أعد عدد من كبار خبراء الزراعة والاقتصاد الزراعى روشتة للنهوض بالتجارة الداخلية الزراعية، وذلك فى ختام ندوة التجارة الداخلية الزراعية (السياسات- التحديات- محاور التنمية) التى نظمها مركز البحوث الاقتصاد الزراعى ومركز البحوث الزراعية يوم الأحد الماضى تحت رعاية السيد أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضى برئاسة د. أيمن فريد أبو حديد رئيس مركز البحوث الزراعية وأمانة الدكتور فوزى الشاذلى مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعى، وشارك فيها كل من د. أحمد جويلى الأمين العام السابق لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ود. سعد نصار مستشار وزير الزراعة.وقد أكد د. فوزى الشاذلى فى بداية الندوة أن الهدف من عقدها هو بحث كيفية النهوض بالتجارة الداخلية الزراعية وتطوير آلياتها وأساليب عرض وتداول وتخزين وبيع السلع. وقال إن المشكلة الرئيسية لموضوع الندوة تتركز فيما هو مشاهد فى الأسواق منذ فترة وبصفة خاصة هذه الأيام من تشوهات وأزمات متكررة تتمثل بصفة عامة فى عدم استقرار الأسعار الزراعية وأيضا أسعار المستهلكين. وبصفة خاصة فقد حدث فى الفترة الحالية ارتفاع غير مبرر فى أسعار الخضر والفاكهة يرجعه البعض إلى عوامل العرض والطلب وبصفة خاصة بسبب عوامل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، كما يرجعه البعض الآخر إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج خصوصا مستلزمات الإنتاج الزراعى، إلا أن انخفاض سعر المزارع يشير إلى أن المرحلة التى يقوم بها الوسطاء تلعب الدور الرئيسى فى عدم استقرار الأسعار وارتفاعها فى أسواق المنتجات الزراعية، فبدلا من أن تتصف هذه الأسواق بمستوى مقبول من المنافسة تحولت أسواق الجملة والأسواق المركزية للخضر والفاكهة إلى أسواق تتصف بالممارسات الاحتكارية من قبل القائمين عليها والدليل على ذلك الهوامش المرتفعة بين سعر المنتج وسعر المستهلك دونما إضافة لخدمات تسويقية باستثناء الجمع والنقل للعديد من محاصيل الخضر والفاكهة واللحوم. وأوضح أن معهد بحوث الاقتصاد الزراعى يطرح بعض المقترحات والحلول للمناقشة فى هذه الندوة والتى من بينها: أولا: أهمية وجود منافس قوى فى الأسواق للحد من الممارسات الاحتكارية للتجار، وهنا فإن الحل التعاونى يمكن أن يسهم إلى حد كبير فى حل هذه المشكلة، ومن خلال هذا الحل يمكن الحد من الممارسات الاحتكارية بما يمكن من تقريب المسافة بين المنتج والمستهلك وتقليل الهوامش التسويقية والحد من سطوة الوسطاء وكسر الاحتكار، كما يمكن للتعاونيات تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بما يكفل حقوق المنتجين فى الحصول على النصيب العادل من سعر المستهلك مع عدم الإخلال بتوفير أسعار مناسبة للمستهلكين. ثانيا: ضرورة تفعيل دور التعاونيات فى هذا الشأن وما يتطلبه ذلك من إصدار التشريعات التعاونية المناسبة وتوفير الدعم المعنوى للتعاونيات من جانب الدولة، هذا علاوة على أهمية وجود نظام تمويلى كفء يمكن من خلاله ايجاد دور فاعل للتعاونيات فى مجالات الإنتاج والتسويق والتوزيع، وفى هذا الإطار يقترح وضع نظام للتسويق التعاونى وتوفير البنية الأساسية للعمليات التسويقية المختلفة. ثالثا: ضرورة تفعيل النظام الرقابى على الأسواق من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدنى ووضع قواعد واضحة لتنظيم الأسواق لحماية المنتج والمستهلك ومقاومة الممارسات الاحتكارية بالأسواق، مشيرا إلى أن المعهد قد قام بتحقيق العديد من الإنجازات خلال السنتين الأخيرتين ومن بينها إجراء 57 دراسة ميدانية لمعالجة قضايا ومشاكل القطاع الزراعى المختلفة من خلال تشكيل فرق عمل بحثية بالمعهد، وعقد نحو 15 مؤتمرا وندوة للاستفادة من آراء الخبراء والمختصين للتوصل إلى وضع آليات وحلول تساعد متخذ القرار على اتخاذ القرارات المناسبة. ثم وجه د. أيمن فريد أبو حديد كلمة للندوة ألقاها نيابة عنه الدكتور محمود النجار مستشار رئيس مركز البحوث الزراعية، وقد أشار إلى أن مركز البحوث الزراعية قد حرص فى إطار التوجهات التى تتبناها الدولة على المساهمة فى تحقيق وفرة من المنتجات الزراعية الغذائية وزيادة المعروض منها لمواجهة متطلبات السوق المحلى وإحداث التوازن فى الأسواق واستقرار الأسعار. وقد أوضح أن أهم إنجازات المركز فى المجالات الزراعية المختلفة، تتمثل فى زيادة إنتاجية المحاصيل الحقلية زيادات ملحوظة نتيجة استنباط 188 صنفا وهجين عالية الإنتاج، بالإضافة إلى 70 صنفا تحت التسجيل، مما أدى إلى زيادة إنتاجية المحاصيل الحقلية، حيث بلغت إنتاجية القمح نحو 18 إردبا للفدان، الأرز 4.2 طن/ للفدان، الذرة الشامية 25.7 إردب للفدان، كذلك زيادة إنتاجية الفول البلدى إلى 9.17 أردب للفدان، وفول الصويا إلى 1.3 طن للفدان، وزيادة إنتاجية محصول قصب السكر إلى 50.9 طن للفدان، وبنجر السكر إلى 20.9 طن للفدان، كما تم انتخاب سلالات جديدة من الحاصلات البستانية (فاكهة- خضر- نباتات طبية وعطرية ونباتات زينة) المتميزة فى الإنتاج كما ونوعا، حيث وصل عدد الأصناف المزروعة من الفاكهة 17 صنفا منتخبا، بجانب استنباط 79 صنفا وهجين خضر ونباتات طبية وعطرية، ثم منها تسجيل 34 صنفا وهجين وجار تسجيل باقى الأصناف. وتوصلت الندوة من خلال استعراض وجهات نظر المتحدثين فى موضوع الندوة وما انتهت إليه المناقشات إلى مجموعة التوصيات والتى تتمثل أهمها فيما يلى: أولا: فى مجال السياسات: 1- ربط عناصر التجارة الداخلية بعضها ببعض مع التأكيد على وجود دور فاعل للمؤسسات والأجهزة الرقابية فى ظل وجود تشريعات كاملة تعمل بكفاءة. 2- تكامل دور المؤسسات مع باقى عناصر منظومة التجارة الداخلية من أجل إحداث توازن بين مصالح المتعاملين فى السوق. 3- تنظيم وضبط الأسواق والعمل على استقرارها، وذلك من خلال وجود إشراف ورقابة من قبل الأجهزة الحكومية بمشاركة منظمات المجتمع المدنى بما يحقق رقابة فعالة على الأسواق لمنع الاحتكار وحماية المستهلك وبما لا يتعارض مع آليات السوق. 4- تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بتفعيل دور التعاونيات الزراعية بعد تطويرها بما يمكنها من تنفيذ نظام كفء للتسويق التعاونى الزراعى مع إنشاء محاكم تختص بالفصل السريع فى مشاكل هذا النظام. 5- تفعيل القوانين والتشريعات المعمول بها لتنظيم التجارة الداخلية بمصر مع تعديلها بما يتواكب مع المتغيرات والمستجدات المحلية والعالمية والعمل على ايجاد آليات مجددة لتطبيقها وتفعيلها. 6- إجراء الدراسات اللازمة من خلال تقييم أداء المؤسسات العاملة فى مجال التجارة الداخلية الزراعية لتطويرها وتحسين كفاءتها بما يؤدى إلى تنظيم وتحقيق الاستقرار فى السوق. 7- ضرورة توفير التسهيلات الائتمانية والتمويلية للمؤسسات العاملة فى إطار التجارة الداخلية الزراعية. 8- التنسيق فيما بين المؤسسات والهيئات العاملة فى إطار التجارة الخارجية والداخلية بما يضمن استقرار السوق. 9- دراسة حالة السوق المصرى وخاصة الأسواق المركزية والفرعية مع ضرورة عودة نظام التجميع للخضر والفاكهة لتسويقها لحساب المنتج لتحقيق سعر مزرعى عادل. ثانيا: فى مجال التحديات: 1- العمل على الحد من المخاطر التى تواجه التجارة الداخلية الزراعية من خلال استخدام الأساليب الحديثة فى مجال الرصد والتحليل والتنبؤ بالمخاطر الطبيعية (التغيرات المناخية) والفنية والسوقية بما يضمن عدم حدوثها أو الحد من آثارها السيئة وتفعيل دور الوحدة المختصة بإدارة المخاطر الزراعية مع تفعيل دور الإرشاد الزراعى فى هذا المجال. 2- تطوير نظم التجارة والتسويق الالكترونية فى القطاع الزراعى. ثالثا: فى مجال التنمية: 1- تطوير البنية الأساسية التسويقية وأسواق التعامل فى المنتجات الزراعية، وذلك من خلال تطوير أسواق الجملة والتجزئة- التوسع فى أسواق الجملة ونصف الجملة على مستوى الجمهورية وفى المحافظات والمدن وتشجيع الاستثمار فى هذا المجال. 2- تطوير وتحديث نظم جمع ومعالجة وإتاحة ونشر وتحليل البيانات والمعلومات التسويقية، وإتاحتها للمزارعين والمنتجين الزراعيين بما يساعدهم على اتخاذ قراراتهم الإنتاجية والتسويقية. 3- السعى نحو زيادة الإنتاج الزراعى وتضييق الفجوة فيما بين الإنتاجية الفدائية عند المزارع وفى الحقول الارشادية، وذلك من خلال تفعيل دور أجهزة الارشاد الزراعى. 4- دعم وتنمية مشروعات التصنيع الزراعى فى مصر وخاصة لمحاصيل الخضر والفاكهة بما يضمن تنظيم عرض هذه السلع فى الأسواق. 5- التكامل بين التعاونيات الزراعية والتعاونيات الاستهلاكية لايجاد منافذ تسويقية للمنتجات الزراعية. 6- العمل على مواجهة مشكلة محدودية التمويل الذاتى لدى أغلب منتجى اللحوم الحمراء والألبان، وذلك من خلال التوسع فى توفير التمويل الزراعى لقطاع الإنتاج الحيوانى بشروط ميسرة وأسعار فائدة مناسبة.