حالة من الغضب والقلق سادت معظم الجاليات المصرية فى الخارج بسبب استبعادهم من الترشح للرئاسة لحصولهم على الجنسية المزدوجة طبقا للمادة 75 من الدستور، هذا فى الوقت الذى يسمح فيه القانون المصرى بحمل جنسية أخرى مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية، من جهة أخرى يرى فقهاء الدستور والقانون ضرورة تعديل المادة فى الدستور المرتقب لمشاركة مزدوجى الجنسية فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية لرسم مستقبل مصر. أساتذة القانون قالوا: إن الجنسية المزدوجة حق كفله القانون الدولى وأيضاً محكمة القضاء الإدارى بأن يكون الشخص مصريا ويحمل الجنسية المصرية منفردة. وأشار الفقهاء إلى أن قانون الهجرة لا يترتب عليه أى خلل بحقوق المصريين ويجوز لهم الترشح للرئاسة والمشاركة فى الحياة السياسية سواء انتخابات رئاسية أو برلمانية، وبحسب رأى أساتذة القانون الدستورى فقد جاءت المادة 75 مخيبة للآمال حيث اعتبرت المصرى ذا الجنسية المزدوجة أو المتزوج من غير مصرية مواطنا من الدرجة الثانية، ولا يحق له الترشح بالرغم من مبدأ المواطنة الذى يكفل المساواة بين الجميع، كما دعت مواد القانون إلى إسقاط الجنسية المصرية عن المتزوجين من إسرائيليات وقد تمت الموافقة على قانون الجنسية المصرى عام 1975 قبل أربع سنوات من توقيع معاهدة السلام. يقول د. أنور رسلان أستاذ القانون الدولى إن قانون الجنسية المزدوجة يمنع أى فرد من الترشح لرئاسة الجمهورية لأن أول شرط من شروط التقدم لهذا المنصب أن يكون مصرى الجنسية من أبوين مصريين. وأضاف: ليس هناك علاقة بين هذه الشروط والمادة الخاصة بالجنسية المزدوجة للترشح لمنصب الرئاسة فهذه نقرة، والأخرى نقرة أخرى فليس هناك صلة بين هذه المادة وشروط الترشح، وقال إنه يمكن تعديل هذه المادة فى المستقبل إذا طلب الشعب ذلك فالجنسية المزودجة تعوق الشخص من التقدم لهذا المنصب رفيع المستوى حتى نضمن ولاءه الوطنى. د. فوزية عبد الستار رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقا تقول: يجب أن تتوافر بعض الشروط فى منصب المرشح لرئاسة الجمهورية، كما حددها الدستور المصرى حفاظا على الولاء الوطنى لهذا المنصب رفيع المستوى، فبعض الأشخاص حصلوا على الجنسية لأنهم متزوجون من أجنبيات والبعض الآخر حصل عليها من أجل عمله ولديه حب شديد وإخلاص متفانى لهذا البلد. وليس معنى ذلك أن هؤلاء لا يحبون بلادهم ولكنهم سعوا لذلك من أجل ارتباطهم بمصالحهم فى الخارج وليس من أجل عيون حب هذا البلد الذى يعيشون فيه، فيجب علينا أن نتساءل كيف نثبت أن هؤلاء لديهم ولاء وطنى، فهذه فى غاية الصعوبة فنحن نخشى أن يرشح شخص لا نثق فيه 100% والحذر مطلوب لتولى هذا المنصب الذى يتحكم فى مصير مصر بالرغم من أن هناك كفاءات كبيرة جدا تكاد تقترب من الترشح لهذا المنصب لأنه له حساسية خاصة إذا كان هناك تعديل فى بعض مواد الدستور الآن فيجب النظر لهذا الموضوع فى المستقبل بحنكة، وذلك حتى نعطى الفرصة لكل من هو مصرى كفاءة ولديه فكر جديد يعود على بلده بالخير فالهدف هو تجنب أى خطورة تمس كيان هذا المنصب الحساس بل مع التأكد من ضرورة الولاء الوطنى. شوقى معوض - المحامى بالنقض - يقول بالنسبة لقانون الجنسية المزدوجة التى تحظى معظم الجاليات المصرية فليس من حصل على الجنسية الأجنبية ويقيم بالخارج يدين بالولاء لهذا البلد ويناصب العداء لبلده أو لا ينتمى إليه. وليس معنى ذلك أن هؤلاء أقل وطنية من غيرهم فى مصر ولكن الظروف هى التى أجبرتهم على ذلك، وأضاف أن كل هذه الأسباب قد تكون عائقاً أمام أصحابها فتمنعهم من الترشح لمنصب الرئاسة القادم حتى نضمن الولاء الوطنى ومع ذلك فيجب احترام هذا المبدأ حتى نتفادى أى خطورة لأنه منصب حساس للغاية.. وأضاف: أما بالنسبة للمادة 75 التى تخص الجنسية ليس لها أى علاقة بهذا أو بذلك، مطالباً بإعادة النظر إليها فى التعديلات التشريعية والدستورية القادمة شريطة أن يكون هناك توافق وإجماع وطنى حتى نقضى على هذه الحيرة. وأعتقد أن الاستفتاء الأخير أنبأ عن وجود وعى مجتمعى قادر على التمييز بين الأشياء فنحتكم جميعاً إلى الشرعية الأساسية وهى الشارع المصرى والمواطن المصرى الذى يقرر الصفات والشروط التى يراها فيمن يتولى أرفع منصب لديه وهو حُكم مصر. من جانبه يقول أشرف الوكيل - باحث قانونى- إن مفاجئة البعض بمنع ترشيح مزدوجى الجنسية كانت لها آثار نفسية على بعض المواطنين.. حيث أيد ذلك البعض ورأه شيئاً صحيحاً لأننا لا نعرف مدى انتمائه لبلده وخصوصاً أنه عاش فترة كبيرة بالخارج، فالطابع يغلب التطبع بجانب أنه لا يعرف ظروف بلاده سواء اقتصادية أو غيرها، فهو ليس لديه أى خبرة بالظروف الداخلية مثل شخص عاش وتربى فيها منذ صغره (عرف الحلوة والمرة)، فهو يتعامل على هذا الإحساس ويحس بالناس الذى عاش بينهم وعاصر ظروفهم سواء اقتصادية أو تعليمية، وأضاف أن هذه النوعية من البشر يطمئن لها معظم الناس وأيضاً أنه ليس من المفروض أن كل من هو ناجح يصلح رئيساً للجمهورية، بدليل أننا نسمع عن علماء كبار فى تخصصهم فى بلاد مختلفة ولكنهم لم يفكروا فى الترشح لهذا المنصب. أما البعض الآخر فقابل هذا الموضوع بحالة من الإيجاب لأنه يهمه فى المقام الأول أن الذى يترشح لمنصب الرئاسة يكون فرداً من الشعب، والدليل على ذلك تولى بعض الوزراء برضاء الشعب، ولكن يجب مراعاة كل هذه الظروف فى المستقبل ويكون هناك نوع من المساواة بين جميع المواطنين سواء فى الداخل أو الخارج حتى لا يتعارض مع طموحاتهم وخدمة بلادهم لأن البعض قال إنها ليست إعاقة والبعض الآخر قال إنها إعاقة، فالرؤى مختلفة فالذى يحسم هذا الموضوع وهو تعديل مواد الدستور فى المستقبل ثم يأتى استفتاء الشعب لتكون كلمته هى العليا.