تشهد المنطقة العربية حالة غليانا فى كل الاتجاهات وتتواصل الاحتجاجات والمعارك فى الدول التى صنعتها ثورتها خاصة مصر وتونس فيهما تعيش باقى الدول العربية إرهاصات واستعدادات للاحتجاج بدرجات ما بين البحث عن الحرية واندماج الشعوب بالكامل فى عزف صناعة القرار والمشاركة والإنتاج.. إلا أن المعارك الحربية الأشد ضراوة تمتد على اتساع الأراضى الليبية ما بين النظام الليبى والمعارضة والتى تتمثل فى الاقتتال حول آبار النفط واتهامات متبادلة بين الطرفين والتحرك الدولى الحذر واستمرار ضغط المنظمات الإقليمية لوقف العنف والتجاوب مع مطالب الشعب الليبى لكن يبدو أن الوضع فى ليبيا مستمر على حاله إن لم تحدث مفاجآت.كثفت قوات الحكومة الليبية هجماتها بالدبابات والطائرات الحربية على المعارضين فى المناطق التى يسيطرون عليها ولا سيما شرقى ليبيا فى محاولة لاسترجاع السيطرة على تلك المناطق مثل الزاوية ورأس لانوف وتحدثت التقارير عن قتال شرس بين عناصر المعارضة والقوات الموالية للقذافى وعن سقوط ضحايا ودمار فى أحياء سكنية. ومع تزايد أعداد الضحايا ومخاطر المجاعة وأزمة لاجئين اشتدت الضغوط للتدخل الخارجى. وقد نفى سيف الإسلام نجل العقيد معمر القذافى استعمال الطائرات فى قصف المدنيين وكذلك نفى سيطرة الثوار على الزاوية ورأس لانوف وقال إن 90% من الأراضى الليبية آمنة واعترف بوجود مشاكل فى بعض المدن فيما أتهم القذافى المجلس الوطنى الانتقالى الذى شكله الثوار بالخيانة والارتباط بالجهات الأجنبية وقال إن المجلس الوطنى الذى شكلته المعارضة الليبية غير شرعى ولا يمثل الشعب الليبى. جاءت هذه التصريحات بعد إعلان المجلس الانتقالى عن إعلان المجلس عن إجراء مفاوضات تقضى بتنحى القذافى عن السلطة مقابل خروج آمن له ولأسرته من ليبيا، وقد تردد هذا الطرح بقوة عندما تحدث مسئول ليبى سابق هو عزوز الطلحى عن الحوار ولكن سرعان ما نفى هذا الأمر كل من الحكومة والمعارضة فيما أعلن مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطنى الانتقالى عن إعطاء مهلة للقذافى للتنحى خلال 72 ساعة لكن التقارير الواردة من ليبيا تؤكد بقاء الحال على ما هو عليه ربما لشهور مقبلة نظرا لرفض القذافى التنحى أو الخروج من ليبيا وقد فشلت كل العروض المطروحة فى هذا الشأن وكذلك تمسك المعارضة فى المنطقة الشرقية باستمرار الثورة لتحرير ليبيا من حكم القذافى وأنه لا رجعة للحوار بعد إراقة دماء الشعب الليبى. وسقوط المئات من الشهداء والجرحى. الحظر الجوى وأمام هذا التصعيد العسكرى الذى يؤشر للدخول فى حرب أهلية لفترة طويلة بدأ التحرك العربى والدولى فى اتجاه فرض حظر جوى على ليبيا لمنع استخدام الطيران فى قتل المدنيين لكن التحرك الغربى فى هذا الشأن يسير ببطء وفى اتجاه إعداد قرار لمجلس الأمن يسمح بذلك. بعيدا عن القرار المنفرد لأمريكا وبريطانيا وفرنسا. فيما تتحدث الإدارة الأمريكية حاليا مع المعارضة الليبية فى اتجاه دعمها عسكريا أما مسألة التدخل العسكرى الأمريكى مباشرة فهو أمر غير مطروح حاليا لدى واشنطن وهناك مخاوف من تدويل الأزمة ومخاطر على آبار النفط التى وقعت فى أيدى الثوار من التصرف فيها وتصديرها لحساب المنطقة الشرقية وهو الأمر الذى يدفع النظام الليبى للسيطرة على آبار النفط مهما كانت الخسائر البشرية. ويواصل المجتمع الدولى تعزيز موقفه بفرض منطقة حظر جوى فوق ليبيا وسبق أن أصدرت جامعة الدول العربية قرارا بأنها سوف تبحث مع الاتحاد الأفريقى هذا الإجراء فى حال استمرار الوضع على حاله وفى سياق متصل دعا وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى إلى فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا وعقد اجتماع عاجل للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. وقد تقرر عقده اليوم فى مقر الجامعة لمناقشة تطورات الأوضاع فى ليبيا إضافة لدعوات من بعض الدول العربية لعقد قمة عربية لمناقشة هذا الوضع الخطير فى ليبيا والحد من التدخل الخارجى حتى لا يتكرر سيناريو العراق فى ليبيا وهناك مناقشات تدور حول دور عربى بدلا من التدخلات الخارجية لإنهاء الاقتتال الحاصل فى معظم المدن الليبية. تداعيات عربية وفى تونس مازالت تداعيات الثورة التونسية تخشى من ثورة مضادة وهو الهاجس الذى دفع لتغيير الحكومة الانتقالية لتشكل ثالث حكومة تكنوقراط لإقرار الأمن ومعالجة المشاكل الاقتصادية والتى أصدرت قرارات شعبية الطابع معلنة عن إلغاء إدارة أمن الدولة ووصفت هذه الحكومة بأنها لتصريف الأعمال وانقاذ تونس من خسارة مكاسب ثورتها. ومن المقرر تكليف جمعية من رجال القانون لصياغة دستور جديد واحترام الحريات والحقوق المدنية أما مسألة إجراء الانتخابات فالأمر غير واضح حتى هذه اللحظة حيث تعانى تونس من اضطرابات أمنية غير عادية. ويحاول رئيس الحكومة الجديد الباجى قائد السيسى تجنب الأخطاء التى وقعت فيها حكومة الغنوشى والتجاوب مع مطالب الشعب التونسى والتعامل مع مشاكل البطالة والأمن وتحسين الوضع الاقتصادى. الوضع فى السلطنة وفى سلطنة عمان أصدر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان مرسوما تضمن تشكيل حكومة جديدة على خلفية المظاهرات التى شهدتها السلطنة. ويتضمن المرسوم تعيين فهد بن محمود آل سعيد نائبا لرئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء هيثم بن طارق آل سعيد وزيرا للتراث والثقافة وخالد بن هلال بن سعود البورسعيدى وزيرا لديوان البلاط السلطانى، والفريق سلطان بن محمد النعمانى وزيرا للمكتب السلطانى وبدر بن سعود بن حارب البوسعيدى وزيرا مسئولا عن شئون الدفاع وحمود بن فيصل بن سعيد البوسعيدى وزيرا للداخلية، ويوسف بن علوى بن عبد الله وزيرا مسئولا عن الشئون الخارجية وحمد بن محمد الراشدى وزيرا للإعلام كما أصدر السلطان قابوس مرسوما يقضى بإلغاء وزارة الاقتصاد الوطنى وقد تولت مهامها لجنة شكلها مجلس الوزراء لتوزيع الاختصاصات كما أصدر السلطان قابوس مرسوما آخر بتعيين الشيخ ناصر بن هلال بن ناصر المعولى رئيسا لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة. وكانت المظاهرات التى خرجت فى الشارع العمانى تطالب بالإصلاحات والحق فى إيجاد وظائف للشباب والعاطلين عن العمل وليس قلب النظام. وكان السلطان قابوس بن سعيد قد أعلن عن 50 ألف فرصة عمل جديدة وعن مساعدات للعاطلين عن العمل وقد أشادت الإدارة الأمريكية بالإجراءات الإصلاحية التى بدأتها سلطنة عمان كما دعت لمواصلة تطبيق الإصلاحات التى تزيد الفرص الاقتصادية وتحسن المشاركة فى العملية السياسية. دعوات الرحيل فيما تشهد المدن اليمنية مظاهرات متواصلة على مدار أسابيع وتصر على رحيل الرئيس اليمنى على عبد الله صالح. وعلى الرغم من وصول الثورة اليمنية فى أساليبها إلى نفس المنهج الذى اعتمد لدى شباب الثورة المصرية فإن الوضع فى اليمن مختلف ومازالت فرص الحوار مطروحة حيث أخذ رئيس الوزراء اليمنى الدكتور على مجور زمام المبادرة بالحوار مع شباب الثورة اليمنية وأسفر الحوار مع الاستمرار فى المظاهرات عن تعهدات بإصلاح سياسى وتعديلات دستورية لتطوير العمل السياسى والديمقراطى فى اليمن. وشدد الشباب خلال الحوار على أهمية إعلاء قيم العدالة والمساواة وسيادة القانون وحق المساءلة واحترام القوانين وصون الثوابت وحماية استقرار وأمن الوطن وإتاحة الفرصة لمشاركة الشباب فى الحياة السياسية وتعهد رئيس الوزراء اليمنى بالعمل لحل مشاكل البطالة واشراك الشباب فى اللجان الخاصة بالتوظيف على مستوى الوزارات والمحافظات. احتجاجات فئوية وفى باقى العواصم العربية تخرج احتجاجات فئوية دون الاقتراب من مشهد الثورة خاصة فى السعودية والسودان والجزائر وموريتانيا والمغرب، نظرا لما تقوم به هذه الدول من إجراءات استباقية لاحتواء المظاهرات ولكن يبدو أن العام الحالى سوف يشهد تغييرات سياسية واسعة فى المنطقة العربية تتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والحريات ووضع نظم سياسية لتداول السلطة، ومكافحة الفساد وإعطاء فرص متساوية للكفاءات بعيدا عن امتيازات النفوذ التى كان يحظى بها قلة دون مراعاة الحياة السياسية والاجتماعية المناسبة لشعوب المنطقة.