بعد ما أثارته جريدة «نيوز أوف ذا وورلد» من تساؤلات حول المدى الذى يمكن أن تصل إليه وسيلة إعلامية فى سعيها للحصول على الخبر الحصرى، هل يسدل الستار وينتهى الجدل بمجرد غلق الصحيفة أم أنه سيضع حدا للنفوذ الذى تتمتع به أقوى مؤسسة إعلامية فى بريطانيا؟ فقد أسفرت فضيحة اختراق جريدة «نيوز أوف ذا وورلد» للتليفونات المحمولة لأكثر من 4000 شخص بصورة غير قانونية عن إعلان مالكها «روبرت ميردوخ» والمعروف بامبراطور الإعلام غلق الصحيفة بعد 168 عاما من العمل فى مجال الإعلام حققت فيه انتشارا وجماهيرية تقدر ب 7,5 مليون قارئ بإصدار 8674 عددا يتم توزيعها فى العالم كله، وذلك بعد قيام محققى ومحررى الجريدة بالتنصت على الهواتف الخاصة برجال السياسة والمشاهير فى بريطانيا، كما شملت عمليات التنصت ضحايا الجرائم حيث قام محرر بالتنصت على هاتف طفلة اختطفت وقتلت عام 2003 وأعطى المحرر معلومات زائفة لعائلة الفتاة تأثرت بها تحقيقات الشرطة سلبا إثر قيامه باختراق هاتفها المحمول وقت اختفائها وحذف رسائل بريد صوتى كان بوسعها إلقاء الضوء على جريمة قتلها , كما تنصتت الصحيفة أيضا على هاتف وزير الخزانة «جورج أوسبورن» كما اتهمت بأنها استأجرت عاملين داخل اسكتلانديارد من أجل الحصول على معلومات حصرية لها فيما يتعلق بالجرائم الخطرة مما جعل الشرطة نفسها طرفا متهما بالتواطؤ معها، إضافة لتنصت الصحيفة على هواتف بعض أفراد عائلات ضحايا تفجيرات لندن التى وقعت فى 2005، والتنصت على عائلات الجنود الذين قتلوا فى العراق وأفغانستان، وقد أدت هذه الممارسات من قبل الصحيفة إلى حالة هياج شعبى وإعلامى داخل بريطانيا حول المضامين الأخلاقية التى تنطوى عليها حرية الصحافة والحدود التى يجب ألا تتخطاها، مما حدا برئيس الوزراء البريطانى «ديفيد كاميرون» لتشكيل لجنة مستقلة من الحكومة والشرطة للتحقيق فى ممارسات الصحيفة، والذى تزايدت الضغوط عليه عقب اعتقال نائبه للشئون الإعلامية بمجلس الوزراء «آندى كولسون» الذى تولى رئاسة تحرير الجريدة فى السابق للاشتباه فى تنصته على الهواتف، كما اعتقلت الشرطة البريطانية محرر الشئون الملكية السابق «كلايف جودمان» على خلفية التحقيقات التى تجريها واتهامات بالفساد، وقد اعترفت مؤسسة «نيوز انترناشيونال» التابعة لها الجريدة أن ما قامت به «نيوز أوف ذا وورلد» خرق مورس بشكل موسع وأنها ستقوم بنفسها بإجراء تحقيق داخلى فى الموضوع، وقد طالبت المعارضة وعدد من النواب بإنشاء لجنة للتحقيق فى عمليات التنصت التى مارستها الصحيفة، كما طالبت بإرجاء البت فى مسعى مؤسسة «ميردوخ» الضخمة للسيطرة كلية على مؤسسة «بى سكاى بى» التليفزيونية الخاصة، حيث أظهرت استطلاعات الرأى أن الغالبية العظمى من البريطانيين يعارضون سيطرة روبرت ميردوخ على المزيد من وسائل الإعلام فى بريطانيا، كما أظهر الاستطلاع الذى أجرته مؤسسة «آى سى إم» أن 84% من البريطانيين يرفضون تمتع مؤسسة إعلامية واحدة بنفوذ واسع النطاق كالتى تتمتع به مؤسسة امبراطور الإعلام روبرت ميردوخ.