رسوم السحب من ماكينات الصراف الآلي 2024 ب «12 بنك»    «بايدن» خلال اجتماعات مجموعة السبع: لم أفقد الأمل بشأن وقف إطلاق النار في غزة    فيتو داخل مخيمات حجاج قرعة الحج السياحي بمنى وعرفات قبل التصعيد (فيديو وصور)    نجوى كرم بالبنفسجي في أحدث جلسة تصوير    محي الدين: الأهلي للصرافة تعمل خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    أخبار الأهلي: تفاصيل مران الأهلي قبل مواجهة فاركو.. انتظام الدوليين    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    وزير البترول يكشف تأمين الأرصدة وإمدادات المنتجات خلال إجازة عيد الأضحى    اوس اوس يصل العرض الخاص لفيلم «عصابة الماكس»    من فضائل يوم عرفة.. تكفير الذنوب والتأكيد على الأخوة بين الناس    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    "العدل الأوروبية" تغرّم المجر بسبب سياسات اللجوء    بمليار دولار وارتفاعه 250 مترًا.. معلومات عن برج «فوربس» المقترح بالعاصمة الإدارية    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    افتتاح عدد من الوحدات الحديثة بمستشفيات المنيا الجامعية    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    نقل المصابين في مشاجرة عائلتي بكوم إمبو للمستشفى الجامعي وسط حراسة أمنية مشددة    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    ضياء السيد: طلب كولر بشأن تمديد عقد موديست منطقي    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    على خطى كرة القدم.. ريال مدريد بطلا لدوري السلة    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاكمات القضائية.. والمحاكمات الشعبية
نشر في أكتوبر يوم 04 - 09 - 2011

من المعروف أن هناك فرقا شاسعا بين المحاكمات الشعبية والتى يمكن أن تشكلها بعض القوى السياسية لمتهمين بعينهم وبين المحاكمات القضائية لذات المتهمين، فالمحاكمات الشعبية يغلب عليها الطابع السياسى ولا تطلب التخصص أو الصفة الرسمية لأطرافها ويمكن أن تعقد بالاستاد أو أحد الميادين الشعبية الكبرى، وغالبا ما يكون قرار الإدانة محددا سلفا.. لأنها محاكمة رمزية فى كل الأحوال.
بينما المحاكمات القضائية.. هى محكمة قانون ولابد من توافر الصفة فى أعضائها من ادعاء ومحامين وقضاة الحكم فضلا عن شهود الإثبات والنفى.. وهى ما اصطلح على تسميتها بأن المتهم يحاكم أمام قاضيه الطبيعى وهو ما ينطبق تماما على محاكمة الرئيس السابق وبعض أركان حكمه..
حيث يحاكم طبقا لنصوص قانونية سارية قبل الحادث ومعمول بها من عشرات السنوات، كما أنه يحاكم أمام محكمة جنايات عادية مختصة نوعيا ومكانيا.. تعتمد فى حكمها على الجزم واليقين وليس على الحدس والتخمين.. وهى صفة القضاء الجنائى بصفة عامة.. حيث يعكف قضاة المحكمة على قراءة الأوراق وفحص الأدلة وسماع الشهود (الإثبات والنفى) والمرافعات والدفاع، ثم تبحث مدى انطباق مواد الاتهام التى تضمنها قرار الإحالة على وقائع الدعوى.
لقد أثبتت مصر للعالم أنها دولة مدنية متحضرة.. فعلى الرغم مما ارتكبه الرئيس السابق وأركان حكمه فى حق هذا الشعب المسالم.. إلا أنه يحاكم أمام محكمة عادية وأمام قاضيه الطبيعى.. وطبقا للقاعدة الفقهية المعروفة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة.. وهو ما يجرى حاليا بالفعل.
إذن أين المشكلة؟.. المشكلة أن الجلسات الأولى للمحاكمة وما كشفت عنه من بعض الممارسات وطبيعة قرارات الاتهام أثارت بعض الجدل واللغط.. وصل إلى مناقشة قرارات المحكمة المبدئية على شاشات الفضائيات.. والغريب أن من قام بذلك هم رجال قانون لم تتوافر لهم الفرصة لقراءة أوراق القضية والإلمام بتفاصيلها.. فضلا عن علمهم أن ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها- طبقا لنص قانون الإجراءات الجنائية- فإنه لا يشترط لتحقيق العلانية فى المحاكمة أن تذاع وقائع الجلسات على الهواء مباشرة من خلال شاشات التليفزيون.
لقد تحدث البعض عن ثلاث ملحوظات كشفت عنها الجلسات الأولى للمحاكمة.. الأولى وهى قضية العلانية، والثانية المدعون بالحق المدنى، والثالثة توصيف الاتهام.
***
من المعروف أن الجلسات الأولى للمحاكمة.. هى جلسات إجرائية يتم فيها إثبات حضور المتهمين والمدافعين عنهم، ثم يتلى قرار الإحالة إلى المحاكمة من قبل النيابة العامة، ويبدى المدافعون عن المتهمين طلباتهم، وكذلك المدعون بالحقوق المدنية، وللمحكمة أن توافق على بعض ما يطلبه المدافعون أو مدعو الحقوق المدنية أو التقاضى عنه إذ لم يكن مؤثرا فى سير الدعوى أو الحكم فيها، وخاصة فيما يتعلق بطلبات سماع الشهود.
ومن المعروف أيضا أنه لابد أن يكون لكل متهم أمام الجنايات محام يدافع عنه وإن لم يوكله بنفسه.. فعلى المحكمة أن تقدم له محاميا آخر ممن عليهم الدور فى الكشف المعد من قبل النقابة لذلك.. أقول ذلك لأننى قرأت للبعض يستنكر قيام بعض المحامين بالدفاع عن المتهمين فى تلك القضية.. فحق الدفاع للمتهم بالأصالة أو الوكالة أحد الحقوق الأساسية وإلا شات المحاكمة البطلان، هذه واحدة أما الثانية فتتعلق بما يسمى المدعون بالحق المدنى.. فطبقا للقانون لكل من يدعى حصول ضرر له من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية، وفى أى حالة كانت عليها الدعوى، حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة، وبشرط أنه لا يجوز أن يترتب على تدخل المدعى بالحقوق المدنية تأخير الفصل فى الدعوى الجنائية، وإلا حكمت المحكمة بعدم قبول تدخله.
ونظرا لكثرة عدد من تضرروا فى تلك القضية.. سواء بالشهادة أو الإصابة.. وهو ما يترتب لهم حق التعويض المدنى من المتهمين، فقد انعكس ذلك على عدد المحامين المدعين بالحق المدنى أمام المحكمة تكليفا أو تطوعا.. ولكن للأسف كان أداء بعضهم سيئا.. خاصة فى وجود كاميرات التليفزيون والبث المباشر لوقائع الدعوى على الهواء مباشرة، حيث كان البعض يخاطب جمهور المشاهدين ولا يخاطب المحكمة المنعقدة.. وهو ما وصف بالإخلال بسير الجلسات.. وكانت المحكمة تضطر لوقف نظر الدعوى أكثر من مرة حتى يعود الانضباط إليها وتتمكن من ممارسة عملها بالشكل القانونى السليم.. لأن العالم كله كان يشاهد المحاكمة.. وهو ما يمكن أن يعطى انطباعا مختلفا عن القضاء المصرى، مع ملاحظة- وطبقا لنصوص القانون- أنه يجوز للمحكمة إذا رأت أن استمرار هذا الأسلوب غير المنظم من المدعين بالحق المدنى يخل بسير الجلسة وانضباطها.. أن تصدر حكما مبدئيا بعدم قبول تدخلهم، ليقيموا دعواهم أمام المحكمة المدنية المختصة فيما بعد.
على أية حال.. لقد انتهت الجلسات الإجرائية السابقة بإعلان المحكمة وقف البث التليفزيونى المباشر لجلساتها حفاظا على حسن تطبيق العدالة.. وعدم التأثير على شهود الدعوى مع استمرار توافر العلانية التى يتطلبها القانون من السماح للكافة بحضور الجلسات- طبقا للعدد الذى تستوعبه القاعة، فمرة أخرى.. علانية الجلسات لا تتطلب استمرار البث المباشر لوقائع الجلسة، أى تتحقق بوجود المحامين والإعلاميين وأهالى المدعين بالحق المدنى وغيرهم تسمح المحكمة بحضورهم.
مع ملاحظة أن سرية الجلسات تكون مقصورة فقط على أطراف الدعوى.. الادعاء والمدافعين.. وهو حق للمحكمة يجوز تطبيقه إذا وجدت أن بعض ما يقال أمامها يخالف النظام العام والآداب العامة!
والمعنى أنه لا سرية لجلسات المحاكمة وأن الرأى العام سيتاح له متابعة كافة وقائع الجلسات وما يدور فيها فى ظل وجود هذا العدد من المحامين والإعلاميين والشهود! لقد تابعنا الجلسات الأولى وشاهدنا تصفيقا واستحسانا من الحضور لبعض القرارات المبدئية التى أصدرتها المحكمة.. ومنها قرار ضم القضية المتهم فيها وزير الداخلية ومساعدوه للقضية المتهم فيها الرئيس السابق ونجلاه، وكذلك وقف البث المباشر.. فهل ننتظر اعتراضا وتشويشا على قرار آخر للمحكمة إذا لم يعجب الحضور أو جاء على غير هواهم!
مع ملاحظة أننا لا نأخذ بنظام المحلفين المطبق فى أمريكا حيث تقرير الإدانة من عدمها يكون لنخبة مختارة من الجمهور العادى.. وإنما نأخذ بالنظام اللاتينى فى القضاء.. أى محكمة مشكلة من دوائر متخصصة ومن قضاة محترفين.. لا عمل لهم غير الحكم بين الناس بالعدل.. وللأسف الشديد لقد تابعت ما نشر على بعض المواقع على النت ولاحظت أن بعضها أجرى استفتاء على قرارات المحكمة.. وهناك من وافق وهناك من اعترض.. بينما تحفظ البعض فى الإجابة.. لقد أشرت من قبل أن هناك فرقا بين المحاكمات الشعبية والمحاكمات القضائية، ونحن الآن أمام محكمة لا سلطان عليها غير القانون وضمائر أعضائها.. فلنترك الدائرة تمارس عملها بعيدا عن الضغوط أو الاستعجال فى الحكم.
***
أما فيما يتعلق بما أثاره البعض من قصور فى قرار الإحالة.. واكتفائه بالتحريض والاشتراك فى قتل المتظاهرين والإضرار بالمال العام والتربح واستغلال النفوذ، فمدى علمى أن النيابة العامة بذلت جهدا جبارا فى تجميع الأدلة والسماع للشهود فى ظل الانهيار الأمنى الذى ساد البلاد بعد 25 يناير، أى فى ظل غيبة مأمورى الضبط القضائى (ضباط الشرطة) المنوط بهم تحرير المحاضر وجمع الأدلة وإثبات شهادة شهود العيان للوقائع التى حدثت من قتل وإصابة للمتظاهرين.
ثم هل كان يعتقد أحد إمكانية قيام هؤلاء المتهمين من قيادة الجهاز الأمنى بتقديم أدلة إدانتهم؟.. بل لا أستبعد قيام البعض منهم بعكس ذلك، ولعل هذا ما يفسر قلة عدد الأحراز فى القضية والمتمثلة فى عدة اسطوانات قدمها متطوعون أو مجنى عليهم للنيابة العامة. مع ملاحظة أنه من حق المحكمة.. طبقا لما يسمى بحق التصدى.. أن تعيد توصيف الاتهام وتعديل وصف التهمة.. ويجوز لها إدخال متهمين جدد فى القضية وندب أحد أعضائها للتحقيق معهم أو إحالتهم إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق معهم.. وإحالتهم للمحاكمة إذا توافرت أدلة الاتهام ضدهم.
***
والمعنى فى كل ما تقدم أننا أمام سابقة جديدة فى تاريخ القضاء المصرى.. فلأول مرة يحاكم رئيس دولة وأركان نظامه أمام محكمة الجنايات.. وقد تم التحقيق مع المتهمين وجمع أدلة الإدانة فى ظل انهيار أمنى كامل.. وفى ظل غياب الجهات المعاونة.
ومن ثم ليس علينا كمواطنين سوى التريث والصبر ومتابعة جلسات المحاكمة.. وحتى الفصل فى الدعوى، وخاصة أن هناك درجة النقض وإعادة المحاكمة وغيرها من الإجراءات القانونية للقصاص العادل ورد الحقوق لأصحابها.. ولن يفلت مذنب بذنبه طالما فى مصر قضاء عادل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.