وهو أمر مضحك، لأن العملية قد تكون مهضومة على رأى الأشقاء فى لبنان.. إذا كانت القناة بالجبة والقفطان ورسالتها الدعوة إلى الله ورسوله. لكن إذا كانت الست قناة تحاول أن تكون نغشة ومدندشة فالموضوع مختلف، فهى تستطيع أن تلعب بالبيضة والحجر.. وتقيم الدنيا وتقعدها.. عندها أسرار.. وسلاحها جبار.. وهى فى «التوك شو» لم يولد بعد من يقول لها «نو». خيار استراتيجى/U/ وبالمناسبة لا بد لكل قناة وليدة أن يكون لها «توك».. وعندها «شو» لأنه خيارها الاستراتيجى الذى يضعها فى الصورة وفى بؤرة الأحداث.. ومن الضرورى كذلك أن تمتلك الفضائية.. عدة «فواصل» لكى تلتقى بعدها مع المتفرج الذى يجب عليه ألا يذهب إلى هنا أو هناك ومايروحش فى أى حتة بعيد.. إلا بإذن كتابى مسبق أو تصريح حتى لو كان سيدخله إلى «الحمام» ويدهشك ان القناة التى لم تحتفل بسبوعها بعد وهى ماتزال فى اللفة.. تظهرلها فجأة أخت وخالة وعمة واحدة «بلس» والثانية «دراما» والثالثة للإعلام.. وهم يعلنون عن برامجهم، وضيوفهم الكبار على صفحات كاملة فى الجرائد ويدفعون الشىء الفلانى لنجومهم، ومع ذلك يدّعون الفقر وأن العملية ناشفة.. واللى جاى من القناة يدوب على قد اللى رايح. ويجوز أن تصدق المسألة مع قنوات شهيرة وكبيرة دعنا منها، وتعالى إلى فضائيات إرسالها ينحصر فى بنت سرسوعه.. كأنها أمام سيرك فى مولد شعبى تقول بصوت حيانى: قرب.. قرب.. فين الصورة؟ فين الخلطة؟ قرب واكسب.. مستنى إيه يا مغفل.. اتصل ولا أقولك كفاية ترن واحنا نتصل.. هذا بخلاف قنوات الطبيخ التى تفوح منها رائحة البصل.. وأحيانا الفانيليا والشيكولاتة.. وأنت وحظك. إلى جانب قنوات الدين وتجارة الفتاوى.. والحلال والحرام.. ودخول الحمام بالقدم اليسرى.. وحكم رسم الحواجب والاستحمام بالليفة المغربى.. وأمامها على الناحية الأخرى قنوات إديها مية تديك طراوة، وقد تخصصت فى أم الأجنبى.. إشى برامج.. ورقص وفرفشة وأفلام للصبح وعروض أزياء وعشق ممنوع.. وعشق مدفوع.. وستجد كذلك فضائيات تفتح المندل وتوشوش الودع وتقرأ الفنجان.. وأخرى تقدم تلك الاستشارة الطبية أنف وأذن وحنجرة.. ثم مجموعة تصل معك إلى ما هو أكثر فيما يخص لمؤاخذتك رجولتك وبعض المشاكل التى تواجهها لأسباب لا دخل لك فيها.. أو لعوامل السن والتعرية والهم الأزلى الذى يطاردك 24 ساعة.. وأظنك فاهمنى باعتبارنا ستر وغطا على بعض. وعندك قنوات تبيع ملاية السرير وطقم السفرة وماكينات إزالة الشعر.. والأدوات الرياضية، بل أكثر من ذلك تعيد إليك شعرك الواقع.. وتزرع صلعتك البهية كأنها أرض استاد القاهرة مرة أخرى وادفع تجد ما يسرك. ورغم تعدد هذه القنوات كما ترى وفيها من الأبرة إلى الصاروخ، لكن دعنا نركز هنا على قنوات «اللوك لوك» التى تجارتها الكلام.. وتقف كل ليلة منذ فترة تعاير التليفزيون الحكومى وهى تقول له: يا محرض يا تحريضى يا منحاز يا عديم المهنية يا بتاع الحكومة يا ساقط ثانوية عامةوقد يكون التليفزيون الذى هو فى ماسبيرو مدهول وحالته عدم.. ويعمل بالفحم فى عصر الليزر والبلازما.. لكن إذا دخلت عليك اللعبة وصدقت أن هذه الفضائيات التى هى خاصة محايدة وعديمة التحريض.. فأنت واهم وغلبان.. والدليل على ذلك أن ضيوف برامجها تستطيع أن تحصيهم عدا.. نفر.. نفر.. راس.. راس.. زنقة.. زنقة.. فهى وجوه نادرا ما تتغير.. وبعضهم يقدم البرنامج على قناة وتجده ضيفا على أخرى.. وكأن الدنيا الإعلامية ليس فيها إلا سعادته باعتباره العلامة الفهامة.. الثورى.. الثورى.. الكلامنجى..وأغلبهم يكتبون فى جرائد بعينها.. قيادتها تقدم البرامج ثم تجرى لتحل ضيوفا على برامج أخرى.. حتى أصبح د. عمار على حسن وعمرو حمزاوى ومعتز بالله عبدالفتاح وعمر الشوبكى أشهر من عمرو دياب وتامر حسنى.. وأنا فى ظنى أنهم يسكنون فى مدينة الإنتاج الإعلامى حتى يكون «تحت الطلب» فى أى لحظة.. طبعا مع شديد احترامى لهم ولغيرهم وكلهم زملاء أفاضل وأكابر.. لكن حضراتهم يتكلمون وكأنهم وكلاء الشعب المصرى وغيرهم من الفلول، ثم إنهم يعتبرون أن كل من يعمل فى صحف الحكومة وإعلامها.. خايب ونايب وفيه القطط الفاطسة وأنهم درجة ثانية.. ولا يجب التعامل معهم أو حتى السلام عليهم.. مع أن هؤلاء السادة يظهرون فى تليفزيون ماسبيرو ربما من باب الفضل والإحسان والصدقة.. أو فى أوقات الراحة من القنوات الخاصة. وإذا قلت لك إن الفضائيات أصبحت شلة أو عصابة.. فلا أبالغ ولا أفترى.. وأن الكثير من المتفرجين غيروا رأيهم فى منى ومعتز ومحمود وإبراهيم عيسى وبلال، لأن الشخص مهما كانت عبقريته لا يستطيع أن يقنع كل الناس كل الوقت.. نعم هؤلاء ساهموا بشكل أو بآخر فى الثورة وبشجاعة.. لكنهم الآن أصحاب هوى وعندهم اجندة وكشكول وليسوا أبرياء بنسبة 100%.. ولا يوجد على ظهر الأرض هذا الإعلامى الذى يمشى على السلك مثل البهلوان ولا يقع فى ناحية من النواحى ويميل إليها حتى نلقبه بالمحايد ابن المحايد.. لأن اختيارى للضيوف دون غيرهم أول خطوة تثبت عدم الحياد ومنح الفرصة لفلان يتكلم بصراحة، ثم الوقوف على دماغ ضيف آخر بحجة أن وقت البرنامج انتهى من سنة.. ثم يرغى السيد المذيع أو الست المذيعة شهوراً بعد ذلك براحته باعتباره صاحب المحل.. والوقت والشاشة.. والمهنية التى تقدم الرأى والرأى الآخر.. قد تفضح حيادها فى مقدمة البرنامج على لسان المذيع أو فى ختامه أو حتى فى نظرة عين أو نبرة صوت تعلو وتنخفض. أى أن الحياد الإعلامى هو وهم كبير لن نجده ولهذا اخترعناه، ثم علينا أن نسأل أنفسنا لماذا انتشرت تجارة الفضائيات بين رجال الأعمال إلى هذا الحد بحيث أصبح كل «بسبس مان» عنده جريدة أو شريك فيها من تحت لتحت.. ويمتلك فضائية وياويله يا سواد ليله من يقترب من سيادته.. ستخرج عليه زبانية الفضائيات وقراصنة الجريدة بحملة ردح حتى يعرف هذا الصعلوك مع من يتكلم ويتعلم الأدب وربما تجد للقناة رأيا فى تعديل دستورى أو مجلس عسكرى او رئيس وزراء ثم تغيره بعد ساعة سواء مع أو ضد.. فلا تندهش لأن اللعبة فى أولها وفى آخرها لعبة مصالح وأنت فاهم وأنا فاهم يا سى صالح.. أما من هو «صالح» الذى أقصده فهذا هو سؤالنا النهاردة اتركه للقنوات الحكومية والخاصة ما ظهر منها وما بطن.. فهل هو صالح العمل أو صالح الوطن أو صالح سليم.. أو صالح للاستخدام الآدمى والديمقراطى..؟ الإجابة اتركها لك والجائزة 40 مليون دولار أمريكانى عدا ونقدا فوق الترابيزة وتحت النملية!!