فى الوقت الذى عرض فيه رجال الأعمال مبادرة برد ما حصلوا عليه للدولة مقابل حفظ التحقيقات معهم اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض وجاء رفض النيابة للتصالح مع إبداء خمسة أسباب قانونية وموضوعية لذلك. أكتوبر التقت بعدد من خبراء الاقتصاد والقانون لبيان مدى قانونية هذه المبادرة وكيفية استفادة الاقتصاد المصرى من ذلك، فى البداية أكد المستشار مرسى الشيخ - رئيس مركز الحرية والعدالة - أنه فى حال الموافقة على المبادرة وتحقيقها بالشكل المطلوب فلا ضرر ولا ضرار فالمستحقات تعود للدولة ويعفى الحاصلون على هذه الأراضى من عقوبة الحبس، مشيراً إلى أن المسئولية تقع على من قام بتسهيل الحصول عليها. ولفت الشيخ إلى ضرورة رد القيمة المستحقة بسعر السوق الحالى وليس فى وقت الحصول على الأراضى لأن ذلك يعتبر إهدارا للمال العام. أما المستشار منير سامى - المحامى بالنقض - أن رد المستحقات أو ما حصل عليه رجال الأعمال ليس كافيا لأنهم شاركوا فى جريمة الاستيلاء على أراضى الدولة بسعر بخس، موضحاً أن ذلك يتطلب دفع غرامة تفوق أو تتساوى مع ما استولوا عليه ثم ينظر بعدها فى إعفائه من عقوبة السجن أو لا. وأوضح منير أن فى كل الأحوال الدولة هى المستفيدة من عودة الأحوال أو الأراضى، مشيراً إلى أن مثل هذه القضايا تأخذ وقتا ليس بالقليل فى المحاكم للبت فيها. فى الوقت الذى أشار فيه المستشار حمدى حمادة - نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بالجيزة - إلى ضرورة التعامل مع هذه القضايا بطريقة مرنة لأنها تتعلق بالاقتصاد القومى، موضحاً أن وضع القانون فى الاعتبار لا يمنع من استرداد هذه الأموال والأراضى مع النظر فى الإعفاء من عقوبة الحبس فى حال توافر حسن النية. بينما أيد الفقيه والخبير القانونى فهمى ناشد - المحامى بالنقض - المبادرة لأن الوضع الاقتصادى لا يسمح بتأخر عودة الأموال والأراضى للدولة، مشيراً إلى ضرورة معاقبة كل المسئولين الذين قدموا تسهيلات لذلك. من جهته رأى الخبير الاقتصادى د.صلاح جودة أن عودة هذه الأموال والأراضى للدولة فرصة ذهبية لاستعادة الاقتصاد عافيته من جديد، مشيراً إلى أنه فى هذه الحالة سيكون اقتصاد مصر من أقوى وأعظم الاقتصاديات فى العالم. وهذا ما أيده د. حمدى عبد العظيم - الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق- معتبراً عودة هذه الأموال فى أسرع وقت ممكن يحتاج إلى أناس مخلصين ويتطلب مزيدا من الجهد للعمل على استثماره حتى تعود الفائدة على الشعب المصرى. وفى نفس السياق لاتزال التحقيقات التى تجريها نيابة الأموال العامة العليا مستمرة تحت إشراف المستشار على الهوارى المحامى العام الأول للنيابة ويتابعها المستشار عماد عبد الله وأشرف رزق المحاميان العامان للنيابة، حيث جاء قرار النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود برفض العروض المقدمة من رجال الأعمال المتهمين مبديا خمسة أسباب قانونية وموضوعية. وتعود الأسباب فى الأساس إلى عدم جدية العروض المقدمة من المتهمين فهناك عرض بالسداد عن طريق تقسيط المديونية ولكن يتطلب ذلك تفاصيل متعلقة بكيفية ضمان سدادهم للأقساط مما يثير العديد من الشكوك حول جدية هذا العرض. عرض آخر تقدم به بعض المتهمين وهو إعطائهم مهلة لبيع الأراضى وسداد حقوق الدولة وهذا مرفوض شكلاً وموضوعاً، والبعض الآخر طالب برد حقوق الدولة عينياً لأنهم لا يملكون سيولة نقدية وهذا يتطلب وقتا طويلا ويحتاج للجان عقارية تقدر العقارات ولا يعتبر حلا جذرياً. البعض الآخر تمسك بموقفه باعتبارهم لا يعلمون شيئاً عن هذه التسويات التى تمت وأن المحامين قدموها للنيابة بدون علمهم. والسبب الأخير يتعلق بقانونية العروض المقدمة لأنه لا يوجد نص قانونى يتيح للنيابة العامة الموافقة على قبول العروض وتسوية مديونيتهم فى مقابل إطلاق سراحهم وحفظ الدعاوى الجنائية.