مجرد أن تذكر اسمها الآن تسمع ما لا أذن سمعت ولا خطر على عقل بشر فهى الآن منبوذة بلا أب شرعى لها بعد نزول أبيها ومؤسسها ضيفا على ليمان طرة. المنبوذة هى جمعية جيل المستقبل والأب الروحى هو جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع والذى أسس الجمعية لتكون بوابة التوريث له لكن الثورة أكلت طموحات وآمال مبارك الابن. مصير جمعية التوريث غامض بعد أن كانت أخبارها تنشر على الصفحات الأولى فى الجرائد وتتصدر نشرات وأخبار التليفزيون الرسمى للدولة وبعض القنوات الفضائية التى كانت تدعم مشروع التوريث ويكفيك أن تتصل بأى أرقام للجمعية ستجدها مرفوعة من الخدمة بناء على طلب المشترك. ذهبت أنا وزميلى المصور إلى مقرات الجمعية المنتشرة فى أحياء الدقى والمهندسين ومدينة نصر أسأل عن نشاط الجمعية بعد الثورة ومصير آلاف الطلاب الذين التحقوا بها للحصول على دورات فى الكمبيوتر واللغة الإنجليزية لاختراق سوق العمل بختم الجمعية التى كانت تفتح الأبواب المغلقة فى المصانع والشركات والبنوك فشهادة التخرج مختومة بإمضاء رئيس الجمعية جمال مبارك بوابة العبور للمستقبل كما كان يفضل فى اختيار شعارات حزبه الوطنى المنحل. بدأنا بفرع شارع مصدق بالدقى وبمجرد أن طلبنا صعود الدور الرابع الذى يوجد فيه فرع جمعية جيل المستقبل رفض رجل أمن العمارة صعودنا وقال الجمعية اتقفلت يا أستاذ وغارت من هنا، سألته: راحت فين؟ قال: معرفش، لكن ممكن تكون انتقلت مع الشركة التى كانت تعمل من خلالها لشارع محيى الدين أبو العز. ذهبنا على الفور إلى مقر الشركة الجديدة المتخصصة فى دورات اللغة الإنجليزية والكمبيوتر وسألت عن جيل المستقبل فقال أحد المهندسين بالشركة: لا نعلم عنها شيئا والشركة بدأت عصر جديد بعد الثورة: فقلت سبحان مغير الأحوال، لو الأوضاع لم تتغير فى مصر لكانت الشركة تفاخرت بوجود الجمعية معها! انتقلت إلى أحد الفروع الرئيسية بجامعة القاهرة فوجدت المبنى الضخم الذى كان يحمل اسم جمعية جيل المستقبل داخل الحرم الجامعة بجوار كلية دار العلوم قد تغير اسمه وتم تعليق أكثر من لافتة باسم معهد الدراسات التربوية، للتأكيد على أن الجمعية اندثرت ورحلت من الجامعة. وبمجرد أن أخذ زميلى صورا للمبنى من الخارج جاء إلينا أحد العاملين بالمعهد وسألنا عن سبب التصوير وحاول منعنا وقال: عايزين إيه شكلكم كده حزب وطنى فقلت له: آه بس من الفلول!. غير أن قصة إزالة لافتات الجمعية من الجامعة كاملة لدى الدكتور سامى نصار عميد معهد الدراسات التربوية والذى قال: إن المبنى الذى كانت تحتله جمعية جيل المستقبل تم بناؤه فى الأساس ليكون مقرا لمعهد الدراسات التربوية، حيث لم يكن لدينا مقر فكانت إدارات المعهد تتوزع على أكثر من مبنى إحداها فى شارع المساحة بالدقى وأخرى داخل مبنى البحوث الأفريقية بالجامعة ونسدد إيجارات سنوية لهذه المبانى. ويواصل قائلا: بدأ تأسيس المبنى فى عام 1998 إلى أن تم الانتهاء منه فى عام 2003 وفجأة تم تخصيص المبنى لجمعية جيل المستقبل وبعد مناوشات مع أكثر من جهة تم منحنا أقل من ربع المبنى للمعهد فى حين تسيطر الجمعية على كل المبنى لدرجة إننا كنا ندخل المعهد من باب جانبى حتى لا نقترب من صاحب السلطان والجمعية التى كان لا يجرؤ أحد الاقتراب منها. ويتابع عميد معهد الدراسات التربوية قائلا: الجمعية كانت تضغط بمحاضراتها ودوراتها على محاضرات المعهد الذى احتلته بناء على بروتوكول تم توقيعه بين إدارة الجامعة والجمعية وتراجع عنه د.حسام كامل، رئيس الجامعة، الذى قرر طرد مقر الجمعية من المعهد واستغلال مساحته بالكامل لخدمة الطلبة. تركت جامعة القاهرة وذهبت إلى رابطة خريجى الجمعية فى شارع عبد المنعم رياض بالمهندسين والتى كان يترأسها شريف والى ابن شقيق وزير الزراعة الأسبق وأمين الحزب الوطنى المنحل والذى كان همزة الوصل بين جمال مبارك وشباب الجمعية، حيث كان يتولَّى تقديم الشباب إلى نجل الرئيس المخلوع؛ باعتبارهم أصحاب الولاء والمبايعين الجدد من جيل المستقبل. لم نر أى لافتات للرابطة فسألت صاحب محل للدواجن بجوار المبنى: أين ذهبت الجمعية؟ فقال: لا نعرف شيئا سوى قدوم سيارة نقل كبيرة قامت بتحميل محتويات الدورين من كراس وأجهزة كمبيوتر وغيرهما والذى كانت تشغلهم الجمعية وإزالة اللافتة من على المبنى كما هو أمامك الآن. وكان لا بد أن نعرف مصير الجمعية - وزارة التضامن الاجتماعى المشرفة على الجمعيات الأهلية - سألت حنان حماد مدير إدارة الجمعيات المركزية بالوزارة فقالت: الجمعية لم يتم حلها ولا تزال مشهرة وتمارس نشاطها ولم يتقدم احد بطلب لحلها أو وقف نشاطها، مشيرة إلى أنه لو كان رئيسها نجل الرئيس السابق محبوسا ويتم التحقيق معه فهذا لا يعنى حل الجمعية مادامت أنها لم ترتكب أية مخالفات طبقا لما هو موجود فى قانون الجمعيات الأهلية 84 لسنة 2002. وتتابع قائلة: الجمعية لها مجلس إدارة ويجتمع ويخطرنا باجتماعاته ولم يتقدم بطلب لحل الجمعية، مؤكدة أن الجمعية لو توقفت عن ممارسة نشاطها الذى حصلت على الترخيص من أجله سيتم إنذارها ولو استمرت فى ذلك سيتم وقف نشاطها لاختيار مجلس إدارة جديد.