وزيرة التخطيط: خطة التنمية لعام 2024-2025 تستهدف إتاحة 337.2 ألف وحدة سكنية    ولي العهد السعودي يؤكد لرئيس وزراء اليابان التزام بلاده بالاستمرار في إمداد طوكيو بالنفط    عار عليك.. متظاهرون يمنعون بلينكن من التحدث ويقاطعون كلمته 4 مرات متتالية    تفاصيل جلسة هشام نصر مع فريق اليد بنادي الزمالك بعد الفوز على الأهلي    بيان.. مجلس إدارة الزمالك يشيد بتصرف ياسين البحيري لاعب نهضة بركان    بالفيديو.. كاميرات المراقبة تكذب شخص زعم استبدال عملاته الأجنبية في مطار القاهرة    ناجية من حادث معدية أبو غالب: «السواق مظلوم في ناس زقت الميكروباص» (فيديو)    حبس السائق المتسبب في حادث معدية منشأة القناطر    نقيب الصحفيين: وزير الأوقاف أبدى استعداده لتنظيم تصوير الجنازات داخل المساجد    قبل عرضه غدًا.. برومو «تاني تاني» ل غادة عبدالرازق يحصد 6 مليون مشاهدة    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    أزهري: ليس من حق الآباء إجبار بناتهم على ارتداء الحجاب    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    المصري يفوز على النصر القاهري بهدفين لهدف وديا استعدادا لمودرن فيوتشر    الأعلى لشئون الإسلام وقيادات الإعلام يتوافقون على ضوابط تصوير الجنازات    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    تأثير استخدام مكيفات الهواء على الصحة.. توازن بين الراحة والمخاطر    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    عاجل| أسوشيتد برس تعلن تعليق إسرائيل خدمات الوكالة في غزة    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    ب ممارسات حاطة بالكرامة والتقييد.. شهادات توثق تعذيب الاحتلال ل معتقلي غزة (تقرير)    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    "سيارة الغلابة".. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيه (صور)    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    حارس مرمى مانشستر سيتي يقترب من الانتقال إلى الدوري السعودي    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    شبانة: مندهش من الأحداث التي صاحبت مراسم تتويج الزمالك    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    استعدادات وترقب لقدوم عيد الأضحى المبارك 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك الشيخ الشعراوى
نشر في أكتوبر يوم 13 - 03 - 2011

بعد ذلك أدلى الشيخ بحديث قال فيه إن اعتراضه كان فى البداية على استشهاد الحكيم بنظرية اينشتين عن النسبية ونظريات غيره من العلماء دليلا على وجود الله، وقال: هل نحن محتاجون لعالم مثل اينشتين ليقول لنا إن الله موجود وآيات الله فى الكون بارزة منذ بدء الخليفة.. الشمس.. والأرض.. والقمر.. والنجوم.. والمطر.. والزرع.. والإنسان ذاته.. إلخ.
وأضاف الشيخ أنه مختلف مع الذين يربطون الإيمان بالله بنظريات ونتائج العلم، فالعلم متغير ولو ربطنا إيماننا بوجود الله بالنظرية النسبية وغيرها ثم جاء بعد ذلك من يثبت خطأ هذه النظرية أو تلك فماذا نفعل؟ ثم وجه نقده على اختيار الحكيم لعنوان مقالاته «حديث مع الله» فقال: هذه أول مرة اسمع فيها أن الله كلم واحدا من البشر من غير الأنبياء والرسل.. وكان له الحق- ولكل منا الحق- فى الحديث «إلى» الله، ولكن اعتراضى على أن حديث توفيق الحكيم «مع» الله وأن الله تحدث إليه، وفى دفاعه عن نفسه يقول إنه تخيل ذلك، فهل خيال البشر يدخل فيه كلام الله معهم مباشرة أو عن طريق ملك (مثل جبريل عليه السلام)؟ وما هى الكيفية التى تم بها هذا الحديث؟. وكل من ينقل عن الله حديثا لم يقله الله فله الويل والله يقول عن رسوله (ولو تقّول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد حاجزين) فهل أباح توفيق الحكيم لنفسه ما لم يكن مباحا لمحمد صلى الله عليه وسلم؟
وفى حديث آخر فى مجلة «اللواء الإسلامى» (17 مارس 1983) واصل الشيخ هجومه على توفيق الحكيم بقوله (لقد شاء الله ألا يفارق هذا الكاتب الدنيا إلا بعد أن يكشف للناس ما يخفيه من أفكار وعقائد كان يهمس بها ولا يجرؤ على نشرها.. وشاء الله ألا تنتهى حياته إلا بعد أن يضيع كل خير عمله فى الدنيا فيلقى الله بلا رصيد إيمانى).
أما يوسف إدريس فكتب مقالا فى الأهرام فى أبريل 1983 بعنوان «عفوا يا مولانا» اشتط فيه إلى حد القول بأن الشيخ «يتمتع بكل خصال راسبوتين المسلم.. قدرة على إقناع الجماهير البسيطة.. وقدرة على التمثيل بالذراعين وتعبيرات الوجه» وقال أيضا: إن له قدرة على جيب كبير مفتوح دائما للأموال.. وأنه يملك قدرات أى ممثل نصف موهوب! وأثار مقال يوسف إدريس غضب كبار المثقفين وغضب محبى الشيخ وهم ملايين لأنه تجاوز حدود النقد.. قال وزير الثقافة (الدكتور أحمد هيكل) إن هذا الكلام «ساقط» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) والشيخ الشعراوى مفخرة لمصر، وحرام أن يأتى كاتب مصرى ويحاول النيل منه بهذه الطريقة.. وعلق سعد الدين وهبه على يوسف إدريس فقال: هذا كلام لا صلة له بأى فكر أو ثقافة، هذا سقوط من الكاتب وإسفاف.. وشارك وكيل مجلس الشعب المستشار أحمد موسى فى الرد على يوسف إدريس بقوله: هذا شىء مؤسف حقيقة.. هذا الكلام لا يهدم الشيخ بل يهدم من كتبه، كما شارك نقيب المحامين أحمد الخواجة قائلا: هذا الكلام لا صلة له بالخلاف فى الرأى بل هو قذف فى حق الآخرين.
تراجع الحكيم وإدريس
وطالب الشيخ بعقد ندوة فى التليفزيون مع توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكى نجيب محمود لمناقشة ما كتبوه وقال: لكى اكشف للناس ما نشروه من أفكار خاطئة عن الدين، وإذا كان لديهم ذرة حق فليأتوا، وليكن النقاش أمام الناس جميعا، وأنا فى انتظارهم.
وطبعا لم يتقدم أحد لهذه المبارزة العلنية، وأمام الحجة القوية للشيخ وضغط الرأى العام المؤيد للشيخ تراجع توفيق الحكيم وقام بتغيير عنوان مقالاته من «حديث مع الله» إلى «حديث إلى الله» ثم غير العنوان مرة أخرى ليصبح «حديث إلى نفسى».. واعتذر الثلاثة للشيخ، وكتب يوسف إدريس فى الأهرام تحت عنوان «توضيح عاجل واعتذار» أن ما نشر هو بالتأكيد خطأ فنى مطبعى سقط إصلاحه سهوا بحسن نية، وأنا لا يمكن أن أتولى بنفسى أى تجريح لشخصية عظيمة كشخصية الشيخ الشعراوى، وكنت قد صححت الجملة فى البروفات، ولكن التصحيح لم ينفذ مما جعل الفقرة تبدو هجوما غير معقول أن يصدر منى تجاه الشيخ الذى أكن له - رغم الفوارق الفكرية - أعمق آيات الود والتقدير والحب والاحترام، وأنا - حتى فى قمة خلافى معه - حين اتهمنا فضيلته بالكفر أنا والأستاذين الجليلين توفيق الحكيم وزكى نجيب ردت عليه ردا كان عنوانه «عفوا يا مولانا».
ومن جانبه قال الشيخ: أنا لم أرم أحدا بالضلال أو الإضلال، ولا بالارتداد أو بالكفر، وصفة الضلال مقصود بها ما قاله الحكيم وليس المقصود الحكيم ذاته.
وبعد ذلك بسنوات قال لى الشيخ الشعراوى معلقا على هذا الموقف: شىء واحد يصل عندى إلى درجة اليقين، أن الذى يؤمن بالله يؤمن بأن الخير دائما هو ما اختاره الله وأن الله لن يتخلى عنه، ودائما أضع فى قلبى الآية التى تقول (نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة، ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم).. وقول الله سبحانه وتعالى:(إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وقوله: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وقوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)، وكلما واجهت لحظة صعبة اتمسك بهذه الآيات فتعود السكينة إلى قلبى وأجد فى نفسى قوة من يتمسك بالله..
وأتذكر دائما أن والدى وهو يودعنى وأنا أبعد عنه لأول مرة للدراسة فى المعهد قال لى - وهو فلاح بسيط - إمسك بيدك فى الله وضع رجلك فى أى مكان.. وكأنه أراد أن يقول لى إن من يتمسك بكلام الله ويقبض عليه لن يضع قدميه إلا فى المكان الذى يرضى عنه الله.
حديث الذباب.. وطفل الأنابيب
وخاض الشيخ معارك أخرى بسبب ابدائه لآراء تمسك ببعضها وتراجع عن بعضها الآخر بعد أن أعاد التفكير فيها.. تمسك بموقفه من صحة الحديث الذى يقول: إذا سقط الذباب فى إناء أحدكم فليغمسه فإن فى إحدى جناحيه داء وفى الآخر دواء، وتعرض للهجوم بسبب تأكيده صحة هذا الحديث، ورد على ذلك بقوله: عند البحث والدراسة فى حديث لرسول الله يجب ألا نعتمد على العقل كوسيلة للحكم بقبول الحديث أو رفضه، لأن العقل وحده مقصور عن إدراك كل الأمور من جميع جوانبها، وقد رفض العقل قديما أحاديث لمعارضتها لمنطق الإنسان وعقله، أو لعدم موافقتها لنتائج العلم فى ذلك الوقت، ثم ظهر بعد سنوات تطور فيها العلم صحة هذه الأحاديث بالتجربة العلمية.. المهم فى دراسة الحديث أن نتأكد من أنه يتصل فى سنده إلى الرسول فإذا استقام تسلسل الرواة وجب علينا التسليم بصحة الحديث مادمنا مؤمنين بقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى)، وذكر الشيخ فى حديث له بجريدة الأخبار أن العالم الألمانى بريفلد من جامعة هامل اكتشف فى عام 1871 أن الذباب يحمل فى إحدى جناحيه نوعا من الفطريات استخلص منها نوع من المضادات الحيوية تقضى على أنواع من البكتريا الضارة، وعلق على ذلك أحد أساتذة الطب بقصر العينى بأن هذا الرأى نقلا عن كتب دينية وليست كتبا طبية، وأنه رغم مرور أكثر من قرن على هذا الكلام ما يزال العلماء يحذرون من أمراض متعددة ينقلها الذباب ولم نسمع أن ألمانيا أو غيرها من الدول الإسلامية أو غير الإسلامية استخلصت نوعا من المضادات الحيوية من الذباب، ولم يدلل أحد على أن الذباب يحمل مضادات حيوية بعدد الأمراض التى ينقلها، ومعلوم أن لكل مرض المضاد الحيوى الذى يناسبه، ورد الشيخ على ذلك «حسب كل مسلم أن يفهم أن هذا الحديث ورد فى أصح كتاب بعد كتاب الله (صحيح البخارى)».
وتعرض الشيخ مرة أخرى للهجوم من أنصار تحرير المرأة عندما أعلن رأيه الذى قال فيه إن وضع المرأة حاليا تحلل وانفلات.. والمرأة إذا اضطرتها الظروف للعمل فلتعمل، أما إذا لم تضطرها الظروف لذلك فالواجب أن تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا لضرورة، والضرورة تؤخذ على قدرها، ومسئولية المرأة عن أطفالها لا تعادلها أية مسئولية أخرى، ولو أتيت للطفل بألف مربية لا يمكن أن يكون لها ربع قلب الأم، وثار عليه أنصار تحرير المرأة.
وعندما بدأت تجارب «طفل الأنابيب» قال الشيخ «إذا أخذوا ما صنعه الله ووضعوه فى بيئة صنعها الله فليس فى ذلك خروج على شريعة الله، ولو كان الأمر على غير إرادة الله لما استطاعوا أن يصلوا إلى النتيجة التى قصدوها، فعلماء الأرض جميعا لا يستطيعون أن يصنعوا بويضة وحيوانا منويا، ومادامت العملية تتم بين زوج وزوجته فليس فيها ما يخالف الشرع، أما إذا كان التخصيب من ماء رجل إلى امرأة ليست زوجته فهذا هو اختلاط الأنساب وهو حرام، ولم يختلف أحد مع رأى الشيخ.. بل كان هذا الرأى سندا للمتحمسين لتعميم طفل الأنابيب باعتباره وسيلة مشروعة من وسائل الحمل ليس لها بديل فى حالات معينة.
ليست هذه كل معارك الشيخ لكنها نماذج لنعرف أن كل مفكر وكل داعية وكل صاحب رسالة لن يكون طريقه سهلا مفروشا بالورود، وسيعانى من خصوم لم يفكر فى استدعاء خصومتهم، ولكنه اختبار من الله هل يصمد أو ينهزم، وقد نصر الله الشيخ فى كل المعارك لأنه كان يمسك بكتاب الله فى كل معركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.