تشهد الإسكندرية حاليا موجة هائلة من تعليات العمارات وإنشاء عمارات بدون ترخيص أحيانا لدرجة أن المقاولين الجشعين يبنون هذه العمارات على مدار 24 ساعة متصلة، كما تسبب التكالب على شراء حديد التسليح والأسمنت بصورة جنونية فى ارتفاع سعر الطن من 3500 جنيه إلى 8 آلاف جنيه وسعر طن الأسمنت إلى ألف جنيه، ولا تزال حالة جنون المبانى مستمرة دون أى رادع أو مانع لأنه لا يوجد محافظ للإسكندرية قبل عدة أيام منذ استقالة اللواء عادل لبيب، كما لا توجد أوامر بإزالة للعقارات المخالفة لأنه لا يوجد محافظ لتوقيعها وحتى فى وجود محافظ لا توجد قوة أمنية لتنفيذها. والمعروف أنه أثناء تولى اللواء محمد عبدالسلام المحجوب منصب محافظ الإسكندرية تمت حوالى 60 ألف مخالفة بناء وتعليات على مستوى أحياء الإسكندرية خصوصا فى أحياء المنتزة وشرق ووسط، حيث إن العمارات الشاهقة قد شيدت بالقرب من الكورنيش أو المناطق المهمة فى طريق الحرية أو الأحياء الراقية فى رشدى وكفر عبده وجليم. ولقد انفردت الإسكندرية بوجود طبقة من السماسرة والوسطاء كانوا يحصلون على استثناءات من اللواء المحجوب وكان معظمهم من الإعلاميين وأعضاء المجالس المحلية ونواب مجلس الشعب، ولذلك ظهر تعبير دارج فى الإسكندرية وهو (نواب التعليات)، وذلك على غرار نواب القروض ونواب المخدرات. وكان من نتاج ذلك أنه لم يقدم استجواب واحد للمحجوب طوال السنوات التسع التى تقلد فيها منصب محافظ الإسكندرية من عام 1998 حتى عام 2006. ولعل أكثر حالات الاستثناءات فى التعليات استفزاز أبراج محمد أبو العينين فى الأزاريطة أمام حدائق الشلالات، حيث إن الطابع العام لعمارات الأزاريطة قبل تولى اللواء المحجوب منصب المحافظ ألا تتجاوز الارتفاعات 6 طوابق وهو النسق المعمارى القائم منذ سنوات طويلة، ولكن المحجوب استثنى بعض المقاولين الجشعين إلى الاثنى عشر طابقا، ورغم ذلك لم يقنعوا فقام بعضهم بالارتفاع إلى الطابق السابع عشر، كما هو فى شارع بن شجاع فى الأزاريطة رغم أن رخصة البناء الصادرة له من حى وسط الإسكندرية ب 7 أدوار فقط. وأدى الاستهتار بقوانين البناء إلى استغلال النائب السابق محمد أبو العينين لسطوته ونفوذه للارتفاع إلى 19 طابقا مرة واحدة!! فهو يسعى دائما إلى التميز والانفراد حتى فى مخالفة القانون! ومن الحالات الصارخة فى خرق قانون البناء وكانت سباقة وفريدة من نوعها الترخيص رقم 17 لسنة 2000 فى حى وسط الإسكندرية حيث ذكر فى الترخيص بالحرف الواحد أن المحافظ اتصل تليفونيا برئيس الوزراء لاستثناء صاحب الترخيص لارتفاع 36 مترا لإقامة مول تجارى فى 57 صفية زغلول و6 و8 شارع شكور فى محطة الرمل رغم أن وكيل وزارة الإسكان حينذاك المهندس محمد الفرارجى كتب مذكرة للمحجوب أن صاحب الترخيص ليس لديه سند ملكية ولا خريطة مساحية ولا شهادة مشتملات وأن بعض أصحاب المحلات القائمة بالموقع رفضوا البيع المهم أنهم أيضا رفعوا دعوى قضائية وحصلوا على حكم ببطلان الترخيص، ورغم ذلك حصل عادل بسيونى صاحب الترخيص الملغى قانونا بحكم المحكمة على قرض من أحد البنوك المصرية قيمته 150 مليون جنيه وهرب خارج البلاد. والأدهى من ذلك أن مقاولا يقوم حاليا بالبناء فى المواقع استنادا على الرخصة الملغاة! وهناك شوارع رئيسية بالإسكندرية نص قانون البناء الذى صدر عام 1978 بألا تزيد ارتفاعاتها على 6 طوابق بأى حال من الأحوال ودون أى استثناءات مثل شوارع طريق الحرية ولومومبا وذلك حفاظا على النسق المعمارى والحضارى، ولكن اللواء المحجوب ضرب عرض الحائط أيضا بهذا القانون ووافق على ارتفاع العقار 125 طريق الحرية إلى 12 طابقا. وأدت مخالفات البناء والتعليات الصارخة إلى التشوه المعمارى واختلال النسق الجمالى خصوصا فى منطقة سموحة، حيث أشرف الدكتور فؤاد حلمى أستاذ العمارة بكلية هندسة الإسكندرية على عمل تخطيط عمرانى للإسكندرية حتى عام 2017 وعين بعد ذلك محافظا للإسكندرية فحافظ على هذا النسق المعمارى، ولكن اللواء المحجوب خرق هذا النسق المعمارى واستثنى الارتفاع إلى 17 طابقا علما بأن الارتفاع المحدد والموحد 11 طابقا فقط وإنصافا للحقيقة فإن اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية السابق والذى أوقف هذا العبث بالقانون ولم يوافق على أى استثناءات وأزال معظم المخالفات والتعليات لدرجة أنه أزال عمارة بارتفاع 10 أدوار لأنها لم تكن برخصة مبان أصلا، كما أنه أصدر تعليمات إدارية لشركة الكهرباء بحظر تركيب عدادات للشقق فى الارتفاعات المخالفة للحد من هذا القبح المعمارى.