كاد يفقد حياته أثناء عبوره للقناة لولا شجاعة أحد أبطال الصاعقة الذى دفعه داخل المياه ليبعده عن حقل ألغام زرعه العدو على الشاطئ. إنه الإعلامى القدير والمراسل الحربى والضابط الذى شهد نكسة 67 وحرب الاستنزاف ومرحلة إعداد الدولة للحرب ومعايشة اللحظات الأولى للعبور العظيم، كشف لنا الإعلامى الكبير أن عبدالحليم حافظ وزع «شلنات» جديدة على العاملين فى التليفزيون عندما علم بأسر القائد الإسرائيلى عساف ياجورى.. وأنه وقف أمام وردة الجزائرية بالأفرول الميرى لتعيش معه جو الحرب أثناء تلحين أغنية .. «وأنا على الربابة بغنى»، ويروى حكاية البطل محمد العباسى أول من رفع العلم المصرى على خط بارليف والذى نجح فى خطف أسير إسرائيلى وعبر به قناة السويس لأنه كان يستفز الجنود المصريين من موقعه فى الضفة الشرقية، مضيفاً أنه رأى بعض الجنود الإسرائيليين يبكون من شدة الفزع ورأى آخرين مقيدين بالسلاسل فى شناكل الدبابات حتى لايهربوا، ويتذكر الاستاذ الكنيسى أن برنامج صوت المعركة سبب صداعاً للموساد الإسرائيلى مما دفع الرئيس السادات على منحه أرفع الأوسمة.. *الإعلامى القدير حمدى الكنيسى كيف تم اختيارك لتكون مراسلا حربيا؟ **أنا لم يتم اختيارى لأنه فور علمى باندلاع الحرب تقدمت مباشرة لرئيس الإذاعة آنذاك محمد محمود شعبان «بابا شارو» وطلبت منه الالتحاق بالجبهة فوافق على الفور وهناك عشت أجمل لحظات حياتى. *وماذا عن ذكرياتك هناك؟ **ذكرياتى على الجبهة لن تمحى واكتشفت أن الجندى الإسرائيلى «لا سوبر مان ولا يحزنون» لأننى عرفت بعد ذلك أن الجندى الإسرائيلى لا يقاتل إلا إذا كان يقاتل فى أمان بنسبة 95% ومع ذلك رأيت الجنود الإسرائيليين مقيدين بالسلاسل فى الدبابات حتى لا يهربوا بناءً على تعليمات القادة. *كيف أثرت انتصارات أكتوبر فى أهل الفن؟ **تأثير العبور العظيم فى أهل الفن خاصة المطربين ليس له حدود لدرجة أنه فى أحد الأيام وأنا عائد لتوى من الجبهة طلب منى بليغ حمدى الذهاب فورا لاستوديو 36 فقلت له انتظر حتى أقوم بتغيير ملابسى فقال تعال يا حمدى بالأفرول الميرى لتكون نموذجا حقيقيا لوردة الجزائرية أثناء أغنية «وأنا على الربابة بغنى» وهذا كان ذكاء معهودا لبليغ حمدى الذى أراد إعطاء وردة إحساسا بجو الحرب وكانت النتيجة نجاح هذه الأغنية الجميلة. *هل قابلت أسرى إسرائيليين؟ **نعم قابلت الكثير منهم وأجريت حوارات إذاعية خاصة مع أصحاب الرتب الكبيرة مثل قائد المدرعات عساف ياجورى وبقية الشخصيات الأخرى التى لا تسعفنى الذاكرة لسردها كما كنت أذهب إلى الجبهة فى أول ضوء وأعود فى آخر ضوء وذات يوم وقع طيار إسرائيلى فى الأسر فأخذت منه قطعة من بدلته وأسورة يده وأعطيتها هدية لبابا شارو وكانت هذه الواقعة مثار فخر للعاملين فى قطاع الإذاعة والتليفزيون. ولا أنسى كما يقول حمدى الكنيسى الفرحة التى كانت تغمر وجوه الفنانين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد رشدى وبليغ حمدى وصلاح عرام ومحرم فؤاد حيث كنت أجدهم فى انتظارى بصحبة الزميل وجدى الحكيم والذى كان مشرفا على إنتاج أغانى الحرب. ويتابع الإعلامى حمدى الكنيسى أنه عندما أخبر «بابا شارو» بحكاية أسر القائد الإسرائيلى عساف ياجورى طلب منى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء حوار إذاعى معه وعندما علم الفنان عبد الحليم حافظ بعملية الأسر وكان فى استديو 36 بصحبة مجموعة من الفنانين والعاملين بالإذاعة قام بتوزيع «شلنات» ورق جديدة عندها تسابق الفنانون بتوزيع المزيد على العاملين وكان منهم الفنانة وردة الجزائرية وبليغ حمدى. وأخيرا يؤكد الإعلامى القدير حمدى الكنيسى أنه لولا توفيق الله سبحانه وتعالى والتخطيط السليم لكل مراحل الحرب والأخذ بأسباب النجاح فى التنفيذ ودقة الطلعة الجوية الأولى التى نفذها اللواء طيار محمد حسنى مبارك ما تحولت حرب أكتوبر إلى ملحمة يتذكرها الأجيال جيلا بعد جيل.