«المعشبة» اسم ربما يكون غير معروف لدى البعض ويستغرب البعض الأخر عند سماعه لكنها إحدى الوحدات البحثية المهمة والفريدة فى كل المجتمعات. فهى تشبه المكتبة ولكنها تختلف فى مضمون مخزونها الفعلى فالمعلومات الموجودة بها تخزن فى صورة بيولوجية، حيث نجد صورا لعينات نباتية مجففة وموثقة بالمعلومات وتاريخ الاحتفاظ بها ومن أين تم الحصول عليها وكيفية الاستفادة منها، تشمل أيضا معظم الكتب المتعلقة بالفلورا النباتية للنباتات المصرية وكذلك المناطق المحيطة بها من الدول العربية وتعد واحدة من أضخم المكتبات الوطنية التى يرجع لها الفضل فى حفظ التراث الفكرى فى علم النبات على مستوى الدول العربية . فى كلية العلوم جامعة القاهرة توجد ثروة حقيقية لعلمائنا وهى «المعشبة» وقد جاءت فكرة انشائها عن طريق السيدة (فيفى تكهولم) وزوجها عند قدومهما لمصر سنة 1925 الذى توفى سنة 1929 وتولت هى مهام المعشبة وعكفت على تطويرها وجمع النباتات لها من كل البلدان العربية وتمت تسمية جانب من المكتبة باسمها تخليدا لدورها التاريخى فى جمع وتعريف نباتات مصر. العالم والخبير المصرى فى علم النبات والبيئة الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص يحدثنا عن المعشبة قائلا: تحتوى المعشبة على مجموعة من العينات التى يتم جمعها من مختلف الأماكن بعضها من داخل مصر وبعضها الآخر مجلوب من بعض الدول العربية المجاورة وجاء ذلك نتيجة لسفر الكثير من العاملين لبعض الدول مثل اليمن السودان وليبيا والسعودية والأردن وبعض دول الخليج، هذه العينات يتم تجفيفها بطرق علمية وتصنيفها لعائلات حيث يضم كل ملف عائلة وبيانات عنها. وتعد معشبة كلية العلوم من أضخم المعشبات فى المنطقة العربية حيث تجمع كل نباتات مصرالبرية والفلورا بالإضافة لنباتات بعض الدول المجاورة وتعتبر مجموعة مرجعية للمعرفة النباتية وكذلك بحوث المجموعات الطلابية فى مجال التصنيف والفلورا. وأضاف: من المعروف أن جميع الدول تحرص على ضرورة وجود متحف فى كل بلد ليكون قادرا على احتواء كافة المجموعات فى كل شىء كالفطريات والطيور والحشرات والكائنات الدقيقة الموجودة فى التربة التى تصيب النبات والحيوان وديدان الأرض لأنها مهمة جدا فى الوصول إلى سبب تلف أو وفاة النبات أو الحيوان فهناك فى كثير من بلدان العالم متحف التاريخ الطبيعى وهو المتحف الذى يضم كافة المجموعات المرجعية للكائنات الحية ورغم ذلك لا يوجد فى مصر متحف للتاريخ الطبيعى مع العلم أن كل العلماء يطالبون به منذ أكثر من 50 عاما لأهميته، وهناك مشروع تتبناه أكاديمية البحث العلمى فى مدينة 6 أكتوبر وتم تخصيص الأرض التى تبلغ مساحتها 25 فدانا لعمل مدينة علمية تتضمن متحف التاريخ الطبيعى بالفعل. ولكن للأسف المشروع توقف بعد دراسات طويلة. وتوجد جوانب عديدة فى المعشبة فهناك جانب من المكتبة متخصص فى علوم البيئة وتعتبر أكبر مكتبة ليس لها نظير فى أى من الدول العربية حيث تضم المراجع والدراسات الخاصة بعلوم البيئة يأتى إليها الطلبة من مختلف بلدان العالم للاستفادة منها. وتعتبر المهمة الأساسية للمعشبة توفير العديد من نماذج العينات النباتية الموجودة فى منطقة جغرافية معينة، قد تكون إقليماً أو دولة، حسب الحدود السياسية أو الاقاليم الجغرافية، هذه النماذج تكون ممثلة إلى حد كبير للنباتات الموجودة برياً فى النطاق السياسى أو الجغرافى، وتضم مكتبة المعشبة كتاب «وصف مصر» الذى يقدر بملايين الجنيهات فهو من الكتب النادرة التى يجب الحفاظ عليها. وأضاف الدكتور القصاص أن علم النبات أصبح ثروة حقيقية لدخوله فى الصناعة والطب والمواد العطرية، والجديد فى علم النبات هو وجود موارد وراثية به ومع الهندسة الوراثية يمكن نقلها لنبات آخر بمعنى أوضح لدينا نبات مثل نبات القمح تتم زراعته فى الدلتا ونحن نحتاج لنوعية من النباتات لتتحمل درجة حررة أعلى فمن الطبيعى أن نستعين بالنباتات الطبيعية الموجودة فى الاماكن الحارة ونقوم بدراسة الجينات الموجودة بها وبالهندسة الوراثية يمكن نقل صفة هذه النباتات للقمح وفى النهاية نكون قد خلقنا نباتا جديدا يتحمل درجة الحرارة المطلوبة. وبالتالى أصبح لدينا مصدر ثروة جديد وهو الثروة الوراثية «الجين» الموجودة فى جميع النباتات. وهناك مشروع ضخم فى سيناء فى سانت كاترين تشرف عليه وزرارة البئية ليتم الاستفادة من استخدامها فى النواحى الطبية والصناعية فكل هذا يجعل من المجموعة المرجعية للنبات أهمية فى كل مجتمع. وهناك ما يسمى بنك الجينات والذى يتم فيه جمع النباتات بمعنى أننا بالماضى كان لدينا نوعية قطن يسمى بالأشمونى وسكلريدس وحاليا نقوم بزراعة أنواع أخرى وقام المركز القومى للبحوث بعمل بنك لحفظ الجينات كمكمل للمعشبة لأننا لدينا نباتات منذ وجود الحملة الفرنسية فى مصر وبنك الجينات له دور آخر وهناك أيضا مركز بحوث الصحراء فى الشيخ زويد بشمال سيناء خاص لحفظ النباتات التى نقوم بزراعتها فى الصحراء. وأشار إلى أن جامعة أسيوط يوجد بها مجموعة مرجعية للفطريات وبدأ الاهتمام بها بعد انتشار الحاجة للمضادات الحيوية والتراميسين فأصبحت الحاجة لبحوث الفطريات مهمة وكذلك أنشأ الدكتور عبد العال مباشر مجموعة مرجعية لفطريات التربة فى أسيوط وهذا يعتبر خدمة عظيمة لمصر قام بها، وأيضا هناك مجموعة نباتات اسمها نبتودا تصيب النبات والإنسان والاسماك وللأسف ليس فى مصر مجموعة مرجعية لهذا النوع من الفيرس وكيفية معالجته وأعتقد أن لدينا الدكتورة جوهار فى قسم الحيوان بكلية علوم قامت بعمل كتاب للنمتودا التى تصيب الاسماك فهناك فروع من العلم تحتاج إلى اهتمام من قبل الجهات المسئولة. كل هذه مجهودات شخصية لابد من الحفاظ عليها، فمصر بالفعل تحتاج لمتحف التاريخ الطبيعى لحماية تلك الأبحاث والعينات. واعتقد أن هناك دراسات لهذا المشروع الذى يحمى ثروة العالم العربى فى جهاز شئون البيئة بهدف الحفاظ على ثرواتنا فى علوم النبات والبيئة. والتى تقدر العينات فيها بحوالى ربع مليون عينة بالمعشبة فقط. وتساعد المعشبة الباحثين فى التعرف على آليات الحفاظ على التنوع النباتى والاستخدام الأمثل للحفاظ على الكائن النباتى فى مصر. بالإضافة للتعريف العلمى للعينات النباتية البرية والفلورا للباحثين والطلاب والجمهور بصورة مجانية. كذلك المحافظة على العينات النباتية.