخ الحديث بجامعة «ريدينج» بلندن من أن التجزئة وتقسيم الدول العربية إلى دويلات من أهم المخاطر والكوارث التى تواجه تلك الدول حاليا وأنها تواجه مشكلة حقيقية فى المدى القصير، فى ظل تصاعد المشكلات الداخلية للدول، واحتمالات صعود التيارات الوطنية القومية أو الدينية والتدخلات الخارجية الإقليمية والدولية واسعة النطاق فى المنطقة، ولذلك على الشعوب العربية أن تعمل من أجل الوصول إلى الوحدة والتكامل والاستقلال باعتبار أن العصر الجديد هو عصر التكتلات الكبرى.
كما يحذر من أن الفترة القادمة سوف تشهد أقصى صور التدخل فى الشئون السياسية العربية من جانب أطراف دولية وإقليمية بكافة الوسائل وذلك بهدف تحديد شكل النظم السياسية العربية وتوجهاتها الخارجية متوقعا أن المنطقة العربية ستشهد صراعا حقيقيا على تشكيل حال المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
ويطالب عبد السلام بضرورة العمل على تطوير وإعادة هيكلة مؤسسات العمل العربى بما يتوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة وبما يدعم مشروعات التكامل السياسى والاقتصادى وينبه للمخاطر والتحديات التى تواجهها المنطقة. فضلًا عن التطلع إلى عالم عربى جديد يؤكد ضرورة احترام التنوع العرقى والدينى والمذهبى على قاعدة المواطنة والشراكة فى الأوطان حتى نحافظ على تماسك المجتمعات العربية ونحصَّنها من محاولات الاختراق الخارجى. بالإضافة إلى أنه يجب على الدول العربية مراجعة علاقتها الخارجية خاصة مع الدول الكبرى والدول الإقليمية ذات الاهتمام لتحرير القرار العربى من أى ضغوط وهيمنة، وأخيرا مناشدة شباب الثورات العربية وقوى المجتمع الحية أن تبادر إلى إطلاق حركة عربية نضالية شاملة من أجل بناء نظام عربى متكامل يقوم على التخلص من القيود التى تفرضها الحدود الفاصلة وأوهام السيادة على العلاقات بين الشعوب العربية.
فى السياق ذاته يؤكد د. محمد مجاهد الزيات، نائب رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أن التحديات الخارجية من أهم التحديات التى تواجهها مصر بصفة خاصة والدول العربية بصفة عامة لأنها ترتبط بأنشطة خارجية تسعى لاستثمار المناخ الأمنى الداخلى المهتز خلال المرحلة الأخيرة لتحقق اختراق وخلق حالة من الفوضى وتحريك عناصر وقوى تساعد فى تحقيق ذلك ومن أهم هذه التحديات أولا تكثيف عملية الاختراق الأمنى لدول الثورات من قبل أجهزة المخابرات الأجنبية خاصة من إسرائيل والدول الكبرى وثانيا ضعف أمن الحدود خاصة بعد انهيار الأجهزة الأمنية وتولى الجيش مسئوليات أمنية داخلية وهو ما أتاح فراغا على الحدود فترة الثورات وأدى إلى تسريب عناصر مختلفة ذات انتماءات وتوجهات متعددة مما يسمح بتزايد فرص الإرهاب العابر للحدود ومنظمات الجريمة المنظمة. وثالثا تصاعد التوتر مع إسرائيل خاصة فى ظل القلق الإسرائيلى من تداعيات التغيير الديمقراطى فى مصر وتوجه المزاج السياسى والشعبى المصرى لإعادة ضبط حدود وإطار العلاقات المصرية مع إسرائيل سياسيا واقتصاديا وأمنيا وتصاعد الاتجاه الإيجابى لدعم الموقف الفلسطينى. ورابعا محاولة بعض الأطراف الخارجية استثمار المناخ الحالى للفترة الانتقالية لدعم الاتجاهات المذهبية بما يزيد من حدة الاحتقان الشعبى مستقبلا. وأخيرا سعى بعض المنظمات الأوروبية والأمريكية لإثارة التوتر بين الأقباط والمسلمين فى مصر تحت دعاوى حقوق الإنسان فى هذا التوقيت.
غياب الرؤية/U/
وعلى الصعيد ذاته يحذر د. نوح الهرموزى مدير مشروع منبر الحرية الخبير الاستراتيجى المغربى من المخاطر التى تهدد الثورات العربية وتتمثل فى غياب رؤية واضحة لمرحلة ما بعد الثورة وأيضا وجود بعض الفئات التى لا تؤمن بالديمقراطية إلى جانب التدخلات الخارجية التى تؤثر بشكل سلبى على مسار الربيع العربى.
ويصف الهرموزى ما يعيشه العالم العربى بأنه مرحلة جديدة يشهدها العالم العربى بدأت بهذه الثورات المتتالية، ولم تكتمل بعد ولن تكتمل بسلاسة وسهولة فقد تشهد تحولات متوقعة أو غير متوقعة قد تغير من المشهد ولكنها فى النهاية لن تؤدى للتراجع عما وصل إليه المواطن العربى من جرأة فى مواجهة حاكمه واستعداده للتضحية بحياته مقابل استعادة حقوقه.
ويدين الهرموزى بعض السياسات الاقتصادية التى واكبت وتواكب موجة التغيير التى تعبر العالم العربى، معتبرا فى هذا الصدد أنه على غرار باقى المجالات لم يستثن الاقتصاد من مغالطات ومن ممارسات أقل ما يمكن القول عنها إنها غير ملائمة لمنطقتنا وإنها تقوم على أسس ومنطلقات غير سليمة وغير فعالة باعتبارها مسكنات ومهدئات اجتماعية وسياسات ترقيعية ظرفية قصيرة المدى، مطالبا بدور للدولة المركزية فى بلورة السياسات الاقتصادية فى ظل التغيرات الإقليمية الراهنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.