كانت إيطاليا على موعد جديد مع الرئيس مبارك الأسبوع الماضى.. الموعد الجديد لم يقتصر على تنسيق المواقف السياسية فحسب، أو يزيد العلاقات الثنائية الأكثر من ممتازة مع إيطاليا زخما وفاعلية فقط.. بل أيضاً دخل التاريخ كعلامة إشعاع حضارى متدفق على مدى الأيام والسنين، بافتتاح الرئيس مبارك رسميا، وفى صحبته رئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو بيرلوسكونى، الأكاديمية المصرية للثقافة والفنون فى عهدها الجديد، بعد ثمانين عاماً من مولدها.. فى قلب عاصمة الفن والآثار، والحضارة - التى مزجت بين حضارات مصر واليونان والرومان - روما.سياسيا، انتهزت القيادة السياسية الإيطالية زيارة مبارك لتؤكد من جديد مساندتها ودعمها لجهوده المضنية والمستمرة من أجل إنجاح مفاوضات السلام المباشرة، ووعدت مبارك باستغلال صداقتها الخاصة لإسرائيل، فى الضغط على القيادات الإسرائيلية لإنجاح عملية السلام، وحتى برغم صداقة القيادات السياسية الإيطالية لإسرائيل، أوضح بيرلوسكونى أن إيطاليا تقف مع مصر، كما تقف مع المجتمع الدولى، بالنسبة لعقبة المستوطنات.. من حيث إن استمرار البناء لتلك المستوطنات يعرقل مباحثات السلام، ويضع العراقيل فى طريق إنجاحها. والقيادات السياسية الإيطالية التى تتابع جهود مبارك وجهود مصر من أجل السلام فى الشرق الأوسط، وتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، تحرص دائماً على الاستماع إلى مبارك لتنسيق المواقف مع مصر. افتتاح تاريخى ودخل يوم الخميس، الموافق الثالث والعشرين من سبتمبر لعام 2010، التاريخ الثقافى الزاخر لمصر وإيطاليا، بتدشين الرئيس مبارك ومعه رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكونى الأكاديمية المصرية للفنون والثقافة، والإعلان معا عن بدء عهدها الجديد، فى ثوب جديد وحلل برامجية جديدة.. حتى تواصل مهمتها كمركز إشعاع حضارى، وتتحول بإمكاناتها العصرية الجديدة إلى أكاديمية دائمة لحوار الثقافات والحضارات.. بين سبع عشرة أكاديمية كبيرة أخرى، لسبع عشرة دولة من دول العالم، بينها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبلجيكا والنمسا وألمانيا ورومانيا وغيرها، لكنها تبقى وتظل الأكاديمية العربية الوحيدة فى إيطاليا وأوروبا. وفى الافتتاح الذى حضره فاروق حسنى وزير الثقافة المصرى، ونظيره الإيطالى، وباقة من أعلام ومحبى الثقافة والفنون فى إيطاليا، تحدث فاروق حسنى عن أهمية الثقافة فى حياة الشعوب، وكان حديثه وحرصه على تدشين الافتتاح التاريخى للأكاديمية بنفسه، بمثابة تأكيد على أهمية حوار الثقافات والحضارات والأديان.. وكون الأكاديمية المصرية للفنون فى عهدها الجديد منارة دائمة لذلك الحوار فى قلب العاصمة الإيطالية روما. ولا جدل أن مشاركة بيرلوسكونى تؤكد حب الإيطاليين لمصر والثقافة المصرية.. موضحاً أن مصر بالنسبة لأكثر من مليون سائح كل عام، ليست شرم الشيخ فقط، التى عشقها من أول زيارة لها، بل حضارة مشتركة، وتاريخ متواصل.. وثقافة تداعب وجدان الإيطاليين والأوروبيين. ومن تلك المنطلقات، لا تمثل الأكاديمية المصرية للفنون شأنا أو اهتماما مصريا فقط، بل تمثل أيضاً شأنا واهتماما لإيطاليا والإيطاليين، وهى على أرض تملكها مصر فى قلب روما، لكن إيطاليا هى التى أهدتها لمصر طواعية وتقديرا لرسالتها ودورها، لكن بعد ثمانين عاما من ولادتها، كان لابد من تحديث وتطوير وجهها المعمارى، ورسالتها الفكرية كما يقول فاروق حسنى وزير الثقافة، ارتبط معنا فى العاصمة الإيطالية بتلك الأكاديمية على مدى تسع سنوات متواصلة، كمدير لها.. قبل توليه وزارة الثقافة، ولذلك ظل يضعها فى بؤرة اهتمامه كمركز إشعاع حضارى لمصر فى إيطاليا، وكلف المهندس المعمارى الشاب حاتم السعيد - الذى درس بالإكاديمية، والربط بها هو الآخر - بوضع خطة التطوير والتحديث.. وتابع فاروق حسنى خطوات التنفيذ، بل عدل وطور فى الكثير من ملامحها بحسه الفنى الكبير.. إلى أن تم كل شىء، وأعيد افتتاحها تاريخيا ورسميا بحضور الرئيس مبارك ورئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو بيرلوسكونى. وفى حديث متواصل مع فاروق حسنى، قال لى وزير الثقافة إن الرئيس مبارك هو الذى أعطى الدعم الأول للبدء فى تطوير الأكاديمية كصرح حضارى مصرى عظيم خارج مصر، وكان يتابع خطوات التطوير، إلى أن قام بنفسه بالافتتاح.. مما يؤكد أهمية التأثير الذى تحققه الأكاديمية على مستوى دولى عال وواسع جداً.. وفى نظر فاروق حسنى وعشاق المصريات وتاريخ وحضارة مصر فى إيطاليا، أصبحت الأكاديمية المصرية فى ثوبها الجديد تأخذ شكلا مستقبليا، يحمل طابع مصر العظيم، وقادرا على التفعيل والتفاعل مع الثقافة الإيطالية والثقافة الأوروبية. ولإعطاء العهد الجديد للأكاديمية المصرية، وجعلها تتواصل بقوة على الساحة الإيطالية، حسب تعبير وزير الثقافة فاروق حسنى، كان لابد من التفكير فى إقامة متحف للحضارة المصرية، أصبح فريدا من نوعه، بتعاقب معروضاته مع مختلف العصور.. مما أهّله ليعطى سحرا وجاذبية لمؤرخى تاريخ الأمم والشعوب. والمتحف الجديد، الذى سيكون دائما فى مقر الأكاديمية - يحمل تاريخ مصر الحضارى على مر العصور، من العصر الفرعونى ومرورا بالعصر اليونانى الرومانى، ثم العصر القبطى والعصر الإسلامى. وتصف الدكتورة وفاء الصديق - مدير عام المتحف المصرى - التى أشرفت على تجهيز وإعداد متحف الأكاديمية المصرية فى روما - تصف المتحف بمعروضاته بأنه يمثل الاستمرارية الحضارية والتغيير الحضارى فى الوقت ذاته.. وينطق بجوهرها وروحها.. وأساليب وعادات المصريين، وموروثاتهم الحضارية على مر التاريخ. برامج جديدة ومن الطبيعى أن ترافق الولادة الجديدة للأكاديمية المصرية فى روما برامج جديدة، يعد لها مديرها الفنان د. أشرف رضا.. ويصفها بأنها برامج متميزة فى جميع المجالات الفنية والثقافية، ستأخذ طابعا متكاملا. ومن جانب آخر، ستوجه الأكاديمية فى عهدها الجديد الدعوة لكبار الفنانين والمخرجين ورموز الفن المصرى لإقامة ندوات متخصصة ومحاضرات لطلاب جائزة الدولة للإبداع، التى ترعاها وزارة الثقافة، وهو ما نوه لى فاروق حسنى بأنه حريص على مواصلة تلك الجائزة ودعمها.. لتمكين المتفوقين المصريين من الشباب المبدع من التفاعل مع الحركة الثقافية والفنية فى إيطاليا، والعودة إلى مصر لإثراء الحركة الثقافية والفنية فيها برؤى جديدة.. أكثر تطوراً.