هذا الأسبوع وصلنى خطابان من سيدتين..حياتيهما كلها مرارة تتجرعاها كل يوم.. وكل ساعة وكل دقيقة.. تعيشان مرارة الأيام منذ زمن قد يكون قصيراً عند واحدة وطويلاً عند الأخرى ولكنه فى حسابيهما طويل.. طويل.. تعيشان داخل مثلث أضلاعه الثلاثة... فقر.. طلاق أو هجر.. مرض.. وإن كانت مرارة المرض أقسى بكثير.. فهما تحاولان مواجهة الفقر وتخطى آلام الطلاق أو الهجر.. ولكن المرض تقف كل منهما عاجزة عن التصدى له. الخطاب الأول من سيدة تجاوزت الثامنة والأربعين من عمرها.. كانت تعيش زوجة كأية زوجة مصرية تتحمل أكثر من طاقتها مع زوج يحكم ويتحكم.. تحاول أن تظهر لمن حولها أنها سعيدة.. لم تستطع أن تفصح يوما عما يدور بداخلها فهى من أسرة فقيرة تعيش فى حى شعبى.. لم تتعلم فتقدم لها أحد الجيران يطلب يدها للزواج.. وتم الزواج سريعا فى حجرة ضيقة وافق الأب لم يشترط أى شىء، فكان هذا الزواج هو طوق النجاة له ولابنته.. له لأنه لا يجد لقمة العيش لأسرته إلا بصعوبة.. ولها لأنها ستخرج من الحياة البائسة التى تعيشها الأسرة كانت تظن أنها ستجد السعادة والحياة الرحبة ولكن فرحتها لم تتم.. لم تذكر لأحد من أهلها مدى المهانة التى كانت تتعرض لها من الزوج.. فهى تعلم الرد الذى يطالبها بالتحمل، فجميع البيوت بها من المشاكل الكثير.. وتحملت ما يفوق كل شىء الضرب والإهانة والذل. تحملت. رزقها الله بولد ثم الثانى.. كانت تظن أن بولادتها للذكور سوف تتحسن علاقتها بالزوج، ولكن الحياة تحولت إلى جحيم عندما فقد الأمل فى وجود عمل دائم.. أكثر من جلوسه على المقهى، وتركه البيت بدون أى مصاريف.. حاولت الخروج للعمل بالمنازل حتى توفر لقمة العيش لطفليها ولكنها سقطت وأصيبت بكسور أكثر من مرة. وعندما طلبت منه تحمل مصاريف الولدين قامت الدنيا ولم تعقد، وضربها طلبت الطلاق وبالفعل كان لها ما أرادت وعادت لمنزل أبيها، لكنه رجل مسن لا يجد اللقمة لنفسه ولزوجته فكيف له أن يصرف على ثلاثة أفواه جياع، وتدخل أهل الخير وحاولوا الصلح بينها وبين طليقها، وعادت إليه مرة أخرى لم تمض أيام إلا وعاد إلى سلوكه السابق معها وفى هذه الأثناء أصيبت بنزيف رحمى وآلام لا تطاق طلبت بعض الجنيهات لتذهب للمستشفى ولكنه رفض.. استدانت من معارفها ذهبت للطبيبة.. التى طلبت مجموعة من التحاليل والأشعة بكت لها فهى لا تملك مالا عادت للمنزل أبلغت الزوج الذى تظاهر بالصمم تركها وخرج لجأت لأخيها الذى وفر لها ثمن التحاليل والأشعة وعادت للطبيبة التى أبلغتها بأنها مصابة بورم بالمبيض وأنها فى حاجة إلى إجراء جراحة سريعة لاستئصاله.. لم تجد مفراً دخلت المستشفى ظلت به أسبوعاً وخرجت منه ولم يزرها الزوج ولو مرة واحدة للاطمئنان عليها وحتى عندما عادت إلى المنزل وأخبرته بأنها ستحتاج إلى علاج لفترة طويلة وأن عليه أن يدبر مصاريف البيت والأولاد وعلاجها لم تسمع منه مايؤكد أنه سوف يقف بجانبها، وإنما أثار المشاكل وأهانها ولم تجد أمامها سوى أن تطلب الطلاق للمرة الثانية وبالفعل تم الطلاق على الإبراء وسقوط كل حقوقها وعادت مرة أخرى لبيت أبيها وتقدمت بطلب لوزارة التضامن الاجتماعى الذى ربط لها مبلغ 110 جنيهات معاش ضمان لها ولولديها.. المبلغ لا يكفى مطالب الحياة واحتياجات الأسرة وتطلب المساعدة فهل تجد؟.