رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام الأنشطة الطلابية لكلية التربية الرياضية    غدا.. نقابة الأطباء البيطريين تحتفل بيوم الطبيب بدار الأوبرا المصرية    ماذا قالت إسبانيا بعد قرار إسرائيل تجاه قنصليتها في القدس المحتلة؟    القاهرة الإخبارية: خسائر قطاع غزة تقارب 33 مليار دولار وتهدم 87 ألف وحدة سكنية    وزير الدفاع اللبناني: الدفاع عن الأرض سيبقى خيار الدولة اللبنانية    بوليتيكو: معظم دول الاتحاد الأوروبي لن تقدم على المساس بأصول روسيا المجمدة    الشناوي يثير الجدل قبل نهائي أفريقيا: معندناش مشاكل والصحافة المصرية تصنعها    نجم مانشستر يونايتد يعلن موقفه النهائي من الانتقال إلى السعودية    لاعب ليفربول السابق: صلاح قادر على تكرار إنجاز رونالدو    قرار عاجل من جوميز قبل مواجهة الاتحاد السكندري في الدوري    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحاني اللغة العربية والتربية الدينية غدا بدمياط    شقيقة فتاة التجمع: النيابة أحالت القضية لمحكمة الجنايات.. والقرار دليل على إدانة السائق    هل انتهت الموجة الحارة؟.. مفاجآت سارة من الأرصاد للمصريين    الجمعة أم السبت.. متى وقفة عيد الأضحى 2024 وأول أيام العيد الكبير؟    الفيلم المصرى رفعت عيني للسما يحصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلي بمهرجان كان بدورته 77    أبرز رسائل التهنئة بعيد الأضحى 2024    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    هيئة الرعاية الصحية تشارك في مبادرة الاتحاد الأوروبي بشأن الأمن الصحي    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    التموين تستعد لعيد الأضحى بضخ كميات من اللحوم والضأن بتخفيضات 30%    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    وفاة شقيقة الفنانة لبنى عبد العزيز وتشييع جثمانها اليوم    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    بطولة عمرو يوسف.. فيلم شقو يقفز بإيراداته إلى 72.7 مليون جنيه    هل تراجعت جماهيرية غادة عبدالرازق في شباك تذاكر السينما؟.. شباك التذاكر يجيب    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    قافلة الواعظات بالقليوبية: ديننا الحنيف قائم على التيسير ورفع الحرج    بالفيديو.. متصل: حلفت بالله كذبا للنجاة من مصيبة؟.. وأمين الفتوى يرد    3 وزراء يجتمعون لاستعراض استراتيجيات التوسع في شمول العمالة غير المنتظمة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الجيش الأمريكي يعتزم إجراء جزء من تدريبات واسعة النطاق في اليابان لأول مرة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق سيوة - مطروح    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد الثانى فى محاكمة الرئيس السابق (دفاع المتهم)


(دفاع المتهم)
بداية سيدى الرئيس .. لم أكن بحاجة لأن يأذن لى صاحب المشهد الأول ان أبدى ذلك المشهد كدفاع عن المتهم اذ أن أولى مضامين العدالة ألّا يحتكر الادعاء لنفسه مكنة الدفاع . ولو كانت المحكمة ستمكنه من ذلك لماكانت حقا محكمة ولكن كانت فى ذات مرتبة خيال الادعاء ..
سيدى الرئيس- عدالة المحكمة الموقرة- ان ماذكره الادعاء لمحض هراء مرسل يفتقد الى دليل يؤيده كما أنه لايرقى لمرتبة الادعاء العام ممثلا عن المجتمع مادام يخاطب المحكمة بصيغة الجمع فى ادعائه وأنه نائب عن الجمعية العمومية للشعب المصرى وما للمتهم من قدر يستحوذ به على اهتمام الميديا العالمية ورجال الساسة والأوساط النخبوية الدولية
لما كان هذا سيدى الرئيس هو مشهد الادعاء الهزلى فكان حريّا بنا ألّا نزيد فى دفاعنا على ثوابت القضاء العادل ومتطلباته وأولها (قاعدة لأن يخطىء القاضى فى العفو خير من أن يخطىء فى العقوبة ) وثانيها ( أنه لايضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر مايضيرها الحكم ظلما على برىء ) وثالثها القاعدة الأصولية والتى استقر عليها المجتمع العدلى وهى ( الشك يفسر لصالح المتهم ) ومن هذه الثوابت ومن قاعدة أنه لايجب وضع العربة أمام الحصان ومن ثم لايمكن لعواطف الشعب أن تقيم قضاءا بعدالة فاننى أطالب سيدى الرئيس انفصال المنصة بمشاعرها عن التوصيف المبتذل سواء من الادعاء العام أو من جموع الشعب اذا ماافتقد التدليل على اتهاماته لرجل حكم بلادنا الثلاثين عاما .. بما لها وما عليها
سيدى الرئيس كانت هذه مقدمة الدفاع متصورا جوا من العدالة بعيدا عن المشاتمات الشعبية المفتقدة الى عدالات ممارسة القضية وسأدلف الأن سيدى الى مضامين دفاعى ...
سيدى الرئيس.. عدالة المحكمة الموقرة :
بداية ومن منطلق أن قضاء نبى الله داوود ضحده الله بقضاء ولده نبى الله سليمان ليضرب الرب مثلا فى قابلية الأحكام القضائية للبشر للتعليق وتوجيه المطاعن اليها وصولا للعدالة المبتغاة ومن ثم ان من شأن فزّاعة القضاء لكل من تسول له نفسه الانتقاد له لأكبر مثلبة فى حق العمل القضائى وحق العدالة ..
ومن منطلق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لايؤخذ من قول المرء دليل لنفسه ومن ثم فقول الادعاء المرسل لايمكن الارتكان عليه فى تسبيب الادانة .. لذا ألتمس وبحق القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا وترك أمر محاكمته للتاريخ وذلك للأسباب التالية :
بداية لست ممن غنموا المكتسبات أيام حكم الرئيس السابق ..ولست من أصحاب المصالح والأهواء لكننى مصرى عشت الثورة والميدان ..وأرقنى الظلم والطغيان .. وخنقتنى دماء الثوّار ورصاصات الغدر والعار..ولكونى مصرى أعشق العدل وأجعل من دمى فداءا لاقامته حتى مع من جعلوا من أنفسهم أعدائى.. فلست ممن ثار لأجل عدالة طمحها لنفسه ليحجبها هو عن الأخرين ..فكان هو وعدوه سواء..!!
وقراءة عادلة لثلاثين عاما هى فترة حكمه لمصر تتطلب منا الانصاف فى الحكم عليه سلبا أوايجابا .. أما اظهار مواطن ايجابياته منفردة فهذا يجعلنا امام حكم مجحف غير عادل وكذا لو أظهرنا مواطن سلبياته فقط نكون قد افتقدنا لمتطلبات العدالة فى الحكم كذلك..
ونظرة عادلة لمبارك تتطلب منا السير على محورين اثنين أولاهما دراسة متطلبات العدالة والتى لايعلمها رجل الشارع بنفسه ولكن يعلمها رجال القانون وحتى لو علمها هو بثقافته كما يعلمون لكان حريا به ترك الأمر الى أهله وينتظر كلمة القضاء وهذا من منطلق شرعى وأخلاقى وقانونى كذلك.. والمحور الثانى وهو الحكم العادل على ممارسة نظام حاكم بعيدا عن الممارسات محل التجريم التى تقدم بموجب اتهام بها الى ساحة القضاء ..تلك التى لايجب تناولها ويترك الأمر بشأنها لأهله من القضاة ورجال القانون الممارسون للقضية محل النظر لاغيرهم..
فتناول غيرهم لها حتى ولو كانوا من رجال القانون انما يمثل افتئاتا على غرفة المحاكمة بماتشتمل عليه من قضاة ومحامين ومتهمين وأوراق قضية بل وبالكلية يمثل تعليقا على عمل قضائى لايزال منظورا ومن ثم لايجب لأحد حتى ولو كان قانونى قاض أو محام أو غيرهما تناول مايمس تداع ما مُثار أمام القضاء ليس طرفا فيه والا جعل من نفسه محرضا على عدم اقامة العدالة .. تلك الأخيرة التى هى محققة فى مصر رغما عنه وعن غيره..وليست قرارات الحبس الاحتياطى من قبيل الأحكام ذوات حجية الأمر المقضى بل هى محض تدابير تتخذها جهات التحقيق من قبل المحاكمة فكما يُقصد منه المحافظة على الأدلة من عبث المتهم بها يقصد كذلك من ورائها المحافظة على شخص المتهم ذاته ومن ثم لا تعد حكا قضائيا باتا يستأهل هذا الكم من الأحكام الشعبية
والتى تتخذ طابع التشفى من قبل صدور أحكام القضاء وكان مرجعية هذه الأحكام الشعبية هذا الزخم الاعلامى المساير لرغبة الشارع دون النظر لمتطلبات وحقوق العمل القضائى وحقوق قضائنا النزيه
وبداية وعلى صعيد المحور الأول لو نظرنا لعدالة الحكم فى الاسلام لرأينا ان لها موجبات وضرورة موازنة الأدلة ومن ثم الارتكان لبعض الأدلة دون غيرها من شأنه الافتئات على حقوق الأفراد محل الحكم القضائى من حقهم فى نيل حكم عادل يرتضونه حتى ولو كان بادانتهم
هذه مقدمة بسيطة لأليات تطبيق العدالة فى الحكم وكذا فقدانها هو مقدمة لتبيان نتاج الظلم والحيف فى الحكم ذاته
وحتى تستشعر سيدى الرئيس –عدالة المحكمة الموقرة - أثر الظلم فى حكمك على الأخرين لابد وأن تجعل من نفسك متهما افتراضيا وتجعل من الأخرين قضاة افتراضيين كذلك عليك وهنا وهنا فقط ستستشعر مدى مايشعره المظلوم من عدالة غير محققة
وحتى تكون العدالة محققة لابد لها من أليات تحققها أولاها ابتداءا أن نترك ممارسة دور القضاء الى أهله وهذا مشروط بشرطين أولاهما عدم ضغط الرأى العام على المؤسسة القضائية من خلال تاثير الاعلام المرأى والمقروء على القاضى وهذا شرط ضرورى حتى يكون الأخير فى حل من التأثر العاطفى فهو ان شئنا أو أبينا انسان يتأثر بما يتأثر به غيره فان اطلقنا للاعلام مداه فى تناول قضية ما هى منظورة امام القضاء فاننا نكون قد طالبنا القضاء ضمنيا بعدم تطبيق عدالة ومن ثم يلزم صدور قرار من مؤسستكم القضائية بعدم النشر فى أية قضية تكون محل ايقاع العدالة عليها صونا لحرمة القضاء ولحق المتهم أمامه..
ولايمكن القدح فى هذا بأن المحاكمات يلزم أن تكون علنية بما يحقق مراقبة الجمهور لتطبيق هذه العدالة على الأرض فهذا محض قول مردود عليه بأن العدالة هى بالفعل مراقبة من السادة الحضور بجلساتها من محامين يحضرون الجلسة هم ذوات الوكالة عن المتهمين وغيرهم من المحامين فى القضايا الأخرى ناهيك عن جمهور المتقاضين الأخرين ذاته وهذا يقفل باب الزرائع الذى يتمسك به من يتشدق بضرورة العلانية الاعلامية .. فهل ياسادة يستعصم القاضى من أهواء نفسه وهو يرى كاميرا مسلطة عليه وصحفيين يتناولون العمل القضائى حتى الاجرائى منه وهم غير مبرّئين من الهوى الاعلامى ومايتطلبه من دوافع السبق الصحفى وعناصر الاثارة والتشويق الصحفية ؟؟
بالطبع لا ولنا فى محاكمة رئيس العراق السابق أكبر دليل فمن منا وكل رجال القانون الشرفاء وعلى مستوى المعمورة برمتها لا يشك فى عدالة قضاء قد مورست هناك عليه ؟!!
كما يتطلب هذا الشرط ألا يتناول موضوع المحاكمة فى وسائل الاعلام أيا من رجال القانون كالمحامين والقضاة وغيرهم فمجال هؤلاء هو دور القضاء وسراى النيابات وليس بالاستوديوهات وعلى جرائد الصحف .. فالأمر لابد من تركه للقاضى وضميره بما له من ثقة أعطاها له الشعب فصار حاكما يقضى باسم الشعب ولا رقيب عليه لغير ضميره والأليات القانونية والقضائية موضوعية كانت ام اجرائية
لذلك أطالب وبحق عدالة المحكمة أن تأمر من بعد هذه المحاكمة الافتراضية أن تكون المحاكمة سرّية وأن تأمر بقرار قضائى بعدم النشر او التناول الاعلامى طوال نظر القضية
أما عن الشرط الثانى سيدى الرئيس لتحقيق عدالة هو اعطاء القاضى حقه فى تقدير الزمن الذى يمارس فيه دوره القضائى ومن ثم تكون المطالبة بالاسراع فى استصدار الأحكام القضائية هى مطالبة ضمنية بعدم تحقيق عدالة لأن من شأن هذا الطلب استعجال القاضى فى حكمه بغض النظر عن تحقيقه لعدالة مطلوبة لان تحقيق العدالة سادتى يتطلب موازنة الأدلة مابين ادلة نفى وأدلة ثبوت واكتمال لعقيدة قضائية
وليس كل مايصلكم سيدى الرئيس –أيها السادة الحاضرين بالاعلام ووسائله مفترض صحته فقد يكون ماهو محجوب عنك ضاحدا لأدلة الثبوت تلك التى وصلتك والقائم على هذا الميزان هو القاضى لاأنت ومن ثم فعندما اخترعت البشرية فكرة القضاء لم تكن من فراغ بل لها تأصيل فطرى عند البشر غرسه الله تعالى فى بنايات مخلوقاته والتى بدونها لم يكن للكون أية قائمة ..
فقد استحثت الأديان ضمائر القضاة أن يقضوا بضمائرهم وبما خلص لديهم من غلبة أى نوعى الادلة على الأخر اثباتا ونفيا مستمسكين بالضرورة الحكمية ألا وهى قرينة البراءة والمقتضية افتراض القاضى البراءة فى المتهم حتى يرى غلبة أدلة الثبوت على أدلة النفى ..
أما لواستقر فى عقيدته منذ بداية المحاكمة ادانة المتهم من قبل الانتهاء من موازنة الأدلة فهو قاض ظالم حرى به أن يخلع رداء القضاء عن جسده لأن القضاء قد جعل الله تعالى منه صفة واحدة لذاته لاينازعه فيها أحد من مخلوقاته الا من استخلفه لأجل ذلك من خلقه ومن ثم فالقاضى هو خليفة الله فى اقامة عدله وهل للعادل سبحانه وتعالى أن يقبل من خليفته من خلقه فى اقامة قضاء ظالم بلا عدالة ؟؟ الاجابة المنطقية هى لا ..
وهذا هو مانفترضه بل ونتأكد من حدوثه فى القضاء المصرى-قضائكم العظيم الذى لم يطالبه المشرع بأن يضع على رأسه باروكة ذات شعر أبيض كالبلاد الانجلوسكسونية حتى يتخلى القاضى عن ذاته ويستقر فى وجدانه أنه متفردا فى اقامة العدل على الارض خليفة لله تعالى فهو ليس كأحاد الناس بنظرته الى نفسه أونظرة الأخرين اليه
وعندما يحضر المتهم أمامه ووكيله فانه يستقر فى وجدانه أنه أمام عدالة بلاحدود ومنصة يتسم قضاؤها بالاطلاقية فى العدالة فيتولد لدى المتهم الاحساس بقبول الحكم سواء كان بالادانة أوالبراءة فهذا لايهم المهم أن المتهم قد نال حقه فى محاكمة عادلة ونحن كمصريين على مدى تاريخنا القضائى لم نكن فى حاجة لباروكة بيضاء يضعها قاض على رأسه فيكفينا تاريخ قضاتنا المشرف والمفترض دائما
الأمر الذى يجعلنا أشد مطالبة فى المحافظة على الجهاز القدير من التأثر بالجهاز الاعلامى الذى أصبح يتجاوز دوره فى الافتئات على حقوق القضاء فى ممارسة دوره العدلى فأصبح الصحفيون وكافة المواطنون يجعلون من أنفسهم سلطة اتهام وسلطة قضاء وأصبحنا نرى أحكاما تصدر من الشارع فيما يسمى بالمحاكمات الشعبية وغيرها وأصبحت تنعقد محاكمات بالشوارع وتصدر أحكام فى وسائل المواصلات والأندية العامة وأسطح المنازل وكأننا بتنا جميعا قضاة دارسين للقانون وغيره من أليّات تحقق الشرعية الاجرائية والتى تدور وجودا وعدما مع الشرعية الموضوعية
وأكرر سيدى الرئيس عليك أن تفترض من نفسك متهما فى حاجة لقضاء عادل فهل تقبل حكما مسبقا من غير قاضيك الطبيعى ؟؟!! بالطبع معلوم اجابتك الا وهى الرفض القطعى ومن ثم لابد حتما أن يترك الحكم للقضاء
هذا على مستوى القضايا الفردية فما بالك عن قضايا الرأى العام تلك القضايا التى تفترض أن المتهم يكون ضده ملايين من أصابع الاتهام أفلا يكون جديرا بتحقيق العدالة أن يكون له ملايين كذلك من رواكز تحقيق العدالةوأليّات تحقيقها؟؟!!
هذا من جانب ومن جانب أخر أخاطب السادة الحضور المحققين لركن العلانية فى المحاكمة قائلا :أنه لايجب على الشارع وفى مثل هذه القضايا أن يجعل من نفسه أداة ضغط لايجاد عدالة منقوصة وبالتبعية لابد للقضاء ألا يلتفت لمثل هذه المطالبات تحقيقا للقاعدة الشرعية المقررة أنه (لأن يخطىء القاضى فى العفو خير له من أن يخطىء فى العقوبة ) والقاعدة القانونية الأصيلة القاضية بأن (المتهم برىء حتى تثبت ادانته ) والأخرى الأصولية القاضية بانه (لايضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر مايضيرها الحكم على متهم برىء ) ..
تلك هى أصول العمل القضائى المفترض مما رستها حين نظر القضايا بما فيها قضايا الرأى العام ذاتها فلاتمايز لهذه عن تلك بثمة ممايزة فالعدالة سادتى لاتتجزأ كما أن ضمير القاضى والقانون لايتجزّءّان
هذه هى أسس العدالة سادتى القضاة التى لا يغيب عنكم معرفتها فهى دائما حاضرة فى ضمائر القانونيين من قضاة ومحامين ومن ثم أقول للعامة أتركوا الأمر أكرمكم الله لأهله حتى لانندم يوما أننا حكمنا ظلما على أحاد الناس وثبت للقضاء براءته فيما بعد فلرب كلمة تلقيها على أخيك ظلما تهوى بك فى النار سبعين خريفا
وقد ينبرى لسان قائلا أشعر بأنك تدافع عن نظام بائد لم يسق أحدا منه ثمة عدالة تذكر؟؟! ..أقولها وبحق الله ليس هذا مبررا فى التعسف فى اقامة عدالة منقوصة فى الأحكام مصدرها الشارع وأجهزة الاعلام .. وأقولها ثانية للعامة أتركوا ياسادة الأمر للقضاء فانه لدينا قضاة عدول شهد لهم القاصى والدانى بالعدالة فى الحكم والاستبراء من الظلم تحكمهم ضمائرهم وبيننا وبينهم حكم الله وربُُُ ُ عادل لاتحجب عدالته بسنة ولانوم فهو العدالة المطلقة التى ينشد القضاة مقاصدها
اننى لست مدافعا عن نظام ذهب ولكنى مدافع عن شرعية القضاء والعدالة التى لو افتقدتها أنا لتجرعت السم لتوى ولاأحسبك تتوانى مثلى عن فعل ذلك ان افتقدتها أنت فما لعالم من حياة بلا عدالة من قضاءولا رحمة من قلب..
سادتى القضاة ان القاعدة الشرعية والأصولية للعمل القضائى ألا يقضى القاضى بعلمه وهذا يعنى أنه لايجوز للقاضى أن يقضى على متهم بالادانة لمجرد رؤيته الواقعة بنفسه مادام لم يكن هناك شهود تعززه وتبلغ مبلغ ومقدار الشهادة الشرعية ولو حدث غير هذا لكان القاضى نفسه محلا للمحاكمة أن قضى بعلمه وهدف هذه القاعدة ألايكون القاضى محللا من موازنة الادلة التى أمامه بما يقبل الجمهور بحكمه وعدالته فلاحكم بلا أدلة ملموسة فعلمه المنفرد لايمثل أمام الناس سوى قرينة لاترقى لمرتبة الدليل ويلزم لرقيها كذلك لشهود اخرون وأدلة أخرى الأمر الذى ان لم يحدث فسنكون أمام حكم أعور غير صائب ومطعون عليه لدى القانونيين وأصحاب الخصومة ذاتها
أرأيتم ياسادة كيف أن العمل القضائى له مثقلاته أمام القاضى فارحموا القضاة واتركوهم لضمائرهم التى نحترمها ونعتز بها ولاتجعلوا من أنفسكم قضاة وحكاما خوفا من يوم ستتبدل الأدوار ويكون من أجسادنا ذاتها قضاة علينا وشهود
كل ماسبق ليس سوى تبيان مقتضب لمتطلبات العدالة وباختصارها يمكن القول أن أتركوا القضاة وشأنهم وضمائرهم وانسحبوا جميعا من دور المعلقين والمحرضين مع أو ضد حتى ولو بلغ الحنق لديكم مداه وقولوا دائما لمن يُحاكم ( نكرهكم لكننا ومستعدون لأن نقتل فداءا لحقكم فى محاكمة عادلة ومستعدون لقبول براءتكم اذا ماقضى القاضى بها )
وهذا يتطلب أن تغل أيدينا طوعا منا أوجبرا علينا من التناول لأعراض الناس وحقوقهم ماداموا قيد المحاكمات التى نثق فى عدالة قضاتها
أما على صعيد المحور الثانى ألا وهو الحكم العادل على ممارسة نظام حاكم بعيدا عن الممارسات محل التجريم والمحاكمات الماثلة الأن بدور القضاء فانه يتطلب منا أن نتنصل بداية من أحزاننا ونتجرد من ألامنا
ومما فرضه علينا الأخر من اعلام وغيره لنرى وبعين عادلة سلبيات هذا النظام وايجابياته على المستوى السياسى كى نصل لعدالة تقييمية
بداية لابد لنا من التفرقة سادتى القضاة بين أمرين مفترضين الأول مبارك وجهاز حكمه واثرهما على الجبهة الداخلية .... ومبارك منفردا وأثر سياسته على البلاد داخليا وخارجيا .....وذلك من منطلق حكم عادل أصدره أنا كمواطن لى الحق فى الحكم على غير ماأمام القضاء من قضايا تلك المسائل التى مستّّنى كمواطن أُحمّل رئيس الدولة ماأحمله من مسئولية او ابرّئه منها من منطلق حقى أنا كمواطن على المستوى الشخصى ..ولك سيدى أن تقبل أو ترفض ماأقبله أنا على نفسى من مردود لهذا الحكم أو ترفض لأنك أنت مثلى لك حرية التعليق كذلك على ماأثّر به عليك هذا النظام وهذا الحاكم كمواطن سلبا وايجابا دون أن يكون هذا حكما منى او منك بل تعليقا من ذاتنا على مرحلة عشناها كمحكومين يحكمنا نظام له ما له وعليه ماعليه ولو كان عليه ماعليه فقط ولم يكن له ماله لكانت بلادنا هى والعدم سواء ..!!
لاياسادة فبلادنا لم تكن مواتا بل كانت بها مؤسسات تتقدمها مؤسسة هى القوات المسلّحة أثبتت فى ظروفنا الصعبة أنها موجودة وبقوة تثبت أن بلادنا لم تكن مواتا بل كانت ولاتزال قوية بقوة مؤسستها العسكرية
وأعتقد انه لوكان مبارك ليس له فى حكمنا من ايجابيات تذكر لما كانت القوات المسلحة بمثل هذه القدرة العظيمة تنظيما وانضباطا وأدهشت العالم فى حفاظها على البلاد من الداخل وحدود البلاد من الخارج فى ظرف هو الأصعب فى حياة مصر والمصريين ولكانت بلادنا مثل ليبيا ذات الميليشيات المسلحة والمفتقدة لجيش نظامى عريق كمصر وكذلك أغلب دول الجوار .. ولنا أن نتساءل كم تعداد رجال الحرس الجمهورى والذين يخضعون لأوامرمبارك مباشرة وماذا لو كان أمرهم بغير ماكنا نريد كما فعل غيره من الحكام ..
ألم تكن هناك مزابح وبلايا متوقع حدوثها ولكنه سلّم الأمر للجيش تلك المؤسسة التى حافظت على الأمانة والتى هى دائما لها..
وان كانت القوات المسلحة قد قدمت مصلحة الوطن على القيادة فان مبارك ذاته قد قدم مصلحة الوطن وقوّاته المسلحة على مصلحته والمخاطر الشديدة المحدقة به شخصيّا والتى بانتظاره على ان يدخل الجيش ذاته فى أتون هموم كبيرة مع الحرس الجمهورى والذى اطالب اليوم وبقوة أن يتبع هذا الجهاز فورا وبصفة مباشرة للجيش لا لقصر الرئاسة والرئيس فكلاهما منا أبناء شعبنا العظيم وكلنا نعلم كم من فرقاطات كانت قد بدأت فى التحرك بالمتوسط وكنا على شفا جرف هار فانقذنا الله بأن خضع الرجل لقدر الوطن وسلامة قوّاته ولم يخرج علينا وعلى العالم بأنه المجد وأنه الثورة كملك ملوك افريقيا وحاكم عدن وغيرهما أو هرب من شعبه سارقا احلامه كابن على وكان سيجد ساعتها من يحميه وبكل قوة وكنا سنقبل الأمر ساعتها من قبيل الصفقة السياسية !!
ان ماقام به النظام ياسادة ورجاله على مستوى البلاد داخليا وكما اتضح لنا من مظاهر فساد اقتصادى لايمكننا الأن اصدار حكم من أنفسنا بشأنه مادام منظورا أمام القضاء وان كنا ملتاعين لأجل تحققه الا أننا لاننسى ان مصر ظلّت طوال ثلاثين عاما بمنأى عن قرارات سياسية متهورة لو كانت حدثت لكنا أمام ضياع حتمى لمقدرات الأمة وما يجاوز ماضاع من ثروات البلاد
ان مصر سادتى القضاة تتحكم فيها استراتيجيات اقليمية ودولية ولو كان القرار متهورا وكانت العربة أمام الحصان وكان الشعب كما يطالب الجميع اليوم أن يكون هو صاحب القرار لضاعت الدولة من أمد بعيد..
ماذا سيدى الرئيس لوكان القرار متروك للشعب فى الأحداث الاقليمية المعلومة لنا جميعا والتى ضاعت لأجلها وبسببها كثير من بلدان المنطقة أعتقد الاجابة أننا كنا باسم القومية والعروبة فى أتون ضياع هو أكثر مما نحن فيه الان سواء كان اقتصاديا أوسياسيا فلا يمكن لبلد أن يقود شعبه نظامه الحاكم بنظرية تقدمة العربة للحصان لأن من شأن هذا ضياح مصالح البلاد بل والدولة ذاتها
اننا ياسادة لايمكننا تجاهل الاستراتيجيات فلو تجاهلناها لن تتركنا الاستراتيجيات
ولابد أن نعلم ان هناك تقارير مخابراتية هى أدرى بالأوضاع الاقليمية والمؤثرات الدولية التى نجهلها نحن كمواطنين ولايجوز للأجهزة الافصاح عنها للرأى العام حفظا للأمن القومى للبلاد ولو كان القرار شعبى بالأساس فى غيبة من هذه التقريرات لأضاعتنا قراراتنا المندفعة الخاطئة
كيف كنا سنرى بلادنا ابّان حرب العراق المعروفة ومن قبلها سياسات جر الأرجل التى تتبعها الدول الكبرى حماة اسرائيل معنا بينما نحن كدول محدودة القدرات فى غيبة من التحالف العربى بل ان شئت قل فى ظل كل هذه الخيانات العربية من تقديم أراضيهم لاقامة قواعد عسكرية عليها بل وتنفيذا لخططهم الاستراتيجية وهنا نتساءل هل نستطيع جر المشاكل مع القوى الاقليمية المختلفة وان حدث فما هو الثمن الذى كان سيكون ؟!
وأتجاوز الحكم وأقول ان الرجل حتى ولو كان قد حافظ على كيان الدولة من المخاطر الخارجية من منظور رغبته فى الحفاظ على مقعد حكمه فلا تثريب عليه اذ ما يهمنا هو النتيجة الحاصلة فى المقامين الأول والأخير
ان كانت ياسادة سياسة الرجل داخليا عوراء بما احتملته من أليات تسرب للمال العام بسبب فساد ادارى واقتصادى بلاضمير يتحمل الرجل عنه المسئولية ولكنه كان ضحية لرغبة التوريث لديه وتوحش المحيطين به وجشعهم فأصبح ضحية لهم ولنفسه ظالما فى نظر شعبه حتى من قبل قول القضاء كلمته
الا أن سياسة الرجل خارجيا لايمكن نعتها بالضبابية أو المتسرعة والمنفلتة من غير تريث يحافظ على مصالح البلاد وسيادتها وقد ينال من هذا مسائل تصدير الغاز الذى لابد وأن نترك للقضاء فيه كلمته بما أمامه من أدلة ثبوت ونفى ومبررات قبول أو رفض فالقضاة هم خلفاء الله فى اقامة عدله كما قلنا سلفا بالمحور الأول .
لابد ياسادة ولتحقيق حكم عادل على السياسة الخارجية للرجل الارتكان على تقارير المخابرات العامة ذلك الجهاز الذى شهد له القاصى والدانى بأنه من أعظم الأجهزة المخابراتية فى العالم بل وفى التاريخ ذاته وقد يكون لديه من المبررات التى تثبت أن الرئيس السابق كان معزورا فى اتخاذ بعض القرارات التى قد أغضبت الشعب خاصة وأن القاعدة المفترضة أن رئيس الدولة ليس مجبرا أن يتخذ من القرارات المتصلة بالسياسة الخارجية ما يرضى عنه الشعب مادام أنه ظلّ محافظا على سيادة الوطن وسلامة أراضيه
سادتى القضاة- حضرات المستشارين -ان كان مبارك ونظامه مسئولا بالافتراض الجدلى من قبل المحاكمة الواقعية ومن خلال هذه المحاكمة الافتراضية عن ممارسات أركان نظامه الفاسدة فلابد ألا ننسى نتاج سياسته الخارجية ومردودها فى المحافظة على أركان الدولة كدولة فى أصعب مراحل شهدتها المنطقة وتهديدات شهدتها الأطر الاقليمية
فهناك من الدول مافقدت أجزاء من أراضيها فى ظل هذه التهديدات الاقليمية بسبب ممارسات قادتها وحكامها بينما مصر فلم يحدث لها ذلك
هناك من الدول من فقدت سيادتها أو جزء منها فيما سمى بالقواعد الأجنبية على أراضيها بينما فى مصر فلم يحدث لها ذلك
هناك من الدول من دخلت فى أتون حروب لم تكن مستعدة لها فضاعت البلاد ورزحت تحت أقدام جيوش الغرب بينما مصر فلم يحدث لها ذلك
هناك من الدول من دخلت فى أتون حرب أهلية كان يتمنى الغرب واسرائيل أن تحدث فى مصر الا انه لم يحدث لها ذلك
هناك من الدول من تأكلت قدراتها العسكرية وألياتها وباتت من الضعف والترهل بقرارات شخصية خاطئة بما أرضى الغرب عنها بينما مصر لم يحدث لها ذلك
هناك من الدول التى انشطرت أقاليمها الى شطرين وثرواتها تم انتصافها الى نصفين فغرقت فى ضعفها وفاقتها
وكان ذلك بقرارات رئاسية بينما مصر لم يحدث لها ذلك
ان مصر ياسادة رغم كل هذا الكم من الفساد الذى تتناوله أجهزة الاعلام المختلفة لم تضيع كدولة وظلت أراضيها سالمة ومشروعات عملاقة لازالت تشير بأصابعها والتى ان لم تحدث لاختنقت القاهرة وضاعت الأقاليم
لابد وأن نكون منصفين ياسادة ولاننظر للكوب من فراغه بل بما قد امتلأ حتى لانجلد أنفسنا بأيدينا
لابد وألا نبرّىء أنفسنا من أطر المسئولية بما لها وما عليها فان كانت ايجابا فقد كنا لها أدوات فاعلة والا فمن أين أتت قوانين حماية الفساد والمفسدين.. أليست من مجالس تشريعية متعاقبة انتخبت أعضائها أنا وانت سواء تحت ضغط الدوافع العصبية والقبلية دون رؤية وطنية فى الاختيار فوصل الى المجلس التشريعى من شرّعوا للاستيلاء على المال العام او ايجابا بعدم المشاركة فتركناهم ينوبون عن اراداتنا ونحن نأخذ دور المتفرجين أليست هذه مشاركة ايجابية وسلبية للفساد .. فان كنّا ياسادة كلنا ملائكة فمن أين أتتنا الشياطين ؟؟!!
من منا ينكر أن مبارك قد نجح فى الاستفتاء العام وجاء نور فى المرتبة الثانية من خلال استفتاء حقيقى غير مزور فقد انتخبه الشعب ووافق عليه كل من كان دوره سلبى تحت حجة المصريين المعهودة القائلة أن من يعرفه خير له ممن لايعرفه فكان انتخابه صحيحا بارادة المصريين
من منا ينكر أن جميع مناصب الدولة المرموقة كانت حكرا على طبقة معينة أو من تتوسط لها هذه الطبقة عند صاحب القرار فحرمت أنا وأنت ونجح غيرنا فى مسابقات غير عادلة ثم يأتى اليوم ونجعل من انفسنا قضاة بمنأى عن المسئولية ونسينا مقولة نبى الله عيسى المعروفة (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر)..فمن منّا كان المُحتكر ومن كان المحتكر.. أليسا هما معا يشكلّا شعبا واحدا بثقافته ...
فان كانت محاكمة فليّحاكم كل الشعب وكل أعضاء المجلس التشريعى عقب دوراته المتعاقبة منذ تولى مبارك الحكم حتى الأن أولئك الذين لابد من توجيه تهم الخيانة العظمى اليهم فى حق الشعب لا أن نأتى بتمثال نجعله رمزا ونحمله تبعات كل شىء فالمسئولية لاتتجزء ياسادة.. كما أن العدالة هى الأخرى لاتتجزء ..
لانريد ياسادة أن نكون أدوات تخويف وتخوين وارهاب لحكامنا فيكونون غدا مثقلين بدوافع الخوف وزبح الرقاب فنغنم أثار قرارات خاطئة غير جريئة .؟!
ولطالما قلت سادتى القضاة : ان تطلب العدل المحاكمة فلتكن محاكمة من قضاة لا من شعب ثائر تضيع فى أوج ثورته طموحات حريته و عدالته
و علينا أن نحترم تراثنا وحكامنا كى لانجعلهم يندمون أنهم يوما قد شعروا بالوطنية لأجلنا وحاربوا يوما لأجل تراب بلادهم و بلادنا والا لأشاع العالم عنا اننا أصحاب الحضارة نهين حكامنا أبناء جلدتنا ونضرب خمسة عشر طلقة تحية لأخر عصور الملكية والاستعباد..!!
وأقول وبحق الضمير من منا لم يشعر بمرارة فى حلقومه وحاكم العراق يشنقوه ذووه رغم كونه قد أضاع العراق برمتها وجعلها تحت أقدام الاحتلال ترزح .. فهل نقبل اهانة حكامنا بمثل هذا القدر رغم أنهم لم يفعلوا مافعله غيرهم.... ألايكفى مبارك من ثمرة أن نرى هذا الجيش العظيم ورجاله وهذا القضاء العادل ورجاله فليتنا نكون كما الجيش فى عظمته وكما القضاء فى عدالته ..
وفى نهاية دفاعى أطالب وبحق العدالة التى استخلفكم الله فى الأرض لأجل ارساء أسسها وقواعدها أن تغفروا لى اطالتى فالأمر جلل ومرافعة الادعاء فاسدة عوراء تخاطب مشاعر الشعب بعيدا عن احكامه عقله .. والخوف كل الخوف أن يكون الشعب الأن حاكما ويصير العدل هو المحكوم فتفسد بذلك أطر بناية الكون التى استخلفكم الله لأجلها
وتغليفا لما سبق فاننى وبحق أطالب عدالتكم القضاء بعدم اختصاص المحكمة وترك المتهم للتاريخ وشأنه فى محاكمته .. ولعدالتكم جزيل الشكر ..
وهنا سألت المحكمة الادعاء العام عن ثمة شىء يحب اضافته .. فنكّس الادعاء رأسه بما يعنى خلو وفاضه من ثمة معقّبات .. فقررت أن الحكم بعد المداولة
بعد نصف ساعة علا صوت الحاجب قائلا :
(محكمة)) ..
وقف الحاضرون ودفاع المتهم وممثل الادعاء عند خروج رئيس المحكمة والسادة المستشارين ثانية فأشار اليهم بالجلوس ثم تلا حكما تارخيا :
بعد الاطلاع على السوابق القضائية والتى أصدرتها محاكم التاريخ على مر العصور وبعد أن رأت المحكمة أن اختصار محاكمة ثلاثين عاما فى جلسات محدودة بأيام أو شهور لمفسدة لمضامين العدالة خاصة لو جاءت فى أعقاب نداءات شعبية وثورية .. بينما لو ترك الأمر لمحاكم التاريخ لكان القضاء أمعن فى الدروس والعبر .. والقول بأن المحاكمات السريعة تحقق الردعين بعامّه وخاصه هو قول خاطىء فما منع مقتل هتلر فناء ثقافة النازية .. وما منع مقتل فرعون كراهية المصريين لحقبة الفراعنة .. انها ثقافة شعوب ومضامين أخلاق .. ولقد أعجب المحكمة فى الدفاع قوله : ( ان كنا كلنا ملائكة فمن أين أتتنا الشياطين ).
لهذا حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر القضية واحالتها بالحالة التى هى عليها الى محكمة التاريخ
(((((رُفعت الجلسة)))))
وهنا عمّ السكون قاعة الجلسة بل وبناية المحكمة ذاتها .. وأصاب جموع الحاضرين ذهول مطبق حينما رأووا الميزان خلف المنصة يتحرك الى أعلى القاعة ويقف لبرهة فوق كل حاضر لهذه المحاكمة وكأنه يقول بلسان حاله هو الأخر (من كان منكم بلا خطيئة فليلقها بحجر) أنطفأت الأنوار مع توارد صوت ناى حزين وصوت الكورس المغموس بصوت الوطن يصاحبه مرددا :
((((( للتاريخ نترك حكاما .......وللتأريخ نُعلن أخرين!! ))))
ثم أغلقت الستارة على مشهد (محاكمة الرئيس السابق ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.