دعوات منادية بالإصلاح والتغيير وأخرى تطالب بالإطاحة بالنظام دخل المئات من الشباب الموريتانى فى اعتصام مفتوح بميدان «بلوكات» الذى يعد أحد أكبر ميادين العاصمة الموريتانية «نواكشوط»، الميدان يطلق عليه الشباب المتظاهر حاليا «ميدان التحرير» انطلقت التظاهرات فيه منذ 25 فبراير على شكل احتجاجات متقطعة بعد دعوات وجهها شباب الفيس بوك للتظاهر، وفيما يكتفى البعض بالدعوة إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية للناس والإسراع بإحداث إصلاحات سياسية فى النظام القائم والتنديد بالفساد فى أجهزة ومؤسسات الدولة، دعا آخرون لإسقاط النظام وطرد العسكر من السلطة والانتقال إلى حكم مدنى ومحاسبة الفاسدين الموالين لنظام الحكم، وردد المتظاهرون شعارات (الشعب يريد إسقاط النظام)، وشعار (موريتانيا حرة والعسكر بره)، وشعار (واحد اتنين أموال الشعب فين) فى إشارة إلى عمليات سلب ونهب المال العام من قبل رجال الأعمال المقربين من النظام، كما ردد المتظاهرون شعارات تحّمل النظام مسئولية الفشل فى كل المجالات وطالبت حركة شباب 25 فبراير بالاستماع لمطالبهم والإقرار بشرعيتها وسرعة الاستجابة للمطالب ما دامت سلمية قبل أن تأخذ منحنى آخر. وفيما تتواصل الاحتجاجات للأسبوع الثالث بالعاصمة «نواكشوط» وعدد آخر من المدن الموريتانية تدخلت الشرطة بعنف لمنع عشرات المتظاهرين من الشباب من اقتحام ساحة «بلوكات» بوسط العاصمة وأطلقت عليهم الغازات المسيّلة للدموع وانهالت على بعضهم بالضرب كما اعتقلت الشرطة عدة أشخاص وقامت بتعذيبهم أمام المتظاهرين بشكل عنيف، وقد نددت حركة (معا لإسقاط الرئيس محمد ولد عبد العزيز) بالقمع الوحشى للمتظاهرين، وأكد قادة حركة (شباب 25 فبراير) المطالبة بالإصلاح أنها ماضية فى أسلوب النزول للشارع حتى تحقيق مطالبها، وأكدت الحركة أن استخدام العنف والبلطجة والتعذيب من طرف النظام الحكام لن يخرجنا أو يوقفنا عن نهجنا السلمى المتمدن والحضارى، وقررت الحركة تفعيل التنسيق مع شباب أحزاب المعارصة ومع نشطاء النقابات لاستمرار المظاهرات للضغط على «ولد عبد العزيز» للاستجابة للمطالب، وفى محاولة لامتصاص الغضب الشعبى شرع النظام الموريتانى فى التجاوب مع بعض المطالب، كما تراجع عن بعض مشاريع القوانين الجائرة، كما تم إلغاء بعض القوانين القائمة التى تضررت منها بعض الفئات الفقيرة وتضاعفت لقاءات المسئولين بالمواطنين الذين كانوا يتهربون منهم عادة - على حد وصفهم - وأوفد الرئيس محمد ولد عبد العزيز خمسة وزراء لتفقد أوضاع الأحياء الشعبية وطمأنة سكانها بجدية الحكومة فى تغيير أوضاع السكان، فى الوقت الذى نظمت فيه نقابات عمالية مسيرة فى نواكشوط احتجاجا على الأوضاع المعيشية بالبلاد، حيث طالب المتظاهرون بتحسين أوضاعهم المعيشية من خلال زيادة الأجور وتوفير المسكن المناسب، وتخفيض الأسعار، فى حين تقدم حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية الموريتانى «تواصل» بوثيقة سياسية تحت عنوان (إصلاح قبل فوات الأوان) اقترح فيه تعديلات دستورية جذرية وعميقة، وأوضح أن التعديل يستهدف مزيدا من اللامركزية وتوزيع السلطات وتبديل النظام الرئاسى بالنظام البرلمانى، حيث اعتبرت الوثيقة أن ما تعيشه البلاد حاليا من أزمات ومشاكل يرتبط بشكل كبير بالأسلوب الانفرادى لإدارة الدولة والذى توسع فى ظل حكم ولد عبد العزيز. وفى المقابل نظم مئات الموريتانيين فى نواكشوط تجمعا لدعم الرئيس محمد ولد عبد العزيز ردا على الدعوات المطالبة بالإطاحة بنظامه، حيث تجمع المئات من أنصار ولد عبد العزيز فى نفس المكان الذى تظاهر فيه المعارضون للحكومة. وأشار المتظاهرون المؤيدون للنظام إلى أن الثورات التى اندلعت فى البلدان العربية تختلف كليا عن الوضع فى موريتانيا لأنها بلدان مضت عليها فترة طويلة من الزمن وهى تعيش فى ظل ديكتاتوريات منقطعة النظير - على حد وصفهم - كما أشادوا بالإنجازات التى تحققت فى ظل حكم ولد عبد العزيز وخاصة الإصلاحات ومحاربة الفساد. يذكر أن محمد ولد عبد العزيز وصل إلى السلطة إثر انقلاب عسكرى فى 2008 بعد إطاحته بالرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله بعدما قام الأول بوضع الأخير تحت الإقامة الجبرية واستطاع أن يحقق النجاح فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى 18 يوليو 2009 بحصوله على 52% من الأصوات رغم اتهام المعارضة له بتزوير الانتخابات وعدم اعترافها بالنتائج النهائية ثم تنصيبه رسميا يوم 5 أغسطس وبذلك يكون سادس رئيس عسكرى يحكم البلاد منذ ثلاثين عاماً.