مصر شعب واحد لا يقبل القسمة أبدًا، حاول الاستعمار الانجليزى بكل الطرق الخبيثة الإيقاع بين المسلمين والأقباط.. فخابت كل وسائلهم.. وكان الهدف الباطن للانجليز هو خلق الحساسية بين هذا الشعب الذى وحدته الأزمات.. فمنذ توحيد مينا منذ آلاف السنين للشمال والجنوب.. وهذا الشعب مضفر فى بعضه بضفائر فى غاية التعقيد لا يعرف أحد كيف يصل لحل لغزها.. والذين يحاولون فى هذه الأيام.. كالذين ينازعون طواحين الهواء.. فمصر للمصريين.. والمصريون هم المسلمون والأقباط.. وقبل الفتح الإسلامى كان كل المصريين يطلق عليهم الأقباط.. وبعد الفتح الإسلامى كان يُقال قبطى مسلم وقبطى مسيحى ودائما ما كان المسلمون والمسيحيون يدًا واحدة فى مواجهة الأزمات. ففى ثورة عربى كان من بين الضباط الذين استشهدوا فى الحرب أقباط ومسلمون.. وفى الحركة الوطنية والتى كانت تطالب بالجلاء التام أو الموت الزؤام.. وكان سكرتير عام الوفد المصرى فى ذلك الوقت الزعيم مكرم عبيد، وسالت دماء المصريين مسلمين وأقباط فى ثورة 1919.. حينما كان مكرم عبيد فى المنفى مع سعد زغلول.. وكانت الثورة تهتف بوحدة الهلال مع الصليب ويتزعمها الشيوخ والقساوسة، وأيديهم مترابطة.. ووقع منهم شهداء.. حتى حفر قناة السويس والسخرة لم تميز بين قبطى ومسلم.. فالآلاف الذين غرقوا أثناء الحفر كانوا مسلمين ومسيحيين.. أى أن أرض هذا الوطن روته دماء المسيحيين والمسلمين.. فالدم المصرى يجرى فى العروق ولا يفرق.. ولهذا باءت كل المحاولات لإحداث الفتنة بالفشل.. وفى العدوان الثلاثى عام 1956 لم يفرق رصاص المعتدين بين مسلم ومسيحى وعام 1967 ارتوت صحراء سيناء بنفس الدماء الذكية وفى 1973 كانت وحدة الدم والوطن تروى الانتصار بدماء المسلمين والمسيحيين وكان الفريق فؤاد عزيز غالى قائدا للجيش الثانى الميدانى، والذى أبلى بلاء حسنًا تشهد عليه المعارك العسكرية والبطولات التى حققها أفراد هذا الجيش.. وتاريخ مصر حافل سياسيا واقتصاديا بالأسماء التى نقشت بالذهب فى تاريخها.. وكثير.. ممن أثروا الصناعة والتجارة.. مصر شعب واحد لا يقبل القسمة أبدًا ولا تستطيع فئة من الأمة المصرية أن تنفى فئة أخرى تحت أى ظرف من الظروف، وبأى مسمى، نعم.. هناك مشكلة لاشك بين المسيحيين وفئة من المسلمين وليس جميعهم ويجب أن تحل هذه المشكلة بالصبر والحلم والحكمة تحت عنوان مهم هو الذى نادى به المصريون فى ثورة 1919 وهو أن الدين لله والوطن للجميع، فالمصرى يجب أن يعامل على قدم المساواة مع أخيه المصرى بغض النظر عن دينه أو لونه أو عقيدته أو جنسه، وإن إزالة التوتر والاحتقان بين بعض المصريين من الطرفين يجب أن يزال بالحكمة والحلم وتفهم الطرف الآخر، والتنازل عن كثير من المفاهيم الخاطئة التى كانت تحكم الطرفين. وليس من المناسب أو اللائق أن نستعين بالآخرين لحل مشاكلنا، فلنا حضارة طويلة تسمح لنا بأن نجلس معا ونتحاور حول مطالبنا ونتفهم ونتنازل حتى نصل إلى الحل الذى يرضينا. لذا فنحن نطالب بمؤتمر قومى من عقلاء الطرفين يجلسون معا ويتحاورون ويصلون إلى حلول لكل المشاكل التى تعترينا، لكى نعيش دائما كأمة موحده متحابة ومتساوية المراكز القانونية. ولا أحد ينكر دور الأقباط فى بناء مصر - قلبًا بقلب، ويدًا بيد - مع إخوانهم المسلمين ولا حاجة بنا للتذكير بأن هناك قوى داخلية وخارجية تريد إشعال الكراهية والصراع بين الطرفين.