ربما لم يكن خبر إقالة وزير الخارجية الإيرانى منوشهر متكى بقرار من الرئيس محمود أحمدى نجاد مفاجئا للكثيرين من المتابعين للشأن الإيرانى، فالعديد من وسائل الإعلام الإيرانية نقلت فى الفترة الأخيرة أنباء عن وجود خلافات حادة بين نجاد ووزير خارجيته، ولكن المفاجأة كانت فى التوقيت الذى اختاره نجاد لإعلان قراره والطريقة التى تمت بها، حيث جاء قرار العزل فى الوقت الذى يقوم فيه الوزير بزيارة رسمية للسنغال لتحسين علاقات بلاده مع غرب أفريقيا فى أعقاب تصدع هذه العلاقات بنيجيريا وجامييا على خلفيه كشف السلاح المهرب من إيران فى ميناء لاجوس النيجيرى، الأمر الذى اعتبر صفعة قوية لمتكى، كما تأتى هذه الإقالة بعد أيام على عودة المفاوضات بين إيران والقوى الست الكبرى حول الملف النووى الإيرانى، وما يقال عن محاولة نجاد الاستئثار بملف التفاوض بعيدا عن مراكز القرار الداخلية الأخرى، خصوصا مع الحديث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الدول الكبرى على حل يشمل الملف النووى وملفات أخرى بينها ملفات إقليمية، وأصدر نجاد قرارا بتعيين رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية على أكبر صالحى وزيرا للخارجية بالإنابة وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن صالحى سيقوم بأعمال وزير الخارجية إلى جانب مهام منصبه الحالى. وعلى الرغم من عدم صدور تفسير رسمى لهذه الإقالة، حيث اكتفى نجاد بتوجيه رسالة شكر وتقدير لجهود متكى خلال فترة توليه هذه المسئولية، فإن وسائل الإعلام سواء الإيرانية أو الغربية قدمت تفسيرات متعددة لهذا القرار، فمن جانبها رأت وكالة رويترز للأنباء أن إقالة وزير الخارجية علامة على اشتداد الصراع بين نجاد ورئيس البرلمان على لاريجانى، خاصة أن متكى يعتبر حليفا وثيقا لرئيس البرلمان الذى نافس نجاد فى انتخابات الرئاسة، ويخوض معه صراعا بشأن سلطات كل من البرلمان والسلطة التنفيذية. ويذكر أن القرار الذى اتخذه نجاد منذ شهرين والخاص بتعيين ممثلين مباشرين له فى الخارجية لإدارة شئون العلاقات مع آسيا والبلدان المتشاطئة لبحر قزوين والشرق الأوسط وأفغانستان كان من أبرز الأسباب التى أدت للنزاع بين الرئيس ووزير خارجيته، حيث إنه أنشأ ما يسمى بجهاز دبلوماسى مواز لوزارة الخارجية التى يرأسها متكى، مما حوله لوزير تصريف أعمال لا أكثر ولا أقل، وقد انتقد متكى هذا القرار واعتبره تدخلا من الحكومة فى صلاحياته. ويرى خبير الشئون الإيرانية حسن فحصى فى تحليله لهذا القرار لموقع (العربية نت) أن إقالة متكى وتكليف رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية على أكبر صالحى بتصريف أعمال الوزارة قد وضع حدا لأزمة بين الشخصين تعود إلى 6 سنوات. ويضيف أن نجاد ومع تشكيل حكومته الأولى فى 2005 كان يتجه لاختيار صالحى وزيرا للخارجية إلا أن ضغوطا داخلية فرضت عليه الدخول فى تسوية بين أجنحة التيار المحافظ ساعدت على ترجيح كفة متكى القريب من الجناح المحسوب على رئيس البرلمان على لاريجانى، ويواصل قائلا: إن التعايش بين نجاد ومتكى لم يمنع الأول من استثناء واستبعاد الأخير من مجريات الكثير من القرارات الإيرانية على الساحة الدولية، فتدخل فى تعيين الكثير من السفراء خاصة فى عواصم دولية وصولا إلى تكليف دائرة مستشاريه بمهمات دبلوماسية وتفاوضية مع هذه العواصم بعيدا عن وزارة الخارجية ومن دون علمها. وقد استطاع نجاد التغلب على عقبة كانت تواجهه فى إقالة متكى وهى صعوبة حصول الوزير البديل على ثقة البرلمان الإيرانى نتيجة لمواقف المحافظين المنافسين لنجاد، والاصلاحيين ضد مرشح الرئيس، حيث قام نجاد بتعيين صالحى كمشرف على الخارجية، وفى هذه الحالة لا يحتاج لموافقة البرلمان.