«الاستقلال الكامل للقضاء عن باقى السلطات فى الدولة» هو كلمة السر فى مشروع قانون السلطة القضائية الذى تقدم به المستشار أحمد الزند - بعد موافقة أغلبية القضاة عليه - للمجلس الاعلى للقضاء، والذى يمثل فى مجمله تحصينا لهيئة القضاء من أى تدخل يؤثر على قاضى المنصة. المستشار الزند رئيس نادى قضاة مصر أكد أن مشروع القانون هدفه الأساسى استقلال القضاء وليس - كما يدعى البعض - الدعاية الانتخابية لمجلس النادى. وتمت مراعاة مبدأ الأقدمية فى اختيار رئاسة مجلس القضاء الأعلى وأن يختار رئيس الجمهورية النائب العام من بين 7 مرشحين. وقال الزند خلال حواره ل«أكتوبر» إن محاكمة مبارك خير شاهد على نزاهة القضاء المصرى وطلب رد المحكمة هو إجراء قضائى يحدث فى قضايا كثيرة ولا تعليق عليه. كما رفض الحديث عن مشروع القانون الذى يعده المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض السابق بتكليف من المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى، وتناول موضوعات اخرى وقضايا كثيرة فى سياق الحوار التالى: * ما هى أهم ملامح مشروع القانون الذى توصل إليه نادى قضاة مصر مع نوادى قضاة الاقاليم؟ ** مشروع القانون ركز على 22 ملمحا أساسيا أولها يغل يد السلطة التنفيذية عن التدخل فى أعمال السلطة القضائية وثانيها تفعيل مبدأ الأقدمية كمبدأ حاكم لتقلد كافة المناصب القيادية وثالثها: تفعيل دور الجمعيات العمومية لكافة المحاكم فى مصر، ورابعها: تعديل جدول المرتبات لتحسين دخل القضاة، خامسها: تعديل تشكيل مجلس القضاء الأعلى وطريقة تعيين النائب العام، وسادسها: إلغاء الندب للهيئات غير القضائية مع إقرار بدل تفرغ، وسابعها: تأمين صحى كامل وشامل وحقيقى للأعضاء وأسرهم بالداخل والخارج، وثامنها: إلغاء الإحالة للمعاش بسبب فقد الصلاحية، وتاسعها: النص على ضرورة عرض كافة اللوائح والقرارات التنظيمية على القضاء وأعضاء النيابة العامة للالمام بها ومعرفة مالهم وما عليهم، وعاشرها: إلغاء مبدأ تحصين القرارات من الطعن عليها أيا كان مصدرها، والحادى عشر: تنظيم عطلة أسبوعية للسادة أعضاء النيابة العامة، والثانى عشر: النص على إنشاء الشرطة القضائية المتخصصة، والثالث عشر: النص على اعتبار نادى القضاء شأنا من شئون القضاء مع حقه فى عرض ما يهم القضاء الاعلى، والرابع عشر: عرض الموازنة القضائية المستقلة على الجمعية العمومية لنادى قضاة مصر فى بداية كل سنة مالية لإقرارها، والخامس عشر: تشكيل دائرتين ابتدائية واستئنافية للفصل فى صلاحية القضاة مع توفير كافة الضمانات لهم لضمان محاكمة عادلة، أما السادس عشر فهو: تكريم القضاة بإنهاء معاناتهم اليومية فى السفر لمسافات طويلة بالنص على أن يعمل القاضى فى المحافظة التى بها موطنه بشرط أن يكون فى غير المدينة التى يقيم بها، والسابع عشر: تكريم القضاة المستشارين بالسماح لهم بالعمل فى دائرة محكمة الاستئناف التى بها مواطنهم بشرط ان يكون العمل فى غير المحافظة التى يقيم بها، والثامن عشر: تنظر طلبات رجال القضاء أو ورثتهم بصفة مستعجلة وأن يكون الحكم فيها مشمولا بالنفاذ المعجل، والتاسع عشر: النص على إلزام مجلس القضاء الأعلى بتنفيذ الأحكام أيا كان مضمونها، فى خلال ثلاثين يوما من تاريخ اعلانه بالصيغة التنفيذية للحكم، أما الملمح العشرون فهو: فصل ميزانية الموظفين والعاملين بالمحاكم والنيابات عن الميزانيات المستقلة لرجال القضاء والنيابة العامة، أما الحادى والعشرون: تنفيذ الأحكام الصادرة بالتسويات المالية طبقا لقاعدة الأثر العينى المباشر بحيث تطبق على كل الزملاء المستحقين بدون إقامة دعاوى مستقلة، والثانى والعشرون: تحسين المرتبات بشكل غير مسبوق على النحو الذى تم رصده فى الجدول المرفق بمشروع القانون الجديد. العرض على المحاكم * ولكن ما هو الموقف الآن بالنسبة للقضاة؟! وهل حدث انقسام بين القضاة انفسهم فى وضع مشروع القانون الجديد؟! ** لقد انتهينا من وضع المشروع فى صيغته النهائية بعد الاستطلاع كافة آراء قضاة مصر وأعضاء النيابة العامة وأخذ ملاحظاتهم ومقترحاتهم بعين الاعتبار. وقمنا بإعداد المشروع فى صورته النهائية وهو معروض الآن على الجمعيات العمومية لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية على مستوى الجمهورية والتى تضم 8 محاكم استئناف و24 محكمة ابتدائية لإبداء الرأى فيه وموافاتنا برأى هذه الجمعيات العمومية. * ماذا عن مشروع القانون الآخر الذى تقدم به المستشار أحمد مكى بتكليف من المستشار حسام الغريانى؟ ** انا لست معنيا به.. ما يهمنى هو المشروع الذى بنيت أفكاره وقضاة مصر وبالتالى فلا تعليق لى على أى مشاريع أخرى يقدمها آخرون فلسنا معينين بها. لقد فرغنا كل جهدنا أنا وزملائى لإنجاز هذا المشروع سعيا وراء ثقة القضاء فيه والتفافهم حوله وموافقتهم عليه فهذا المشروع هو المعبر عن آراء جميع القضاة او الاغلبية المطلقة للقضاة واعضاء النيابة العامة. قاعدة أصيلة * لكن ما هو الجديد فى مشروع القانون الخاص بنادى قضاة مصر وتعتبرونه من أهداف وآمال وطموحات القضاة؟ ** الجديد فى هذا المشروع أن تكون رئاسة مجلس القضاء الأعلى للأقدم فقد راعينا مبدأ الأقدمية المطلقة باعتباره المبدأ الحاكم فى كل أمر من أمور القضاة ولذلك ستكون رئاسة المجلس للاقدم من بين رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة. أما النقطة الثانية فهى إلغاء تحصين القرارات من الطعن عليها فمن حق كل قاض يصدر ضده قرار الطعن عليه امام محكمة مختصة. أما النقطة الثالثة فتتعلق بتعيين النائب العام من بين 7 ترشح محكمة النقض منهم أقدم نائبين ومحاكم الاستئناف أقدم 3 رؤساء محاكم استئناف وأقدم 2 من النواب العاملين المساعدين بشرط أن يكون قد جلس 4 سنوات على الأقل فوق المنصة وأن تكون له مدة عمل فى النيابة العامة 4 سنوات على الأقل ويختار من بينهم رئيس الجمهورية نائبا عاما. أيضا تعيين رئيس محكمة النقض من بين أقدم 3 نواب رئيس محكمة النقض ولرئيس الجمهورية اختيار أحدهم والمقصد هنا أنه ليس مقبولا أن يعين وكيل النيابة بقرار من رئيس الجمهورية دون أن يعين رئيس محكمة النقض أو النائب العام بقرار من رئيس الدولة أيضا إلغاء الندب وتحديد مدد الاعارة بمرتين طول مدة الخدمة وتحديد 5 سنوات لكل مرة. وتحديد مدد للندب لمن يشغلون مناصب أو ينتدبون لأى عمل قضائى بأربع سنوات فقط. * كيف سيتم التوافق مع المعترضين على مشروع القانون؟ ** القضاة الذين يعترضون على مشروعنا عددهم قليل وهذا أمر محمود لأننا ننظر إلى ذلك فى نطاق حرية الرأى والتعبير عنهاوأى عمل بشرى محصن لابد أن يكون له مخالفين فى الرأى ولا يلقى إجماعا بنسبة 100% فأعداد القضاة وأعضاء النيابة فى حدود 12 ألفاً. القضاء المستقل * ردد البعض أن القضاء المصرى غير مستقل بشكل كامل.. ما تعليقك؟ ** هذه الاقوال راجت منذ زمن طويل لأهداف لا يعلمها إلا الله.. والإعلام يريد أن يجدد ذلك. فقد أكدنا مرات ومرات ان القضاء المصرى مستقل ولا يجرؤ مخلوق على وجه الارض أن يطلب من القاضى إصدار حكم معين. والأيام اتت بالبراهين على هذا الاستقلال، حيث تأتى الايام ونجد رئيس الجمهورية فى المحكمة: ترى هل هذا قضاء مستقل أم غير مستقل؟! * هل القانون الجديد يدعم هذا الاستقلال؟ ** نحن بهذا القانون الجديد ندعم الاستقلال عن السلطات الاخرى فى الدولة فهذه مسألة مفروغ منها فلم يكن يجرؤ رئيس الجمهورية فى أى عهد من العهود أن يتدخل فى القضاء، لأن لدينا منظومة فى استقلال القضاء منها إزالة المعوقات أمام القاضى وعدم التأثير على القضاة والعمل على راحة القضاء. وفى النهاية ان يكون القاضى مستقلا ليعطى كل واحد حقه واستقلال القضاء هنا عنوان عريضة وواسع، فالقاضى عندما يصاب بالمرض هل يتسول ام يعالج على نفقة الدولة؟ وفى ظل القانون الجديد بالنسبة للقيادات أو القضاة من حق أى شخص ان يسأل ويخضع للطعن عليه فالادارة الفردية تحولت إلى إدارة جماعية، فمشروع القانون الجديد هو طفرة حضارية فى عالم القضاء سبقنا به كثير من الدول حيث تضمن المشروع النيابة المدنية لتحضير الدعاوى المدنية فهو خطوة متقدمة للنهوض بالقضاء المصرى وكلها تدعم استقلال القضاء فهناك قيادة رشيدة تأخذ قرارا ومن حق القاضى أن يطعن على هذا القرار. * ماذا عن تطورات محاكمة مبارك؟ وهل يؤثر طلب الرد على المحاكمة؟ ** محاكمة القرن هى رد كاف ومفحم على كل العابثين والمشككين فى نزاهة واستقلال القضاء المصرى وحيدته وتجرده اما عما حدث من طلب رد للمحكمة فهذه هى إجراءات قضائية تتم فى أى محاكمة ولا تعليق عليها... محاكمة مبارك ورموز النظام شهادة ذهبية عالمية للقضاء المصرى وخير دليل على تجرده ونزاهته واستقلاله. * ماذا يعنى تشكيل لجنة لوضع مشروع القانون بعيدا عن نادى القضاة؟ ** لابد أن تفرق بين مجلس القضاء الأعلى ككيان وبين رئيس محكمة النقض وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى ككيان آخر فاللجنة التى شكلها بصفته رئيس محكمة النقض وليس بصفته رئيسا لمجلس القضاء الأعلى وبالتالى يتعين عدم اقحام مجلس القضاء الأعلى فى هذا الأمر. ولكننا حينما نعرض المشروع الذى أعده نادى قضاة مصر بالتعاون مع اندية القضاة بالاقليم سنعرضه على مجلس القضاء الأعلى ككيان متكامل مسئول عن رعاية شئون القضاء ويجب أخذ رأيه فى كل القوانين المتعلقة بالقضاء والقضاة. * ماذا يحدث لو تم الاعتراض على مشروع القانون الذى ستقدمونه من جانب اللجنة الثانية التى كلفها المستشار الغريانى على مسئوليته الخاصة؟ ** من يعترض يعترض ومن يوافق يوافق والحكم أولا وأخيرا متروك للقضاء والقضاة وحدهم وأوكد الحكم أولا وأخيرا للقضاة وليس لأحد غيرهم. * متى ستقدمون مشروع القانون؟ ** سنقدم مشروعنا اليوم الاحد وهو الثانى من أكتوبر الحالى لمجلس القضاء الأعلى ولوزاة العدل والذى سترسله إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه. * هل تتوقع الموافقة عليه أم الرفض؟! ** أتوقع له القبول إن شاء الله لأنه استحوذ على قبول ورضا واستحسان القضاة مجتمعين. * يعتبر البعض أن إعدادكم لمشروع القانون الجديد هو من قبيل الدعاية الانتخابية لمعركتهم القادمة فى انتخابات رئاسة نادى القضاة؟! ** حينما تطالع المشروع ستجد فى نهايته ورقة تؤكد أن المستشار حسام الغريانى رئيس محكمة النقض الحالى والمستشار أحمد مكى رئيس النقض السابق يؤكدان أن النادى هو المختص بجميع شئون القضاة وبنص لائحة النظام الأساسى للنادى فهذا اختصاص أصيل للنادى وجاء هذا على لسانهم فى الجمعية العمومية للنادى التى عقدت عام 2005 وأى عمل وأى نشاط نقوم به ليس بهدف الدعاية الانتخابية فدعم السلطة القضائية أكرم وأعز وأسمى وأغلى من أن يتخذ وسيلة للدعاية الانتخابية لأنه يتعلق بقضاة مصر أصحاب المقام الرفيع وأصحاب المنصة العالية.